أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - هل هو عصر ما بعد اللاهوت ؟














المزيد.....

هل هو عصر ما بعد اللاهوت ؟


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن لمجتمع أن يعيش بدون دين"، مقولة يجترّها مخادعون حتى في أكثر البلدان علمانية وتحرّرا، أمّا السواد الأعظم من الناس الأوروبيين فقد باتوا يعيشون من غير حاجة إلى الله وملائكته والمرسلين والتابعين. وفي محاولة تبشيريّة بائسة لردّ الاعتبار للكنيسة في أوروبا، نصّب البابا بنيديكت السادس عشر هذه الأيام مجلسا بابويا بغية إعادة تنصير الناس من جديد ومن أجل مناهضة العلمنة صراحة!

أمّا في البلدان العربية فقد تسلّح الجهل بالسلطة على حدّ تعبير فولتير، فلا شغل للدولة وشيوخها سوى العمل على تحويل المواطنين إلى مؤمنين، إلى كائنات لاهوتية، عن طريق التهديد بالآخرة والشرطة معا.. فلا حديث إلا عن الله ومشيئته والاتّكال عليه في كلّ كبيرة وصغيرة. من نصر منه في مقابلة كرة إلى الانتصار في الحرب الجهادية على أعداء الأمّة الكافرين. فكلّ الأمور بيد الله وما الإنسان سوى قشّة بين يديه.
لكن إذا كان الأمر هكذا فعلا، فلا أحد تساءل يوما عن غاية الله تعالى في هدم المساجد على رؤوس عشرات المصلين والراكعين، بل وإهلاكه لآلاف الحجّاج الذين يأتونه زائرين خاضعين في مكّة ذاتها بسيول الأمطار وهول الأوحال!


سيقول البعض : ذلك ابتلاء منه سبحانه وتعالى. ولكن هل يمكن أن نتحدّث عن ابتلاء حينما يتعلّق الأمر بأطفال يصابون بأخبث الأمراض وشيوخ ونساء يبتلعهم لهيب النيران أو أمواج البحار أو طين الوديان؟ يقول شوبنهاور وهو أحيانا أصدق القائلين : " إن كان الله موجودا، فأنا لا أرغب أن أكون مكان هذا الإله، فبؤس العالم قد يمزّق أحشاء قلبي".


فلماذا لا تعتني العناية الإلهية بأضعف مخلوقاتها؟ وهل الربّ كائن ساديّ يتلذّذ بتعذيب خلقه أم هو غير موجود أصلا وينسب إليه ما نعجز عن إدراكه وتقبّله، بل وما نرتكبه من حماقات؟ فهل اخترع الإنسان كلمة الله وصار عبدا لها؟ وهل حان الوقت ليترك البشر الأساطير المُسكِّنة الواعدة بحياة بعد الموت والاكتفاء بالإقامة الأرضية وما يترتب جراء ذلك الاقتناع من أخلاق ومسؤوليات؟


مع الأنوار بدأ بعض المفكرين في مناقشة نفعية فكرة الله بشكل جدّي، وقد بدا أنّ كلّ ربّ فقد نفعيته وركن إلى السكون والتعالي سرعان ما يفقد هيبته ومصداقيته، ومن ثمّ يجد نفسه في متحف من المتاحف لاجئا مثبتا في الماضي كقطعة أثرية من آثار الماضي غير المجدية، لا تستهوي سوى طلاب تاريخ الفنون والأنتروبولوجيا.


فهل ذاك هو مصير ربّ ما يسمّى ديانات التوحيد"؟ أم أنّ المؤمنين ما زالوا يعثرون على مصلحة في ذكورية هذا الله، وعقابه العنيف ورحمته الواسعة، وتسخير المرأة لخدمتهم، وتعسّف قدره المسلّط على عباده الطالحين والصالحين…؟


ولكن من يؤسّس لتأبيد فكرة ضرورة الله رغم تهافتها الفلسفيّ المتوالي؟ أليس من يتوسّطون بين الله والمدفوعين إلى الإيمان به بشتّى الطرق؟ أليس هؤلاء المعتاشون من تجارة الوهم، من أئمة وحاخامات وقساوسة ودالايلامات والكثير من المتسلّطين باسم فكرة الله؟ وكلّ الذين لا يعتبرون أنفسهم من سلالة الأنبياء فحسب بل والذين يتّخذون من ذلك أساسا لإصباغ شرعية على حكمهم الثيوقراطي المستبدّ؟


لم يتوان حتى من وجدوا أنفسهم على رأس دول مدنية في استغلال فكرة الله لخداع المواطنين المؤمنين، إذ يجب أن يجدوا للشعب دينا ليكون صمّام أمان، كما يقول ساخرا ومتحسّرا الثائر باكونين في كتابه الله والدولة )(1882). وهو ما كان قد تنبّه إليه البارون هولباخ في كتابه المسيحية عاريةً حيث كتب عام 1761: "مهما كان حجم الظلم والجور وجشع الحكام ونفاقهم أو تديّنهم، عمل القساوسة دائما على تهدئة رعاياهم. فلا ينبغي ن نتعجّب إذن من رؤية كثير من الأمراء الفاشلين أو الشرّيرين ينحازون بدورهم إلى دين ومصالحه لأنّ سياستهم الباطلة في حاجة إلى ذلك." وكان نابليون ينظر إلى الكنيسة على أنها مكمّلة للدولة في الحفاظ على النظام العامّ. وربما هو ما يقصده بنيديكت السادس عشر حينما قال في سنة 2005 بمناسبة الأيام العالمية للشبيبة الكاثوليكية بكلولونيا : "من الله وحده، تنبعث الثورة الحقيقية".


لا معبد يرى النور إذا لم يجد النظام السياسي في ذلك مصلحة، ومهما كان ادّعاء المؤمنين للروحانية تبقى وظيفة الدين الأساسية في النهاية هي ترويض الناس على الطاعة وإقناعهم بعدم جدوى محاولة تغيير ما أراده الله، وتلقينهم أنّ التحرّر الإراديّ مجرّد سراب. وإغراقهم في الصلاة والتضرّع والانتظار السلبي العاجز لذلك اليوم الذي ينتقلون فيه إلى العالم السحري الآخر، جنّة الخلد والنعيم…وهكذا يضمن الحكّام خضوع الأفراد وهم فرحون بما سيأتي، فالدنيا متاع الغرور كما يقول القرضاوي نقلا عن كلمة الله . أليس من العقل أن نغرس في عقول أطفالنا أنّ هناك حياة قبل الموت! كما كتبت يد ثائرة ذات يوم من أيام مايو 68على أحد جدران جامعة السربون؟


لقد تمكّن النظام اللائكيّ من طرد رجال الدين من دوائر الحكم منذ أكثر من قرنين، وآن الأوان ليلعب التفكير العقلانيّ التحرّريّ دور المندّد بكلّ عودة إلى المقدّس كمرجع حينما يكون الأمر متعلقا بالمجال العامّ.


إصلاح، تأويل، ترهين، تحيين، إعادة قراءة.. كلّ الترسانة النيو-أصولية ما هي إلا نفخ في قربة مثقوبة، فالحداثة بيّنة والإسلام بيّن.



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقلانية.. طريقة حياة
- ربيع الشعوب..خريف الطغاة !
- و إذا تكلم موسى..فإليه لا تنصتون!
- جامعة عربية أم نقابة رؤساء و ملوك عرب؟
- دعاء النجاة من شر الثورات
- متى تنتفض الأنوثة العربية في وجه الذكورة الإسلامية الغاشمة؟
- أدباء و شحاذون
- ستولد ليبيا الحديثة كالعنقاء من تحت رمادك يا نيرون..
- الجماهير من ورائكم والمحاكم الدولية أمامكم!
- رسالة إلى المجرم معمر القذافي
- موسم الهجرة إلى الإعلام الانتهازي
- لا ترحل يا سيدي.. لا ترحل!
- ليلة سقوط جابر عصفور
- في الاستثناء التونسي
- أندري غورس : العشق والانتحار في الزمن الرأسمالي..
- متى تخرج المرأة العربية من معتقل القِوامة؟
- لقائي مع الفيلسوف سيوران
- هل وجد محمد عبده الإسلام في الغرب حقا؟
- أكذوبة العلمانية المنفتحة
- العلمانية أو الطوفان


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - هل هو عصر ما بعد اللاهوت ؟