أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - تفكيك قصة قصيرة














المزيد.....

تفكيك قصة قصيرة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 13:17
المحور: الادب والفن
    


تفكيك


حين غلبت عليه الفلسفة التفكيكيّة، نادى بضرورة إعادة النظر في مقولات فلسفيّة راجت دون وجه حقّ :
" الصّحيح أن يقال: أنا غير مفكّك إذا أنا موجود...لأن في إمكان كلّ كائن غير مفكّك ــ مهما بلغ معدّل الذكاء لديه ــ إثبات وجوده حتى بالنّطاح والصيّاح، و لكن لا يمكن لأحد ــ مهما كانت عبقريته ــ، إثبات وجوده في حال تفكّكه".
هكذا صرّح أمام جمع غفير من التفكيكيّين، مواليا الضّرب على طاولة كانت أمامه إلى حدّ تفكيكها.

حين تبحّر في الفلسفة التفكيّكيّة، فكّك عقله عن عاطفته، فأجلى أبناءه الرّاشدين عن بيته، ثم شوهد بعد أسابيع من تلك الواقعة، وهو يصفع والده بحجّة أن الأخير قد بالغ في إزعاجه بكثرة السؤال عن أحواله، و تدخّله في الجليل والحقير من شؤونه الخاصّة. كما أقدم "في منعرج تفكيكيّ حاسم من حياته" ـ كما نعته لأقرب زملائه التفكيكيين ـ على تفكيك بيته، فطلّق أمّ أولاده!

حين قضت المحكمة الإبتدائية بوجوب تنازله عن نصف ممتلكاته الى طليقته، أقدم في حركة تفكيكية أذهلت الجميع، على تفكيك السيارة و الثلاجة و التلفزيون و الميكروفن و السرير و غسّالة الملابس و طاولة و كراسي المطبخ، و أرائك الصالون الجلدية الفاخرة والدولاب و الحاسوب وكلّ اثات بيته، فأحرق النصف، و استقدم مطلقته لتسليمها النصف المفكّك.

تأكّد جنونه للجميع، حين عثر على رأس بصل ضخم بجوار مكان الواقعة، ساعة قبض عليه وهو يحاول تفكيك رأس جاره عزّام النابح ( أكاديميّ و قياديّ بارز في جماعة الإخوان) الذي أقدم على تصنيف سفر كبير في مدح الحجاج بن يوسف الثقفيّ. " لم أكن أنوي قتله، أردت فقط تفكيك راسه ثم استبدالها برأس أنفع للناس من رأس شديدة الفساد".

حين كثرت شكاوى الجيران، احتاج رجال البوليس ساعة إقتحام شقّته الى الاستعانة بكمّامات خاصة.. كانت بقايا القطط و الأرانب و الكلاب تملأ الفضاء نتونة و جثثا مفكّكة بحرفيّة بالغة.

بعد خروجه من مستشفى المجاذيب، ظل عاما كاملا وهو سجين بيته إلى يوم اقدامه على الإنتحار تفكيكا.

قبيل انتحاره، أوصى بأن يتمّ تفكيكه الى نصفين متساويين. كما أكدّ في ختام وصيّته على أن يدفن نصفه الأسفل بجوار طليقته، و نصفه الأعلى بجوار عبّاس الفاهم أستاذ الفلسفة التفكيكية.

ملاحظة أولى: حين عثر على طليقته مدفونة في قبو ملحق بالبيت.. كانت جثتها مفكّكة بشكل بدائيّ..( فقد كانت أول تجربة تفكيكية خاضها).
ملاحظة ثانية: هو الذي دلّ على مكان جثتها قبل نصف ساعة من إقدامه على تفكيك رأسه بواسطة منشار كهربائيّ كان قد اقتناه بدوافع تفكيكيّة قاهرة.
ملاحظة ثالثة : كان موته مناسبة تاريخية لإجتماع تفكيكيّين كثر قدموا بالمناسبة المؤلمة من أقطار بعيدة للتعبير عن حزنهم العميق لتفكّك عضو فاعل عن أسرة التفكيكيّين. وقد شبّه أحد كبار التفكيكيّين القطرييّن موت الفقيد، بسقوط مجموعة شمسيّة( و قد خطرت على باله تلك الفكرة بعد شحن أحد التفكيكيّين على سيّارة إسعاف اثر تفكّك كتفه الأيسر عقب سقوط نجفة قديمة ذات فوانيس عديدة كانت تتوسط سقف قاعة التأبين قبيل تفكّكها عنه بلحظات قليلة).

لئن كتب عنه الكثير، فإن أهمّ و أبلغ ما حواه دفتر التأبين كانت فقرة قصيرة خطها قيدوم التفكيكين جاء في نهايتها:
" المجد للفقيد.. لقد أتعب من بعده.. أنّى للمدرسة التفكيكيّة مثله؟.. إن في إمكان كلّ تفكيكي مخلص تمثـّل الفلسفة التفكيكيّة وعيشها، و لكن أن تعيش تفكيكيّا ثم تموت مفكّكا و تدفن مفكّكا فذلك ما ليس في إمكان كل أحد، مالم يكن نسيجا تفكيكيّا وحده أو لنقل، ما لم يكن فلتة تفكيكيّة نادرة أبهر الناس مسيرها، وعزّ نظيرها !".
أوسلو 23 نوفمبر 2010



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لإعادة علاقة مصر بايران
- أوراق 1 كتابات ساخرة
- للقرضاوي أقول: لو كنت رجلا فقل لبشّار و محمّد السادس ارحلا ا ...
- أبشع ما قد يمكن لأمرأة أن تتعرض اليه عبر كل العصور قصة بالم ...
- عن الثورة العربية المدهشة... ميتة قصة بالمناسبة
- خسارة قصة قصيرة
- تشكيلة ( قصة قصيرة)
- همسة لزينب رشيد
- عن الدون كيشوت السلفي (قصة)
- لحية ! ( قصة قصيرة)
- باحث (قصة قصيرة)
- فضائح -خير القرون- السّلفية (21 /21)
- فضائح -خير القرون- السّلفية (20/21)
- فضائح -خير القرون- السّلفية (19)
- فضائح -خير القرون- السّلفية (18)
- فضائح -خير القرون- السّلفية(17)
- فضائح -خير القرون- السلفية(16)
- فضائح -خير القرون-السلفية (15)
- فضائح -خير القرون- السّلفيّة (14)
- فضائح -خير القرون- السلفية(13)


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - تفكيك قصة قصيرة