أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - شعب يحب الألوان..














المزيد.....

شعب يحب الألوان..


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 23:22
المحور: كتابات ساخرة
    


غريب أمر الأنظمة العربية التي تقهرنا من المحيط إلى الخليج..فهي في زمن لاتنتمي إليه ، تصر على التحكم بأساليب أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها سياسة "الامعان في إغاضة الشعوب"!!بل إنها تحاول ماأمكن عبر أعمار حكامها الطويلة ،إطالة هذه الإغاضة.
وغريب كذلك أمر الشعوب التي تستطيع الصبر على أبشع طريقة تعذيب في التاريخ الانساني مددا تصل إلى النصف قرن..وكل شعب و حسابه...
أبرز نموذج لهذا النوع من التضييق على النفس الانسانية و مشاعرها و قدرتها على تنفس الحياة دون عناء أو كدر،هو النموذج الليبي..
الشعب الليبي منذ أن ارتهن بيد ثائر بلا ثورة ، وهو كل يوم يستفيق على التسبيح بعبقرية القائد،الثائر المسلم ، الثائر الأممي ...حتى أن الرضيع حين يعطس قد يجد أمامه عضو لجنة ثورية مما يجعله يهتف بحياة الزعيم..
الليبيون المساكين ، عاشوا وضعا لا أظن أن منا من يتفهمه أو يفهمه بسهولة،لأنه ببساطة نابع من خيال مجنون لا يمكن أن يقع حتى في المريخ..تصور أنك تخرج صباحا للذهاب إلى عملك ، فتجد صورة الزعيم نافرة أمام عينيك ، وما أن تلف إلى شارع آخر حتى تجد نسخة أخرى أكبر منها. نظام العزيزية الشعبي حاول تسهيل الهضم حين اكتشف القائد اصوله الافريقية حالما بولايات متحدة تكون طرابلس واشنطنها ، فجعل الصور تختلف حسب الازياء العجيبة للزعيم..من قميصة البني بافريقيا الخضراء شعارا إلى النسخة الليبية من لباس تراوري..
لنتصور مدى جلادة هذا الشعب الذي اخضرت الحياة بكاملها أمام عينيه ، فقط لأن قائده اخترع كتابا فيه افكار ممططة و فارغة –تبين للناس الفرق بين الرجل الذي لا يحيض و المرأة التي تمرض على الدوام- التي لم تجد لها إلا غلافا أخضر..فاستبدل علمه الملون بلون واحد أخضر ،وغيرألوان المباني الزرقاء القديمة الجميلة إلى الاخضر ،وفرض الخط العريض في القناة الفضائية و الجرائد كلها بالاخضر..
في ليبيا الخضراء ، يصعب عليك أن تبحث عن ألوان أخرى ليلون طفلك الصغير رسومه..فمناهج الثورة حسمت مع الألوان ليسود الأخضر..
هل تصدقون أن هناك شعبا يستطيع التخشب أمام التلفاز لساعات و هو ينصت لخطابات الزعيم المتناثرة الكلمات و الافكار و الاتهامات و التهديدات و المليئة بالعجرفة الخضراء؟؟ !
إنه الشعب الليبي العظيم،الذي لم يصدق قائده أن صبر أربعين عاما قد نفد و أن رموزه الخارقة للعادة تهدم، وصور نبوغه الذي لم يشهد التاريخ له مثيلا تحرق ، وعلمه الأخضر الفاقع يرمى ..ذاك الذي جعلنا نحن البعيدين عن ليبيا نكرهه ونقتل فينا اللون عن بكرة أبيه..
ولإنه مثل كل القادة العظام الذين توهموا أنهم يغيرون مجرى التاريخ ،فقد صدم وانهار واقدم على ما يقدم عليه الآن...
إن "القائد" لم يفهم أنه لمدة أربعين عاما و نيف وهو جاثم على شعب يريد استنشاق الحياة بكل ألوانها ، و يقرأ الشعر و النثر بعيدا عن كتابه المقدس، ويصبح على الورد و الفل و الياسمين لا على صوره ونياشينه..ويسمع ما تعود عليه العالم كله :جمهورية لا جماهيرية،وبرلمان لا لجان وديمقراطية لا "ديمومة الكراسي".
ومع ذلك ،أمام الليبيين مهمة أكبر من الاطاحة بهذا العبث ،وهي إصلاح البنية النفسية و التفكيرية لأربعة أجيال لاتعرف إلا لونا واحدا وتقويما سنويا عجيبا وصورة إعلامية مزجت أمزجة الزعيم ورسختها في دواخل النفوس الخائفة..
لنا كامل الثقة في قدرة الليبيين على فعل ذلك، فهم كباقي أمم الأرض شعب يريد الحياة..



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصيان الزمني بالمغرب!!
- بلاد لا تستحق الأنوثة
- ثورة أساتذة في الأفق لمن يريد أن يفهم..
- كيف تصبح شاعرا دون معلم !
- تساؤلات تقييم الحركة الاحتجاجية بسيدي إفني.( * )
- يا زمان الوصل بالنحل و العسل!
- -فلنذهب إلى الجحيم....- أو - بداية هجاء-
- أحمد بوكماخ..وبعده لا أحد.. !!
- شكرا لساعي البريد!!!
- عام الفين!!
- قط الصين العظيم!!
- رمضان و الأقنعة
- المغرب المنسي ومغرب الخيال العلمي
- حكايتي مع وزير الثقافة الجديد!
- أوباما و حماره
- -التدخل الأمني- بسيدي إفني.. ما لانهاية من الحسابات الخاطئة! ...
- تحية الى النساء الأخريات اللواتي لا يحييهن أحد !


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - شعب يحب الألوان..