أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -الجبهة الشرقية ومكونات الصراع مع إسرائيل-: أسئلة جوهرية وإجابات مثيرة للجدل !!















المزيد.....

-الجبهة الشرقية ومكونات الصراع مع إسرائيل-: أسئلة جوهرية وإجابات مثيرة للجدل !!


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 02:46
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تمثل قراءات وتحليلات الكاتب والخبير السياسي في الشؤون العربية والدولية ناهض حتر انقلاباً جديداً في مفهوم الفكر الإستراتيجي المعاصر ، إذ يصفه البعض بالمفكر التنويري الجاد الذي ينحاز دوما إلى صالح القضايا القومية والمصالح الشعبية العربية ، فيما كثيراً ما تثير تحليلاته وتصوراته المستقبلية لمجمل الأحداث السياسية المحلية والإقليمية والدولية جدلا فكرياً واستقطاباً حاداً بين الباحثين والكتّاب والمفكرين على الصعيدين الأردني والعربي .
ولعل ما يميز طروحاته الفكرية في المجال السياسي هو قدرته الفائقة على طرح الأسئلة الجوهرية والأساسية في قضايا تعتبر ذات خلاف محوري وجدلي في الشؤون الأردنية والعربية والدولية ، ولكنه بالمقابل يقدم إجابات مثيرة للجدل مبنية على أسس فرضية منهجية وعلمية ، قد نتفق معها أو نختلف ، بيد انه بالنهاية ينزع نحو الإجابات القطعية التي لا تقبل بأنصاف الحلول ، فأفكاره السياسية يقدمها بطريقة مباشرة وسلسة ودون مجاملة ، ولا يقبل أن يكون أسيراً لأفكار متحيزة أو عنصرية ، إذ يبني تحليلاته على قراءة علمية عميقة للتطورات السياسية الجارية على مختلف الأصعدة ، ويقدم تصوراته المستقبلية في إطار منظومة توقعات سياسية محددة واجتهادات علمية دقيقة .
ومن هنا تبدو جملة التحليلات الإستراتيجية التي قدمها الدكتور ناهض حتر في محاضرة له في كلية الدفاع الوطني السورية تحت عنوان "أسئلة الجبهة الشرقية : مكونات ومهمات الصراع مع " إسرائيل" في المرحلة المقبلة" والتي ألقاها في منتصف شهر آذار الماضي بحضور قيادات الصف الأول في الجيش السوري ، تبدو من أهم التصورات السياسية المستقبلية المثيرة للجدل حول مكونات الصراع العربي – الإسرائيلي في المرحلة القادمة ومستقبل الدور الأمريكي في المنطقة ومقولة انحسار المشروع الصهيوني الشامل في دولة يهودية مصغرة في فلسطين ، حيث يقدم حتّر –كعادته- أسئلة جوهرية وحاسمة في هذا الصدد ، وبالمقابل ينزع في محاضرته نحو إجابات قطعية يسوقها في إطار أدلة علمية داعمة لفرضياته المنهجية ، وسواء اتفقنا حولها أو اختلفنا ، تبقى أفكاره وتصوراته ، في هذا الحيز تحديداً ، قابلة للنقاش والاجتهاد ، خاصة في شق الافتراضات المستقبلية التي يتوقعها .

ويبدأ حتر سؤاله الأول بالبحث عن نهاية الحقبة الأمريكية ، حيث يحاول الاستنتاج من خلال الدفاع الطويل الذي قدمه لاثبات صحة فرضية نهاية الإمبراطورية الأمريكية ، أن العمر الواقعي للإمبراطورية الأمريكية، هو الأقصر بين أعمار الإمبراطوريات عبر التاريخ ، ويستند في رؤيته على مقولات فرانسيس فوكاياما صاحب نظرية "نهاية التاريخ" ، والذي تراجع عن أفكاره بهذا الخصوص ، وأعلن أخيرا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش في مأزق استراتيجي منذ احتلالها للعراق عام 2003م ، وان تورطها في المستنقع العراقي ، دفع إيران لزيادة طموحها النووي والإقليمي ، ومنح روسيا القومية نهضة جديدة ، وأفسح المجال أمام القوى الأسيوية –الصين والهند تحديداً- للصعود كقوى دولية جديدة تنافس الولايات المتحدة في المجال الصناعي والعسكري .
فيما يشكل المنظّر السياسي الأمريكي "ريتشارد هاس" العمود الفقري لاثبات صحة مقولة حتر عن بداية انهيار الإمبراطورية الأمريكية ، حيث يعتبر هاس ، صاحب أطروحة "نهاية الحقبة الأمريكية" ، أن الحقبة الأمريكية في طريقها للزوال من منطقة الشرق الأوسط ، إلا إذا اعتمدت الدبلوماسية كوسيلة للدفاع عن نفوذها في المنطقة عوضاً عن السلاح الذي ثبت فشله في العراق .
ويخلص حتر إلى نتيجة مفادها أن العملاق الأمريكي مهلهل وغارق في عجز مالي وصناعي واقتصادي كبير ، وان القوة الأولى في العالم فقدت تأثيرها الأيديولوجي والدبلوماسي بلا مصداقية ، وحصدت نيابة عن ذلك عداء العالم اجمع ، لأنها عارضته اجمع حينما قررت غزو العراق بمبررات هاوية . ورغم تأكيد حتر على حقيقة أن سقوط الولايات المتحدة الأمريكية يأتي في إطار سياق عام –يبدأ بانسحابها النهائي من العراق بعد سنتين من الآن- وليس في فترة زمنية محددة ، إلا أن الحديث عن سقوط أو نهاية قادمة للإمبراطورية الأمريكية ، يدخل في خانة الأمنيات السياسية لا الواقعية ، فرغم صحة كل ما يقدمه حتر من حقائق سياسية واقتصادية وعسكرية ، ورغم الفشل الذريع للإدارة الأمريكية في العراق وأفغانستان ، إلا أن العوامل الإيجابية الدافعة لضمان استمرار الولايات المتحدة كقوة عظمى لإشعار آخر ، اكثر بكثير من تلك العوامل السلبية التي تضعف قوتها الكونية ، كما أن التراجع النسبي المؤقت لمكانتها العالمية بسبب التخبط الظاهر في سياستها الخارجية في فترات معنية - كما هي في أسوأ مراحلها في فترة رئاسة جورج بوش الابن- لا يعني بأي حال بداية النهاية للحقبة الأمريكية ، كما يتوقع حتر .
فموقع الولايات المتحدة كقوى عظمى في العالم دفعها إلى توسيع رقعة الانتشار السياسي والعسكري لها ليشمل شتى ربوع العالم ، وهذا بطبيعة الحال يقابله تكلفة عالية تزيد في أحيان كثيرة عن مقدرة الولايات المتحدة ، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى أن يصبح ما تدفعه الولايات المتحدة في مقابل هذا الانتشار ، أكبر بكثير مما تأخذه وهو ما يصب في نهاية المطاف في الجانب السلبي للتفوق الأمريكي .
ودليل ما سبق ، أن الولايات المتحدة تتقدم في الإنتاجية الاقتصادية والصناعية على كل دول العالم، وفي كل صناعة تقريباً، ثم إن درجة الإنتاجية تتصاعد حالياً أكثر مما كان عليه الحال في التسعينات. كما أن الولايات المتحدة تستثمر في البحث العلمي والتكنولوجيا ما نسبته (40%) مما يستثمره العالم كله ، وتتفوق على الدول الصناعية السبع في مجال الاستثمار والبحوث العلمية ، حسب دراسة إحصائية أجريت عام 2004م في هذا الصدد ، فضلا عن كونها أكبر قوة عسكرية ونووية في العالم .
لذا ، فقد نتفق مع فكر حتر بان الولايات المتحدة سقطت وفشلت في المستنقع العراقي ، وأنها أيضا معرضة لهزات كثيرة تؤدي إلى ضعفها نسبياً في الشرق الأوسط وبقاع أخرى في العالم ، لكن ذلك لا يشكل عملياً سقوطاً نهائياً أو بداية النهاية لإمبراطورية عظمى ما زالت تتحكم في إدارة دفة العالم بأسرة ، وربما تكون نهاية الحقبة الأمريكية المتوقعة في الشرق الأوسط بداية لنهاية أحادية القطبية الدولية –لا أكثر- تبعاً لتحليل وتصور "هنري كسينجر" الذي يتنبأ بعدم استقرار نظام أحادي القطبية , حيث يعتبر كسينجر أن نظام أحادي القطبية سينتهي بأسرع مما يتوقع الجميع , باعتباره نظام يؤدي إلى الاضطراب العالمي , فضلاً عن كونهِ يُرهق كاهل الولايات المتحدة الأمريكية ويزيد الأعباء الدولية عليها , فيما يؤدي نظام توازن القوى العالمي المتعدد الأطراف إلى تحقيق الاستقرار العالمي .
وتتضح أولى نتائج نهاية الحقبة الأمريكية ، من وجهة نظر حتر ، في اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية –غير المباشر- بنهاية إسرائيل الصهيونية وبداية " دولة إسرائيل اليهودية" في أراضي فلسطين التاريخية ، ففي معرض إجابته على سؤال يهوديّة "إسرائيل " ، بداية جديدة أم نهاية للصهيونية ؟ يرى حتر أن الولايات المتحدة قد أطلقت منذ فترة "وعد بلفور" جديد لإسرائيل مفاده أن التحالف الأمريكي - الإسرائيلي يضمن أمن وسلامة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي . بمعنى أن إسرائيل فقدت أهميتها الاستراتيجية والأمنية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ حرب الخليج الثانية عام 1991م ، حيث اضطرت الولايات المتحدة للتدخل العسكري المباشر في الخليج العربي لحماية مصالحها بعد أن فشلت إسرائيل في الاستمرار كذراع أمنى للمصالح الأمريكية في المنطقة ، خاصة بعد احتلال العراق عام 2003م ، وسقوط إسرائيل في فخ تجربة إسقاط "حزب الله" اللبناني الحليف الرئيس لمحور إيران – سورية ، ما أدى إلى انتهاء دورها الإقليمي وتموضعها داخل حدود فلسطين التاريخية .
وبذا يعتبر حتر أن إسرائيل فقدت المبادرة الاستراتيجية والسياسية لتنفيذ سياسات الولايات المتحدة في المنطقة ، كما فشلت حتى في إسقاط نظام حماس في قطاع غزة ، وأصبحت السياسة الإسرائيلية تتحرك في دائرة السياسة الأمريكية قصيرة المدى ، والتي سارعت مؤخراً لإنقاذ إسرائيل من خلال الترويج لمشروع تسوية سلمية جديد يقوم على احتفاظ إسرائيل بأكبر مساحة ممكنة من فلسطين التاريخية لتكون دولة للشعب اليهودي فقط ، وإنشاء حلف سياسي بين المعتدلين من العرب وإسرائيل لحماية المصالح الأمريكية نيابة عن الحضور العسكري المباشر في المنطقة ، ويستمر أيضاً في الضغط على قوى الممانعة –سوريا ، إيران ، حزب الله ، حماس- وأخيرا حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن .
وبسؤاله عن نتائج الاعتراف الأمريكي بـ"يهودية إسرائيل" على الوضع الفلسطيني، يرى حتر أن ذلك يعني الالتزام الأمريكي الواضح بإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين نهائياً، واعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لتهويد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتهديد الوجود القانوني لعرب إسرائيل في الداخل بهدف إنشاء دولة يهودية خالصة ، وضم القدس كلياً أو جزئياً ، والمحصلة النهائية للسلام المزعوم استيلاء إسرائيل على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وترحيل قسم آخر من الفلسطينيين إلى دول الجوار .
وان كنا نتفق مع طروحات حتر بشان يهودية الدولة الإسرائيلية على حساب دورها الإقليمي في المنطقة ، وفشلها تباعاً في تنفيذ المهمات الموكولة إليها لجهة القضاء على حزب الله اللبناني أو حركة حماس الفلسطينية ، إلا أننا لا نرى في الأفق أي تصور سياسي لامكانية تنفيذ سيناريو ترانسفير جديد على حساب دول الجوار ، وخاصة الأردن ، كما حصل عامي 1948م و 1967م ، فقضية الوطن البديل انتهت تماما من الفكر الإسرائيلي والأمريكي –على الأقل بالنسبة للأردن- منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994م ، ولدى القيادة الأردنية قناعة ثابتة بأن وجود دولة فلسطينية ذات امكانيات حقيقية تمثل مصلحة أردنية داخلية ، فهذه الدولة تعني تجنب الأردن لمخاطر استمرار الصراع ، مثل عمليات التهجير أو طروحات الفيدرالية والكونفدرالية التي تحاول بعض الدوائر الغربية والإٍسرائيلية ترويجها باعتبارها حلاً للمشكلة الفلسطينية ، باعتبار الفيدرالية الأردنية - الفلسطينية ستكون إطاراً يضمن للفلسطينيين ممارسة حقوقهم السياسية والوطنية على حساب الأردن وليس على حساب إسرائيل .
والحقيقة المرة أن بعض الدوائر العربية –الرسمية والثقافية- تنسج دوما خيوط مؤامرة الوطن البديل في الأردن كإطار إسرائيلي مقترح لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين والدولة الفلسطينية ، في الوقت الذي اختفى فيه هذا السيناريو من الاجندة الأمريكية – الإسرائيلية الرسمية ، وان كان حتر يؤكد في دراسته أن السياسة الإسرائيلية أصبحت تدور في فلك السياسات الأمريكية قصيرة المدى منذ احتلال العراق عام 2003م ، وهي حقيقة بلا أدنى شك ، فان سيناريو الوطن البديل أو حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن انتهى تماماً من مفردات السياسة الأمريكية تجاه الأردن .
ولعل أن الأمر الأكثر جدلية الذي أثاره ناهض حتر في دراسته بشان الأردن ، هو سؤاله عن المخرج الأردني من عنق الزجاجة الأمريكية – الإسرائيلية ، حيث افترض مسبقاً حتر أن الأردن يدور في دائرة السياسات الأمريكية – الإسرائيلية في المنطقة ، وبني سياسته الخارجية في العقد الأخير على عدة افتراضات –ثبت فشلها- أهمها حتمية الحرب ضد إيران، وعجز دمشق عن الخروج من مأزق العزلة الإقليمية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ، وامكانية نجاح إسرائيل في تدمير حزب الله ، وقدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على تحجيم قدرة حماس في الداخل ، وأخيراً إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية تضمن قيام دولة فلسطينية تحافظ على الكيان الأردني .
ورغم أن تلك الافتراضات –بنظرنا- لم تفشل بعد وما زالت قائمة وقابلة للتحقق في أي وقت في ظل الشد والجذب الذي تشهده المنطقة خلال العامين الماضيين ، لجهة ضرب إيران أو تحجيم قدرة حزب الله وحماس بشكل أو بآخر ، وكذلك في استمرار المناورة السورية للخروج من عنق العزلة الإقليمية والدولية ، إلا أن السياسة الأردنية لا تبنى على افتراضات وانما على حقائق ووقائع ، خاصة وأن نزاع الارادات والمصالح واختلاف وتنوع الرؤى والأيديولوجيات في البيئة العربية ، فرضت على صانع القرار الأردني الاعتدال والوسطية في سياسته الخارجية العربية كي يحاول قدر الإمكان التوفيق بين مصالح النظام العربي ومصالحه الوطنية .
كما أن حتر الذي قرر سلفاً أن الأردن يدور في دائرة السياسة الأمريكية – الإسرائيلية ، سرعان ما ناقض نفسه حينما أشار صراحة في معرض حديثه عن تبني الولايات المتحدة لمشروع إسرائيل في الدولة اليهودية ، أن الأردن ندد بهذا المشروع وأكد على حق عودة اللاجئين وحل القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية ، وذكر في موضع آخر أن "آمال الملك الحقيقية محدودة للغاية في مجال العملية السلمية ، ولكنه يشتري الوقت ، ويقول للرئيس بوش الذي تجاهل زيارة عمان في جولته الإقليمية الأخيرة أنه لا يمكن تجاهل المصالح الأردنية في فلسطين ، أو التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية ، دائم أو مؤقت، من دون موافقة الأردن" ، وهذا دليل على استقلالية السياسة الأردنية ونزعها الخالص للبحث عن المصالح الوطنية شانها شان سوريا في ذلك .
والغريب في الأمر أن حتر الذي يدافع بشدة عن أهمية وقوة الموقف السوري في المنطقة ، والذي يتوقع لدمشق أن تعيد تأسيس النظام الإقليمي العربي قريبا وتحقيق توازن رعب مع إسرائيل بعد انهزامها أمام حزب الله واعادة الجولان بالقوة ، في فرصة لم تسنح لها منذ عهد الأمويين ، يتجاهل حقيقة القرار السوري المرتهن نسبياً للسياسة الإيرانية في الخليج العربي والشرق الأوسط عموماً ، بل ويعتبر السياسة السورية لها رؤيتها الخاصة في الملفات العربية والإقليمية ، وأنها منافسة لطهران في العراق ولبنان ! حيث تنزع دمشق إلى تحجيم النفوذ الإيراني في العراق . وبالمقابل , تنزع طهران إلى تحجيم النفوذ السوري في لبنان !
فسوريا التي وقفت مع طهران إبان حربها ضد العراق ، وساهمت أيضا في المشاركة في حرب الخليج الثانية ضد العراق عام 1991م ، يعتبرها حتر المعسكر القومي الوحيد الذي يجب على الأردن الدخول فيه والابتعاد عن المحور السعودي – المصري ، خاصة وانه يكرر مجدداً أهمية التحالف الأردني – السوري للوقوف في وجه الأطماع الإسرائيلية – الأمريكية بشان قصة الوطن البديل التي لا يثيرها سوى الوسط الثقافي الأردني والعربي عموماً .
"هناك دولتان مركزيتان : الدولة السورية وامتدادها لبناني ، والدولة الأردنية وامتدادها فلسطيني ، وقد تبادلت الدولتان الاعتراف والتفاهم . وهو ما سيكون له آثاره العميقة اللاحقة في التطورات الإقليمية اللاحقة" . هذه الخلاصة التي توصل لها حتر في دراسته أصاب في شقها المتعلق بالدولة المركزية السورية وامتدادها اللبناني ، لكنه أخفق فيما يخص الأردن وامتداده صوب فلسطين .
فمنذ تولي الملك عبد الله الثاني الحكم في البلاد ، تبنى العهد الجديد نهجاً يقوم على الانسحاب من حالة التنافس في ساحات أخرى مجاورة ، واللجوء إلى الاهتمام بالقضايا الأردنية الداخلية كأولوية تحكم أداء مؤسسات الدولة، وكان هذا يعني بشكل أساسي إنهاء حالة التنافس في الموضوع الفلسطيني لمصلحة دور الداعم للقيادة والشعب الفلسطيني لنيل حقوقهما وإقامة الدولة الفلسطينية .
والواقع أن الأردن راجع سياساته القومية والإقليمية منذ احتلال العراق عام 2003م ، فهو لم يبحث عن دوراً إقليميا في فلسطين ولا العراق ، ولم يرد أيضا أن يغيّر مواقفه إلى العكس تماما ، ولكنه حاول أن يتخذ علاقات جوار وتضامن دون انخراط في السياسات والمواقف المحلية والإقليمية ، وربما تكون الجغرافيا هي السبب ، وقد يكون التفسير في فقه الجغرافيا السياسية ، فالأردن في مواقفه الجديدة يحاول الحفاظ على مصالحه الوطنية أولاً واخيراً دون الخوض في غمار المنافسة والشد والجذب مع القوى العربية والإقليمية .
فالأردن لم يَعُد معنيًّا بالتنافس مع قيادة السلطة والمنظمة على حكم الضفة الغربية ، لكنه معني بدور سياسي يراه ضروريًّا في خدمة مصالحه المتضررة من زيادة مساحات التوتر حوله ، وكما يقول بعض السياسيين الأردنيين فإن إيجاد حل مستقر للقضية الفلسطينية قائم على إيجاد دولة قابلة للاستمرار يشكل مصلحة إستراتيجية أردنية ، لكن دون طموحات بالهيمنة عليها أو مزايدة الآخرين من العرب على الدور الأردني .
على أية حال تبقى دراسة الخبير الإستراتيجي ناهض حتر محل اهتمام فكري وجدال سياسي بشأن التحليلات والتوقعات المهمة التي قدمها ، فأفكاره بحاجة إلى مراجعة نقدية شاملة لجهة سيناريوهات المستقبل حول مكونات ومهمات الصراع مع إسرائيل في المرحلة المقبلة ، خاصة ما يتعلق بنظرته للدور الأردني الذي يفترض انه محكوم بالسياسة الأمريكية في المنطقة ، وهو تصور مبالغ فيه كثيراً ، وكذلك ما يخص نظرته المتفائلة جداً للدور السوري القادم في تأسيس نظام إقليمي عربي يساهم في إعادة توازن القوى في المنطقة ، لا سيما وانه يتجاهل في هذا الإطار الدور الإيراني المتعاظم في العراق ولبنان على حساب الدور السوري خاصة والعربي عامة ، وأيضا يتجاهل قوة وتأثير القوى الإقليمية الأخرى في مكونات هذا الصراع ، وتحديداً مصر والسعودية .



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمين والدولة: أزمة الحوار وعقدة الإصلاح!!
- -الإخوان المسلمين- وفن المراوغة والانتهازية !!
- المواطنة في العالم العربي وعقلية الرعية !!
- شباب اليمن الثائر ونظام العقيد الجائر !!
- اما أن الاقتصاد الاردني -معجزة- أو أن علم الاقتصاد بحاجة للت ...
- التجربة الديمقراطية في البحرين (الجزء الأخير)
- أزمة البحرين وتداعياتها بين قلق الخليج وطمع إيران
- الولايات المتحدة وثورة ليبيا: عين على المصالح وأخرى على الإص ...
- التجربة الديمقراطية في البحرين (6)
- ليبيا: مفترق طرق خطر .. ومرحلة خيارات ضيقة
- التجربة الديمقراطية في البحرين (5)
- -الحرية- المظلومة !!
- ديغول فرنسا يرحل وزعماء العرب باقون حتى القيامة !!
- التحديات التي تواجه بناء دبلوماسية عربية موحدة
- المشهد الأخير للقومية: أزمة الدولة العربية
- التجربة الديمقراطية في البحرين (4)
- سمات الدولة العربية وعلاقات التعاون والنزاع
- التجربة الديمقراطية في البحرين (3)
- حقيقة معمر القذافي: سيرته وشخصيته وأكاذيبه !!
- التجربة الديمقراطية في البحرين (2)


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - -الجبهة الشرقية ومكونات الصراع مع إسرائيل-: أسئلة جوهرية وإجابات مثيرة للجدل !!