رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3327 - 2011 / 4 / 5 - 22:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أفكار الصديق الكاتب الليبرالي المبدع / عبد القادر أنيس عن الغرب
جاءت ضمن رسائل خاصة , وسمح لي بنشرها ( ببعض التصرف ) فشكراً لثقتهِ .
********
الغرب ليس واحداً , ليس كتلة واحدة تتحرك بانضباط شديد نحو الخير أو الشر
فذاك يحدثُ عندنا نحن .
في الغرب , قوى تُمثل العِلم والعَمل والإبداع ... وحقوق الإنسان .
وهي إستمرار لمغامرة إنسانية مدهشة تمكنّت لأول مرة في التاريخ البشري من إلحاق الهزيمة بقوى الماضي الديني والقبلي والإقطاعي .
وفتحت الطريق لبداية ترويض الطبيعة والإنتصار عليها , في شتى الميادين العمرانية والزراعية والصحية .
في ثورة صناعية وعلمية جبارة حققت للإنسان في جميع بقاع العالم مزيدا من الأمن والصحة والطمأنينة .
ومازالت هذه المغامرة مستمرة !
وفي الغرب أيضا لا تزال النوازع الأنانية في الإنسان تفعل فعلها وتوّجه السياسات والحكومات والأفراد , في تناقض صارخ مع الإنجازات الإنسانية العظيمة المذكورة آنفا , بل وباستغلال بعضها .
وفي الواقع تلك هي طبيعة البشر عموماً في كلّ مكان متحرّك متفاعل .
لكن حكمة الغرب العظيمة تكمن أساسا في قدرته المدهشة على التجدد والتغلب على الصعاب والأزمات بفضل رُسوخ المبادئ الليبرالية الديمقراطية العلمانية في مجتمعاته .
الغرب / حسب تعبير ( د. طه حسين ) هو بلد الجنّ والملائكة , أو بلد الشرّ والخير .
بلد البحث المحموم , عن تلبية كل الأنانيات .
وبلد حقوق الإنسان والنضال اليومي من أجل إدارة هذه الأنانيات بعقلانية تحدّ من طغيانها .
ولا مجال في الغرب، كما يبدو لي، لإلغاء الآخر المختلف عِرقيّا أو دينيا أو طبقياً كما كان الحال في المجتمعات الدينية (ولا يزال عندنا بوضوح ) , وكذلك في المجتمعات الأيديولوجية، قومية كانت أم اشتراكية .
لهذا أرى أن نقدنا للغرب غير مجدٍ !
فمادام أهلهُ لا يتوقفون عن نقدهِ وتصحيح مسارهِ , فلماذا نفعلُ نحن وننسى أنفسنا ؟
نقدُنا للغرب، خاصة بالطريقة التي تقوم بها / د. نوال السعداوي وغيرها من اليساريين والمؤدلجين .. تضرنا أكثر مما تنفعنا !
لأنها ( ولو عن غيرِ قصد ) , تُقدّم تبريراً لعجزنا عن تحقيق تنميتنا .
إنّ ذلك التبرير (حسب نظرية المؤامرة ) يُعيقنا ويمنعنا من التطور والتقدم .
وأيضا يزجُ بالناس في أتون الوهم والإحباط , مادام العالم كُلّهِ (حسب ذلك التفسير ) , شرقاً وغرباً في مِحنة مزمنة .
ولم يتحقق للإنسان أيّ شيء إيجابي، مادام النظام الأبوي يسيطر على الشرق كما على الغرب، ومادام الرأسمال هو سيّد الموقف ( حسب تلك الرؤية )
لنصل في النهاية إلى قناعة أنه مادام هذا هو الحال في هذا العالم فالأحرى بنا أن نتوقف عن أي كفاح ونركن عالمنا الوهمي في إنتظار مصير أفضل في العالم الآخر .
هذا تشخيص غير صحيح. فمستويات الخير والشرّ , والعدل والظلم , والحق والباطل , ليست هي نفسها في كل مكان .
ومستويات ما يتمتع به الناس من سعادة وطمأنينة ورخاء ليست هي هي في جميع البلدان .
ومستويات التربية والتعليم والعناية الصحية وإحترام المرأة والطفل والعامل ليست ذاتها عند الجميع .
كما أن مستويات الشقاء والبؤس والمرض والجهل والكوارث ليست دائماً نفسها .
كُلّ الشعوب التي أرادت أن تتقدم .. نجحت !
لا أحد يستطيع أن يمنع شعبا من التقدم إذا كانت له الإرادة الكافية للقيام بذلك.
أهم ميزة يجب أن نتحلى بها هي التواضع، والتوقف نهائيا عن إعتبار أنفسنا من الأهمية بحيث يحقد علينا الآخرون أو يغارون منّا ويعملون على تعطيلنا .
غزو أمريكا للعراق تسبب فيه العراقيون ( وطاغيتهم ) لأنهم لم يستطيعوا بناء دولة محترمة، تحترم شعبها وجيرانها والعالم .
أما البترول فلن يشتريه سوى الغرب , ولو لم يفعل , فلن تجد لهُ قيمة تُذكر .
ما ينطبق على العراق , ربّما ينطبق على أغلب شعوبنا وبلداننا , التي نراها عاجرة حتى عن رفعِ قماماتها .
أمامنا في العالم شعوب صغيرة العدد ولكن وزنها في خريطة العالم ثقيل بفضل براعة مواطنيها وذكائهم وقدرتهم ودأبهم على إحتلال المكان اللائق بهم في العالم المُعاصر .
عالم الإبداع والخلق والفن والحرية، وليس عالم الهمجية على طريقتنا .
إنّ الضرر الذي نسببّه لبعضنا يفوق بأضعاف ما يسببه لنا الآخرون .
يكفينا هنا مثال واحد هو / عجزنا عن التحكم في تكاثرنا حتى صار يرهن كل مشروع تنموي جدي .
هذه حقيقة مستمرة منذ قرون، ولا علاقة للغرب بها.
وفي الواقع معظم مشاكلنا موجودة حتى قبل إكتشاف أمريكا , بل كانت أعظم وأسوء تأثيراً , ونحنُ سائرون وباحثون اليوم عن طريق الخلاص منها .
علينا أن نتواضع ونجلس تلاميذَ مهذبين لنتعلم ممن عنده العلم والمعرفة والفن والإبداع . يكفينا مكابرة وخداع للنفس !
هذا ما تفعله شعوب شرق آسيا، يساعدها على ذلك ما في موروثها الروحي من أخلاق وقيم التواضع والاعتراف بالجميل والاستعداد الدائم للتعلم .
الشعوب الإسلامية شعوب يستبد بها الغرور لاعتقادها الراسخ أنها صاحبة رسالة ((كانت ولا تزال من أسمى الرسالات السماوية الداعية إلى صفاء الذهن وسلامة الروح والجسد, والداعية إلى نقاوة القلب, ونظافة النية والسريرة, وأكثرها تضمنا للمبادئ الفاضلة والأخلاق الحميدة العظيمة, وأشدها رفضا للممارسات الوحشية المنحرفة, والأساليب الإجرامية الغادرة, فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه, ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))
ونظرة واحدة لتصرّف زعمائنا ومشايخنا سيطيح بكلّ تلك الشعارات الى فضاء العدم .
************
إستراحة قصيرة
رأي للعلاّمة علي الوردي / من مقال د. عبد الخالق حسين بعنوان
الشعب والغوغاء من منظور علي الوردي / بتأريخ 5 نيسان 2011
{ يقولون أن وراء مجازر كركوك يداً أجنبية. وهذا قول صحيح تدعمه قرائن لا يستهان بها
. ونحن إذ نعترف بصحة هذا القول يجب أن نعترف كذلك بأن اليد الأجنبية لا تؤثر في مجتمع ما لم تجد فيه مجالاً لتأثيرها. فهي تلقي الشرارة الخبيثة على الناس، وما لم يكن في الناس مجال لاندلاع النار انطفأت الشرارة حال انطلاقها.
(ص 326 }
وملاحظتي هي / كلام العلامة الوردي هذا قالهُ قبل أكثر من نصفِ قرن , فهل ترون مثلي كم سبق هذا الرجل زمانهُ , فما زلنا الى يوم نُلقي بكل فشلنا على الغرب و مشتقاتهِ .
الآن سيظهر عبقري يقول , نعم كلّ مايحدث مؤامرة , ألم تعترف أنتَ بأنّ الإنترنت هو مُحرّك هذهِ الثورات ؟
وجوابي سيكون التالي / كم هم عظماء وعباقرة إذن ؟
تحياتي لكم
رعد الحافظ
5 أبريل 2011
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟