أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - هدم الأضرحة .. وعقائد البدو














المزيد.....

هدم الأضرحة .. وعقائد البدو


عباس منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 23:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حسب مفهوم بعض جماعات الإسلام تُعتبر الأضرحة التي تضم أو تشير إلى بعض رجال الله الصالحين، تعتبر من رموز الشرك بالله وإضعاف العقيدة الإسلامية .. وأن احترام هؤلاء الأولياء والتقرب من خلالهم إلى الإله الواحد الذي عرشه في السماء من قبيل الشرك الصريح وفساد المعتقد، وعليه قام هؤلاء – عندما سنحت لهم الفرصة - بهدم هذه الأضرحة باعتباره عملاً جهادياً من أعمال التوحيد وتصحيح العقيدة الفاسدة والعودة بالإسلام إلى منابعه التوحيدية الخالصة .. كل ذلك حسب مزاعمهم ومفاهيمهم الخاصة لرسالة الإسلام.

ولهؤلاء وأمثالهم أقول: إن هذه الأضرحة التي يهدمونها كانت قائمة بمصر قبل بعثة النبي إبراهيم ونسله النبوي المقدس .. وإن إبراهيم نفسه عندما جاء إلى مصر ومن بعده حفيده يعقوب وأبناؤه الأسباط وصولاً إلى موسى ثم عيسى وأمه مريم ومن بعيده تلميذه مرقص في القرن الأول الميلادي، كل هؤلاء عندما أتوا إلى مصر كانت بها أضرحة لأولياء الله الصالحين من أتباع الديانة المصرية القديمة، وعليهم أن يعودوا إلى مصر ومعالمها الأثرية وخصوصاً الجبَّانات ومعابد إيزيس المقدسة بامتداد وادي النيل عبر أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح الذي أتى من نسل إبراهيم النبي.

وعندما جاءت المسيحية فارضة نفسها بالقوة في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي وجدت الأضرحة ومعابد إيزيس، وعندما جاءت جيوش الإسلام بقيادة عمرو بن العاص كانت هناك الأضرحة موجودة، وقد أضيف إليها المزيد لقديسين مسيحيين، وما النزعة المصرية لإقامة الأديرة إلا استجابة لروح التصوف المصري الذي اعترض على نشر المسيحية بقوة السيف الروماني في القرن الثالث الميلادي.

وبعد قرون من استيطان العرب المسلمين لأرض مصر قامت أضرحة جديدة لأولياء الله من المسلمين في كل أنحاء مصر من سيدي براني في أقصى الغرب وحتى سانت كاترين في أقصى الشرق، ومن سيدي أبي الحسن الشاذلي في أقصى الجنوب وحتى سيدي المرسي أبي العباس في أقصى الشمال، وكل ذلك قد تم وفقاً للخضوع الطبيعي لسلطة المكان والشعب الذي يختار دينه ويحترم تعاليمه وأخلاقياته عبر العصور. وما زالت الأضرحة تُشاد عبر الحقب وحتى القرن الحادي والعشرين في أرجاء المعمور المصري وفقاً لمشيئة التدين المصري.

ذلك لأن التدين في مصر هو جوهر الهوية، والشخصية المصرية يقوم أساسها وعمودها الرئيسي على الدين الذي اكتشفه الشعب عبر آلاف الحقب، فكيف لا يصغي مثل هؤلاء النفر المتسرعين والمتسلحين بروح البدو والصحراء ممن يطلقون على أنفسهم لقب " السلف" .. كيف يجرؤون على تدنيس المعتقد وفرض روح الله حسب مفهومهم بالقوة والبطش والهدم والصدام ؟ والأولى لهم أن يتعلموا ويصغوا إلى روح المكان وأشواقه الحقيقية في التدين ومعرفة الله الحق.

لقد بدأ الإسلام في جزيرة العرب وشاد الكثير من تشريعاته وعباداته على عادات وأعراف كانت للبدو قبل مجيء النبي محمد، ومنها شعيرة الحج ذاتها وما تتضمنه من طواف حول حجر أسود في جدار ضمن غرفة مصمتة اسمها الكعبة.. أليس ذلك من وثنية العرب وقد أقرها الإسلام ؟!، وكلكم يعلم مكانة الحجر الأسود وتقبيله ومقولة عمر بن الخطاب في ذلك، أليس ذلك من الوثنية المحضة؟ فهل عندما جاء الوحي لنبي الإسلام بإقرار الطواف وتقبيل الحجر الأسود على شرائع بدو العرب .. هل كان الوحي تكريساً لوثنية العرب أم أنه الرمز ومسالك ودروب الوصول إلى رب الأكوان .. وغير ذلك الكثير من تفاصيل ديانة الإسلام وما تحمله من أعراف وتقاليد بدو العرب في الزواج والطلاق والصلاة والصوم والجهاد وحتى تربية الأولاد ورعاية الدواب والمعاملات التجارية والملبس والمأكل والمشرب لكن ليس السياق هنا سياقها.

إن في مصر أضرحةُ ومزارات للعارفين والكهنة في عصرها القديم ، وفيها كذلك أضرحة ومزارات للعارفين من رجال المسيحية واليهودية والإسلام وكل ذلك في عباءة التدين المصري الذي نرى تجلياته وتجسيداته في تبني اللقطاء وعلاقات النسب والمصاهرة والمساهمة في تجهيز حياة الأزواج الجدد وكثرة الذهاب للحج والعمرة للقادرين من أهل مصر وتعاملهم مع مسألة الزكاة والصدقات والغنائم والخُمس والفيء وانصرافهم عن التثاقف والمعرفة في مثل هذه الأمور بينما نلمس شغفهم وحرصهم على متابعة سير الصالحين من الصحابة والعارفين بالله وأوليائه الصالحين، بل إن جموع الحاضرين والمشاركين في الليالي الكبرى لموالد أقطاب العارفين تفوق في أعدادها من يحتشدون في يوم الحج الأكبر على صعيد عرفات والمشاعر المقدسة في جزيرة العرب !!.


وقد كان الأجدر بمثل هؤلاء الذين يدَّعون السلفية أن يساهموا في علاج جراح الشعب الذي ظل مقموعاً ومهملاً طوال حقبة مبارك وما قبلها قبل ان ينخرطوا في التنفيس عن ذواتهم ودولتهم الخاصة التي تجسدت في قطع أذن أحد المواطنين بعد أن نصَّبوا من أنفسهم دولة وحكاماً، كما تجسدت في هدم الأضرحة ومعاداة روح التسامح والتدين لدى المصريين .. إنهم بسلوكياتهم هذه ينضمون إلى فلول الحزب الوطني القديم وفلول أمن الدولة في مطاردة الشعب واستغلاله وتضخيم ذواتهم ومكاسبهم الخاصة كأفراد وجماعات على حساب الشعب الذي ألقت به المقادير في قبضة التعاسة والرجال المراوغين والطرق المتعرجة للوصول إلى الدولة المدنية.

ويا أيها السلفيون : أنصتوا إلى روح المكان وصوت التاريخ واطلعوا على سنن من كان قبلكم من المتشددين الذين ابتُليت بهم مصر عبر العصور .. فمنهم من حرَّم خروج النساء لسبع سنوات، ومنهم من حرَّم الجرجير والملوخية والترمس وهدَمَ المعابد والكنائس بدعوى التوحيد الخالص، ومنهم من قتل المتصوفة والزهاد... كل هؤلاء بادوا وذهبوا إلى النسيان وبقيت سير الصالحين والعارفين من نقباء الشعب وما زالت كراماتهم وبركاتهم تنمو وسط هذا الشعب المتدين والمخلص في إيمانه العميق بخالق الحياة والموت وراحم العباد من بشر وعجم وحجر .. فافهموا وارحموا أنفسكم وارحموا الشعب من عبثكم وقصور فهمكم وتدينكم السطحي المفتعل !!



#عباس_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما آن لهذه النخاسة أن تتوقف !؟
- نموذجان من الانتهازية وفقه النفط - شنوده والقرضاوي
- فقه النفط وفتاوى الضرورة
- جسد المظاهرة
- شجرة الحياة
- قراءة في -مثلث العشق- لشريف صالح
- أيّكم يغرس رمحاً في دارٍ فهي له !!
- ما كل هذه الدماء أيها العرب المسلمون ! ؟
- إنعام .. وكلب العائلة
- مفهوم -الله- في خطابات الدعاة الجدد
- عقائد البدو الاسرائيليين
- الكفيل
- سيرة الحمار المصري
- العزازيل
- نهج البداوة


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - هدم الأضرحة .. وعقائد البدو