أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - امين يونس - التربية والتعليم ... ثانيةً














المزيد.....

التربية والتعليم ... ثانيةً


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 10:16
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في عام 1967 ، كنتُ في الصف الأول المتوسط ، في مُتوسطة الشرقية في المسبح .. لا زالَتْ راسخة في ذاكرتي ، ذكرى طالبٍ كان معنا في الصف ، اسمه " سمير " ، كان وديعاً للغاية ، مُسالماً لايميل الى المُشاكسة ... كان مُدّرِس التربية الرياضية ، قد أخرَجَنا الى الساحة للقيام ببعض الحركات البسيطة ... من بينها القفز العريض ... لم يقُم " سمير " بالحركة بصورة صحيحة ، فتقدمَ المُدّرس نحوه وسأله : لماذا إنحرفتَ عن مكان القفز ؟ أجاب سمير مُشيراً بيدهِ الى الارض : استاذ ... لأن هنالك نملٌ ، وتفاديتٌ الدَوس عليه .. لأنه خَطِية !. صاحَ المُدرسُ بعصبية : ماذا ؟ نمل ؟ تقدمَ خطوتين وسحق مجاميع النمل بحذائهِ ، قائلاً : إذا أردتَ ان تنجحَ في الحياة ، عليك ان تدوسَ كُل ما يقف في طريقك ، ايها المُخّنث .. حتى لو كانتْ جماجم البشر ... إسحقها وتَقّدم ... نمل .. يقول نمل !. " إنطبَعتْ هذه الحادثة في ذهني ، منذ ذلك الوقت ، وبالتأكيد تركَتْ أثراً في نَفس سمير ، ورُبما الطلبة الآخرين أيضاً " . قد لا يعرف الكثيرون ، مدى التأثير الكبير الذي يتركه المُعّلم .. على التلميذ ، حتى في المواقف الصغيرة والهامشية . بالتأكيد ان صاحبي " سمير " قد إكتسبَ صِفَة " الشفَقة على النمل " من عائلتهِ ومُحيطهِ المنزلي ، لكن مَوْقف المُدرس وإستهزاء بعض الطلبة .. رُبما هّزَ قناعات سمير هَزاً .. وبقليلٍ من إهمال العائلة ، وبتراكُم المواقف المتشنجة للمُدرس أعلاه ، وأمثالهِ .. فمن المُحتمَل ، ان يتحّول سمير الوديع والمُسالم ... تدريجياً .. الى شخصٍ يدوس على الجماجم ولا يُبالي !.
يُقال انه في اليابان ، راتب المُعّلم ، قريبٌ من راتب أكبر مسؤولٍ في الدولة .. وان هذه المهنة هناك ، هي من أكثر المهن إحتراماً وتقديراً .. ويجب ان يتحلى المعلم ، بصفاتٍ كثيرة ، ليسَ أهمها ، ان يكون مُتمكِناً من المادة التي يُعّلمها للتلاميذ ... بل ان يكون ضليعاً في اُسس " التربية " الصحيحة ، خبيراً في علم النفس ، مؤمناً بحقوق الانسان ، مُتفهماً لمتطلبات البيئة والطبيعة ، مُحباً لعملهِ ، مُخلِصاً ، نزيهاً . أعتقد ان الراتب الجيد او الحوافز المادية العالية بالنسبة الى المعلم ، ضرورية ، لكنها تُشّكلُ جزءاُ فقط من " المنظومة " المُتكاملة المطلوب تَوّفُرها في " المُعلم " .
طبعاً ، لم يكن أكثرية المُدّرسين في ذلك الوقت ، اي في الستينيات ، من شاكلة مُدرس الرياضيات أعلاه الذي خّلفَ إنطباعاً سيئاً لديّ على الأقل ... بل على العكس ، فان غالبية المعلمين والمدرسين ، كانوا مُرّبين أفاضل .. وعلى سبيل المثال ، فان الاستاذ " محمود البريكان " الذي دّرسنا العربية في نفس المدرسة لأشهرٍ فقط .. غرسَ فينا حُباً للأدب والشعر والفن .
لشّد ما يُحزنني اليوم .. هو الإنحدار المؤسف للمستوى الذي وصلتْ اليه التربية ، والتراجع المُخزي الذي وصل اليه التعليم . بّحتْ أصواتنا من كُثرة ترديد الشكاوي ، وتكرار الاقتراحات .. لكن الأمور كما هي منذ التغيير في 2003 لحد الان .. ذلك التغيير ، الذي كُنا نأمل ان يكون حافزاً ، لثورةٍ حقيقية في مجال التربية والتعليم على مستوى الوطن .. لكن الذي جرى ، هو فقط بعض التبديلات الشكلية في المناهج ، وزيادة زائفة في الرواتب ، وتغيير الوجوه في الادارات ليسَ بالضرورة بأحسن من الوجوه السابقة ... بالأمس كان المعلم والطالب مُحاصَرَين بشعارات البعث الجوفاء .. واليوم ايضاً مخنوقَين بتوجيهات الاسلام السياسي والطائفية الجوفاء ... ترسختْ معايير مُشّوَهة ، لإختيار الوزير والمدير العام والمُفتش ومدير المدرسة ... لا علاقةَ لها البّتة ، بالكفاءةِ والمِهنية والإستقامة ... فإذا كان المسؤول الكبير هذا ، المُفتَرَض به ان يُدير ويُراقب ويُقّيِم ، أداء المعلم .. ويضع الخطط للإرتقاء بالواقع التربوي التعليمي ... إذا كان هو بالذات فاسداً ، مُفتقراً للكفاءة ، متملقاً ، ضحل المستوى ... فلن يُرجى منه أي خير .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البَديل
- كِذبة نيسان
- تحية للحزب الشيوعي العراقي
- إرهاصات عراقية
- أردوغان في كردستان
- - الأحمر - واللعب في الوقت الضائع
- أفكارٌ سورية
- ديكٌ وحِمار .. في مكتب الوزير
- عُطلة بين عُطلتين
- ألله كريم !
- الذي يَملُك والذي لا يَملُك
- حكوماتنا وبُطلان الوضوء
- - نوروز - مَصدر إلهام الثُوار
- سُفراء المُحاصصة الطائفية والسياسية
- إنتفاضة الشعب السوري
- الحظر الجَوي .. بداية اللعبة
- بين المواطن والسُلطة
- مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
- طقوس الفَرَح
- إنتفاضة دهوك 1991


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - امين يونس - التربية والتعليم ... ثانيةً