أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة














المزيد.....

المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 18:24
المحور: كتابات ساخرة
    


من أروع طرائف ابن الراوندي، أنه خرج نازلا إلى بغداد في يوم صيف حار يقطع التنفس، وفي طريقه تمنى على الله أن يلاقيه في الطريق بجواد كريم يحمله، في الطريق وقف على فارسين من فرسان البلاط وهم ينتظرون أن تضع فرس مهرا، فاستوقفوه طالبين منه الإنتظار فلما تمت عملية التوليد كلفوه بحمل المهر إلى بغداد ، فامتنع ابن الراوندي بأن لا شأن له في الأم وليتدبروا هم امرهم، لكن الفارسان حملاه بالضرب المبرح كما أرغماه ، فما كان من ابن الراوندي أن خضع للأمر الواقع وحمل المهر رغما عنه، وفي الطريق، نادى ربه سرا قائلا: يارب، أنا طلبت منك من يحملني وليس من احمله.
ذكرني هذا بخطاب الرئيس بشار الأسد الذي اجله كما قال لتكتمل الصورة، لكن على ما يبدو كان اكتمال الصورة هي أن يتمسرح الخطاب في مجلس الشعب، ولم أر في الحقيقة مثل تلك الملحمة الشعرية في كل حياتي كتلك التي رأيتها في مسرح الشعب، حيث فاق أداء الممثلون فيها أداء ممثلي المسرح الحقيقي، ذكرني الأمر كذلك بايام زمان، أيام المجد عند المتنبي لكن بتفاوت عجيب، معكوس تماما، فالمتنبي أسس لنهاية ملاحم الشعر بقولته الشهيرة:
أتى الزمان بنوه فوللى
فأتيناه نحن على هرم
ربما كان من الظلم أن نستبخس شعر المتنبي بهذه المقارنة الظالمة، فالمتنبي كان شعره حكيما وحضور اناه في القصيدة أقوى من حضور “أناواة” ممثلي مجلس الشعب السوري الذين وعدوا بفداء الرئيس، ونحن طبعا نعرف وعد هؤلاء، ورأينا فداء امثالهم في الإنتفاضات العربية السابقة، فهم أول من يستقل الطائرات فداء للروح كما يعدون، مع فارق ملفت للعيان تجلى في حضور المرأة الشاعرة في ملحمة الروح المفدية في المجلس السوري، وهو سبق لم نعهده في نساء العالم .ذلك المجلس على خلاف مجالس الشعر الذكورية في بلاط سيف الدولة .
كان الشعب السوري ينتظر من رئيسه الفاتن ذي اللكنة الجدلية الساحرة التي لم نألفها عند الرؤساء العرب الذين كانو يتركون للمستشارين مهمة تحليل خطاباتهم التي لاتحمل غير خرير لغة جوفاء، ليستخرجوا منها الحكمة والعبقرية، كان الشعب ينتظر جديدا فإذا هي نفس الأسطوانة، المؤامرة من خارج ليدعو الشعب السوري بعد خطابه الجدلي المتناقض إلى حمل آخر وانتظار آخر، لكن الخطير في خطاب الرئيس هو ذلك التبرير المبطن لسيل الدماء، فهو يعترف ضمنيا بأن اجهزة الأمن قد تناوش وقد تفقد السيطرة وتتصرف وفق انفعالات شخصية عكس الأوامر، رجال أمن مزاجيين إذن لا ضوابط لهم، فهم يتصرفون وفق مزاجهم وضد تعليمات الرئيس، فهم إذن كعسكريي البلاط مع ابن الراوندي العاشق لبغداد، قد يصطدمون مع مظاهرة ويرغمونها ان تعلن: “ العام زين في سوريا”وسيحمل الشعب السوري هذا “العام زين رغما عنه”، كان الرئيس بارعا في الخطاب متكهنا بالغيب أكثر من تكهن الفضائيات التي أقحمها في مؤامرته المزعومة، “سوريا المجابهة” ليست ليبيا الغارقة في الصحراء، الليبيون الذين حملهم الترف البترولي إلى شغلة جديدة، فاكتشفوا أخيرا فضاءات لندن وباريس، وأعطوا وعودا كالتي أعطاها القذافي قبلهم: “ الشعب يريد التغيير” تغيير ماذا عندما يلتزم المغيرون بجميع الإتفاقات، بل إن الولايات المتحدة بدأت من الآن تنشر تكلفة صواريخها..
كان الشعب السوري يريد ان ينزل عن ظهره حمل سنين من التخلف السياسي فإذا بالرئيس يدعوه لحمل آخر، العمل ضد إرادة التغيير، لان التغيير مؤامرة.
سوريا المجابهة ليست ليبيا، لكن الشيء المضحك في سوريا المجابهة هو انها ساكنة وآسنة في كل شيء، فهي لا تجابه ولا هم يحزنون وتختمرها التناقضات، وعلاوة على ذلك لن أقول بان أراضيها محتلة ولم تحرك ساكنا بل سأقول بأن القضية هي أكبر بكثير من أن يتبناها الرئيس، فالرئيس قد يحرر الجولان بمزاجية خاصة كتلك التي لأركانه، انتفت كل الإنتفاضات العارمة في كل جغرافية سوريا، انتفت دواعيها وأصبحت مجرد مؤامرة مدبرة،وعلى الشعب ان يتهيأ لردها، فالرئيس لم يجادل في شخصه فهو الرئيس بدون منازع، بشكل بات علينا من الآن، أن نعترف بأن الأنظمة اللاديموقراطية، المزاجية الطبع هي من يشكل المؤامرة الخارجية على الشعوب ، أنظمة تبرر قتل مواطنيها بمبررات تافهة، أنظمة ابدية تخالف سنة العصر، من حيث هو عصر تبادل الأدوار في سدة الحكم ولا نقول ثورة، لأن أفق ثوراتنا العربية محدود ويفتقد خارطة طريق للخلاص، ثوراتنا ينطبق عليها المثل العربي الرائج: تمخض الجبل فولد فأرا، هي الأنظمة خطيرة على شعوبها وتقوي جبهة المؤامرة الخارجية من حيث هي بتعنتها الصنمي وبهمجيتها المزاجية كما قدمها الرئيس السوري، تتيح كل تدخل اجنبي حقا، فهي تستقوى بالأجنبي على الشعوب، وتنزف خيرات بلدانها وحين تضطرها الشعوب ان تتنحى، لا تتنحي إلا حين تفقد كل شيء، فهي متمسكة ان تكون هي الوطن ودونها ليس، وبتمسكها المتعنت،واقتتالها الدموي، تضطر الشعوب للإستجداء بخرافة مجلس الأمن،إن الخطر الكبير الذي كرسه خمول شعوبنا لعقود زمنية، هي انها خلقت هذا التماهي الغيبي بين الوطن والنظام، وحين اضطرتها الاوضاع الإجتماعية ان تنتفض، انتفضت بدون افق سياسي وإيديولوجي. ماذا لو ان هذه الأنظمة تمنطقت مثلا بمنطق عصرها واتاحت نظاما ديموقراطيا كما تتيحه الدول الاخرى؟
حتما سيكون موضوع الإنتفاضات العربية، مخالفا لموضوع إسقاط الرئيس، فكم إذا هذه الانظمة ثقيل وطأها على الشعوب



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شظايا خواطر
- ملح الثورات العربية
- قراءة في الهيكل الإقتصادي لوليد مهدي
- وليد مهدي: قراءة ماركسية في الهيكل الإقتصادي
- المغاربة عندما يكتبون بالنجوم
- ليبيا والمؤامرة الدولية
- ثورة الشعوب العربية والإسلام السياسي
- القذافي، الهلوسة وخطاب الإحتضار
- التنوع في وحدة الهم
- المغرب و20 فبراير
- الثورة في تونس ومصر وآفاق خلق فضائية يسارية
- ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم
- الثورة التونسية واليسار الماركسي
- تونس: الرئيس أو اللص الظريف
- تونس والثورة الجديدة
- ما أسعدنا بحكومات وديعة نحن الشعوب المغاربية
- يوميات مغارة الموت: جمع الفتوى
- ماكل امرأة تصيح في جيدها حبل من مسد


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - المؤامرة حين تتأسطر عند الأنظمة