أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تقنية السهل المُمتنع في رواية (الزهير) لباولو كويلو














المزيد.....

تقنية السهل المُمتنع في رواية (الزهير) لباولو كويلو


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 14:36
المحور: الادب والفن
    


يعتمد الكاتب البرازيلي المعروف باولو كويلو في كتابة نصوصه الروائية على تقنية (السهل الممتنع)، وهي تقنية ليست يسيرة كما يتصوّر البعض، لأنها تحتاج الى موهبة وخبرة ومران بحيث تأتي الكلمات والعِبارات والجُمَل (كما تأتي الأوراق الى أغصان الأشجار في فصل الربيع) كما يذهب الشاعر وليم ووردزورث. أنجز كويلو حتى الآن خمس وعشرين رواية، إضافة الى ثلاثة كتب في السيرة الذاتية والمقال الأدبي. وقد حقق شهرة أدبية قلَّ نظيرها في العالم بدليل أن رواية (الخيميائي) قد أصبحت من الكتب الأكثر مبيعا في التاريخ، كما أنها تُرجمت الى (71) لغة عالمية ودخلت موسوعة (غينيس) للكتب الأكثر ترجمة في العالم.
لا يعتمد كويلو على خلق أبنية أو هياكل روائية معقدة. فالحبكة في مجمل رواياته بسيطة، واضحة المعالم، لكنها عميقة تمس العاطفة الإنسانية، وتهز الوجدان البشري كما هو الحال في رواية ( الزهير)، موضوع دراستنا النقدية المقتضبة. لابد من الاشارة الى أن هذه الرواية تنطوي على أبعاد سيرية واضحة، كما هو الحال في روايتي (الخيميائي) و (الحج)، غير أن تنوع الموضوعات، وتعدد الشخصيات وحركتها المتواصلة في أمكنة جغرافية مختلفة هو الذي أنقذ الرواية من الوقوع في أسر النص السيري.
يعرف المتابعون لتجربة كويلو الأدبية أنه متأثر بالثقافة العربية وبعض مرجعياتها التراثية، وربما يكون الجانب الصوفي هو الأكثر جذبا بالنسبة إليه لكونه قد خاض في موضوع السحر الأسود، وتعمّق في ثيمة الخرافات الدينية وإنجذاب الناس البسطاء اليها، كما طرَق باب القوة الباراسايكولوجية التي يتوفر عليها بعض الناس دون غيرهم. فلا غرابة إذا حينما ينتقي عنوانا روائيا مستمدا من الثقافة العربية. فمعنى (الزهير) هنا، هو (الظاهر) أو (الموجود) أو الذي (لا يمكن أن يمّر من دون ملاحظته)، وربما يكون المعنى المجازي لهذه الكلمة هو الأكثر دقة في الإحالة الى موضوع الرواية وثيمتها الأساسية. والمعنى المجازي لكلمة (الظاهر) هو (الهاجس) الذي يستبد بالمرء ويشغله على نحو مُقلِق يقترب كثيرا من هيأة الإستحواذ المرَضي.
يستطيع أي قارئ حصيف ومُدرَّب على قراءة النصوص الروائية أن يختصر ثيمة (الزهير) على الشكل التالي: ( بأن كاتبا شابا ومشهورا يكتشف أن زوجته، المراسلة الحربية الشابة قد إختفت فجأة من دون أن تترك أي أثر، الأمر الذي يدعو السلطات المحلية في باريس أن تستدعي هذا الكاتب الثري المشهور وتضعه تحت طائلة التحقيق والمساءلة القانونية التي تُشعره بنوع من الاهانة والإذلال. القارئ من جهته يتساءل: هل أن زوجته (أستر) قد خُطفت، أم تعرضت للإبتزاز، أم أنها ببساطة ملّت الحياة الزوجية، وما تنطوي عليه من رتابة وروتين؟ في حفل توقيع لواحدة من رواياته المشهورة يلتقي هذا الكاتب بشخص يُدعى ميخائيل الذي سيكون بمثابة المفتاح السحري الذي يفك له طلاسم هذا اللغز المحيّر. البحث في حقيقة الأمر لا يبدأ من باريس ذاتها، وإنما من أميركا الجنوبية، مرورا بأسبانيا وفرنسا وكرواتيا، وإنتهاء بالسهوب الكازاخستانية التي يعثر فيها على زوجته (أستر)، حيث وجدها هناك تحوك السجّاد الكازاخي، وتعلّم الأطفال اللغة الفرنسية.)
هدف الرواية وغايتها الأساسية لا يتحرك ضمن هذه الحبكة الروائية التي تتخذ مسارات عديدة، لأن بطلها (الراوي) إنما يبحث عن (الهاجس) الذي أشرنا إليه سلفا؛ وهذا الهاجس اللامرئي قد يتوزع الى محاور عديدة منها فهم طبيعة الحُب الذي أقلقَ الزوج من جهة، وإستحوذ على مشاعره الداخلية العميقة، والذي أربك الزوجة (أستر) من جهة ثانية، ودفعها لأن تترك البيت خلسة وتسافر الى السهوب الكازاخستانية النائية من أجل أن تتيقن من أن زوجها لا يزال يحبها، وأن الشهرة والمال هما أمران طارئان في حياتها. إن ما تبحث عنه (أستر) وزوجها أيضا هو معنى (السعادة)، فربَّ إنسان صحراوي بسيط أكثر سعادة من هذين الزوجين المُترَفين الغارقين بمعطيات المال والشهرة، بينما يستبد بهما القلق، ويتناوشهما هاجس الخوف من الملل والرتابة الزوجية. إذا، ما طبيعة الحُب الذي يبحثان عنه؟ لنترجم هذا المقطع المأخوذ من النص الإنكليزي الذي يقول: (الحُب قوّة غير مُروّضة، عندما نحاول أن نسيطر عليها تدمِّرنا. وحينما نحاول أن نقيّدها تستعبدنا. وحينما نحاول أن نفهمها تجعلنا نشعر بالضياع والتشوّش.) (ص90). إذا، هناك إحساس بالدمار والاستعباد والضياع والتشوّش، فلاغرابة أن يبحث كل منهما عن الهاجس الذي يستبد به. فـ (أستر) (كانت تبحث عن المكان الذي يختبئ فيه الحُب بعيدا.) (ص140)، فيما كان هو الآخر منهمكا في البحث هاجسه الذي أربكه طويلا على الرغم من العلاقة العاطفية التي كوّنها مع ماري، وكان سعيدا معها، لكن نداء الأعماق هو الذي خطفه بعيدا عنها، وأخذه الى السهوب الكازاخستانية النائية حيث توجد زوجته وحبيبته التي كانت تسير بموازته مثل خطي سكة الحديد التي تفصل بينهما مسافة ثابتة، ولا يجوز لهذه المسافة أن تتسع أو تضيق!
ثمة رسالة أخرى تنطوي عليها هذه الرواية هي مهمة (نشر الحُب الحقيقي في كل مكان من هذا العالم.) (ص190). تنتهي الرواية بأن يعثر الراوي على زوجته التي أحبت، هي الأخرى، ميخائيل، وحملت في أحشائها جنينا من شخص عابر في السهوب، ولكن أسئلة الرواية لم تنتهِ وربما يكون من المفيد أن نشير الى بعض هذه الأسئلة المُؤرقة التي تستبد بنا جميعا، وليس براوي النص وحده:
(- لماذا نُحِّب أناسا معينين، ونكره آخرين؟
- الى أين نذهب بعد الممات؟
- لماذا وُلِدنا نحن، إذا كنا في النهاية سنموت؟
- ماذا يعني الله؟) (ص306)
يمكن القول إن رواية (الزهير)، كما جاء على لسان كويلو نفسه في الحوار المنشور في ملحق الرواية، تتمحور حول الحدث اللامُتوقع الذي لم يكن الراوي مُهيئا له، لكنه وقع وتحول الى هاجس ممض قلبَ حياته رأسا على عقب. وقد وصف كويلو هذا الهاجس بأنه نوع من الجنون الذي يستبد بالكائن البشري ولا يستطيع الفكاك منه أبدا.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضايا وشخصيات يهودية للباحث جعفر هادي حسن
- أقول الحرف وأعني أصابعي. . . مَنْجمٌ للموضوعات الشعرية
- علاقة الحرب بالثقافة البصرية. . أمسية ثقافية تجمع بين القراء ...
- التعصّب القومي في فيلم -أكثرية- للمخرج التركي سيرين يوج
- الأبعاد الدرامية في تجربة ورود الموسوي الشعرية
- ورود الموسوي: أنا بسبع حوّاس، والمرأة المعذّبة هي جل اهتمامي ...
- ورود الموسوي: أحمل روح السيّاب، لكني لا أحمل صبغته الشعرية(1 ...
- المخرج جمال أمين يلج دائرة العتمة الأبدية
- مسابقة (أمير الشعراء) في دورتها الرابعة
- مهرجان روتردام السينمائي الدولي يحتج على سجن المُخرجَين بناه ...
- ثنائية العاشق والمعشوق في قصائد جلال زنكابادي (2-2)
- ثنائية العاشق والمعشوق في قصائد جلال زنكابادي (1-2)
- علاقة اليهود العراقيين بالموسيقى العراقية
- التعريّة والتأليب في القصيدة المُضادة لجلال زنكابادي
- مُخرجون مُستقلون يُعيدون للسينما التركية هيبتها المفقودة
- تجاور الأجناس الإبداعية في رواية (الحزن الوسيم) لتحسين كرميا ...
- حلاوة اللغة المموسقة وطلاوة الأسلوب الشعري في (تقاسيم على ال ...
- بابِك أميني: السينما الكردية غير معروفة للعالم
- قصّة رومانسيّة تميط اللثام عن الصراع الطبقي في الهند
- حينما يقع الامام في حب فتاة كاثوليكية: المسبحة الخطأ... محاو ...


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تقنية السهل المُمتنع في رواية (الزهير) لباولو كويلو