اسلام احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 01:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحاصل بعد مرور شهرين علي الثورة المصرية أنها فقدت الكثير من الزخم الشعبي جراء تضرر شرائح اجتماعية كبيرة من المواطنين في مصدر رزقها نتيجة أجواء الفوضي وعدم الاستقرار الناجمة عن الثورة , فضلا عن تضرر قطاع من رجال الاعمال نتيجة انهيار الاقتصاد المصري , وقد لمست ذلك بنفسي حيث نزلت الي الشارع المصري لأتحدث مع بسطاء الناس فوجدت أن الغالبية العظمى منهم قد سئمت من الثورة بسبب عدم الاستقرار في الأساس , ومن ثم فهم يتعجلون الاستقرار وجني ثمار الثورة! , وقد بدا هذا التراجع الشعبي المؤيد للثورة بشكل واضح علي خلفية الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ذلك أن نسبة ال77% التى صوتت بنعم للتعديلات لم تحمل في طياتها شعبية الإسلاميين وتأثيرهم بقدر ما عكست تطلع بسطاء الناس للاستقرار حسبما يتصورون! , فضلا عن جهل كثير من الناس بطبيعة اللعبة السياسية ومن ثم فقد لجأوا الي المشايخ لحل تلك المعضلة فأفتوهم بنعم , وما يؤكد تلك الحقيقة أن الإحصائيات التى ظهرت عقب الاستفتاء بينت أن أغلب الذين صوتوا بنعم هي المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل والأمية مثل القري والأرياف بينما حظت المدن الكبري مثل القاهرة والاسكندرية بالنصيب الاكبر ممن صوتوا بلا! , والحقيقة أنني لم افاجأ مطلقا بنتيجة الاستفتاء بل علي العكس فقد كنت أتوقعها اذ قمت باجراء استفتاء في محيط المكان الذي أعمل به وخلصت الي نفس النتيجة أو ما يقاربها فتوقعت 70% لصالح نعم في مقابل 30% لصالح لا! , وهؤلاء البسطاء هم من كنا نطلق عليهم في السابق (الأغلبية الصامتة) والتي خرجت لأول مرة من سباتها العميق اثر قيام ثورة 25 يناير لتلتف حول الشباب ومن ثم نجحت الثورة , وهي التى من شأنها ترجيح أي كفة علي الأخري في أي انتخابات قادمة!
في سياق كهذا ولاستعادة الزخم الشعبي للثورة مرة أخري أري من الضروري التذكير بعدة حقائق وبديهيات :
1_ أن الشعب المصري قام بثورة عظيمة أسقطت نظام فاسد ومستبد ومن ثم سقطت شرعية النظام القديم بكل مؤسساته والياته
2_أن الجيش قام بحماية الثورة وخلع الرئيس السابق وبالتالي اكتسب شرعية ثورية
3_أن دستور 1971 قد سقطت شرعيته بقيام الثورة اذ صارت الشرعية الثورية محل الشرعية الدستورية
4_ أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يدير المرحلة الانتقالية بشكل خاطئ تماما! كما بينت من قبل في مقال (إدارة المرحلة الانتقالية)
5_بديهي أن أي ثورة لها ثمن وتداعيات يتعين أن يدفعه الجميع تتمثل في بعض الفوضى وعدم الاستقرار بالاضافة الي خسائر اقتصادية
6_بديهي أيضا أن حصاد ثمار الثورة يأتي علي المدى البعيد ومن ثم فلا داعي للتعجل
7_ أن الثورة قامت من أجل اهداف واضحة ومحددة رافعة مطالب لم تنفذ كلها بعد!
وهنا فان ثمة اتهام موجه من جانب البعض للثورة بأن سقف المطالب يرتفع بمرور الوقت وأجزم أن هذا غير صحيح بالمرة وأن المطالب هي نفسها لم تتغير منذ قيام الثورة وحتي الآن وذلك لسبب بسيط أنني تشرفت بكتابة بيان حركة شباب 6 أبريل الموجه للمجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي يحمل مطالب الثورة اثر تنحي الرئيس السابق (حيث طلب مني ذلك) وتم نشر البيان علي الموقع الرسمي للحركة بتاريخ 11 فبراير , ولتكون الصورة واضحة اسوق اليكم المطالب كما كتبتها:
1_بناء دولة مدنية حديثة بنظام جمهوري ديمقراطي تكون الكلمة العليا فيه للشعب
2_تأسيس دستور جديد للبلاد يحد من سلطات رئيس الدولة ويجعل من الشعب مصدر السلطات وصولا لنظام ديمقراطي حقيقي
3_ولكي يتم ضمان تحقيق ذلك فلابد من تشكيل مجلس رئاسي يضم مدنيين الي جانب حكومة انتقالية (انقاذ وطني) تضم كل القوي السياسية , تقوم بعملية بناء الدولة واعداد الدستور بالتنسيق مع المجلس الاعلي للقوات المسلحة
4_تشكيل لجنة قضائية لعمل الدستور الجديد بحيث تضم مجموعة من المستشارين وفقهاء الدستور المشهود لهم بالوطنية
5_تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل فعلي
6_القضاء على الفساد ومحاكمة رموز النظام الفاسدين واعادة اموال الشعب التى نهبوها
7_محاكمة المسئولين فى الاجهزة الأمنية عن واقعة الانفلات الامني
8_ضرورة تكريم شهداء الثورة بما يستحقون وما يقرره الشعب من تكريم لهم
9_الافراج التام عن كل المعتقلين السياسيين فى عهد مبارك
10_الغاء حالة الطوارئ
11_ ضمان حرية الإعلام واستقلاله خصوصا الإعلام المملوك للدولة مع تطهيره من رموز النظام السابق
12_ حل الحزب الوطني وكذلك حل جهاز امن الدولة
13_وضع جدول زمني محدد يتم خلاله تنفيذ هذه المطالب ومن ثم الانتقال الى انتخابات برلمانية ورئاسية
وهكذا يتضح أن المطالب هي نفسها لم ترتفع منذ قيام الثورة وحتي الآن , بعضها قد تم تحقيقه مثل حل جهاز أمن الدولة وتغيير بعض القيادات الاعلامية ومحاكمة بعض الفاسدين وإلغاء حالة الطوارئ , في حين لم يتحقق بعضها الآخر وفي مقدمتها محاكمة رموز الفساد في النظام السابق مثل فتحي سرور وصفوت الشريف وزكريا عزمي ناهيك عن عدم محاسبة مبارك نفسه او الاقتراب منه حتي اللحظة إذ بلغني عن طريق صديق يعمل ضابط شرطة بشرم الشيخ أن الرئيس السابق ينعم بحياة شبه رئاسية وأن كثير من الضباط العاملين هناك متضررون من وجوده لما يفرضه عليهم من اعباء الحراسة فضلا عن تضرر السياحة في شرم الشيخ بسببه اذ يخشى السياح من زيارة المدينة السياحية خوفا من حدوث أي اضطرابات! , هذا الي جانب المماطلة في محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق ومعاونيه من مسئولي الوزارة السابقين! , بشكل عام فان ثمة تباطؤ في حسم الأمور اتسمت به إدارة المجلس الأعلي لشئون البلاد وقد بدا بشكل جلي في تأخر قرار تغيير القيادات الإعلامية ورؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف الحكومية! مع العلم بأنه لم يتم تطهير الإعلام المصري بشكل كامل بعد!
وعن الاحتجاجات والمظاهرات الفئوية التى ضاق بها الناس فان الحكومة بدلا من أن تقوم بالعمل علي حلها فقد أصدرت قرارا بتجريمها! , الأمر الذي أثار استياء الكثيرين! , وهنا يتعين التمييز بين نوعين من الاحتجاجات الفئوية الأول مشروع من أجل تحقيق مطالب عادلة مثل اعتصام طلبة كلية الاعلام لاقالة الدكتور سامي عبد العزيز عميد الكلية , النوع الثاني مندس اذ ثبت أن كثير من الاحتجاجات الفئوية وراءها عناصر من رجال أعمال بالحزب الوطني وذلك لإثارة أجواء من الفوضي وعدم الاستقرار ومن ثم اجهاض الثورة! , لذا فان الحل في تقديري يكمن في تنظيم المظاهرات الفئوية والعمل علي تحقيق مطالبها المشروعة وليس تجريمها! علما بأن الاعتصام والتظاهر حق من حقوق الإنسان
ولأن الضغط الشعبي هو ورقة الضغط الوحيدة التى نملكها فانه يتعين استمراره حتي تنفيذ بقية مطالب الثورة وصولا لتطهير البلاد من الفساد والفاسدين لاسيما أن التجربة أثبتت أن الضغط الشعبي وسيلة ناجحة اذ ما أن دعونا الي تظاهرة (جمعة انقاذ الثورة) مباشرة صدر قرار بمنع كل من فتحي سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف وابراهيم سليمان من السفر مع الكشف عن حساباتهم!
واذا سلمنا بحتمية الضغط الشعبي فان المطالب يجب أن تتركز المرحلة المقبلة فيما يلي كما جاء في بيان الجمعية الوطنية للتغيير :
1_ محاكمة المجرمين...قتلة شهداء ثورة 25 يناير.
2_محاكمة اللصوص الذين نهبوا ثروات البلاد واستردادها إلى الخزينة العامة للدولة.
3_حل وتفكيك بؤر الفساد ممثلة في الحزب الوطني والمجالس المحلية والمحافظين.
4_تطهير الإعلام من القيادات الفاسدة التي ضللت الشعب ودلست عليه أثناء الثورة.
5_وضع جول زمني للتجاوب مع المطالب الفئوية العادلة بدلا من فرض مشروع لتجريم التظاهر والاعتصام.
#اسلام_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
