أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد حسين يونس - هذا النظام غير قابل للاصلاح















المزيد.....

هذا النظام غير قابل للاصلاح


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 16:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الكوارث التي اصابت اليابان رغم قسوتها ( زلزال، تسونامي ، خلل في المفاعل الذرى )ورغم عدد الضحايا الغير مسبوق والخسائر المادية ..الا انها لم تفقد الياباني ثباته والتزامه .. فرأينا جيش من البشر المنضبط في القيادة والتنفيذ يعمل بهدوء وثقه- رغم الحزن والالم- لانقاذ وطنه وذويه .
في المقابل مع انسحاب الشرطة من شوارع مصر ( وتونس ) تكونت بسرعة عصابات لنهب العام والخاص وبعضها لنهب عصابات النهب .. واخرجت الازمة كل ما هو قبيح وشرير .. القسوة ،الهروب من السجون ،البلطجة ،التكسب من مصائب الوطن ..جيش من البشر المنفلت الزمام يتحرك بعربات صغيرة (تكتك )، كان محظورا عليها التجول في الشوارع الرئيسية ، سيارات نقل ضخمة تسير في عكس الاتجاه تطلق أبواق عالية وتتسابق في الطرق بسرعات كانت تعتبر جرائم ، ميكروباصات تسير برعونة وتتسبب في حوادث مرعبة ، راكبي موتسيكلات يخطفون شنط السيدات دون ان يحرك رجل البوليس ساكنا ، حاملي اسلحة بيضاء يقطعون الطرق ويرعبون المارة ، المجاميع تسرق ماكينات صرف النقدية والمحلات الكبرى .. فوضي غير مفهومة وغير مبررة من شعب يدعي مثقفيه انه متحضر .
المصرى خلال نصف قرن لا يزيد غير هويته وسياسته وافكاره اربع مرات ..فالمجتمع الليبرالي الذى كان يرأسه ملك ويحكمه حزب الوفد بنظام اقرب لديموقراطيات اوروبا، انقلب فيه العسكر وتوحشوا بعد ان احتلوا مراكز اتخاذ القرار ليقود عبد الناصر بلده الي خراب بمغامراته الغير مدروسة فكريا (القومية العربية، الديكتاتور العادل، الاتحاد القومي ثم الاشتراكي) وعسكريا (هزائم اليمن وسيناء )، واقتصاديا (راسمالية الدولة، خنق المبادرة الفردية، تحكم جيش الموظفين في كل وسائل الانتاج ) ..هزيمة 67 المذلة، أدت الى ان يخلفه من ينقلب علي سياسته، فيطرد السادات الخبراء الروس، يعلن ان 99% من اوراق اللعبة مع امريكا ، يحمل كفنه ويذهب الي القدس يعلن انه لن يحارب بعد اليوم ، يطلق وحوش الراسمالية الطفيلية من خلال الانفتاح تنهب مصر ، ويسلم عقل الشعب وروحة لاموال ودجل الوهابية داكا بنفسة كل التحصينات التي كان عبد الناصر قد اقامها لوقف المد الاصولي، وتحولت مصر في زمنه الي مستعمرة تحتلها (امريكا ،اسرائيل ، الوهابية السلفية )..عندما اغتالته الوحوش التي مهد لها توافقت قوى الاحتلال الثلاثي علي ان يخلفه شخص مطيع محدود الذكاء والطموح معدوم الثقافة ليبق الحال علي ما هو عليه.
خليفة السادات عندما شاهد اغتياله قرر رعبا تحويل مصر الي دولة امنية تحكمها قوات البوليس السياسي من امن دولة ورقابة ادارية واعلام مضلل موالي وهكذا حكم مصر لثلاثين سنه عصابات من البلطجية و اللصوص تركت السرطانات الساداتية تنمو وتستفحل وتسود .. فاستولت الاصولية علي فكر وروح الشعب، والفساد علي اقتصاده والبلطجية علي امنه وامريكا واسرائيل علي ارادته الدولية والمحلية .
المصرى علي مدى نصف قرن فقد الاحساس بالعدالة انه دائما الطرف المغضوب عليه، الضال الذى يتخطاه من يمتلك علاقة ما بالسلطة او المال .. وعمت الرشوة و الوساطة واهمل المواطن لا يجد مكانا في الاوتوبيس او المترو او الشارع ، ولايجد عملا يحافظ علي ادميته الا الوقوف في طوابير العيش .. لا مدرسة مناسبة او مستشفي آدمية، لقد حرصت انظمة الحكم المتتالية علي تأصيل الاحساس بعدم الامان والظلم، وهكذا عندما وهنت قبضة الامن المباركي انطلقت وحوش صغيرة الي الشارع ،المسكن ،العمل ،وكل مكان يتواجد به مصريين خرجت الذئاب البشرية تحرق وتهدم الكنائس و تتحرش بالسيدات و تتوعد القبط و المسلمين المعتدلين وتدافع عن دستور منحط فصّله السادات لنفسه ليحقق حلم حياته، ان يحكم حتي النفس الاخير فيستفيد منه خليفته، يتسلط به لثلاثين سنة علي مصر والمصريين .
الحوار الذى تجريه الحكومة مع فئات مختارة من الشعب المصرى تظهر مدى التشظي الذى حدث للمصريين بحيث يستحيل الاتفاق علي عقد اجتماعي معاصر، بين مناهج تطورت عشوائيا بعيدا عن بيئتها الاصلية فاصبحت تعبر عن مجتمعات غريبة اما موغلة في التخلف والنكوص او مبالغة في العصرية والطموح ..هذا ليس غريبا فمثقفي مصر اكتسبوا خبراتهم من خلال انقلابات ايديولوجية متباينة خلال نصف قرن الماضي ( ليبرالية، ديكتاتورية، راسمالية دولة، راسمالية طفيلية، نهب وفساد وتسطح، خضوع للاستعمار الامريكي الصهيوني، استلاب اصولي وهابي، تلاعب بالافكار انتهازى تعلمه كوادره من الاتحاد الاشتراكي حتي الحزب الوطني ).. حوار لا يبشر باى عقد اجتماعي عدا حكم غوغائية الشارع الذى اصبح غابة الداخل لها مفقود .
لقد نسي المصريون حب الوطن بل اصبحوا يكرهونه .. فهؤلاء الذين يسرقون الاثار ويعرفون ضعف اماكن تخزينها واسلوب تسويقها هل يحبون مصر !..هؤلاء المنتمين الي جماعات ممولة من البترودولار الوهابي يحرقون بلدهم بنزاعات طائفية من اجل حفنه دولارات هل يحبون بلدهم !..هؤلاء الذين يطلقون بلطجيتهم المدربين علي مهاجمة اقسام الشرطة والسجون وتحرير المسجونين هل يحبون بلدهم! هؤلاء الذين لا يعملون واذا عملوا لا ينتجون واذا انتجوا جاء انتاجهم متخلف عن السوق بسبب الاهمال والجهل هل يحبون بلدهم !..لقد حدث تشوة واضح في سلوكيات وتوجهات الانسان المصرى بسبب حكم متواصل لعسكر استولوا علي السلطة دون مبرر وغير مفهوم سببا لاستمراره رغم ان تاريخهم لا يحمل الا الهزائم والنكوص .
كاتب هذا المقال الذى عاش علي أرض مصر لاكثر من سبعين سنة عمل خلالها في اكثر من موقع يتصور ان الجهاز البيروقراطي المهترئ الذى يضخ فسادا وغباءً وجمودا هو أصل الداء، لقد ساهم في صنعه ثلاثة حكام كان كل منهم يتصور انه الهبة الالهية الذى لا يجانبه الصواب ابدا، فهو ملهم يعمل لصالح شعب لم يبلغ الرشد ويحتاج الي وصاية مستمرة، وهكذا جاء جهاز دولتهم قبضة حديدية ترتبط مصالح افراده بدوام النظام حتي لو كان اداة لكسر ارادة الشعب
الاتحاد القومي ثم الاشتراكي ثم الحزب الوطني ثم شلة المستفيدين كانوا دائما ما يحملون مفاتيح الجنة الجالبة للمال والنفوذ ..فالجهاز تم تكوينه واختيار كوادره من مدير عام فما فوق باسلوب يضمن ان يسود ويصبح في دائرة اتخاذ القرار، كل من كان متخلفا امعة لا يتقن الا قول كلمة موافقون ، حاضر ، برقبتي يا ريس .. وينحي كل من كان له راى مخالف او قدرة علي إبداع نهج مستقل لصالح المؤسسة .. ان الاختيار المتعمد من اجهزة الرقابة الادارية والامن وشلل المنتفعين للعناصر الضعيفة الخائفة المتخاذلة التي تطيع الاوامر أدى للاضرار بالجهاز البيروقراطي عصب الدولة، وتسبب في شله وعدم قدرته علي مواكبة العصر ... وهكذا عندما احتاج المجتمع له تسرب من بين الاصابع.
الداخلية ( البوليس ) لم يكن فى يوم ما من زمن حكم السادات او مبارك يعمل على حماية الشعب ، لقد كانت وظيفته حماية الرئيس وعائلته ، وجمع الغلة من ضبط قضايا المخدرات والفساد وبيع الأراضى ، وفرض الأتاوات على المصالح الحكومية والمؤسسات التابعة للدولة او القطاع الخاص ، بما فى ذلك الأزهر .
الخارجية لم تكن فى يوم من أيام حكم الرؤساء الثلاث لها حرية رسم سياستها أو التصرف دون توجيهات سيادته .. الإعلام ، الثقافة ، التعليم، الرى ، الاسكان، العدل كلها أدوات بيد الرئيس عاجزة عن إتخاذ قرار أو تحقيق سياسة ، بما فى ذلك السيد رئيس الوزراء مهما كان إسمه أو حجمه .. فتحول جهاز الدولة الى جهاز لا قوام له ، مائع ، خائف ، عاجز، غير قادر.. إنها الدولة الرخوة التى تعصى الان على الاصلاح ، تنهب وتسطو ويراكم أعضاؤها المليارات وتترك المصريين دون تعليم ، صحة، ثقافة ، فكر .. تستهلكهم الأمراض والتخلف والعوز ، ويستقطبهم كل أفاق مدسوس تحركه الدولارت والريالات والدنانير.
ما حدث فى ميدان التحرير ومدن مصر الكبرى أربك جميع الأطراف ( قوى الاستعمار الثلاثية، عصابة الحكم ، الجهاز البيروقراطى المترهل ) فسقطت بعض قلاعه ، وتم التضحية بالواجهة التى تسترهم ( مبارك وعائلته ) ولكن الاستعمار لازال قائما والعصابة لازالت تحكم، وأعوان أمريكا وإسرائيل يملون إرادتهما ، وميليشيات الوهابية والأصولية فى الشارع ، وأعوان مبارك من رجال الحزب الوطنى والحكومة يصارعون من أجل المحافظة على مكاسبهم ونفوذهم ، والجميع يسعى لإيجاد واجهة جديدة يختبئون خلفها .
فى المواجهة يوجد الناشطون السياسيون الذين يطمعون فى استغلال الظرف التاريخى لتصدع النظام ويحلمون بإحلال نظام آخر عصرى مكانه، ينقل الوطن والمواطن ، الى عالم القرن الحادى والعشرين.. الصراع قائم ودائر وإن كان يميل نحو العالم القديم الذى يستخدم كل أسلحة الشر لإعادة الحال الى ما كان عليه .
كشف المستور الذى أصبح حديث المصريين ، وتوالى سقوط أعضاء العصابة ، لا يعنى ان الأمر قد انتهى ، أو أن أعضاء الجهاز البيروقراطى سوف يتغيرون ، أو أن تصحوا ضمائرهم فجأة ، أو أن آلة الانتاج سوف تخرج منتجات منافسة ،إنها معركة ( كما قال أحد السلفيين) بين "فسطاط" الاستعمار الثلاثى والبلطجة والفساد و"فسطاط" الحداثة والمعاصرة.
فسطاط يتلقى إشارات أمريكية إسرائيلية ، فيهادن السلفية الوهابية ويغرق المجتمع المصرى بثلاثة آلاف مقاتل قادم من أفغانستان ، وفسطاط لا يمتلك إلا عقل يخاطر ويتعلم ويتوق لمستقبل معاصر .
معركة بين حزب " طظ فى مصر " وحزب " تحيا مصر " بين مصير يشبه ما يحدث فى غزة والسودان والصومال والعراق ، وبين مصير يشبه اليونان واسبانيا وايطاليا أو حتى قبرص ومالطة .
لقد سمحت أمريكا لحزب " طظ فى مصر " أن يتواجد على الساحة لامتصاص الدفقة الدينية التى أوجدتها القاعدة وحزب الله وملالى إيران ، وقد يكون حلا مطروحا من إسرائيل لضبط إيقاع حماس والمجاهدين ، ولكنه ليس فى صالح مصر معاصرة تستلهم حضارة القرن الحادى والعشرين لإنشاء مجتمع ديموقراطى ليبرالى قادرا على المنافسة فى سوق الوحوش الاقتصادية.هذا النظام يحتاج للازاله فهو عصي علي الاصلاح



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعيب بين اطلال نظام مبارك
- - غزوة الصناديق - 19 مارس .2011
- وطن بديل ..يا محسنين
- هل يؤسس البشرى والجمل لخلافة اسلامية
- سيدى الرئيس .. هل أدوات سلفك مناسبة لك ؟؟
- لا أملك الا.. دموعي
- لماذا يكره فقهاء الدستور .. مصر!!
- اكشفوا، افضحوا، جرسوا من سرقوا مصر
- كابوس أن يحكم مصر عصابة لصوص
- الشعب لم يسقط بعد النظام
- حكم مبارك البائد.. بلطجة و فساد
- اسرائيل.. هل تمزح ام تمهد لاحتلال سيناء!!
- سيادة الرئيس .. أنت لست بطلا
- حلم تفكيك الدولة الأمنية (2)
- البياداجوجيا وحلم تفكيك الدولة الامنية
- توجيهات حزبية بخصوص الانتحار حرقا
- حنحارب..حنحارب..تحيا مصر.
- ثلاثة أسئلة عن أكتوبر 73
- عبد الناصر .. و أنا (3) ملوك أم أنصاف الهة.
- عبد الناصر .. وأنا 2- تحت قيادة الزعيم ..النظرية والتطبيق


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد حسين يونس - هذا النظام غير قابل للاصلاح