أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل الغويين - الثورات العربية دروس واستنتاجات اولية















المزيد.....

الثورات العربية دروس واستنتاجات اولية


فيصل الغويين

الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قدمت الثورتان التونسية والمصرية دروسا تاريخية هامة لا يمكن القفز عليها في مستقبل الأحداث العربية، وفي هذه المقالة نقدم قراءة أولية في الحدث العربي الاميز الذي استهل العام الجديد به وهو الثورات العربية. واذا كان من المبكر تقديم قراءة نهائية لما حدث في تونس والجزائر فان هناك حقائق وخلاصات أولية لا يمكن إخفاؤها مهما كانت التطورات التي يمكن أن تحصل في المدى المنظور
1- لم تودي القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الدور الريادي في انطلاقة الثورة، الا ان هذه القوى سرعان ما واكبت الأحداث بسرعة وأدت فيما بعد دورا مهما في المفاوضات مع السلطة بالتنسيق مع اللجان الشبابية والشعبية التي تشكلت. ولكن هذا لا يعني أن الأحزاب والمؤسسات معفية من القيام بمراجعة شاملة حول تواصلها مع الجماهير، فاذا كانت الأحزاب والمؤسسات في حقب سابقة هي الوسيلة الاولى والاساسية في ايصال المعلومة السياسية للجماهير، ومن ثم تعبئتها وتنظيمها، إلا أننا نعيش اليوم حقبة العلاقات الشبكية التي تضم اكبر عدد من الجماهير، فصيغ العمل الحزبي التقليدية تحتاج الى مراجعة جذرية ولا يمكن الاستمرار في الطريقة القديمة.
2- ضربت هذه الثورات والاحتجاجات الصورة النمطية للشباب العربي التي كانت تقسمهم إلى فئتين : فئة شباب الانترنت واللهو بكافة أشكاله، وفئة المتشددين والمتعصبين. فتجربة تونس ومن بعدها تجربة مصر خصوصا جاءت لتبرز صورة مختلفة للشباب العربي، وتبشر بمستقبل مشرق، وخاصة أنها نجحت في ميادين فشلت فيها القوى السياسية التقليدية. وأربكت الفكر السياسي التقليدي الذي كان يرشح فاعلين آخرين للثورة، فجاءت الثورة على يد فاعلين جدد هم الشباب لا الطبقة العاملة ولا"الطليعة".
لقد برز جيل جديد من الشباب اخذ على عاتقه مسؤولية القيادة الميدانية بعيدا عن التنظير، مبتدعا أساليب نضالية جديدة سببت الذهول والحيرة والتردد للنخب الفكرية والسياسية القائمة سواء في السلطة أو المعارضة التقليدية. كما اثبت هذا الجيل جدارة لا حدود لها وهو الجيل الذي اشتد عوده في غرف الانترنت وعلى الأرصفة على عكس الانطباع السائد الذي كان يتهمه بالميوعة واللامبالاة وقلة الشعور بالمسؤولية.
لقد اثبت جيل الشباب بأنه الأقدر على تحقيق خياراته كما يريد هو لا كما يراد له، وقد اخطأ من ظن أن الشارع العربي أصابته الشيخوخة فدخل في سبات عميق، وان الدور للنخب والتكنوقراط، وان الحكومات الشمولية دجنت الشعوب بعوامل الجوع والخوف فضمنت خضوعها اللامحدود. فها هي الشعوب تخرج من قمقمها محطمة حواجز الخوف ومنتصرة على الجوع والقهر في اولى خطواتها نحو الحرية والكرامة.
3- أسقطت هذه الثورات والانتفاضات نموذج الدولة الليبرالية التي تدعو الى تقليص وانهاء دور الدولة واحلال السوق مكانها، وسيطرة طبقات رجال الاعمال وخصخصة القطاع العام، وقد ظهر جليا تعلق الفئات الشعبية بالدولة الاجتماعية التي جرى تفكيكها على نطاق واسع في العقود الاخيرة.
4- كشفت الثورتان التونسية والمصرية امام الشعب العربي وشعوب العالم مدى اهتراء وهشاشة الأنظمة الدكتاتورية، فهذه الدكتاتوريات أكثر هشاشة مما يخيل للرازحين تحتها، وبقدر ما تبدو صلابتها أثناء حكمها يتضح ضعفها عند سقوطها، وهو سقوط مفاجئ وسريع ومهين. كما كشفت حجم الفساد الهائل الذي كانت تعيشه هذه الأنظمة مما زاد في نقمة الشعوب عليها. وكرست الثورتان الدرس الأساسي الأول أن كل حكم تسلطي الى انقضاء، وان كل متسلط غاشم الى زوال، متى شاء الشعب وكان مستعدا لدفع الثمن
5- كان للاعلام المرئي وخاصة العربي منه دورا حاسما لما آلت إليه الأمور، واذا كانت الفضائيات لا تقود الثورات الا أن تغطيتها بشكل ايجابي ساهم بشكل فعال في نجاحها، فقناة مثل الجزيرة كان لدورها في تغطية الأحداث ما جعلها شريكا اساسيا في نجاح الثورتين التونسية والمصرية، ساعدها في ذلك حماقة الإعلام في هذه الدول والاعلام النفطي عموما.
6- إن نجاح ثورة مصر على وجه الخصوص قد تخلق مناخا أكثر ملاءمة لدعوة الى حالة وحدوية جديدة في الامة العربية، فالاجواء التي نمر بها اليوم مشابهة للاجواء التي سادت في منتصف الخمسينيات، وخاصة بعد تأميم قناة السويس وفشل العدوان الثلاثي على مصر، والدعوات الى وحدة سوريا مع مصر، كما ان تراجع القوى الاستعمارية القديمة قبل أن تحل محلها الولايات المتحدة هو مشابه لتراجع الأخيرة في المنطقة في العقد الثاني من الألفية الثالثة، كما أن سقوط حلف بغداد يشابه سقوط محور الاعتدال. ومن المهم أن يسود خطاب وحدوي في مصر وسائر الأقطار العربية لوأد المفاهيم القطرية المنغلقة على نفسها، فشعار القطر أولا يجب تجاوزه واستبداله بخطاب وحدوي، وهي النتيجة المرتقبة للخطاب السياسي في المنطقة بعد نجاح الثورات العربية، ونعتقد أن المناخ مؤات لمبادرة خلق المشروع العربي كرد استراتيجي وكإطار لقيام شرق أوسط جديد خال من النفوذ الصهيوني والأمريكي.
7- إن الشعارات التي رفعت في الثورات العربية كانت خليطا وطنيا وعروبيا وكانت التعددية واضحة في خطابها، ففيها الديني والعلماني، اليساري واليميني، الاسلامي والمسيحي، الرجل والمرأة. ولم تكن الرومانسية القديمة والشعارات البراقة كافية لإشعال حماسة الشباب، فقد حلت محلها الواقعية السياسية بلا شعارات كبرى، فكانت شعارات الحرية وتعديل الدستور والقضاء على الفساد واحترام حقوق الإنسان هي التي زلزلت الأرض تحت أقدام الحكام. وهي شعارات واضحة ورمزية وواقعية معا . ومثلما كانت هذه الثورات ضد الصنمية فإنها كانت كذلك ضد المسلمات واليقينيات والقدسيات والسلفيات والوعود الزائفة، كما كانت عابرة للطوائف والطبقات الاجتماعية والمجموعات القبلية والعشائرية، وواضحة في مطالبها وحاسمة في رفضها للمساومة وانصاف الحلول.
8- كانت الثورات العربية الجديدة بدون نظرية ثورية وبدون ثقافة ثورية مهدت لها، كما نقضت مفاهيم ومسلمات سادت كمقولة أن الثورة لا يمكن لها أن تتحقق ما لم تتوفر لها قيادة ملهمة، ا وان تكون تحت إشراف حزب طليعي، اوان التغيير لن يتحقق في ظل أنظمة استبدادية عاتية بدون تدخل الجيش، أوأن قوى الداخل ليس بإمكانها انجاز التغيير بدون التعويل على الخارج ودعمه.
وبعد فان رياح التغيير تهب من الجنوب، والأمل أن تقنع هذه الثورات من لا يزال يجد الجدوى في القمع والترهيب بان هذه الأساليب قد تنجح في تأجيل ردود الافعال المناهضة، لكن ربما كي تنفجر بصورة أكثر حدية. ويكفي هذه الثورات فخرا أنها ساهمت في تنامي يقظة الشعوب العربية وفي منح فكرة الديمقراطية والإصلاح السياسي حضورا جديدا، لتشغل الحيز الذي يليق بها في الفضاء الثقافي والسياسي.



#فيصل_الغويين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل الغويين - الثورات العربية دروس واستنتاجات اولية