أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر الدلوي - العام السابع والسبعين من القرن الأول للتاريخ ..!















المزيد.....

العام السابع والسبعين من القرن الأول للتاريخ ..!


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 3322 - 2011 / 3 / 31 - 01:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



في الحادي والثلاثين من آذار من العام 1934 وعلى أديـم أرض بيت ٍ قديم ٍ من بيوتات تلك المدينة الجنوبية كان هناك إجتماع لمنظمات ماركسية وشيوعية كانت تتوزعها أجزاء العراق الجنوبية والشمالية والوسط .. لتتجلى في سماء الوطن راية ًحمراء خفاقـة كثمرة لجهود رجل ٍ .. رجل بكل معنى الكلمة .. شهدت له الأيام وصفحات التاريخ الناصع للشعب .. تاريخ الكفاح والنضال .. وليس ذلك التاريخ الملوث ببراز الحضارة والعمالة للإستعمار .. وليس تاريخ التربع على دست الحكم والإيغال في عذابات الرعية .. بل تاريخ القمع الوحشي للسلطات المنصبة من قبل الإحتلال .. شهدت له معتقلات الكوت وسجن بغداد المركزي .. وشهد له الناس من أديان ٍ مختلفة .. ممن أمضوا معه أجمل الذكريات في السجنين المذكورين .. ممن تعلموا منه ( والكلام لهم بألسنتهم وذكرياتهم التي كتبت ونشرت بعذاك ) دروسا ً في الأخلاق والوطنية .
في ذلك اليوم من عام 1934 كان الخالد ( يوسف سلمان يوسف ) يجني ثمار جهده المتواصل وتنقله الدائم ما بين مقر دراسته في البصـرة ومقر عمله في الناصرية .. في معمل الثلج ذاك الذي أكتسب الشهرة التاريخية .. كان البيان الأول الذي صدر عن الإجتماع يعلن إنبثاق وولادة الحزب الشيوعي العراقي .. ليزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة من صنائع الإحتلال من أمثال .. الملوك المستوردين اللذين يتباكى عليهم اليوم البعض من سليلي البرجوازية الطفيلية التي نمت كالطحلب على ضفاف شواطئ المحتلين , ويحاول البعض من هؤلاء اليوم إنتاج أفلام ومسـلسـلات تحاول تصوير العبيد الأذلاء ممن مسحوا جباهم أثناء الصلاة بأحذية المحتل على إنهم أناس وطنيون .
منذ ذلك التاريخ .. لم يكن من هم ٍ وغـم ٍ أمام البريطانيون وعملائهم من ملوك ورؤساء وزارات سابقين .. غير الحيطة والحذر من هذا الوليد الذي أرق مضاجعهم .. أتهموه بالعمالة للسوفييت وإنه صنيعتهم .. جيشوا وعاظ السلاطين ليصدروا الفتاوي ويؤججوا النيران ضده في خطب الجمع .. من ألطف ما سمعناه من تشويهات أيامها .. إن الشيوعيين يأخذون الأطفال من آبائهم وأمهاتهم ليضعونهم في الحضانة وتحت رعاية الدولة حتى يضمنوا بقاء الوالدين عبيدا ً في المعامل .. والمضحك المبكي حسب الوعاظ الجهنميون .. إن هؤلاء الأطفال ينمون دون أن يعرف أحدهم إن أخته معه .. وأنهم ويا لعجائب الصدف يقع أحدهم في حب الآخر .. كما صورت العقول الناقصة للمشايخ والسادة .. وإنهم يتزوجون بعدها لينجبوا أولادا ً غير شرعيين .. وهكذا يصبح المجتمع تحت الحكم الشيوعي كله أولاد حرام .
لكن الحزب وأفكاره كانت تنتشر كالنار في الهشيم .. ولأن اللغة التي استخدمها الخالد فهد مع الفلاحين الفقراء ومع العمال في معاملهم كانت لغة بسيطة وهي تسوق أمثلة من صميم الواقع المعاش للتعريف بأهمية الصراع الدائر في المجتمع العراقي وكونه صراعا ً طبقيا ً بين الإقطاع وأتباعه من شيوخ وعلماء المؤسسة الدينية والبرجوازية الطفيلية وأذرعها من أصحاب الورش الصناعية والحرفيين أصحاب المؤسسات الإنتاجية الصغيرة .. وهو صراع قائم منذ الأزل وفي كل المجتمعات والدول التي سادت ثم بادت في العصور الماضية .
وهو بالتأكيد صراع بعيد عن التشويهات التي كان المفلسون من الجوقة المذكورة أعلاه يطلقونها ضد الشيوعيين .. صراع لا ديني ولا علاقة له بالتحلل الخلقي المزعوم .. صراع مصالح .. صراع من تمتص دمائهم وعرق جبينهم ضد مصاصي دمائهم وسارقي فائض القيمة .. الذي يوظف لشراء كل مقومات البذخ والترف .. على حساب فقر وجوع ومرض هؤلاء وعوائلهم .
ولم يستكن لا فهد ولا رفاقه ولم تنكص لهم جباه أمام هذا السيل العرمرم من الهجمات الإعلامية والإفتائية الباطلة .. بل واصلوا مسيرتهم النضالية وعملهم الدءوب في قيادة الإضرابات العمالية والإنتفاضات الفلاحية والهبات والوثبات الجماهيرية لتتزعزع أركان السلطة المنصبة ومن ورائها سادتها المستعمرين .
فهد هذا الذي صدرت بحقه أرقى شهادة من رفيق عربي أردني لازمه نضاليا ً في غرفة تقع خلف الحضرة القادرية ولمدة ثمانية أشهر عندما تحدث محمد علي الزرقا وهو يروي تلك الذكريات للأستاذ عزيز سباهي :
لقد عايشته لمدة ثمانية أشهر في غرفة مؤجرة خلف الحضرة القادرية في بغداد ورغم إنه كان في عز الشباب وإنه كان قد تربى ضمن ديانة لا تمانع ولا تحرم موضوعتين لكني لم اسمع منه ولا مرة ذكرا ً لمفردتي الخمرة والجنس .
هذه هي أخلاق المؤسس لهذا الحزب العريق وفي هذه المدرسة وعلى هذه الأخلاق تربت أجيال كاملة من الشيوعيين العراقيين .. أولئك الذين شاهدوا وقرؤوا وأستمعوا للسير الخالدة لفهد وصارم وحازم وهم يعتلون منصات المجد التي نصبها لهم القتلة , الأستعمار البريطاني وشرذمته الخانعة المتمثلة بحكومة الصنائع .. وظلت هتافاتهم تدوي في ذلك البناء القديم الذي تقوم على أساساته اليوم بناية وزارة الصحة في الباب المعظم .. وأعني به سجن بغداد المركزي في الباب المعظم .
" إننا أبدان وأفكار .. فإن قتلتم أبداننا .. فإن أفكارنا باقية " .. هكذا ودع ( يوسف ) رفاقه وهو يخترق الممرات الضيقة من زنزانته مسـاقاً مطوقا ً بالسلاسل إلى ساحة المتحف في الفجر من صبيحة الرابع عشر من شباط عام تسعة وأربعين حيث منصة مجده التي خلدت أسمه في التاريخ رغم المحاولات اليائسة للأنذال وأحفادهم في محاولة طمس تلك المأثرة .. في اللحظات الأخيرة عرض عليه العفو مقابل التنازل عن التمسك بـ ( الأفكار الهدامة ) كما يحلو للطغاة تسميتها .. كان الجواب مدويا وهو يصعد سلم المنصة الخشبي :
" الشيوعية أقوى من الموت .. وأعلى من أعواد المشانق " .
وفي الصباح التالي كان الموعد مع المجد للرفيقين البطلين الخالدين ( زكي محمد بسيم ) و ( حسين محمد الشبيبي ) وكانت الهتافات تعطي الدلائل على البطولة التي أفتقدتها و لا تزال لا تمتلك شيئا ً منها جحافل السياسيين من الذين تطلق عليهم الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها ( أصدقائنا خونة بلدانهم ) .. هؤلاء المدعين اليوم من أشباه الرجال .. أئمة الفساد المالي والإداري .. الذين جاءت بهم الصدف ( المخطط لها مسبقا ً ) ليحكموا بلدانا ً ما كانوا يحلموا يوما ً أن يكونوا في دوائرها ومؤسساتها عمال خدمة أو في أحسن الأحوال سعاة بريد يمتطون الدراجات النارية لتوزيع البريد بين فروع المؤسسات المذكورة .
كان الهتاف الخالد :
" لو قدر لي أن أعود إلى الحياة لما أخترت غير هذا الطريق "
يدوي في الباب المعظم والثاني في الباب الشرقي :
" لي الشرف أن اشنق في نفس المكان الذي كنت أقود منه تظاهرات شعبي " .
نعم هؤلاء هم الشيوعيون بحق .. وهم من قال بحقهم صدقا ً شاعر العرب الأكبر الجواهري :
سلام على جاعلين الحتوف جسـرا ً إلى الموكب العابر
سـلام على مكبل بالحديــــد ويشمخ كالقائـــد الظافـــر
كأن الحديد على معصـــميه مفاتيح مســتقبل ٍ زاهـر
وعبر الوثبة الخالدة في كانون المجيد من عام 48 أسقط هؤلاء الأبطال معاهدة بورتسموث البغيضة لتمتد نضالات حزبهم بعد استشهادهم فيقود إنتفاضة الحي الباسلة عام 52 ويتجذر النضال لتنبثق جبهة الإتحاد الوطني عام 57 وتتوج نضالها بتحالفها مع تنظيم الضباط الأحرار في ثورة 14 تموز المجيدة .. التي سرعان ما اصدر قادتها الأبطال المرسوم الخاص بأعتبار الأفعال المجيدة التي قام بها الرفاق الثلاثة من الأفعال الوطنية الرامية على تحرير الوطن والشعب وتم إعادة الإعتبار لهم وإعتبارهم من شهداء الوطن .
ومع ثورة تموز 58 هناك تاريخ مكتوب ومروي لنضال الحزب الشيوعي العراقي .. إذ رغم كل التطاولات التي أطلقتها أبواق البعث والقوميين العرب حول المد الأحمر والطوفان الشيوعي .. إن إجازة إصدار صحيفته المركزية ( إتحاد الشعب ) قد صادفتها من المعرقلات ما صادفت في حين إن صحفا ً أخرى لم تأخذ الموافقة على صدورها أكثر من أسبوع من الزمن , وظلت إجازة العمل العلني للحزب معلقة حتى تاريخ الإنقلاب المشؤوم في الثامن من شباط عام 63 وقد طال الشيوعيين ما طال من إعتقالات وضرب وإهانات منذ العام 1961 جراء مناصرتهم للحقوق القومية للشعب الكردي .. لكنهم كانوا في طليعة المدافعين عن الثورة في ذلك اليوم الأسود ولم يتخذوا موقفا ً سلبيا ً منها رغم ما تحدثنا عنه .
واليوم وإذ نحن نستعد للإحتفال بهذه الذكرى العطرة .. نجد إن عقلية الحكام لم تتبدل حتى في زمن واحة الديمقراطية المفترضة التي تريد الولايات المتحدة إيجادها في العراق .
فهاهي القيادات الرسمية المنفصمة عن الواقع المذل والمعاش لشعبنا جراء العملية السياسية الطائفية المقيتة التي زرعت الخراب والدمار ليس في البنى التحتية للإقتصاد الوطني لا بل إنها أسهمت في إحداث شرخ كبير في النسيج الإجتماعي العراقي لايمكن إصلاحه بيوم وليلة كما يتشدق أزلام المنطقة الخضراء , اليوم وبعد خروج هذه القيادات من محفل الغنائم المتمثل في البرلمان والحكومة , أرادت وتريد أن تظهر بأنها قد استفاقت من الإغماءة التي تعرضت لها جراء تلك المشاركة , وأبتدأت تحاول أن تعكس للناس بأنها تحس بنبض الشارع وإنها ستكون معهم , في وضع لا يمكن تشبيه حالها فيه إلا بما بنطبق عليه المثل فكانت لكن والي بغداد الجديد نوري باشا المالكي فاجأها بضربة معلم ( وهو في الحقيقة .. ليس بالمعلم و لا متعلم .. وسوف لن يتعلم ) بقرار غلق مقراتها .
وهذه نصيحة نسوقها لكل من يريد معاداة هذا الحزب بأنه سيناطح من يوهي قرنه , وهذا بالطبع غير متمثل بالقيادات الحالية بقدر ما هو متمثل بالأرث النضالي وقوة تمسك الجماهير بحزبها , وإستعدادها التام للذود عنه وعن مبادئه كما ذادت جحافل الأسود من الشبيبة الذين واجهوا الموت في أقبية الطاغية المقبور لا طمعا ً في جنان ذات خلد ولا بحور عين وغلمان .. بل رغبة عارمة في الذود عن المبادئ التي آمنوا بها والقائمة على تحرير الأوطان وبناء المقومات المادية لسعادة الإنسان .
سيبقى حزب الشيوعيين .. حزب فهد وسلام عادل .. ورفاقهما الأبطال منـارا ً وسط لجـة الأمواج يهدي السفن الضالة ويرشدها إلى مرافئ الأمان .. مهما أشتد الغي وركب الحكام رؤوسهم مستقوين بالسلاح والمال لكنهم فاقدين لأمضى سـلاح يمتلكه أولئك .. سلاح الفكر والإرادة .



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الرحيل .. يا مبارك ..
- رسالة مفتوحة إلى الإمام موسى الكاظم ( ع )
- قاتل القتلة .... الخالد عبر محطات الزمن
- بؤس الأماني ... في دولة اللادولة ....!!!!!
- في شمعة الحوار المتمدن السابعة لتمض مسيرة النور ..... ولتنقش ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر الدلوي - العام السابع والسبعين من القرن الأول للتاريخ ..!