أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (١٦): السخرية ما لها وما عليها














المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (١٦): السخرية ما لها وما عليها


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل أصبحت شخصية اكتئابية أم هو طبع يعود لأصله؟ وهل أنا فقط التى أشعر بحالة القلق وعدم الراحة لما يحدث وما نشاهده على ساحة المشهد السياسى المصرى أم أن تلك الحالة موجودة لدى عدد أكبر مما أتخيل؟ أصبحت تلك تساؤلاتى خلال الفترة السابقة، فبعد مرحلة السعادة والفخر المصاحبة لتطورات الثورة تحولت إلى حالة مزمنة من القلق

وربما يجب أن أوضح أولا أن هناك اختلاف نسبى بين أسباب الفخر التى سيطرت ولازالت تسيطر على مشاعرى خلال الثورة، عن تلك الأسباب المتداولة إعلاميا والتى أصبحت شهادة انتماء للثورة مثلها مثل كيل عبارات النقد للنظام السابق- القائم بوصفها دليل شرف ووطنية

قبل الثورة وبعدها كنت ولازلت أشعر بالفخر لمصريتى، لم أشعر يوما بالدونية أو الخجل وبالتالى اختلف مع مقولات أرفع رأسك فوق أنت مصرى لما تحمله من معنى غير مباشر بأن وضع ما قبل الثورة كان يفترض فيه أن نخجل من رفع رؤوسنا. كنت ولازلت أعتبر أن مصر أكبر وأكثر قيمة من نظام سياسى أو شخص أو مجموعة فاسدة، فمصر كوطن أكبر من المراحل وهى مجموع لا يقتصر على مرحلة مهما عانت فيها وتألمت. كنت ولازلت وسأظل أعتبر أن الوطن كالأم يمرض، يضعف لكنه يبقى فى عينى دوما قويا رغم ضعفه محبوبا رغم قسوته. كنت ولازلت أعتبر أننا من نلام على ما وصلت إليه البلد وليس الوطن الذى يلام على ما نحن فيه. الوطن مفعول به ونحن فاعل، وأن كان ضعف أو وهن فهو تعرض لألم يفوقنا مراحل

كنت ولازلت أفخر بمصريتى، وأقبل الخلاف والاختلاف مع غيرى عندما يكون الوطن هو محور الحديث. رأيت غيره، وعشت وأحببت غيره ولكنى يوما لم أعشق وطنا آخر، فالأوطان لا تباع ولا تستبدل

ما أضيف فقط فى ظل أحداث الثورة ليس هو الفخر بالمصرية ولكن الفخر بإدراك المواطن المصرى ممثلا فى جموعه التى شاركت فى الثورة، بنزولها لميادين وشوارع مصر أو التى شاركت بصمتها، بأنه مصدر السلطات وأن المواطن هو صاحب السيادة وليس السلطان أيا ما كان. كان فخرى الحديث المضاف خلال الثورة مرتبطا بأن يقول المواطن فيخضع لصوته النظام، ينادى المواطن فيخاف المسئول ويدرك السجان حجمه الطبيعى

فى تلك اللحظات التى كنت أتابع فيها مشهد ملايين المصريين فى ميادين وشوارع مصر اعتبرت أننا أمام لحظات للفخر، لحظات ستبقى فى الوجدان بوصفها لحظات للفخر. لحظات لا أرجو منها أكثر من أن تكون لحظات فارقة بين المواطن المهان فى أرضه، المواطن الذى يتعامل مع المسئول بوصفه الفرعون الاله أو ابن الاله، إلى المواطن الحر صاحب السيادة حيث المسئول فى كل مكان لا يتجاوز دوره موظف عام يوجد لخدمة الوطن والمواطن ويرحل مشكوراة أن نجح فى أداء تلك الخدمة، وغير مأسوفا عليه أن فشل فى أداء مهمته، ومحاسبا أن أساء استخدام السلطة المخولة له بوصفه موظف عام

تلك الصورة هى التى أثارت لدى مشاعر الفخر: القدرة على إنتاج فعل للجموع الشعبية يتجاوز صور أخرى سلبية للجموع تنتهك فيها حقوقها وتنتظر فرصة للحصول على علاج أو عمل أو حتى الوصول لجثث الأبناء ضحايا الظلم والفساد

توازى خلال الثورة ظهور صفحات إلكترونية أخرى متعددة تركز على جوانب تتسم بالكوميديا، أكدت بشكل ايجابى كما نقلت حتى من واقع ميدان التحرير وغيره من ميادين وشوارع مصر، أن قدرة المصرى على التعامل مع الأزمات بطريقة كوميدية ظلت قادرة على البقاء رغم القمع والظلم، أثبتت أن روح المصرى وروح مصر لم تبهت ولم تختفى وأن توارت عن المشهد بحكم عوامل القسوة وضغوط الحياة المتعددة الأوجه

مع توالى نقل تعليقات المتظاهرين ومناشداتهم، وما حملوه من يفط وما أنتجوه من آليات للتعبير وجذب الانتباه إليهم كان من الواضح أن المصرى لازال كما كان حالة خاصة، قدرة خاصة على الإبداع وعلى إنتاج آليات تنموى من الواقع وتستجيب لمعطياته، قدرة على البقاء والإستمرار رغم كل الألم والظلم منبعها هو الروح المصرية الخاصة القادرة على الحياة بأقل القليل

ولكن، وعلى الرغم من تلك الصورة الإيجابية المرتبطة باستمرارية القدرة المصرية على التعاطى الساخر مع الواقع بسلبياته، زاد سياق السخرية وانتشر ولم يتوقف

تحول المشهد تدريجيا إلى حالة من المكلمة والسخرية. مكلمة يتحدث فيها البعض من أجل الكلام أو كفرص لتجاوز
صورتهم القديمة وبناء صورة جديدة وطنية مبنية على كلمات النقد البراقة ضد النظام المراد إسقاطه مع أصوات أخرى مهمة وضرورية. وسخرية ممتدة تتم بصور بعضها شديد الفنية وتأخذ بدورها الوقت لإعدادها وتنفيذها

أصبح الوضع فجأة متجاوز لمشاعر السخرية السابقة، لم يعد الواقع بما فيه من تحديات ملائما لتقبل التعاطى الساخر فقط معه، ولا لقبول مكلمة كل من أتيح له الوصول لميكروفون بالطبع

قضايا أساسية ومهمة تواجه الوطن وتواجه المنطقة، قضايا لا أصنفها كما تفعل النظم ضمن نطاق الأجندات المندسة والمصالح الفردية، ولكننا أمام تحدى يخص الوجود والكيان الجمعى المسمى وطن

فى تلك الأجواء، وربما لاعتبارات ما شهدته على الجانب الآخر من العالم الشرقى حيث تقف اليابان بصلابة وثقة فى البناء أمام كارثة مركبة، أصبحت أرى بعض ما نحن فيه من مشاكل مصنعة بشريا بوصفها حالة عبثية وسيولة غير مبررة ومخاطرة يجب أن نتعامل معها بمزيد من الرشادة فالثمن وطن

لست ضد الروح المصرية المرحة، ولا ضد السخرية القادرة على إبقاء تلك الروح الحية، وستبقى تلك الروح كما أؤكد دوما هى الفاصل بين المصرى وغيره، وهى طعم مصر الخاص. ولكنى ضد توجيه المزيد من الطاقات نحو السخرية فى واقع أصبح الخط الفاصل بين السخرية والواقع شديد الهشاشة أن كان لازال قائما أصلا. فهل نحتاج لإعادة قراءة معنى الثورة وأولويات المرحلة وأن نضع نقطة ونبدأ بداية أخرى أم نستمر فى تلك السيولة التى أصبحت سيدة الموقف؟ سؤال للنقاش




#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش كارثة (٢): العودة لمصر بين الواقعية والإخلاقي ...
- مشاهدات على هامش كارثة (١): زلزال اليابان وتميز البشر
- على هامش الثورة المصرية (١٥): أمن الدولة: هل هو ...
- على هامش الثورة المصرية (١٤): مصر تريد رئيسا.... ...
- على هامش الثورة المصرية (١٣): مصر والثورات العرب ...
- على هامش الثورة المصرية (١٢): حادث كنيسة أطفيح و ...
- على هامش الثورة المصرية (١١): قرار استقالة وزير ...
- على هامش الثورة المصرية (١٠): المواطن المصرى وفو ...
- على هامش الثورة المصرية (٩): قالو وقلنا
- على هامش الثورة المصرية (٨): فى العالم العربى
- على هامش الثورة المصرية (٧): قائمة الشرف والعار: تصور ...
- على هامش الثورة المصرية (٦): تعليقا على خطاب العفو وال ...
- على هامش الثورة المصرية (٥): مشاهدات البشر على الفيسبو ...
- على هامش الثورة المصرية (٤): عالم من علامات التعجب
- على هامش الثورة المصرية (٣): كلمات شكر واجبة
- على هامش الثورة المصرية (2) الكتلة الصامتة ومستقبل الثورة
- على هامش الثورة المصرية (1) استعادة الجماهير للسيطرة على الش ...


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (١٦): السخرية ما لها وما عليها