أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح محمود - قراءة معتدلة للساحة الثقافية التونسية بعد الثورة















المزيد.....

قراءة معتدلة للساحة الثقافية التونسية بعد الثورة


صالح محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 16:22
المحور: الادب والفن
    




قراءة معتدلة للسّاحة الثّقافية التّونسيّة بعد الثّورة
لا أعلم ما ينتظره الشارع الثقافي التونسي لينجز ثورته؟!!!!! ففي الوقت الذي تشهد ثورة 14 جانفي أوج حيويتها في التغيير الجذري وحركيّتها التأسيسية والتنظيمية قاطعة مع الماضي ،في حزم وحسم ، عزم وإصرار على كل الأصعدة وفي مختلف الميادين والقطاعات بإسقاط كامل منظومة الإستبداد وتفكيكها لتحل على أنقاضها مبادئ الثورة وجوهرها وتحقق أهدافها في الحرية والديمقراطية ،يتردد صداها لدى الرأي العام في تونس. بقي صدى الشارع الثقافي التونسي ساكنا باردا جامدا، بائسا راكدا خابيا، خارج حركة التغيير ،يذكرنا بمعاناته في العهود السابقة من جفاف و جدب ، قحط وتصحر، وما عرفه قبل الثورة من تهميش وإقصاء ،قمع وخنق لكل صوت حر . ألا نرى الآن نفس المشهد الثقافي بنفس تلك الوجوه الذين عاصروا بورقيبة في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته ثم من بعد ذلك تواصل حضورهم مع بن علي يتصدرون المشهد الثقافي في شارع بورقيبة حيث مقهى الكون ومقهى باريس ، والجدير بالذكر أن هؤلاء الذين تساقطت أسنانهم لا من اثر الخمر بل من أثر تقدمهم في السن كان حضورهم في المشهد الإعلامي ماثلا بقوة إثر الثورة بعد أن تجاوزهم الزمن و أفلسوا ثقافيا منذ سقوط جدار برلين واجتياح المد الغربي للكتلة الشرقية بتفتيت الإتحاد السفياتي ،و باستنفاذ عهد التغيير المشؤوم ما بقي لهم من أصوات مبحوحة، وهمود حركتهم في عهد تحول السابع من نوفمبر الذي فرض سياسة التعتيم القمع التجهيل وإفراغ الشارع من كل ثقافة النقد والتغيير العقلاني الواعي و بنشر ثقافة الرأي الواحد ودعم خطابات الولاء بالدعاية تزميرا وتطبيلا بلغتها المتخشبة المتحجرة الغير معترفة بالتحاور والتكامل في الإختلاف. و فعلا فأصابع النظام الخفية كانت تحرك كل ما يسمى بالنشاطات الثقافية المجملة الملمعة ،المزينة المبهرجة الفارغة، حتى أن المزود صار أهم أنغام الشارع التونسي،وصار التمزويد العملة الرائجة والمربحة أو على الأقل المجنبة للمتاعب مما أدى إلى فقدان النزاهة والمصداقية وهذا إفراز لواقع دكتاتوري يستفرد بكل شيء ويسعى بكل الوسائل اللاشرعية واللاشريفة لتبرير هذا الإستفراد- كمصدر ومرجع للحقيقة أوحد- قلت جاءت الثورة التونسية الكونية وأثرها واضح على حركات التحرر الشعوب العربية من نظمها الإستبدادية كتداعيات وكصدى لها، وتونس تعيش إيقاع تغيير جذري على كل المستوايات وكان من المفروض أن تطال الثورة الشارع الثقافي لتبعث فيه الحياة بنفسها الثوري فتزهر وتينع الساحة بالأصوات في إطار التنوع كفسيفسائية .غير أن الملاحظ لا يرى أثرا لحيوية الثقافة بكيميائها السحرية وماتبثه من طاقة خلق- وقد كانت في عهد بن علي المحرض الأساسي ضد الإستبداد و المرافق المباشر للشارع التونسي في غياب دور الأحزاب الكرتونية الموالية وتحجير أحزاب المعارضة والتضييق عليها وعلى نشاطاتها – في الشارع الذي لا يزال في قطيعة مع واقع الثورة الراهن– نرى إذا عودة البعض كالعادة لينتصبوا أوصياء على الثقافة وقيمين عليها – وهنا لا أتحدث عن ثقافة الموالاة والمساندات والمناشدات العلنية تحت راية اتحاد الكتاب التونسيين الذي لعب دورا أساسيا في تهميش دور الثقافة التوعوي بالمحابات والمجاملات والموالاة مقابل الحصول غلى فتات الفتات .هؤلاء لا علاقة لهم بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد لأننا صراحة لا نرجو منهم جديدا.ولكن سؤالي هو:هل نعتقد ولو للحظة أن النظام الدكتاتوري الذي استلهم و ابتدع ، نظم ورتب، حدد وقنن كل شؤون البلاد والعباد وفق ما تقتضيه مصالحه وبقائه كنظام شمولي استبدادي بفكر واحد ورأي واحد وقائد واحد مغيبا للقانون والمؤسسات- بتصحر الواقع وشلله واستحالة الفعل فيه أو تحريكه بتحجره- سيسمح للشارع الثقافي التونسي بالإستقلالية والمحايدة ،المصداقية والنزاهة يعني مستثنى من منظومة الفساد. وعلى فرض أن هذا الإحتمال وارد وهو أمر صعب المنال إذا لم يكن مستحيلا حين يرى النظام أنذاك الأعمال الفكرية والفنية التي تطرح الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة ورفض الظلم والقمع والإضطهاد والإستبداد -كبديل- وهي المحاور الأساسية للأعمال الفكرية والفنية الواعية والحقيقية،مناشير إرهابية وعليه محاربتها و محاربة أهلها.ألا تخلق الديكتاتورية وتفرخ غير الديكتاتوريات وفي كل النواحي وجوانب الحياة ،ألم نعش ديكتاتورية سياسية، بسطت هيمنتها عبر أجهزته ومليشياتها ومخابراتها المزروعة في كل شرايين الدولة ومؤسساتها وفي مختلف الأطياف الإجتماعية المدنية. ولا تستثنى هنا الديكتاتورية الثقافية كرستها الدكتاتورية الإعلامية بمأجوريها بالإقصاء والتهميش التقزيم ووالتحجيم المتعمد،وإضفاء صبغة الكائنات الخرافية للبعض المتهافت المهرول منذ الثمانينات أيام الزعيم بورقيبة بإحاطتهم بهالة إعلامية رغم أفول أصواتهم -عبر العلاقات مع المهجورين والمأجورين ،المغمورين والعاطلين من الصحافيين، بن علي بسط عليهم الهدوء التام و الصمت الكامل رغم انخراط البعض منهم في مشروع بيان سبعة نوفمر والتاريخ شاهد على ما أقول، وسمح لهم في المقابل بالإشراف على الشارع الثقافي و كمحاور له ، ظواهر إعلامية ،و صور فحسب ، لأننا حين نقرأ لأحدهم إعلان موته في قائم حياته في قراءة له لديوان شعري منشور في المواقع الإلكترونية لأن قلبه المترهل أصابه اليأس من إمكانية التمرد على الواقع، ثم انبعث من جديد عبر الثورة لا كثوري بل كمكرس للواقع المشلول ،لمنطق التسلط والإقصاء، شبحا باهتا عاود تنصيب نفسه المصدر و المرجع بالإفتاء. لتتضح لنا ملامح ديكتاتورية القائمة ودور العلاقات والإنتهازيات والإستيلاءات كإفراز لواقع سابق من المفروض أنه انحل واضمحل إلى الأبد مازال يكرس ، ألا يظهر ذلك جليا وبينا في تهافت أحدهم برغبة محمومة تكاد تكون استحواذية عاصفة في الظهور كممثل للمشهد الثقافي في كل مناسبة وفي كل حادثة وكل واقعة وكل مرحلة يهرع متهافتا كممثل أوحد في الساحة الثقافية رغم انه لا يمثلني على الأقل، هذا الشخص وإثر الثورة مباشرة ، وبينما كنت أشاهد قناة واحد وعشرين في برنامج يقدم بعض الكتاب المغمورين أعلنت المنشطة أنها دعته لهذه الحصة ولكنه رفض الحضور بدعوى أنها قناة النظام السابق والحال أنه كان كثير الحضور على قناة تونس سبعة نوفمبر في سنوات سبعة نوفمبر،أليسوا هؤلاء الذين يمثلون النموذج الحقيقي لعقلية الدكتاتورية بمنهجها الإقصائي ،الإستبعادي والتغييبي والتي لا تزال سائدة إلى حد الآن عبرهم ،بسد الفراغ في الساحة وخوائه ببعض الأسماء الذين تجاوزهم العصر واستنفذوا استنفاذا تاما منذ أيام بورقيبة ، للإستهلاك الإعلامي لا غير،فأين الإشعاع الثقافي الجديرة به بلا عطاء أو سخاء ،كرم أو صدقة من أحد بل هو استحقاق عن جدارة ، بفعل الثقافة وكيميائها الحيوية لما نعيشه اليوم وبالمعنى الأصيل والحقيقي،و المصدر العميق للحركة الحرة لروح الثورة يسري في ما نسعى جاهدين الآن لإنجازه ،تأسيسه وتجسيده على أرض الواقع نمطا ومنهجا،ولا أحد لا من أحزاب المعارضة المضروبة بعصا بن علي والتي تحتل الآن المشهد الإعلامي في لهفة ورغبة في الإستحواذ وغيرهم من فقاقيع المتحزبين لا ندري من هم ولا من أين خرجوا - وكأنهم ملاك الحقيقة في الوقت الذي يجهل عنهم التونسيون كل شيء، ولا ممن يسمى مأجوري الثقافة خدمة المنظومة الإستبدادية الذين بدؤوا ينظمون صفوفهم ويرصونها للعودة من جديد للتمعش تمسحا وتملقا وتزلفا، أن يزايدوا على ذلك فأثارنا تدل علينا ،حتى لا يعود وجه نظام بن علي في الجانب الآخر للعملة للظهور من جديد- تغيب فيه كل تلك الممارسات القديمة من انتهازية ومحسوبية ،إقصاء وتهميش،وصاية وتمثيلية ،تعسفية.
صالح محمود
مارس 2011
[email protected]



#صالح_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرعة
- قصيدة
- العصور بين التفجر والتحجر
- رسالة
- أسطورة التأله الجزء السابع
- أسطورة التأله الجزء السادس
- أسطورة التأله الجزء الخامس
- أسطورة التأله الجزء الرابع
- أسطورة التأله الجزء الثالث
- أسطورة التأله
- أسطورة التأله الجزء الثاني
- أسطورة التأله الجزء الأول
- إنبعاث الأنسان عبر الموسيقى بتحرير الحركة
- الإنسان الفسيفساء
- حقيقة النقطة والحرف في تجربة أديب كمال الدين الشعرية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح محمود - قراءة معتدلة للساحة الثقافية التونسية بعد الثورة