أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجي محمد الهتّاش- - سوريا هي الجائزة















المزيد.....

سوريا هي الجائزة


ناجي محمد الهتّاش-

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 20:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المتتبع للعلاقات السورية – الأمريكية يلحظ وبدون عناء حجم الضغوط التي مارستها الإدارتين الأمريكيتين الجمهورية السابقة، والديمقراطية الحالية، ومنذ احتلال العراق في العام 2003 ولحد الآن، فبعد الاحتلال الأمريكي للعراق مباشرة بدأ الضغط الأمريكي على سوريا من خلال الهجوم الذي شنه كولن باول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق على سوريا، تبعه تهديد كوندليزا رايس – عندما كانت مستشارة للأمن القومي الأمريكي، للرئيس بشار الأسد بأنه سوف يلقى مصير صدام حسين، إذا لم يرضخ للمطالب الأمريكية(1)، وبعد شهر من الاحتلال زار كولن باول دمشق والتقى الرئيس الأسد وناقش معه الخيارات الصعبة التي تواجه الأخير بعد سقوط النظام العراقي السابق، وطلب الوزير الأمريكي مساندة سوريا خارطة الطريق التي طرحها الرئيس بوش لإنجاح المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية وفي الوقت نفس طلب أيضا سحب قسم من القوات السورية المتواجدة في لبنان، ولمح بتهديدات عما يمكن أن يحدث إذا استمرت سوريا في دعمها ما أسماه ( الإرهاب ) الفلسطيني(2)، وفي كانون أول 2003 أصدرت الإدارة الأمريكية قانون محاسبة سوريا الذي تم بموجبه اتهامها بأنها تدعم نشاط المقاومة العراقية، وتسهل شحن الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان ليواصل هجماته ضد إسرائيل، ورفضها إغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية، فضلاً عن مواصلتها لبرنامج أسلحة الدمار الشامل(3). ومن ثم إثارة أزمة العلاقات السورية – اللبنانية، وتدويلها بعد أن أُعيد التقارب والتحالف الأمريكي – الفرنسي بشأن القضايا في الشرق الأوسط، بعد الفتور الذي أصاب علاقاتهما بسبب المعارضة الفرنسية لغزو العراق، وكان موقف الجانبين متطابقاً على ضرورة إخراج القوات السورية من لبنان وهو ما تم فعلاً بموجب قرار مجلس الأمن المرقم (1559 ) في أيلول 2004 على الرغم من الدور السوري المهم في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانيـة، وتحمّل سوريا الكثيـر من التضحيات. إن الاستعجال والإصرار الأمريكي – الفرنسي على استصدار القرار(1559)، لم يكون استجابة صادقة وبريئة لرغبة الكثير من اللبنانيين في رؤية بلدهم ينعم بالسيادة والاستقلال، فبعد أن وجدت الولايات المتحدة تعاوناً بارداً فيما يخص الوضع في العراق، كان عليها إثارة موضوع التواجد السوري في لبنان وتحت حجج وذرائع منها المعارضة السورية في انتخاب رئيس جديد للبنان، وتعديل الدستور، وعليه جاء القرار قبل يوم واحد من قيام مجلس النواب اللبناني بتمديد مدة رئاسة إميل لحود لمدة ثلاث سنوات.
وفي خضم هذه الأزمة يأتي حدث كبير آخر زاد من الضغوط على سوريا، هو حادث اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السابق في 14/2/2005، إذ تم توجيه الاتهام للنظام السوري من لدن قوى لبنانية وأطراف دولية، دفعت سوريا على أثرها ثمناً سياسياً عن جريمة تم توجيه الاتهام السياسي بارتكابها فور وقوعها، في حين لم يُستبعد أن يكون الحادث مدبراً ومخططاً له، فعلى سبيل المثال لم يستبعد الرئيس المصري السابق حسني مبارك في لقاء له مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية من أن يكون الحادث من صنع أياد أجنبية أرادت أن تنصب فخاً لسوريا(4)، لزيادة الضغوط ضدها وتعميق الأزمة بينها وبين لبنان، كان أول نتائجها انسحاب القوات السورية من لبنان، ومن ثم تدويل الحادثة بإحالتها إلى مجلس الأمن الذي أصدر قراره المرقم (1595) في 7/4/2005 الخاص بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في عملية الاغتيال، ومن ثم استصدار القرار 1575-2007 الخاص بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسئولين عن عملية الاغتيال وبموجب الفصل السابع من الميثاق وهو ما شكل سابقة، إذ لم يسبق لمجلس الأمن أن تولى قضايا مشابهة لهذه القضية، ليؤكد النوايا الأمريكية وفتح كل الخيارات بما فيها العمل العسكري ضد سوريا في حالة عدم استجابتها للقرار، بمعنى تسييس القضية وتوجيه المحاكمة لسوريا، فتشكيل هذه المحكمة هو تشكيل سياسي وليس قانوني بالمفهوم القانوني الدولي.
لقد دخلت سوريا دائرة الاستهداف الأمريكي لأسباب عدة أهمها :
1. الموقف السوري المعارض للتفاوض مع إسرائيل على وفق أملاءاتها وشروطها.
2. سوريا متهمة بأنها دولة ترعى الإرهاب من خلال إيوائها قادة بعض المنظمات الفلسطينية ودعمها للمقاومة اللبنانية والفلسطينية متمثلة بحزب الله وحركة حماس.
3. التعاون الاستراتيجي مع إيران الرافضة للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة، وتشكيل أشبه ما يكون بالحلف الثنائي.
أما الأهداف التي تتوخاها الولايات المتحدة من وراء استهداف سوريا والضغط عليها فهي :
1. إضعاف الجدار المقام للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي المؤلف من سوريا، إيران وحزب الله وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، والذي يشبّه بأنه حلف رباعي يشكل محور الرفض العربي الإسلامي لذلك المشروع.
2. التركيز على فك الارتباط والتحالف بين سوريا – وإيران، وتضييق الخناق على الأخيرة تحسباً لأي إجراء قد يُتخذ ضدها لإيقاف نشاطها النووي.
3. إجبار سوريا على دخول مفاوضات التسوية وبشروط إسرائيلية وبالاتجاه الذي يعزز نفوذ الأخيرة في المنطقة.

وربطا مع ما تشهده منطقتنا العربية من تغييرات دراماتيكية، وغليان شعبي ضد أنظمتها السياسية، والذي بدأ يطول سوريا أيضا، فان القيادة السورية اليوم على مفترق طرق، وعليها أن تعي خطورة الموقف، وإنها هي المستهدفة هذه المرة، وعليها أن تلعب اللعبة بذكاء، وعليها قطع الطريق أمام المتصيدين بالماء العكر من أصحاب النوايا السيئة داخل وخارج سوريا من الذين يريدون تكرار التجربة العراقية أو الليبية مرة أخرى، وعلى القيادة السورية أن تعي خطورة ما يحاك ضدها وعليها سحب البساط من تحت أرجل أصحاب النوايا السيئة، وأن ترمي بالكرة خارج ملعبها باتخاذ سلسلة الإصلاحات السياسية الجادة والحقيقية، التي ينادي بها الشعب العربي السوري، ومغادرة نظام الحزب الواحد، وإطلاق الحريات بكل أنواعها بما فيها حق تشكيل الأحزاب السياسية، وإجراء حوار صريح ومعمّق مع المعارضة حتى وان تطلب ذلك إشراكهم في الحكومة، هذا بالإضافة طبعا إلى ضرورة عدم استخدام القوة ضد أي مظاهرة تخرج حتى وان طالبت بإسقاط النظام، حتى وان استهدفت المؤسسات، حتى وان اعتدت على رجال الأمن. على القيادة السورية أن لا تدفع بالأمور لتصل الى ما وصل عليه الحال في اليمن وليبيا، لان الهدف مبيت، إذ سيكون من السهل جدا تدويل القضية، وسيكون من السهل على الولايات المتحدة أن تذهب الى مجلس الأمن الدولي لتستصدر قرارا بموجب الفصل السابع يجيز التدخل العسكري في سوريا، وستجد سوريا نفسها وحيدة في مواجهة المجتمع الدولي فلا موقف يرتجى من إيران الحليفة، التي كانت سببا في ابتعاد العرب عن سوريا في الماضي القريب، لأنهم شعروا بسوء النوايا الإيرانية النازعة لبناء الإمبراطورية الفارسية. وعندها لن تجد سوريا أحدا من العرب يناصرها، هذا إذا كان هناك موقف عربي أصلا ، وسيكون موقف الجامعة العربية أسوأ من موقفها الذي سجلته في الحالة الليبية، إن استمرار الاندفاع السوري تجاه إيران وبهذا الشكل سيسهل كثيرا العمل العسكري ضد سوريا، وهذه المرة سيكون الأمر مختلفا عما حصل مع ليبيا، إذ ستعمد الولايات المتحدة وبريطانيا وربما معهم فرنسا على اجتياح واحتلال الأراضي السورية، فالأهداف التي تبتغيها الولايات المتحدة في سوريا تختلف تماما عنها في ليبيا، فأهمية سورية في الشرق الأوسط كبيرة وكبيرة جدا، فهي آخر معاقل القومية العربية، وهي حجر الزاوية لكثير من التجارب الوحدوية العربية، وسيكون هناك متغيرا مهما متحكما هذه المرة، وان كان في الخفاء، وهو المتغير الإسرائيلي، إذ ستكون إسرائيل هي المستفيدة الوحيدة من رحيل النظام السوري، كما حصل في حالة العراق، لأنها تريد تأمين الجبهة السورية، والإتيان بنظام سياسي جديد يقبل بالاملاءات الإسرائيلية، وعندها سيتم إنهاء أي دعم لحزب الله وحركة حماس إن وجد، ومن ثم أيضا القضاء على التقارب السوري- الإيراني، الذي تجد فيه إسرائيل تهديدا موجها ضدها. وسيتزامن مع هذا إثارة نتائج التحقيق باغتيال الحريري والمخفي لحد الآن بانتظار اللحظة المناسبة لإثارته وهي طبعا تأزم الوضع الداخلي في سوريا، وستدان سوريا قطعا بضلوعها في الحادث، لتجد نفسها أمام قرار دولي سبق اتخاذه يجيز استخدام القوة العسكرية ضدها. وهكذا ستكون سوريا هي الجائزة الغالية التي ستقدمها الولايات المتحدة هدية إلى إسرائيل تحت ذريعة نشر الديمقراطية، وحقوق الإنسان.



#ناجي_محمد_الهتّاش- (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجي محمد الهتّاش- - سوريا هي الجائزة