أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - -اكسباير- الدكتاتوريات العربية















المزيد.....

-اكسباير- الدكتاتوريات العربية


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 00:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يتعظ الحكام الدكتاتوريون في البلدان العربية من دروس التاريخ التي أقضّت مضاجع الحكام المستبدين، ونتج عنها بلدان تميزت بسرعة تحولها من مجتمعات كانت تمر بأطوار من الوحشية حتى عهد قريب، الى مجتمعات متحضرة تعيش في أعلى مراتب الرقي العلمي والإنساني، وحققت لمجتمعاتها السعادة التي تطمح اليها شعوبها التي يشكل طرفاها عصب الحياة، أي تحقيق الحرية والديمقراطية من جهة والعدالة الاجتماعية والرخاء من جهة أخرى.
لقد واصل الحكام الدكتاتوريون في البلدان العربية التخندق حول نمط الحكم الذي أقاموه والذي امتاز بطابعه العسكري، وأسلوبه القمعي الذي لا يقبل بالرأي الآخر، ويطبق اشد العقوبات بحق المعارضين، بل ان الأمر في بعض البلدان العربية (وكذلك في بلدان إسلامية) وصل الى حد تطبيق عقوبات مشددة، منها الإعدام والسجن المؤبد، بحق كل من يجاهر برأيه بشأن رأس النظام، أو يشم منه أي رائحة لمعارضة النظام.
الظاهرة الأبرز في تلك الأنظمة والتي هي بمنزلة المفارقة الغريبة، ان هؤلاء الحكام وأجهزة إعلامهم كثيرا ما يتحدثون عن (صمودهم وتصديهم) للمؤامرات التي تحاك ضدهم من قبل دول أخرى و عن (عملاء) للأجنبي يسعون الى تقويض الدولة، ولا يتورعون لإثبات صدق مزاعمهم عن قتل عشرات بل مئات الناس، والمباشرة بإقامة المتاريس و التحصينات حول مقرات حكوماتهم، و إقامة مناطق عازلة لن يسمحوا للناس بالاقتراب منها، بعد ان يحيطوها بالأسلاك الشائكة و الاسيجة الإسمنتية المتعددة الحلقات. ولم ينس الحاكم ليضمن أمنه وامن نظامه، ان يعين اقرب المقربين اليه و بضمنهم أخوته وأولاد إخوته وأبناء عمومته في المفاصل الحيوية من الحكومة، ولاسيما في مجالاتها العسكرية، حتى اذا لم يكونوا يمتلكون أي خبرة في مجال عملهم، فهو لن يحتاج سوى الى إخلاصهم وتفانيهم في الدفاع عن شخصه إزاء أي مؤامرات يحوكها (الغوغاء) و (المشاغبون) و (المكبسلون). كما ان الحاكم لن يبخل في المقابل عن مد أقربائه ومؤازريه بالمزيد والمزيد من أموال الدولة وأراضيها التي هي ملك الناس، ليقسمها بين افراد حاشيته ليضمن ولاءهم ويغدق عليهم في الوقت نفسه الألقاب والشهادات التي ليس اقلها شهادة (الدكتوراه) التي يحصلون عليها من جامعات ما انزل الله بها من سلطان.
لم يلتفت أولاء الحكام الى حاجة الشباب العاطلين الى الرواتب إلا بعد أن رأوا تساقط اقرانهم ممن مكثوا في السلطة لعشرات السنين، من دون أن ينتاب أحدهم الشعور بمشكلات الناس، فعمدوا الى الإسراع في إقرار زيادات الرواتب وتخفيض الضرائب والإعلان عن الوظائف وتشكيل لجان لمحاربة الفساد وإلغاء (حالات الطوارئ) وما أكثرها وأطولها في ظل أنظمتهم، وغيرها من الإجراءات التي لطالما طالب بها المواطن ولم يلتفتوا إليها او يلبوها، بل لم يقولوا انهم سينفذونها الا بعد أن يتساقط المئات من أبناء البلد ضحايا لرصاص أجهزة الأمن، التي لم تفلح في محاربة (الأعداء)، ولم تطلق رصاصة واحدة باتجاههم، في حين يطلقون الرصاص بكميات كبيرة وبإصرار منقطع النظير على صدور أبناء شعوبهم غير آبهين بالدماء التي تسيل في الشوارع.
جرى مثل ذلك في مصر وقبلها في تونس، في ظل نظاميهما السابقين ولن نذكر أمثلة من الماضي فهي كثيرة ـ ونكتفي بما يحصل الآن ـ ويجرى مثله في ليبيا واليمن وسوريا وفي دول أخرى، كما ان دولا أخر مرشحة لتغييرات عاصفة، وبرأينا ان الأمور سوف لا تكون بعد اليوم مثلما كانت في السابق، وان المنطقة العربية سائرة نحو بناء أنظمة جديدة ديمقراطية وباتجاه الانفتاح، وستكون العلاقة بين تلك الدول بعد سقوط أنظمتها على نمط الاتحاد الأوروبي، الذي أذيبت فيه الحدود ضمن تسهيلات كبيرة سهلت حياة مواطني الدول الأوروبية وتنقلهم في تلك البلدان، اذ لا يعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين ان يظل المواطن الاعتيادي معزولا في مكانه ولا يسافر الى بلد مجاور الا بشق الأنفس، او بعد معاناة مريرة مثلما هو حاصل الآن بين الدول العربية وهو وضع غير طبيعي يخدم الحكام وأنظمة حكمهم ولكنه ضد مواطني تلك الدول وقامع لرقيهم وسعادتهم.
وفي الحقيقة فان صلاحية حكام البلدان العربية وكذلك بلدان أسلامية انتهت منذ أكثر من عقد من الزمن، ولقد تعفنوا منذ سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ولكنهم افلحوا في البقاء برغم كره شعوبهم لهم، والسبب انهم كانوا يمارسون القمع في اعلى درجاته، وكانوا يسوقون المعارضين أفرادا وجماعات الى ساحات الاعدام والى السجون، او يخفونهم بإذابة اجسادهم في (التيزاب) او دفنهم في حفر جماعية. ولكن هناك فرق بين الماضي و الحاضر، والسبب الذي أمدّ في (اكسبايرهم) وبقائهم برغم فسادهم وتعفنهم، هو انهم كانوا يمارسون الجرائم في الماضي من دون ان تصل اليها وسائل الاعلام، إذ لم تكن وسائل الاتصال قد وصلت في تلك الأزمان الى درجة من التطور كي تكشف ما يدور في الدول وشوارعها وأقبيتها وكان الحكام حينئذ مطمئنين الى دوام أنظمة حكمهم برغم انهار الدم المراق وبسببها!.
أما هدف الحكام الآن من إلغاء قوانين قديمة وسن قوانين جديدة والقيام بالإصلاحات بحسب تعبيرهم فهو انهم يراهنون على عامل الوقت حتى تنتهي هذه (الأزمة) و تبرد ثورة الغضب التي تعتمل في صدور الشباب وعموم المواطنين المطالبة برحيلهم، اي ان قولهم بالسعي لإقرار تلك القوانين، لا يكمن في سعيهم لتحسين أوضاع الناس، بل إدامة أنظمة حكمهم المتهرئة. وليس ادل على ذلك، انهم لا يسارعون الى تنفيذ القرارات التي تتطلب علاجا فوريا فهم لا يقررون إلالغاء الفوري لقانون الطوارئ مثلا بل يقولون انهم (يبحثون في الغاء قانون الطوارئ) عسى ان ينفع التأخير والمماطلة في ابقاء الحاكم.
بدأ الحكام القمعيون في بلداننا العربية يتساقطون مثل أحجار (الدومينو) من دون ان ينتفعوا من خبراتهم التي اكتسبوها من أمثولة الماضي، ومراقبة مصائر من سبقهم الى السقوط، وهاهم يواصلون مسلسل القتل فيريقون دماء المئات من مواطنيهم من دون رحمة في الوقت الذي يتوجب على الحاكم بدلا من التضحية بشعبه وبلده ان يضحي هو كي يعيش المواطنون بحال احسن وكي يطبق ما يقول انه يؤمن به كونه (مناضلا) من اجل شعبه ووطنه وحريصاً عليهما.
ان جميع محاولات الحكام الظالمين لشعوبهم للبقاء مدة أطول في الحكم وفي اجتياز هذه المرحلة العصيبة على أنظمتهم، لن تنفع فالعالم يتغير وانه زمن الشعوب والحريات والبحث عن الحياة اللائقة، والعالم اصبح منفتحا ولن تُترك الأمور تجري على وفق ما يشتهي الحكام الدكتاتوريون.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعطيل غير المبرر لجلسات مجلس النواب
- المسؤولية حين تمسي جُرماً
- انهيار الجماهيرية العظمى
- انتقائية الحكومة في التعامل مع القوى السياسية
- حدود إظهار القوة في مواجهة الاحتجاجات
- تقويم احتجاجات (يوم الغضب) العراقي
- الطبقة السياسية تضع العراق في دائرة الخطر
- تعديل الدستور وقانون الانتخابات في سلم أولويات الشعب
- الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات
- الى شعب بطل
- قرار رقم (29) .. تكريس للنهب المنظم
- شرطة الديوانية والضرب تحت الحزام
- لماذا يسكت العراقيون؟
- العالم الافتراضي يزلزل عروش الطغاة
- إهدار فرص الإعمار
- هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟
- لعبة القط والفار في محنة الوطن مع التيار
- سقوط (بن علي) .. نهاية الأزمة أم بداية الخروج منها؟
- المقاعد التعويضية وخلل النظام الانتخابي العراقي
- محاولات التجاوز على الديمقراطية وحقوق الإنسان


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - -اكسباير- الدكتاتوريات العربية