جميل عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22 - 02:01
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ما هي القوى المحركة في الثورات للتحرر الوطني : يؤلف الفلاحون الأغلبية الساحقة من السكان في البلدان النامية في العالم كله , ولكن أوضاعهم الاقتصادية متنوعة فهناك فلاحون ميسورون يملكون حصصا كبيرة من الأراضي والأدوات الزراعية الضرورية , وهم قلة !! وهناك فلاحون يملكون حصصا صغيرة من الأراضي وهم الأغلبية , وهناك أخيرا فئة واسعة من الفلاحين يحرثون أساسا قطعا من الأرض ليست ملكا لهم , بل يستأجرونها من كبار ملاكي الأراضي الذين ينتسبون على العموم , إلى أوسط المجتمع المتميزة , ويقينا أن حصص الأراضي التي يتصرف بها الفلاحون تختلف باختلاف البلدان ولكن هناك سمة مشتركة يتصف بها وضع الفلاحين في بلدان أسيا وإفريقيا , هي قلة الأراضي والمستوى التكنيكي المنخفض في الإنتاج الزراعي , وبالتالي انتاجيتة المنخفضة جدا والمردود الزراعي هو على العموم اقل مما في البلدان الصناعية .
ومن جراء عدم كفاية الأرض الذي يفسر أحيانا كثيرة بتركيز الأرض بدون مبرر في أيدي حفنة صغيرة نسبيا من ملاكي الااضي المتميزين , يظهر في الأرياف فيض من الأيدي العاملة لا تجد عملا كافيا لها , وهذا ما يؤدي إلى انخفاض مستوى حياة السواد الأعظم من الفلاحين باستمرار فوق ما هو علية من انخفاض , وفي السنوات القاحلة , يسود الجوع والأوبئة وما يرافقها من المصائب الأخرى في العديد من المناطق في البلدان الأسيوية والإفريقية التي تعاني من شدة كثافة السكان . إن للفلاحين مصلحة في إزالة توزيع الأرض غير العادل لكي يكون لكل كادح حقله وفي بعض بلدان أسيا وإفريقيا قامت الدولة , كليا أو جزئيا بانتزاع فوائض الأرض من كبار ملاكي الأراضي عن طريق التعويض بصورة رئيسية وإحالتها إلى الفلاحين ذوي القطع الصغيرة من الأرض أو الذين لا يملكون أرضا , إن لهذه الاصطلاحات أهمية ايجابية لا مراء فيها إذ أنها تحسن الوضع في الريف إلى حد ما , وتضعف نفوذ كبار ملاكي الأراضي المتميزين الذين يستغلون قوتهم الاقتصادية للقيام بأعمال تعسفية فظة حيال الفلاحين الذين يعجزون عن تسديد بدل الإيجار في الموعد المعين ,الخ ... وفي بعض البلدان الأسيوية تم القضاء عمليا على ملكية العقارات الإقطاعية , ولكن يجري تركيز الأرض بصورة تدريجية في أيدي الفلاحة الأغنياء الذين لا يندر لهم أن يجمعوا بين معطاة الزراعة والنشاط التجاري والصناعي , وبواسطة نظام التسليف وترتبط هذه الفئة من الفلاحين أصحاب المشاريع بالمصاريف بالرأسمال الكبير .
إن تطبيق الاصطلاحات الزراعية , أولا يلقى مقاومة جدية , ظاهرة ومستترة , ومن جانب ملاكي الأراضي التميزيين فيبقى قسم كبير من الأراضي في أيديهم , ولذا لا يتيح مقدار الأراضي الموضوعة تحت تصرف الدولة والواجب توزيعها على الفلاحين , تلبية جميع المحتاجين . ثانيا , أو أولئك الفلاحين الذين يحصلون على الاض لا يملكون الأموال النقدية الضرورية لأجل حرثتها حسب المستوى التكتيكي اللازم ولأجل شراء الأدوات الزراعية العصرية الخ ...ولهذا يبقى الفلاحون في أغلبية بلدان أسيا وافرقيا في وضع اقتصادية عسير , فان قسما كبيرا منهم غارق في الديون وفي التبعية , إلى هذا الحد أو ذاك , ولكبار ملاكي الأراضي والمرابين وشتى أصناف المضاربين الذين يتعاطون شراء وبيع المنتجات الزراعية في السوق لما فيه الإضرار بمصالح المنتجين المباشرين , وعلية لا بد للفلاحين أن يسعوا إلى تغيير وضعهم وربما أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان في البلدان النامية فأنهم قوة كامنة هائلة .
والحقيقة : إن النضال من اجل توطيد استقلال البلاد الوطني , من اجل استقلالها التام في جميع الشؤون السياسية والاقتصادية لا يمكن أن يتكلل بالنجاح إلا إذا دعمته جماهير الفلاحين إلى النهاية , أي سواد الأعظم وكل حكومة تنظر إلى مهامها بشعور المسؤولية , إنما لا بد لها أن تأخذ مصالح الفلاحين بعين الاعتبار , وان تبحث عن الوسائل لتحسين أوضاعهم , فان مستوى تطور البلاد الاقتصادي والاجتماعي نفسه مشروط إلى حد كبير بأوضاع الفلاحين , ومقدار الدخل الوطني في البلدان النامية يتوقف , بصورة رئيسة على حالة الإنتاج الزراعي , وأفاق نمو الصناعة الوطنية مرتبطة بإمكانيات السوق الداخلية , أي بمبلغ قدرة الفلاحين على شراء البضائع المنتوجة , ومستوى البلاد الثقافي مشروط إلى حد كبير بمستوى تعليم السواد الأعظم من السكان , المقيم في الريف , ثم إن مستقبل البلاد وإمكانيات تطورها ووتائر تقديمها , مرتبطة ارتباطا وثيقا بمصائر الفلاحين , وهذه موضوعة لا جدال فيها ولكنة من الخطأ أن نستنتج من هنا أن الفلاحين هم بحد أنفسهم القوة الموجهة في الحركة المجتمعة إلى الأمام , إن جماهيرية الفلاحين لا تخولهم أبدا هذا الدور وذلك لجملة من الأسباب يجدر بنا بحثها , قبل كل شيء , يجب أن نأخذ بالحسبان أن طبيعة الإنتاج الزراعي ذاتها تشترط تشتت الفلاحين , فالفلاحون موزعون في أراضي البلد كله , وليسوا متمركزين في مكان من الأمكنة , إلى درجة تمكنهم من العمل كعضوية اجتماعية موحدة , إن مصالح الفلاحين المباشرة الحياتية الصرف , مرتبطة بقطعة أرضة وانعدام ابسط وسائل ممكنة يجعل عملة مرهقا جسديا , ومنهكا في حالة قلة الغذاء , وإذا كانت وسائل المواصلات الجماهيرية معدومة أو ضعيفة , فان الفلاح يتفهم الظاهرة الخارجية " إحداث الحياة السياسة في البلد بمجملة " بوجه الحصر تقريبا , من خلال منشور مصالحة المحلية التي تضيق كثيرا بالطبع , أفق انطباعاته .
الخلاصة والرأي الخاص البسيط : خلال حقبة طويلة جدا من الزمن , خلال قرون وقرون , كان الفلاحون في الأغلبية الساحقة من بلدان أسيا وإفريقيا محرومين كليا من الحقوق السياسية وكانوا يخضعون لهذا أو ذاك من الأنظمة المراتبية التي تؤمن السيطرة إما لمختلف الإقطاعيين وإما لزعماء القبائل وإما للدولة الاستبدادية المركزية برمتها , وقلما غيرت المرحلة المديدة من السيطرة الامبريالية الأجنبية هذا الوضع , فعلى العموم , لم يصن المستعمرون وحسب الفئة المميزة من كبار ملاكي الأراضي الذين يستغلون الفلاحين بضراوة , بل جعلوا منهم أيضا سندهم الاجتماعي , إن أوضاع الفلاحين المنحطة قد عرقلت كثيرا تطورهم الروحي , وأثرت تأثيرا سلبيا في تكوين نظراتهم , وجعلتهم فريسة الخرافات والتصورات والأوهام القديمة , وقد بقي الفلاحون بمعظمهم أميين خاملين , وان رواسب هذا الوضع لا تزال ظاهرة حتى ألان كما لا بد من اخذ الواقع التالي بالحسبان وهو أن مستوى الفلاحين في البلدان النامية يتأخر كثيرا عن مستوى سكان المدن , من حيث الوعي السياسي والثقافة العامة ... سلامتكم,زء " 5 " .
سلامتكم ,,,
المصادر والأدلة:
1- أبحاث التخرج لدفعة التاريخ والعلوم السياسية لعام 1990م .
2- التيارات الاشتراكية الثورية في البلدان العربية والغربية .
#جميل_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟