أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - وطن بديل ..يا محسنين















المزيد.....

وطن بديل ..يا محسنين


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان دورى في حرب اليمن عام1965 ان تنشىء سريتي سدا ترابيا علي مضيق وادى " حرض " يمنع مياه السيول من الوصول الى السعودية ويغذى حقول باليمن المحرومة من الرى ..عندما استلمت خرائط مستعارة من واحدة من منظمات الأمم المتحدة ، وجدت ان مساحات كبيرة من المنطقة التى سأمر عليهامن "الحديدة " الى " قفل حرض " مكتوب عليها " منطقة غير صالحة للحياة الآدمية " ثم تحققت بنفسى فلقد كانت مياه الشرب ملوثة بشتى أنواع الديدان ، وعلى الأرض تسعى مختلف أنواع العقارب والثعابين ، وفوق الأشجار تتصايح القردة المتوحشة ، والسيدات تسرن عاريات الصدور دون الاحساس بأى خجل ، والمنازل مبنية بالقش والطين على طريقة عصور ما قبل التاريخ ، والرجال يجلسون بكسل يمضغون القات ، وأمراض العيون منتشرة بشكل وبائى ، وبعد قليل اكتشفت أن عدد كبير من جنودى قد أصيبوا بأمراض جنسية نتيجة لتعاملهم مع سيدات يمنيات يحملن شتى أنواع الأمراض الزهرية ، لقد كانت منطقة غير صالحة لحياة البشر المعاصرين .. فعلا .
بقعة الزيت إمتدت عبر نصف قرن لتشمل منطقة من أفغانستان باكستان ايران شرقا ، وحتى الجزائر والمغرب وموريتانيا غربا ، ومن الاسكندرية شمالا حتى نهاية الصومال واليمن جنوبا ، مساحة واسعة غير صالحة لحياة البشر.. الآن ..، فمن ينجو من رصاصات القذافى وعلى عبد الله صالح وبشار الأسد ، ستواجهه جماهير غاضبة فى غزة والصومال والعراق ومصر والسودان تنادى بتطبيق الشريعة ، والشريعة لديهم جلد النساء ومحاربة المخالفين دينيا أو عقائديا ، ووأد كل تفكير عصرى او شبه علمى .. تخلف ما بعده تخلف ،بشر لا يعملون .. لا ينتجون .. لا يفكرون .. لا يساهمون فى تيار الحضارة الهادر فى كل مكان حولهم رغم أن المنطقة التى اتكلم عنها تكاد ان تكون أغنى مناطق الأرض بالبترول والبشر والامكانيات ( مواد خام + عمالة + أموال ) ولكن دون رأس تحركها أو قيم أو حتى ضمير متحضر .
سبب هذه " الخيبة " موجتان متتاليتان تسونامى ضربتا المنطقة .. الموجة الولى بعد الحرب العالمية الثانية ، وجاءت على هيئة مجموعة من الانقلابات العسكرية التى انتشرت كالبثور على وجه الأمة يعقبها ديكتاتورية مقيتة وحكم بوليسى فاشيستى ، ونهب وسرقة لكنوز الوطن ، حتى تلك الدول التى تحكمها عائلات ملكية الان ، كانت بدايتها جميعا بواسطة الجنود وعلى أسنة الرماح ، سواء فى السعودية أو الأردن أو الكويت أو المغرب .. العسكر جعلوا الحياة لا تطاق فى باكستان وإيران ، فى مصر والعراق ، فى السودان وسوريا وليبيا واليمن والجزائر وتونس .. لم تنجو بقعة صغيرة.. حتى هؤلاء الذين حملوا شعارات قومية براقة إنتهوا الى عسكر وفساد ، بلطجة وسرقة وتم تدجين شعوبهم لعشرات السنين .
الموجة التالية جاءت مع ارتفاع عائد البترول وتوفر الدولارات والذهب ، فى المكان الغير صحيح ، عندما امتلك مفاتيح الخزينة ملالى إيران وشيوخ الوهابية ، فاستطاعوا بالذهب والدولار استقطاب هؤلاء المهمشون المنهوبون المغرر بهم من فقراء المنطقة بعد أن اهمل العسكر تطورهم وفشلت الشعارات القومية الجوفاء فى إسكات جوعهم ولم يعد أمامهم إلا حلم الجنة وحور العين بعد الاستشهاد .
إيران والسعودية فى تنافسهما للسيطرة على عقول وأفئدة وتوجهات البشر ، دمروا البشر .. الكتائب فى لبنان والميليشيات فى العراق وطالبان فى أفغانستان وانفجارات فى باكستان وحروب فى الجزائر والصومال والسودان ، ولم يعد هناك مكانا صالحا لحياة البشر ، لقد اتسعت رقعة الزيت وفشلت كل الجهود لوقف تلويثها.
والان من الهم العام الى الهم الخاص ، فالمصريين الذين خرجوا فى شوارع القاهرة والاسكندرية وكل مدن مصر يرحبون بالعسكر وهم ينقلبون ضد الملك فاروق ، قادهم عبد الناصر بعد أقل من سنتين ليهتفوا " تسقط الديموقراطية ـ تسقط الحرية " وها هم يكررون المشهد ، فبعد ان أسقطوا من ميدان التحرير الديكتاتور ، وضحوا بأمنهم وراحتهم فى سبيل غد أفضل ، يقودهم مشايخ وملالى ليصوتون لصالح الديكتاتورية ، ماحدث فى مصر أيام 19 مارس 2011 هو نسخة حديثة لما حدث فى 25 مارس 1954 ، أى استخدام إرادة الشعب لدعم الديكتاتورية و إسقاط الحرية والديموقراطية ، موجتان من التخلف أحبطت أى محاولة للتقدم نحو مجتمع عصرى ، وعلى المصريين أن ينتظروا لنصف قرن آخر عندما تاتى الموجة الثالثة ، لتضعهم على خط التاريخ .
هل استوعب المصريون الدرس ، هل فهم المصريون أن العسكر والفساد ورجال الدين هم حلف واحد يتبادل المراكز ويدعم كل منهم الاخر ؟ نتائج استفتاء 19 مارس تقول انهم لم يستوعبوا الدرس ، فالحجيج القادم من القرى والنجوع والدساكر والكفور والأحياء المهمشة ، قاده وعاظه الى صناديق الاستفتاء ليقول ( كالعادة ) نعم ، حتى سكان منارة العلم سابقا " الاسكندرية " بعد أن تحولت الى قرية متخلفة ، وقف سكانها أمام الصناديق يهتفون بسقوط الديموقراطية وحياة الوهابية .
قادة التيارات الاسلامية أرادوا ان يظهروا مدى قوتهم وتأثيرهم على المجاميع الثائرة ، فضاعت فى الطوفان الجارف أصوات الملايين الأربعة الذين قالوا لا .
الطبقة الوسطى فى أغلب أحياء المدن الرئيسية قالت لا ، خاصة تلك التى عانت من سكن الديكتاتور السابق بينهم ، فأزعجتها سارينات أوناش المرور وهى تزعق فى منتصف الليل يطلب ضباطها من السكان نقل عرباتهم بعيدا عن مسار " التشريفة " التى ستمر بعد نصف النهار التالى.
الطبقة الوسطى التى قالت لا ، سعت ألا تخلق ديكتاتورا جديدا ، يشل حركة المرور بموكبه ، ويعطل السكان لساعات لأن سيادته قرر ان يزور السوق كى يقلب فى بعض السلع ويسأل أسئلة غبية .
الطبقة الوسطى التى قالت لا ، كانت ترجو ان يتحول جهد ملايين الشباب الذين يقفون فى الطرقات فى انتظار مرور سيادته الى طاقة عمل تزرع وتصنع ، وان يتحول مئات الآلاف من أعضاء أمن الدولة الذين يعدون الأنفاس ويطهرون مدنهم من رجس المفكرين أو المتطلعين لحريتهم واستخدام إرادتهم.. الى صناعة أكثر جدوى .
الطبقة الوسطى التى قالت لا ، كانت ترجو الا تنتخب مجلس شعب صورى ويحكمها وزراء صوريون ويطاردها إعلام صورى تحركه أصابع الديكتاتور .. وعرفوا ان دستور 71 ما هو الا دعوة مفتوحة لديكتاتور يلبس الدشداشة او العمة أو الطرحة وتموله خزائن الوهابية .

وهكذا كان درس الاستفتاء فمهما حاول المثقفون والمفكرون والمتعلمون والناشطون فإن جماهير الريف والعشوائيات لن تحفل الا بوعاظها وسيكون يوم عيدها عندما يمن عليها الخالق بخليفة مؤمنين قادم من تورا بورا على حصان أبيض حاملا معه أموال الوهابية وغلة بيع الأفيون والمخدرات المزروعة فى باكستان وسيناء ، مغلقا التليفزيون والمحمول والانترنت ومعيدا النساء الى خدورهن ، آمرا بتربية الذقون ولبس الجلباب ، محصلا الجزية من الأقباط مكفرا كل صاحب رأى وناشرا لشرع الله كما فهمه من الطالبانيين.
كابوس الحصان الأبيض الذى يمتطيه أيمن الظواهرى يزعجنى كل ليلة ويجعلنى لا أستطيع النوم .. وأنا أحتاج للراحة فى نهاية عمرى .. فهل لديكم وطنا بديلا يا محسنين ، وطنا بديلا جزتكم عنى الانسانية بكل خير ، فوطنى أصبح غير صالحا لحياة البشر .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يؤسس البشرى والجمل لخلافة اسلامية
- سيدى الرئيس .. هل أدوات سلفك مناسبة لك ؟؟
- لا أملك الا.. دموعي
- لماذا يكره فقهاء الدستور .. مصر!!
- اكشفوا، افضحوا، جرسوا من سرقوا مصر
- كابوس أن يحكم مصر عصابة لصوص
- الشعب لم يسقط بعد النظام
- حكم مبارك البائد.. بلطجة و فساد
- اسرائيل.. هل تمزح ام تمهد لاحتلال سيناء!!
- سيادة الرئيس .. أنت لست بطلا
- حلم تفكيك الدولة الأمنية (2)
- البياداجوجيا وحلم تفكيك الدولة الامنية
- توجيهات حزبية بخصوص الانتحار حرقا
- حنحارب..حنحارب..تحيا مصر.
- ثلاثة أسئلة عن أكتوبر 73
- عبد الناصر .. و أنا (3) ملوك أم أنصاف الهة.
- عبد الناصر .. وأنا 2- تحت قيادة الزعيم ..النظرية والتطبيق
- عبد الناصر .. وانا
- قبل نقد الآخر
- تعليق علي مقالات السيد موريس رمسيس عن المصريين


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - وطن بديل ..يا محسنين