أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من اين والى اين تسير الصين؟















المزيد.....


من اين والى اين تسير الصين؟


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 989 - 2004 / 10 / 17 - 11:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في رسالة طويلة تلقيتها من قارئ عزيز جاء السؤال التالي: "من أين والى اين تسير الصين؟"
انه حقا سؤال هام من الصعب علي الاجابة عليه اجابة واضحة ودقيقة. فان قراءاتي عن الصين توقفت منذ الستينات من القرن الماضي حين كان الجدل بين الحزب الشيوعي الصيني والحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي محتدما حول المؤتمر العشرين وحول ستالين وحول التحريفية التي سادت الحركة الشيوعية العالمية بعد تخلي الخروشوفيين عن الماركسية. وكل معلوماتي عن الصين الحالية مقصورة على ما نسمعه ونقرأه من اخبار في الصحف والقنوات التلفزيونية وهي اخبار موجهة وفقا لمصالح المسيطرين على وسائل الاعلام واصحاب القنوات الفضائية. وهذه المعلومات معروفة للجميع وليس لي ما استطيع الاضافة اليها سوى القول بانها معلومات غير دقيقة علميا لانها تعبر عن وجهات نظر معينة لها مصالحها الخاصة في صياغة هذه المعلومات. ومع ذلك اود ان ابدي بعض الملاحظات عن الموضوع لعل فيها بعض الفائدة للقارئ العزيز الذي وجه لي السؤال ولسائر قرائي الاعزاء.
والملاحظات التي احاول ان اعبر عنها في هذا الموضوع مستمدة من معلوماتي عن الدول المسماة "ديمقراطيات شعبية" لان الصين واحدة من هذه الدول وهي اكبر هذه الدول اطلاقا في حجمها وابرزها في الطريقة التي نشأت فيها.
ان موضوع الديمقراطيات الشعبية قائم على اساس التكتيك الماركسي في الثورة البرجوازية الديمقراطية. واول من شرح التكتيك الماركسي في الثورة البرجوازية هو لينين في كتابه الشهير "تكتيكان للاشتراكيين الديمقراطيين في الثورة الديمقراطية".
منذ المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي سنة ١٩٠٣ قرر الحزب بوضوح كون الثورة الروسية المقبلة هي ثورة ديمقراطية وليست ثورة اشتراكية. وقد ظهر هذا صريحا في برنامج الحزب الذي اتخذه هذا المؤتمر. والثورة الديمقراطية هي تسمية عامة للثورة البرجوازية. ولكن التيارين البولشفيكي والمنشفيكي في الحركة العمالية الروسية اختلفا في تحديد التكتيك الصحيح الذي يجب على الحزب الاشتراكي الديمقراطي ان يسلكه في هذه الثورة. في هذا الكراس حدد لينين تكتيك الحزب البولشفي في هذه الثورة وقارنه بالتكتيك المنشفيكي بصورة مفصلة ودقيقة.
استند لينين في تحليله لهذه الثورة على الاوضاع السياسية القائمة في روسيا في بداية القرن العشرين. فبين ان البرجوازية الروسية لم تعد قادرة على تنفيذ الثورة البرجوازية تنفيذا جذريا حاسما. ورغم ان من مصلحة البرجوازية قيام الثورة الديمقراطية فان هدفها من الثورة مقصور على تسلم السلطة السياسية لكي تصبح هي السلطة الحاكمة بدلا من الحكم القيصري الذي كان يمثل الاقطاع. ولكن البرجوازية عاجزة او غير راغبة في تحقيق الاهداف الكلاسيكية للثورات البرجوازية وفي مقدمتها الاصلاح الزراعي والقضاء على الاقتصاد الاقطاعي قضاء تاما.
وبين لينين ان من مصلحة البروليتاريا ايضا قيام الثورة الديمقراطية ولذلك فعلى البروليتاريا ان تناضل في سبيل قيام هذه الثورة. واختلف تكتيك البلاشفة عن تكتيك المناشفة في هذا الموضوع. فبما ان الثورة هي ثورة برجوازية كان المناشفة يعتبرون ان الدور الرئيسي في هذه الثورة يجب ان يكون للبرجوازية ويقتصر دور الطبقة العاملة فيها على مساندة البرجوازية في ثورتها. اما البلاشفة فانهم اعتبروا ان من مصلحة البروليتاريا ان تتحقق الثورة البرجوازية بصورة جذرية لان ذلك يقرب البروليتاريا الى هدفها الاساسي، الى ثورتها الاشتراكية. ولذلك فان دور البروليتاريا في هذه الثورة البرجوازية لا يقتصر على مساندة البرجوازية بل يهدف الى تحقيق الثورة البرجوازية ذاتها بقيادة البروليتاريا. وفي عرف لينين كانت البروليتاريا الروسية قادرة على تحقيق ذلك. لذا فان دور الحزب الاشتراكي البلشفي باعتباره ممثل مصالح البروليتاريا الروسية كان ان يعمل على قيادتها في تحقيق الثورة الديمقراطية. وهذا ما يسمى تحقيق الثورة الديمقراطية بقيادة البروليتاريا. وهذا يعني وجود قيادتين محتملتين للثورة الديمقراطية: قيادة البرجوازية وقيادة الطبقة العاملة.
ولكي تتحقق قيادة اي من هاتين الطبقتين للثورة فعلى الطبقة التي تريد قيادة الثورة ان تبعد الطبقة الاخرى عن قيادة جماهير الشعب الروسي في الثورة. فلكي تفلح البرجوازية في قيادة الثورة عليها ان تبعد الطبقة العاملة عن قيادة الثورة وتجعلها تابعا لها ومساندا لها في ثورتها الديمقراطية. والعكس ايضا هو الصحيح. فلكي تستطيع الطبقة العاملة ان تحقق الثورة الديمقراطية بقيادتها عليها ان تبعد البرجوازية عن قيادة جماهير الشعب الروسي. وهذا لا يتناقض مع امكانية التحالف المؤقت بين الطبقة العاملة ممثلة بحزبها الاشتراكي الديمقراطي وبين البرجوازية المتمثلة باحزابها. بل ان البرجوازية لا تؤلف جبهة مع البروليتاريا في سبيل انجاح الثورة الديمقراطية الا اذا وجدت نفسها معزولة تماما عن جماهير الشعب الروسي نظرا لسير هذه الجماهير وراء قيادة الطبقة العاملة.
وطبيعي ان الحكومة التي تنشأ عن طريق ثورة برجوازية بقيادة البرجوازية تختلف عن الحكومة التي تنشأ عن ثورة برجوازية بقيادة الطبقة العاملة. وقد اسمى لينين الحكومة التي تنشأ عن الثورة البرجوازية التي تقودها الطبقة العاملة "دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية".
لم تتحقق الثورة البرجوازية او الديمقراطية في روسيا بالشكل الذي اراده لينين اي بقيادة البروليتاريا، بل تحققت بصورة مزدوجة بين القيادتين، القيادة البرجوازية من جهة، والقيادة البروليتارية المتمثلة بالسوفييتات من جهة اخرى. فنشأت عن ذلك سلطة مزدوجة، سلطة البرجوازية وسلطة السوفييتات، لفترة مؤقتة وقصيرة كان النضال فيها اما نحو تحول السلطة الى سلطة برجوازية كاملة او تحولها الى سلطة بروليتارية كاملة، سلطة السوفييتات. ولكن انحياز قادة السوفييتات في حينه التي كانت اغلبيتها من المنشفيك والاشتراكيين الثوريين الى البرجوازية حول السلطة الى سلطة برجوازية كاملة.
ان ما سمي بالديمقراطيات الشعبية بعد الحرب العالمية الثانية في اوروبا واسيا كانت الى حد ما دولا من النوع الذي توقعه لينين لدى قيام الثورة البرجوازية بقيادة الطبقة العاملة. ولكن نشوء الديمقراطيات الشعبية في اوروبا الشرقية كان يختلف عن نشوئها في الشرق الاقصى في اسيا. فقد قاد الشيوعيون في اوروبا الرازحة تحت الاحتلال النازي حرب انصار ومقاومة للمحتلين بالضبط كما فعل الشيوعيون في اوروبا الغربية الواقعة تحت الاحتلال النازي مثل فرنسا وايطاليا. ولكن دحر القوات النازية في اوروبا الشرقية من قبل الجيش الاحمر السوفييتي كان عونا للمناضلين في اوروبا الشرقية فتألفت حكومات من جميع العناصر التي ساهمت في حرب الانصار والمقاومة ضد المحتلين.
اما في الشرق الاقصى فقد خاض الشيوعيون فيها نضالا شديدا ضد المحتلين اليابانيين الذي هزموا المحتلين الاوروبيين في الحرب واحتلوا هذه البلاد مثل الهند الصينية وكوريا. فنشأت الفيتنام الشمالية وكوريا الشمالية وفشلت الدول الاخرى بسبب غزو الدول الاستعمارية القديمة لهذه البلدان بعد خروج اليابانيين منها.
وهنا اود ان اشير الى الثورة الصينية التي كانت نموذجا رائعا لثورة برجوازية بقيادة الطبقة العاملة. اندلعت الثورة البرجوازية الصينية ضد حكومة جان كاي جك منذ العشرينات وقد ادت المجازر الوحشية في المدن الصينية الى تركز الثورة خارج المدن الصينية الكبرى. وجاء بعد ذلك الاحتلال الياباني لمناطق شاسعة من الصين فكان نضال الشيوعيين الصينيين مزدوجا ضد الحكم المحلي الرجعي المسند من الولايات المتحدة وضد المحتلين اليابانيين. وكان الثوار الشيوعيون طيلة هذه الفترة متركزين في مناطق منعزلة في مغاور في الجبال محرومين من كل شيء، من الطعام والملبس والسلاح. وفي ١٩٣٦ ارتأت حكومة جان كاي شك ان من مصلحتها التعاون مع الشيوعيين بصفتهم مناضلين اشداء ضد الاحتلال الياباني فتألفت الجبهة الوطنية الصينية ضد الاحتلال الياباني. وهذه الجبهة هي اعظم جبهة وطنية في تاريخ الجبهات التي حققتها الاحزاب الشيوعية في تاريخ الحركة الشيوعية حتى يومنا هذا.
تألفت الجبهة بين الحكومة الصينية المتناهية في الرجعية والموالية للامبريالية الاميركية مع الحزب الشيوعي الذي حارب هذه الحكومة بكل ما اوتي من قوة طوال سنوات الثورة. ولكن شروط هذه الجبهة هي التي جعلت منها جبهة ذات طبيعة نادرة.
اول شروط الجبهة هي ان يصبح الجيش الشيوعي جزءا من الجيش الصيني فتقوم الحكومة بتزويده بالملابس والسلاح والمواد الغذائية وبكل ما تقوم الدولة بتوفيره لجيشها. فتحول الجيش الشيوعي بهذه الطريقة من جيش عصابات ليس له الا ما يغتصبه من جيش الحكومة المعادي الى جيش منظم احسن تنظيم بضباطه وجنوده ومجهز باحدث الاسلحة.
والشرط الثاني هو ان هذا الجيش يجب ان يحارب المحتلين اليابانيين الذين استولوا على مساحات شاسعة من الاراضي الصينية.
وشروط الجيش الشيوعي والحزب الشيوعي هي ان هذا الجيش الصيني هو جيش مستقل كل الاستقلال في تنظيمه وضباطه واركانه وخطط هجومه عن الجيش الحكومي. فكل من الجيشين يحارب اليابانيين مستقلا تمام الاستقلال عن الجيش الاخر.
وشرط الجيش الشيوعي والحزب الشيوعي الاخر هو ان تصبح الاراضي التي يحررها الجيش الشيوعي من اليابانيين تحت سيطرة الحزب الشيوعي ولا دخل للحكومة المركزية فيها.
بهذا الشكل بدأ الجيش الشيوعي يحرر الاراضي الشاسعة من ايدي المحتلين اليابانيين، وفور تحريره اية مساحة يقيم الحزب الشيوعي فيها حكمه الخاص ويعمل على تنفيذ مهام الثورة البرجوازية فيها واهمها القضاء على الاقطاع وتحقيق الاصلاح الزراعي بتوزيع الارض على الفلاحين ومحاكمة الاقطاعيين في محاكمات شعبية على الجرائم التي ارتكبوها بحق الفلاحين.
استمر هذا الوضع من سنة ١٩٣٦ الى ١٩٤٥ حيث دحر اليابانيون في الحرب العالمية الثانية وانسحبوا نهائيا من الاراضي الصينية. وعندئذ بدأت المعركة الكبرى.
فور انتهاء الحرب اعلنت حكومة جان كاي شك انتهاء مهمة الجبهة وطلبت من الحزب الشيوعي ان يسلم الاراضي التي يسيطر عليها الى الحكومة وان ينضم الجيش الشيوعي نهائيا الى جيش الدولة الرسمي.
كانت تحت سيطرة الحزب الشيوعي انذاك مساحة يبلغ عدد سكانها ٢٠٠ مليون نسمة اقيمت فيها سلطات شيوعية واجري فيها الاصلاح الزراعي الجذري. وكان الجيش الشيوعي مسلحا له كيانه الخاص. فكان من الطبيعي ان يرفض الحزب الشيوعي طلب الحكومة بتسليم الجيش والاراضي المحررة الى السلطة الحكومية الرجعية بما عرف عنها من القتل والتنكيل بكل شيوعي يقع تحت ايديها.
شنت الحكومة هجومها على الجيش الشيوعي بمساندة اميركا التي زودتها بكل ما لديها من اسلحة في سبيل تحطيم الجيش الشيوعي واخضاعه. ولكن الذي حدث كان ان الجيش الشيوعي اخذ يوسع مناطق نفوذه بالانتصارات التي احرزها على الجيش الحكومي. واستمرت هذه الحرب من ١٩٤٥ الى ١٩٤٩ حين هربت الحكومة الصينية الى تايوان واصبحت الصين القارية كلها تحت سيطرة الحكومة الصينية الجديدة، حكومة الصين الشعبية. فكانت هذه الحكومة نموذجا رائعا لدكتاتورية العمال والفلاحين الثورية التي تحدث عنها لينين في كراسه.
فما هي دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية وما هي المهام الملقاة على عاتقها؟
اولا وقبل كل شيء انها ليست دولة اشتراكية بل حكومة خاصة تنشأ حين تنجح الطبقة العاملة في قيادة الثورة البرجوازية. وكما كان بالامكان تحقيق الجبهة بين العمال والفلاحين وعناصر البرجوازية الوطنية قبل الثورة، يمكن في دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية اشتراك ممثلي الفلاحين والبرجوازية الوطنية في هذه الدولة. لذا فانها ليست دكتاتورية البروليتاريا بل دكتاتورية العمال والفلاحين.
من هذا ينشأ ان المهام التي يقع على عاتق هذه الدولة انجازها هي ليست مهام دكتاتورية البروليتاريا، ليست بناء المجتمع الاشتراكي، بل هي مهام الثورة البرجوازية. وقد انجزت دولة الصين الشعبية هذه المهمة بأكمل وجه. أنجزتها بشكل لا تستطيع البرجوازية انجازه. واول مهام الثورة البرجوازية هي الاصلاح الزراعي والقضاء على الاقتصاد الاقطاعي قضاء تاما. وهذا ما انجزته دولة الصين الشعبية انجازا جذريا.
والمهمة الثانية للثورة البرجوازية هي تحقيق كل ما يمكن تحقيقه في حماية العمال من الاستغلال البرجوازي وكذلك حماية الفلاحين من استغلال البرجوازية المدنية والبرجوازية الفلاحية. وهذا لا يعني القضاء على الاستغلال بل يعني الوقوف الى جانب العمال والفلاحين ومحاولة تحقيق ما تستطيعه الدولة من تحسين احوالهم في المشاريع الحكومية ومساعدتهم على التخفيف من شدة استغلالهم في المشاريع البرجوازية في المدينة وفي الريف. وقد انجزت الصين الشعبية هذه المهمة بنجاح باهر.
والمهمة الاخرى هي منح العمال والفلاحين فرص الثقافة والدراسة وتقليل ساعات العمل والصيانة الصحية وحل مشاكل السكن وهي المشاكل التي كان العمال والفلاحون يعانون منها في الصين ومازالوا يعانون منها في شتى اقطار العالم الراسمالي. ولهذا ادهش التقدم الذي احرزته الصين الشعبية في سنوات قليلة العالم كله. وكان للمساعدات الاخوية التي قدمها الاتحاد السوفييتي في الفترة بين ١٩٤٩ و ١٩٥٣اكبر الاثر في تحقيق هذه الانتصارات.
كل هذه الانجازات كانت تقع ضمن مهام الثورة البرجوازية وأمكن تحقيقها لان من مصلحة البروليتاريا ان تحققها.
ولكن مهام دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية، الديمقراطية الشعبية، لا تقتصر على تحقيق مهام الثورة البرجوازية. ففي جيمع الثورات البرجوازية يؤدي نجاح الثورة البرجوازية الى الانتقال الى مرحلة الثورة الاشتراكية. وهذا ينطبق على الثورة البرجوازية التي تقودها الطبقة العاملة ايضا. فبعد تحقيق الثورة البرجوازية في الصين وتكوين جمهورية الصين الشعبية انتقلت مرحلة الثورة من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكية. واصبح على البروليتاريا الصينية ان تقود الشعوب الصينية الى الثورة الاشتراكية.
ولكن الثورة البرجوازية في الصين جاءت بدولة تختلف عن سائر الدول التي نشأت في الثورات البرجوازية التقليدية. جاءت بدولة دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية. وفي هذه الدولة تكون الطبقة العاملة هي الطبقة الاساسية والقائدة في الدولة. وعلى البروليتاريا تقع مهمة قيادة الشعب الى الثورة الاشتراكية. ومهمة دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية هي ان تقوم بمساندة وقيادة الطبقة العاملة والشعب في تحقيق هذه المهمة.
فبينما تقع مهمة النضال في سبيل الثورة الاشتراكية على البروليتاريا في الثورات البرجوازية السابقة وهي في المعارضة ويكون عليها الاطاحة بالسلطة البرجوازية من اجل تحقيق مهمتها، اصبحت في دولة العمال والفلاحين الثورية تجري بالعمل من الاعلى، من الدولة ذاتها التي تدعو مصلحتها ان تقود الشعب في تحقيق الثورة الاشتراكية. ولهذا اصبح بالامكان التحول الى الاشتراكية بدون ثورة مسلحة نظرا الى ان الدولة ذاتها تريد الانتقال الى الاشتراكية ولم تعد ثمة حاجة الى الاطاحة بالدولة القائمة من اجل تحقيق الثورة. اصبح بالامكان الانتقال الى الاشتراكية في مثل هذه الدولة انتقالا سلميا.
ليست دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية دكتاتورية بروليتارية، انها دولة تقودها البروليتاريا ولكنها تضم الفلاحين بكامل مراتبهم وبعض العناصر البرجوازية الوطنية في المدينة التي تساهم في الثورة البرجوازية مع البروليتاريا. ومهمة التحول من الثورة البرجوازية الى الثورة الاشتراكية تتطلب الحد من دور هذه الطبقات في الدولة الصينية بصورة تدريجية.
يتم هذا الصراع التدريجي نحو الانتقال الى الاشتراكية باشكال عديدة. منها ان تقوم الدولة الجديدة بمشاريع دولة. ومشاريع الدولة في هذه الفترة تكون على شكلين على الاقل. مشاريع تكون على شكل راسمالية الدولة، اي مشاريع تعمل على اساس الانتاج السلعي ويجري الانتاج فيها على اساس التبادل السلعي شأنها في ذلك شأن المشاريع الراسمالية الاخرى. ولكن هذه المشاريع لا يكون الاساس الاقتصادي فيها الربح كما هي الحال في المشاريع الراسمالية الاخرى بل تكون منافسة لهذه المشاريع وتكون اهدافها هي التقليل من استغلال العمال وجعل اجور العمال واحوالهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية مثلا يجبر المشاريع الراسمالية على اتباعه وبذلك تحد من درجة استغلال المشاريع الراسمالية للطبقة العاملة.
وزيادة في الحد من استغلال المشاريع الراسمالية تقوم الدولة بتشجيع الراسماليين على الانضمام الى مشاريع الدولة في مشاريع مشتركة لقاء قدر من الارباح وبذلك تحد من استغلال البرجوازية للطبقة العاملة.
ولا يقتصر عمل الدولة على انشاء المشاريع الكبيرة على اساس الانتاج السلعي بل تقوم الدولة بانشاء مشاريع قائمة على اساس جديد يكون نواة للمشاريع الاشتراكية. وهذه المشاريع تكون مشاريع تخدم المجتمع كله بصورة مباشرة او غير مباشرة بدون ان يكون اساسها الانتاج السلعي، بمعنى ان انتاجها يقدم الى الشعب كله بدون مقابل. فمشاريع الصحة العامة مثلا تقدم الى الشعب كله مجانا وبصورة دائمة التطور. ومشاريع التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي والتكنيكي المجانية هي الاخرى تهدف الى محو الامية وتطوير عناصر الطبقات الكادحة، وهو ما لم يكن متاحا وليس متاحا للطبقات الكادحة في احسن البلدان الراسمالية تقدما.
والخلاصة هي ان هذه الدولة، بالاستناد الى الجماهير الشعبية، تقوم بتضييق الخناق على الطبقات المستغلة وتحقيق التغيرات الاشتراكية بدون حاجة الى ثورة مسلحة.
في رايي ان دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية او الديمقراطية الشعبية في الصين فشلت في السير حتى النهاية في هذا الاتجاه. فبدلا من التضييق التدريجي على الطبقة الراسمالية شجعتها على النمو على اعتبار انها طبقة وطنية او طبقة غير معادية للتحول نحو الاشتراكية. فنمت البرجوازية وازداد نفوذها داخل دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية بحيث اتجهت هذه الدولة الى التحول تدريجيا الى دولة راسمالية بدلا من التحول الى دولة اشتراكية.
فما نراه في الصين اليوم في الاتجاه الذي يسمونه اقتصاد السوق ليس دولة عمال وفلاحين ثورية بل دولة راسمالية تتحدث عن الشيوعية ولكنها بعيدة كل البعد عن ان تسير في اتجاه الاشتراكية.
فالى اين تسير الصين؟ انها تسير في اتجاه التحول الى دولة راسمالية خالصة دونما حاجة الى التظاهر بالشيوعية والماركسية وماو تسي تونغ. فمصير الدولة الصينية هو نفس مصير الدولة السوفييتية.
ارجو ان يكون في جوابي هذا اجابة ولو سطحية على سؤالك قارئي العزيز.
حسقيل قوجمان
١٦ تشرين الاول ٢٠٠٤



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاممية البروليتارية
- جواب على رسالة
- الماركسية والدين
- رجوع عجلة التاريخ الى الوراء
- دروس من ثورة تموز
- وأد ثورة تموز
- من وحي كتاب فهد (حلقة اخيرة) شخصية فهد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة عشرة) الاممية الشيوعية
- استشهاد وحيد منصور
- وجاء الفرج
- كيف يصبح الانسان ماركسيا
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة عشرة) التطور العقلاني في الص ...
- النقابات العمالية، مصادر قوتها واسباب ضعفها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية عشرة) سياسة لينين الاقتصادية ...
- ِتحية اجلال واكرام للفيلق السادس
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الحادية عشرة) اخيانة عظمى ام تصفيات ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده
- الاحتفال الاول بعيدنا الوطني الجديد


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من اين والى اين تسير الصين؟