|
سُفراء المُحاصصة الطائفية والسياسية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20 - 11:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقوم الدول المُقتدرة والغنية ، عادةً ، بتقديم تبرعات للبلدان الفقيرة المنكوبة بكوارث طبيعية .. أو إعطاء تبرعات نقدية أو عينية لبعض الدول ، وكجزءٍ من لعبة السياسة ، تستخدم الدول المتبرعة ، هذه المناسبات ، عَرضياً ، في سبيل تكريس مصالحها والدعاية لنفسها .. وهذا أمرٌ معروف وجارٍ على الساحة الدولية . وإذا كانتْ " الدعاية " هي القاسم المُشتَرَك لجميع التبرعات ... فأن هنالك إختلافات في كيفية وطريقة ، تقديمها ، حسب كُل حالة . فعلى سبيل المثال تقوم الولايات المتحدة الامريكية ، بتقديم " معونات " لكثيرٍ من البلدان ، لكنها تشترط عليها ان تكون على شكل أسلحة وذخيرة وتدريب للقوات ، كما يحصل مع مصر منذ أكثر من ربع قرن . أو توزيع " الرز " الامريكي ، على بعض المناطق الفقيرة ... وتقوم مئات وسائل الإعلام بنقل تفاصيل الخبر مُبرِزةً عبارة " تبرع من الشعب الامريكي " . تُفّضِل معظم الدول المتبرعة ، ان تقوم هي نفسها ، بالإشراف على توزيع التبرعات ، إذا كانتْ عينية أو أموال نقدية ، على مُستحقيها من المتضررين ... أو القيام بتنفيذ مشاريع إعادة البناء او المستشفيات او المدارس وغيرها . وبهذه الطريقة ، تحصل الدول المتبرعة ، نتيجة التراكم ، على شعبية ونفوذ في تلك الاوساط المستفيدة ، تستخدمها الدول عادةً ، في أغراض سياسية !، أو المؤسسات الدينية لأهداف آيديولوجية . وهذا واضحٌ للعيان ، مع " المساعدات " السعودية والقَطرية ، للبنان مثلاً . فالحكومات اللبنانية ، ليست الأكثر فساداً والشفافية متوفرة ولو بحدودها الدُنيا .. لكن قطر والسعودية والامارات وايران ، كُلٌ حسب مراميه ... تقوم بصرف تبرعاتها بنفسها ومن خلال مؤسساتها ، ولا تُسَلِمها الى الحكومة اللبنانية مُطلَقاً !. فنادرا ما تقوم السعودية مثلاً بصرف دولارٍ واحد على جنوب لبنان ، كما لاتقدم ايران شيئاً الى شمال لبنان !. على كُل حال ... حدثتْ فيضانات مُدّمِرة في صيف 2010 في الباكستان ، أدتْ الى إتلاف مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية ، ومقتل أكثر من 1500 شخص . وكالعادة ، قامت العديد من الدول بِمَد يد المساعدة .. ونَظمتْ كُل من السعودية والكويت ، حملات تبرع شعبية ، لجمع الاموال ، للمنكوبين .. إضافةً الى التبرعات الحكومية . حتى إندونيسيا الفقيرة قّدمتْ مليوني دولار لباكستان . بادرتْ الحكومة العراقية وبموافقة مجلس النواب ، لتقديم عشرة ملايين دولار الى باكستان ، دعماً لمنكوبي الفيضانات في 23/9/2010 . وهو نفس المبلغ الذي تبرعت به المملكة السعودية . وفي حين أشرفتْ الحكومة السعودية ، على توزيع مساعداتها مباشرةً " لأنها بالتأكيد تدرك أولاً ، الطبيعة الفاسدة للمسؤولين الباكستانيين ولا تثق بهم في المسائل المالية ، وثانياً انها ستحصل على دعايةٍ أكثر حين تقوم بالإشراف المباشر على التوزيع " . وحتى أندونيسيا التي تبرعتْ بمليوني دولار .. إستثمرتْ الأمر ، وقامتْ سفارتها بتنظيم إحتفالٍ كبير دعتْ اليه مجموعة كبيرة من الدبلوماسيين ومُختلف وكالات الانباء المحلية والعالمية والإعلاميين .. وقّدمتْ شيكاً بالمبلغ الى المسؤولين الباكستانيين ، على رؤوس الأشهاد . إلا العراق ... فلقد قام السفير العراقي العبقري ( الدكتور رشدي محمود العاني ) .. بالذهاب الى [ منزل ، وليسَ مقر عملهِ ] رئيس الوزراء الباكستاني ، لوحدهِ ، مُستصحباً معه مترجماً محلياً فقط ، ولم يأخذ معه ولو موظفاً او مساعدا واحداً ... والمصيبة ، انه في الجانب الآخر .. كان رئيس الوزراء الباكستاني ، ايضاً ، وحده ، مع مدير مكتبهِ فقط .. ولم يتم نقل الخبر تلفزيونياً ، ولم يكن هنالك اي صحفي او كاميرا او وسائل إعلام .. سّلمَ له الشيك ووّقع رئيس الوزراء على الاوراق وإنتهى الأمر . حتى الصحافة المحلية لم تُشِر الى الموضوع !. كُل العالم عرفَ والشعب الباكستاني رأى ، بأن اندونسيا تبرعتْ لباكستان بمليوني دولار ... بينما لم يسمع أحد على الإطلاق .. ان الشعب العراقي رغم مِحنهِ ، قّدمَ عشرة ملايين دولار !. هذا نموذجٌ بسيط .. لسُفراء المُحاصصة الطائفية والسياسية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنتفاضة الشعب السوري
-
الحظر الجَوي .. بداية اللعبة
-
بين المواطن والسُلطة
-
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
-
طقوس الفَرَح
-
إنتفاضة دهوك 1991
-
مَنْ المُصاب بالصَمَم ؟
-
إستجواب برهم صالح وخطاب البارزاني
-
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
-
وكيل وزير يَشتُم المُدّرِسين !
-
إنتفاضة 1991 ألمَنْسِية
-
إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم
-
تصارُع أحزاب السُلطة في مُظاهرات يوم الجمعة
المزيد.....
-
لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به
...
-
لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
-
ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
-
البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد-
...
-
لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي
...
-
لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
-
الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين
...
-
استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا
...
-
حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
-
لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|