أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نضال نعيسة - قومنة الثورات














المزيد.....

قومنة الثورات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 14:25
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


يحاول بعض كتبة السلاطين المأجورين إعطاء صفة "العربية" على هذه الثورات التي تجتاح الشارع في عموم المنطقة من أقصاه لأقصاه، ويطلق البعض عليها الثورة العربية الكبرى، وثورة العرب، والثوار العرب، وما شابه من ألقاب وألفاظ قد تبدو بعيدة فعلاً عن السبب الحقيقي لقيام هذه الثورات. فشعارات من مثل العرب والعروبة والقومية العربية غابت عن معظم هذه الشوارع/، لأنها تسبب حساسية خاصة لمكونات تشاركنا هذه الطبيعة التي لم يكن لها أصلاً، ومن الأساس، أية صفة قومية.

ومن الجدير ذكره أيضاً أن هذا الشارع يحتوي قوميات وإثنيات وأعراق أخرى كثيرة، متضررة جميعها من الممارسات الاستبدادية والقمعية، وقامت وشاركت جنباً إلى جنب مع "العرب" إن صحت التسمية في إنجاح الثورات وإسقاط ثلاثة من الطغاة العرب حتى الآن. ولقد اندلعت الثورة التونسية مبكراً وكانت شرارة للثورات العارمة الأخرى من دون أن ترفع ولا يافطة قومية أو عروبية ولم تكون القومية دافعها بل الجوع وإفقار الفقرء وإثراء الأثرياء، فالعروبة هي الغائب الوحيد عن مسرح الثورات وليس كما يشيع بعض من هؤلاء المخمورين بفكر القومي ويتغنى ببطولات وأمجاد العرب لوحدهم من دون الإتيان على فضل ومساهمة القوميات والإثنيات والأعراق الأخرى الشاغلة لهذه الجغرافية الملتهبة، والتي تسمى بالوطن العربي، ومن الغبن هضم حقوقها الوطنية وإبعادها عن أي حراك وطني وثوري.

ولو نظرنا للثورة المصرية مثلاً فنعلم مدى اعتزاز كثير من المصريين بأصولهم الفرعونية، وإعلان ذلك على الملأ من قبل البعض، وقطعهم مع كل التيارات القومية والعروبية التي لم تجلب للمنطقة سوى الهم والغم والقمع والفساد والاستبداد والضباط المستبدين الظلمة "الأحرار"، ناهيك عن وجود العنصر القبطي على خط الثورة المصرية، وهؤلاء من دون شك، وكما هو مثبت تاريخياً، هم سكان مصر الأصليين، ولم نسمع، أو نرى أية شعارات قومية عروبية رفعت في ميدان التحرير بل كان اسم مصر يعلو فوق كل اسم.

وكذا الأمر بالنسبة للثورة الليبية مع علمنا اليقين بوجود قسم كبير من السكان والمواطنين الليبيين من القومية الأمازيغية، غير العربية، وممن تضرروا من تهريج العقيد، وسياساته القمعوية النهبوية الاستبدادية والعروبية القومية، وثاروا على فساده وتجويعه لشعبهم الحر الأبي، ومن غير الجائز رد ثورتهم للعرب، أو القول بأنها ثورة عربية خالصة، وللعرب، وقام بها عنصر عربي خالص، ما يشي بأن الآخر الوطني "غير ثوري" أو غير معني، وهذا انتقاص من عظمة هذه الثورة بشقها ووجها الإنساني، كما هو انتقاص من أعراق وقوميات أخرى تشارك "العرب" هذه الجغرافيا، وهذا الفضاء.

وقد نصاب بالدهشة إذا علمنا أن من بين ثوار البحرين، المتضررين من السياسات القمعية والعنصرية التمييزية لملك البحرين، هم من أصول إيرانية، غير عربية، لكن لا يشك في ولائهم الوطني البحريني، ويريدون دولة مواطنة وحقوق ودستور بعيدة ‘ن أي شعار قومي عربي، لا مصلحة لهم به على الإطلاق، بل إن الإفلات منه، ومن الكابوس القومي الذي ارتبط بالفساد والاستبداد، قد يبدو إحدى دوافع هذه الثورات، لاسيما ونحن نعلم مدى حساسية وعدوانية السياسات التي تنتاب العلاقات البينية فيما بين ما يسمى بالدول العربية. ومن محطة أخرى من عـُمان، التي شملها إعصار البوعزيزي، لا بد من الإشارة لوجود العنصر والقومية "البلوشية"، غير العربية بالمطلق والتي لها مصلحة حقيقية في الخروج من نفق الاستبداد والديكتاتورية العروبية السلطانية "القابوسية".

لا ننكر لا على العرب ولا على غيرهم الحق في الثورة والثورات والتظاهر، ولكن إضفاء صفة قومية بعينها، رغم الاعتراف بغلبة سكانها على الأرض، ما هو إلا إعطاء صفة غير وطنية لهذه الثورات، وهو إقصاء واحتكار واستبداد آخر لا يقل بشاعة عن إقصاء واحتكار أنظمة الاستبداد ذاتها التي تقوم الثورات اليوم لإزاحتها، والتخلص من جبروتها وطغيانها، ورجسها وآثامها الكثيرة التي أصابت الملايين بـ"عطل وضرر وعجز وشلل دائم" عن ممارسة أي نوع من الحياة الطبيعية، أو التمتع بما منحته الطبيعة لبني الإنسان. كما أن إبراز مكونات قومية، وإقصاء وازدراء مكونات أخرى، ليس من طبيعة ولا من شيم الثوار الأحرار الأبطال، و"دول الثورات" القادمة، المفترض أن تكون وطنية الهوي والهوية، كي لا تقع مجدداً في مطب الفرز والاستئثار والعصمة والتميز والاستبداد.

ولكن مما يلاحظ أن "الشبابية" هي الهوية المميزة لهذه الثورات وليس عواجيز الإيديولوجيات والأحزاب المتكلسة الغبراء. فالشباب المتعولم المسلح بتكنولوجيا العصر وثورة المعلومات هم وقود، وأدوات ومحركات هذه الثورات، ممن راعهم الحال المزرية التي وصل إليها آباؤهم بفعل التجويع والإفقار والرثاثة والرداءة والبؤس الحصار وانسداد الآفاق، وأردوا، وبحسهم المرهف النبيل، أن يقطعوا الطريق لمصير أسود مما ينتظرهم في ظل هذه الأنظمة التجويعية الإفقارية كان قد وصله وعاشه ولاقاه آباؤهم في ظل أنظمة التجويع والإفقار التي ضحكت عليهم وباعتهم الوهم القومي والإيديولوجيات البالية غير الصالحة للحياة.

هذه الثورات ما هي إلا ثورات وطنية تحررية إنسانية تنويرية الطابع شبابية الوقود والأدوات، ضد الفساد والقمع واحتكار الثروة والسلطة ويقبع فوق الجميع طاعون الاستبداد. وهذه القومنة وإعطاء ثورات الشوارع أية هوية "قومية" أو إيديولوجية ما هو إلا عودة مخزية ومحزنة لمربع الاستبداد الأول الذي بدأته "الثورات" القومية وعصر الإيديولوجيات الذي أفل وغاب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر أيام القذافي
- مذابح البحرين: آخر حروب ومغامرات آل سعود
- لا للقرصنة والاتجار بأسماء الناس
- دريد لحام: بطولات الوقت الضائع
- انهيار الإيديولوجيات السلفية والقومية
- لماذا لا تغلق القنوات التلفزيونية الرسمية العربية؟
- طغاة أم جُباة؟
- لماذا لا يتشبه لصوص العرب الكبار بالكفار؟
- جنرالات الأمن العرب في قفص الاتهام؟
- بيان عاجل من الشبكة العربية لحقوق الطغاة، وهيئة كبار السفهاء
- جنرالات الإعلام العربي: الجزيرة والعربية أنموذجاً
- إلام يكابر القذافي؟
- لماذا لا يحاكم الطغاة ووزراؤهم، أيضاً، بتهم الإبادة الجماعية ...
- قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق
- خسئتم يا سيادة العقيد
- الراشي والمرتشي في النار
- رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل
- الحمير هي الحل
- رأس الأفعى الوهابية: مزبلة الطغاة العرب
- تنازلات الطغاة العرب قي الوقت الضائع


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نضال نعيسة - قومنة الثورات