أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر فريد حسن - محمد البطراوي يموت واقفاً كالأشجار














المزيد.....

محمد البطراوي يموت واقفاً كالأشجار


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 13:11
المحور: سيرة ذاتية
    


شاءت الأقدار ان يغيّب الموت محمد البطراوي (أبو خالد)، الرمز الثقافي، والشخصية الأدبية اللامعة،وسنديانة الثقافة الفلسطينية ،وعرّاب الأقلام والأصوات الأدبية في المناطق الفلسطينية المحتلة ، وشيخ النقاد والمثقفين ، بعد يوم من كتابة مقالي في الأسبوع المنصرم، الموسوم (أهكذا يكرّم أبو خالد البطراوي في كهولته؟).
ويبدو أن العم ابو خالد بقلبه الرهيف الحساس لم يحتمل قرار السلب والطرد من بيته فانسحب من الحياة بهدوء وصمت كهدوئه في حياته،بعد النوبة القلبية التي داهمته على حين غرّة ، وكأنه يريد أن يقول : لن ارحل ولن اترك البيت الا الى المرقد الأبدي. وهذا ما كان.
وقد تصادف هذا الرحيل،يوم الثالث عشر من آذار، مع ذكرى ميلاد الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش ومع اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية ، وفي ذلك دلالة كبيرة ورسالة واضحة.
عرفت المرحوم محمد البطراوي قبل اكثر من عقدين ونيّف ، عندما كنت شاباً يافعاً ويانعاً،يعشق الادب ويهوى القراءة والكتابة ويرتاد المكتبات ومعارض الكتب في نابلس ورام اللـه وجنين والقدس،بحثاً عن عناوين جديدة ، وكانت دار صلاح الدين في القدس آنذاك تؤدي دوراً ثقافياً مهماً في تنمية الوعي القرائي ونشر الأدب الوطني الفلسطيني الملتزم.
في تلك الفترة كنت ابعث ببواكير نتاجي الأدبي الى الصحف والمجلات الفلسطينية ، التي كانت تصدر في الضفة الغربية وقطاع غزة مثل :(الشعب ، الفجر، الكاتب ،الشراع ، العهد، الميثاق، البيادر الادبي،الطليعة،الفجر الادبي، الشروق) وغيرها. وكان الناقد محمد البطراوي يشرف على الزاوية الادبية في مجلة (الكاتب) المحتجبة ، التي كان يحررها ويشرف عليها مؤسسها الصديق الشاعر اسعد الاسعد ، وكنت ابعث بكتاباتي الى (الكاتب)وسواها بالبريد المسجل او العادي، في مرحلة لم نعرف فيها لا الناسوخ ولا الحاسوب والبريد الالكتروني ،وكان أبو خالد البطراوي يراجع مقالاتي الأدبية وينقحها وينشرها بكل ترحاب ، واحياناً كان يعتذر عن النشر لأسباب خارجة عن ارادة المجلة ،ويعني بذلك الرقيب العسكري الاحتلالي . وتوالت الأيام وجمعتنا بالعم ابو خالد وتعرفت عليه والتقيته في رام اللـه وفي مهرجانات الأدب الفلسطيني في القدس ، لكن ظروف الحياة والانتفاضة الشعبية والحواجز العسكرية والاغلاقات المتتالية حالت بيننا ، وبقيت اتابع نشاطه وعطاءه وكل ما يقدمه من خدمة جليلة لحركة الثقافة والابداع الفلسطيني واثراء للأدب الفلسطيني وللعملية النقدية . وحين علمت بالقرار الظالم بطرده من بيته الذي سكنه دهراً ،تألمت كثيراً وتوجعت لما لهذا البيت من مآثر وطنية وثقافية عديدة، وسارعت للكتابة عن هذه المسألة والتساؤل بحرقة وغصة:(أهكذا يكرّم أبو خالد البطراوي في كهولته؟).
برحيل محمد خالد البطراوي تفقد الحياة الثقافية والفكرية الفلسطينية مفكراً وعلماً بارزاً وشامخاً من أعلامها الأفذاذ ورائداً من روادها المعاصرين ، وذواقة أدبية ،وناقداً حصيفاً رعى الكتاب والناشئة وأخذ بأيديهم . وتخسر بكل المقاييس انساناً وطنياً متواضعاً هادئاً صاحب قيم ومواقف وأفكار ورؤى ، ومثقفاً عضوياً حقيقياً ملتزماً كرّس حياته وجنّد قلمه للثقافة ، التي آمن بها وبدورها العظيم، وبرسالتها الثورية في الحياة الاجتماعية والنضال الطبقي العمالي والكفاح الوطني التحرري للشعوب المقهورة المستلبة الواقعة تحت نير الظلم والاحتلال والاضطهاد والاستعمار .. مثقفاً عمل وناضل من اجل مصالح فقراء شعبه وكادحيه ومعذبيه مما يحقق لهم الغد السعيد والمستقبل الجميل، والمشروع السياسي والاجتماعي في التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ومن نافلة القول ، ان محمد البطراوي هو رمز ثقافي ساطع أرسى عماد الثقافة الوطنية الفلسطينية ، وظل بيته على الدوام بيتاً مفتوحاً على مصراعيه امام عشاق الأدب والثقافة والمعرفة ، وشكّل فضاءً للثقافة والابداع والسجال الثقافي والمعرفي الابداعي ، وكان له الدور البارز في التأسيس لحركة ثقافية شعبية واقعية وديمقراطية ملتزمة ، ووقف بشدة ضد الانقسام والتشرذم في الشارع الفلسطيني ، وعمل على رأب الصدع بين القوى الفصائلية الفلسطينية ، واعادة لحمة الكتاب والمبدعين الفلسطينيين في اطار اتحاد الكتاب الفلسطينيين بعد انقسامه الى اتحادين،داعياً الى اقامة وتشكيل رابطة للمبدعين والمثقفين الفلسطينيين تكون بمثابة برلمان ضاغط للدفاع عن قضايا الوطن المصيرية ، والاستفادة من تجربة المثقفين الفلسطينيين في اربعينات وخمسينات القرن الماضي.
وفي النهاية ، فاننا أيها العم ابو خالد نترحم عليك ونبكيك ونودعك بالآهات والزفرات ودموع الوفاء، وموتك خسارة عظيمة للثقافة الوطنية والشعبية والديمقراطية الفلسطينية وللفكر التنوري التقدمي الحر ، ونقول في وداعك ما قاله الشاعر احمد حسين في رحيل شقيقه الشاعر الباقي راشد حسين :
نم في ثراك فلست أول عاشق
قتلته أعين أرضه النجلاء
وستظل منزلتك وذكرك في القلب أبداً، يا حارس الثقافة المقاومة والأدب المناهض للقهر والظلم والطغيان.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الاصلاح) مشروع ثقافي لم يكتمل..
- العدد (12) من مجلة -الاصلاح -الثقافية
- توفيق طوبي رجل المواقف والمهمات الصعبة
- أهكذا يكرّم ابو خالد البطراوي؟!
- تحية حب واضمامة ورد الى المرأة العاملة في عيدها
- لكل جواد كبوة : كبوة سميح القاسم
- مرة اخرى عن جابر عصفور و-جائزة القذافي-
- نظرة على تطور الادب القصصي الفلسطيني ابان الانتداب
- هاشم كلوب : الفنان الفلسطيني الطالع من عمق المخيم
- وقفة مع الشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح
- نبذة عن الأديب والمؤرخ محمود كناعنة
- -الفيتو-الامريكي وكيفية الرد عليه
- المثقف موقف..!
- سقوط الدكتاتور وانتصار الثورة
- ثلاث سنوات على الغياب :الشاعر نزيه خير صنوبرة الكرمل الخالدة
- الثقافة الفلسطينية في المواجهة
- ملف خاص عن الثورة التونسية والأدب التونسي في العدد الجديد من ...
- الشاعر فوزي عبدالله الحاضر في الذاكرة والوجدان الشعبي
- إنتحار المثقفين..!!
- أكرم أبو حنا كاتباً وفناناً


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر فريد حسن - محمد البطراوي يموت واقفاً كالأشجار