أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - تشييع الذي لم يمت..!!














المزيد.....

تشييع الذي لم يمت..!!


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


تشييع الذي لم يمت..!!
(قصة من الخيال السياسي)
طالب عباس الظاهر
أستغرب المشيعون العرب من خفة التابوت الذي يحملونه فوق اكتافهم لمواراة جثمان اخيهم الفقيد الثرى، وحسبوا بأن مؤامرة مدبّرة ربما ستسفر عنها تلك الخفة، أو لعلّهم وقعوا مجدداً ضحية فخٍ شائك او دسيسةٍ محكمة، وكان المصري اول من توجس خِيفةَ، بفعالية حاسة الشم الخبيرة لديه وبحكم موقعه وتجربته، لذلك صرخ محذراً:
ـ توقفوا رجاءً..!!
مشيراً إلى ضرورة فتح التابوت ـ بالرغم من كل التحذيرات والأوامر ـ كي يتم التأكد من هوية الفقيد للأطمئنان على موته، والأهم قطع الشك باليقين من وجوده في التابوت فعلا، وإلا سيكون عليهم جميعا الاسراع اليه لتقديم الاعتذار والتهاني على السلامة واطلاق بيانات التنديد والاستنكار بصوت عال والدعوة للمظاهرات لشجب المؤآمرة القذرة والفعل الجبان الآثم..!!
ملمّحاً بخطورة التواني وضرورة الحزم بحسم الامر قبل بلوغ الجبانة الكبرى.. اذ ان هناك سيكون من السهولة بمكان على الاعداء خلط الاوراق أو كشفها، والتلاعب بالجثامين وبالهويات ايضاً من اجل اتمام الدفن بسرعة ـ طبعا في حالة التأكد من حقيقة الجثة ـ ومن ثم الاستعداد لدعوة كافة وسائل الاعلام لتغطية مراسيم الدفن والتشييع وإلقاء نظرة الوداع الاخيرة على الفقيد بتابوت آخر وجثمان صناعي قد أعدّا خصيصا لهذا الشأن، ليتسنى حينها تفجير المفاجأة الكبرى، بالتبشير عن نبأ تدشين مرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة الموبوءة بالتوترات..!!
فتنحنح المصري بعد ان انهى خطبته وهو يحاول التأكد من سلامة وضع ربطة عنقه.. منتظراً ردّة الفعل والأثر الذي تركه في الآخرين، فعبّر الاردني عن تأييده بقوة هامسا:
ـ نعم، يجب ان تنتهي هذه المشكلة.. لقد أخذت من الزمن أكثر مما يجب..!!
فأعقبه السوري مؤيداً بهزه من رأسه، وهو يستحث اللبناني بنظراته للأعراب عن موافقته تشجيعاً للآخرين، وفعلا اعرب عن رأيه بهزات متتالية من رأسه، بينما تحلق اربعة رجال من دول المغرب العربي في شبه دائرة مفرغة وطأطأ الباقي من المشيعين رؤوسهم، فيما يشبه الرفض الايجابي او الموافقة السلبية.. الذي دأبوا على اتخاذه كموقف حازم تجاه الاحداث المصيرية خلال الآونة الأخيرة..!!
فتساءل السعودي حينها بعد ان أحكم من وضع العباءة على منكبيه العريضين قائلاً:
ـ فعلا لم يكن المرحوم يوماً بهذا الوزن الخفيف إلاّ إن..................!!
فقاطعه القطري بطول أناة ورحابة صدر، مشفّعاً كل ذلك بأبتسامة بانت صفراء شاحبة كوجوه الأموات، وهو يقول:
ـ لا داعي للعجلة يا........... ففي العجلة ندامة، والوقت لم يأزف بعد..!!
فأبتسم الاماراتي الذي كان يقف الى جانبه، وسرعان ما سرى الابتسام على شفاه البعض وطغت على قسماتهم علامات الارتياح لسرعة بديهيته وحنكته العالية، بينما ظل الكويتي يراقب الموقف عن كثب ولكن بأمتعاض. اما البعض الاخر فبانَ مندهشاً لما يرى ويسمع، ومستغرباً مما يحدث امامه، وقد اختلط عليه وجه الحقيقة وتشابه كيد الاخوة، فازدادت حيرته ما بين كونه جاء مشاركاً في تشييع جنازة اخٍ صنديدٍ، بدوافع نبيلة وبحس وطني وانساني، وبين تحوله الى حلقة من حلقات التآمر بما يشبه القتل له، والادهى كما يبدو مشاركة المتلطخين بدمه في الحيلولة دون افتضاح آثار تلك الجريمة، والتغطية على المجرمين من محترفي الطعن الاخوي المستتر..!!
لذلك قفز أحدهم محتجاً، وهو يتحسس شيئاً ما في حزامه الجلدي العريض، كأنه يستنجد باصالة الاجداد والعزم على تحدي كل تقنيات العصر الحديثة قائلاً:
ـ أيها الاخوة الاعداء.. أفيدونا.. افادكم الله.. ما الخطب؟!
استدارت نحوه الاعناق، فألتهمته العيون، ثم مرّت برهة من السكون الناطق بألف احتمال، الا ان صمتاً مريباً جثم على الجميع فجأة وراح البعض ينظر في وجه الآخر ليس لصعوبة الجواب.. بل للغفلة في السؤال..!!
هنا قطع الناعي على الجميع بلادة اللحظة، وبلاهتها المستطيلة الى ما لا نهاية وهو يستغل الفسحة الزمنية ما بين الحماسة والبرود وانشغال الكل بنفسه، وذهوله هرباً او تهرباً ليقول بهدوء:
ـ لا عليكم أيها السادة، فإن فقيدكم هذا لا جسد له، فان اوصاله تناهشتها مخالب المؤآمرات والخيانات والحروب.. وهكذا ستترا جميع ضحاياكم..!!
[email protected]



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة وطن؟ أم أزمة مواطنة؟!
- عروس الفجر
- صراخ الصمت
- هجرة الطيور-قصة قصيرة
- رحلة إلى العالم الآخر- قصة قصيرة
- رمياً بالزواج - قصة قصيرة
- الزهايمر - قصة قصيرة
- الإنتقام الصامت
- قصة قصيرة جداً الموناليزا طالب عباس الظاهر نظر إليها، كان ال ...
- رؤيا
- باراسيكلوجي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - تشييع الذي لم يمت..!!