|
الثورة والوضع الراهن
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3308 - 2011 / 3 / 17 - 23:19
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
إذا كانت الامبريالية بالقيادة الأميركية غير متوافقة على تصور مشترك للوضع الراهن عربياً ، فهذا يشير إلى حقيقة الزلزال العربي احدث صدمة فاجأت الجميع وأربكت مخططاتهم ، وحتى لا يكون دورها توريطاً ، وحتى لا يجيء فجا، فقد ارتبكت مواقفهم وغابت وحدة الموقف ، التي على عكسهم اتفق العرب عليها في الجامعة العربية ، بان طلبوا إلى أوروبا وأميركا ، إنشاء منطقة حظر جوي وبعض الضربات الوقائية في ليبيا ، وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ ، حيث انه كان الأجدى إن تقوم الدول العربية التي أصبح حكامها ثورين !! ومع الجماهير ضد الحكام بفعل الضرورة ، إن يقوموا هم بدعم ثوار ليبيا ، وليس بالضرورة حظراً جوياً ، بل دعماً لوجستياً أضعف الإيمان. ولكن الرغبة كانت تراود أميركا وحلفائها ، بأحداث تغير جيوسياسي في المنطقة ، أفشلته انتفاضة الشباب العربي ، وجعلت تلك الخطط غير صالحة للاستعمال ، وعلى أصحابها إعادة النظر في مواقفهم ، وحتى يتم لهم ذلك فعليهم الانتظار حتى تستقر الأمور ، وهذا ما منع أميركا من الانتقال الى صفوف الثوار الليبيين رقم كرهها للقذافي ، وهذا ما دفع روبرت جيتس للإسراع لزيارة القاهرة ، وحفز وزير حرب إسرائيل ( براك ) لطلب زيارة الجيش المصري والتي لم تلب حتى ألان ؟؟ وأخيرا زيارة كلينتون الى القاهرة ولقاها مع مختلف القيادات من المجلس العسكري حتى وصلت إلى ميدان التحرير ، هذا جميعه تعير عن حالة قراءة ومحاولة تقدير موقف أميركي مبكر ، لثورة عربية متدحرجة وصلت الى الخليج ومنابع النفط ، وضغطت على العصب الأمريكي ، فلم يعترض على دخول قوات (درع الجزيرة ) الى البحرين ، مما يذكر بدخول قوات الردع العربي بقيادة سوريا الى لبنان عام 1967 وكانت نتيجتها ضرب الثورة الفلسطينية وتحجيمها تمهيداً لما هو اخطر وقد حصل عام 1982 . وحيث إن الحكام العرب ، وحسب ما هو معروف ، وحسب ما ظهر في مقررات الجامعة العربية وقدراتها وتوافقانها ، فان الثورة يجب ان تظل منتصرة ، وخاصة في ليبيا ، ولن تتحمل الشعوب العربية هزيمة هناك ، تكون ذات مضامين تشجيع لأنظمة القمع العربي ، بعد ان شعرت أميركا وحلفائها بالهزيمة لما حصل في تونس ومصر ، وان القبول بالقمع أهون من الرضوخ للثورة ، وهكذا لم تنتصر لثوار ليبيا ، رغم القصف بالطائرات وحرب الإبادة ، وسكتت عن الدعم العسكري السعودي للبحرين ، في رسالة واضحة للشعوب العربية بان معيار السكوت عن حركة تغير الأنظمة يقتضي التحالف مع الامبريالية . بالتأكيد إن إسرائيل أمنا وسلامة هي محور هذا الموقف ، وهي القاعدة المتقدمة والمضمونة لقيادة العربة الأميركية بالمنطقة ، وعليه فان البحر المحيط بتلك الواحة ، يحتاج الى كواسر للأمواج ، إلا إن كانت غير عاتية ، وهو أمر ليس مضمون بعد ، صحيح ان الثورات في تونس ومصر كانت ذات طابع اجتماعي داخلي ، ولم تعلن موقفها الخارجية او السياسية ، إلا انه من المعروف ارتباط الشعوب العربية ( بالقضية المركزية ) وان إنهائها هو ضمان لاستقرار هذه الشعوب وطريق استكمال ثوراتها ، فقد اعيب على مبارك علاقته بأمريكا وإسرائيل ، كما هو الحال مع تونس ، وفي هذا السياق فان نجاح الثورة الليبية سيدعم / بحكم ثروته النفطية / نضالات الشعوب العربية ويوفر مناخ إضافيا للتغير ، الذي يجد كماله في حسم الصراع الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وإقامة منظومة عربية حاربت أوروبا قبل الوراثة الأمريكية قيامها منذ القرن السادس عشر . وان كانت الثورات لا تُستنسخ الا أنها ذات أشعاع والهام دفع لتحرك جيل عربي خارجاً عن تخشب حركة التحرر المستنفذة وكافة قواها التنظيمية بما فيها / لما بدا واضحاً / الحركات الاسلامية ، وطرح سبيلاً جديداً ، قافزاً بالضرورة الى القرن الحادي والعشرين ، قافزاً عن سقطة المنهزمين في 67 والمتمردين فيما بعد والحالمين بالوراثة والخلافة بعدهم . وستظل فلسطين بالجغرافيا طريق وحدة الأرض العربية ، وبالتاريخ أزمة أجيالها وشعوبها ، وبالمستقبل طريق استقلالها وانطلاقها نحو التنمية والنهوض ، والخروج من دوائر الاستبداد والسلفية الدينية الفكرية ، وأدرك الشباب الفلسطيني الوضع وتحرك لأخذ دوره لإنهاء الانقسام ، وتوحيد الموقف والحراك مستثمراً الانتفاضة العربية الشاملة ، صاحبة الرسالة الواضحة لإسرائيل ، إن الزمن ليس لصالحكم مهما طال ، وان الأطر السياسية الفلسطينية مطالبة بالرحيل ، وان وحدة الشعوب تكون عبر الانتخابات الديمقراطية ، وضمانها حركة شبابية موحدة ومتحركة وفاعلة . وبالتالي فان الوحدة الوطنية تكون فقط بحل السلطتين ، وتشكيل قيادة وطنية موحدة تدعو لانتخابات ديمقراطية تفرز قيادة سياسية غير انقسامية وغير تحاصصية .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العام والخاص في ثورة التحرر العربي
-
الثورة حركة تغير في التاريخ
-
كل السلطة للشعب
-
زمن الثورة وزمن هزيمة الردة
-
عاشت ثورة الشعب التونسي البطل
-
تحية للشعب التونسي
-
لمصلحة من يذبح المسيحين
-
تحية لعمال سيدي بو زيد
-
عيد الميلاد وفهم الاخر
-
هجرة المسيحين او الغربة الوطنية
-
الثورة هي الحل
-
الفضائية حالة نضالية متقدمة
-
مراجعات نقدية
-
الانغلاق الفكري الديني
-
ثقافة الفكر السلفي العصبوي
-
الراهن الفلسطيني والخيارات
-
حول منع العمل واستهلاك منتج المستوطنات
-
لا زالت الطبقة العاملة قاطرة التاريخ
-
المفاوضات والمرحلة الراهنة
-
المفاوضات والاستيطان
المزيد.....
-
في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
-
شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا
...
-
السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا
...
-
-لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق
...
-
4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي
...
-
حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر
...
-
منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
-
الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند
...
-
صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم
...
-
برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم
...
المزيد.....
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
-
السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ -
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|