أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - سيد حجاب .. المقاومة بالشعر















المزيد.....

سيد حجاب .. المقاومة بالشعر


إبراهيم محمد حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 3308 - 2011 / 3 / 17 - 18:10
المحور: الادب والفن
    


طوفان سيد حجاب .. والمقاومة بالشعر
إبراهيم محمد حمزة


يبدو طبيعيا جدا أن يشعر كل مبدع بانه تنبا بالثورة ، وحذر منها ، وتوقع حدوثها ، وصور وقائعها ، فالمبدعون فى الأصل بشر كالآخرين ، ولذا يرون ويتأملون ، ويتوقعون ، ولكن التأمل الواعى والبصيرة المخلصة قليلا ما تتوفر لشاعر ، مثلما توفرت لسيد حجاب ، وربما يكون مرد ذلك لطبيعته التى تميل للتأمل ، حيث لا يجرى وراء قصيدته – كغيره – إنما يتأمل ويدرس ثم يبدع ، وربما يعرف عشاقه جميعا قوله – والذى كان وقتها لا يصدق وقت توقيع معاهدة " كامب ديفيد " ، حين قال :
خايف لو فقت ليلة النصر / ألاقينا كسبناسينا / بس خسرنا مصر. ثم بدأ حجاب يرتدى أقنعة شخصياته الدرامية ، وينطق بوجع المجتمع ، ممررا فكرة ثائرة أو مقاومة ، ومنبها فى حين آخر ، لفعل التغيير ، وأهمية حدوثه بشكل دائم ،
حتى لا يحدث زلزالا مدمرا :
حوشوا شرارة تطيش تشقق عروشنا
و تغشنا المرايات تشوش وشوشنا
و تهيل تراب ع الهالة و الهيلمان
وها هى شرارة طاشت ، وهالت ترابها على الهيلمان الذى لم يتصور الركوع أو السقوط ، لكن التوقف أمام ديوانه / قصيدته الأخيرة " قبل الطوفان الجاى " يؤكد ريادة حجاب الحقيقية ، وشعوره كشاعر الجماعة ، عبر سنوات طويلة من معايشة الناس ، لأنه لم ينس نصيحة أستاذ الرسم فى مدرسته ، شحاتة سليم ، حين قال له أنك تعيش وسط صيادى مدينة المطرية دقهلية ، وبقلب كل واحد من صياديها حكاية : اكتبها .
ـ قبل السقوط :
تمثل قصيدة " قبل الطوفان الجاى " حالة من التمرد على لغة وصياغة حجاب ، وذلك رغم احتفاظه يبدأ بخطابه الأدبى وبعض من سبل بنائه الشعرى ، يبدأ بقوله :
تاج راس سلالات الجهالات الطغاة الصغار..
ذوي المقامات والمذمات اللصوص الكبار...
أصحاب جلالة العار
أصحاب فخامة الإنبطاح والسعار..
أصحاب سمو الخسة والإنحدار..
أصحاب معالي الذلة والإنكسار..
هذه الغضبة التى يمارسها " حجاب " ضد الطغاة ، تأتى – كعادة حجاب – شاملة لا تبقى ولا تذر ، تأتى متعالية على الرضوخ لانحدار الواقع ، إنما يمارس تشوفه وتأمله ، وإنسانية قصيدته ، يقول :
إبن أدم .. زيه زي الحمار
بين "مول" و"مول" يرمح يشبرق عينيه
شاري دماغه .. وروشنة طحن نار
وليل نهار.. منهار.. متنح سفيه
وعمره لحظة طيش .. وشرفه هزار
عايش حياة أغوات.. بأخلاق عبيد .
هذه غضبة عامة من حجاب ، يداعب فيها جمهوره العاشق لموسيقاه الشعرية المبهرة ( نهار /منهار .. حياة اغوات ) لكن هذا الدمج اللغوى الملفت ، يقع فى منطقة لم يعتدها قارىء حجاب عبر دواوينه السابقة ( فى العتمة – نص الطريق – أصوات ، وقبلها "صياد وجنية )
لذا فهذا الغضب الشعرى ، ربما أعادنا للحس الشعبى الذى بنى " حجاب " مجده عليه فى " صياد وجنية " عام 1966م ، لذا نجد قصيدته تبدأ بالتحية كعادة الشاعر الشعبى
(من بعد حمد الله ..وبه نستعين / وبإسم ناسنا الطيبين أجمعين )
ـ الفضح والتثوير :
إنها التعرية التى يمارسها حجاب هنا ، ليجعلها متفتحة على الكون كله ، هو لا يحاكم نظما مهتزة وعروشا منهارة فقط ، إنما يضع شهادته على كون كامل ، إنه يتدرج بالقارىء – بعبقرية – من التنوير إلى التثوير ، عبر الخديعة البديعة التى يسحب سيد حجاب القارىء من السهولة والوضوح إلى عمق الصورة بسوادها ، وبقدرته الفذة على تشوفها .. إنه عاتب بشدة على التعالى عن المشاركة فى مصائب الآخرين (وإن حشت النار عشة في قندهار/ يقول في باله: أفغانستان بعيد..!/ وكل ناسها..إرهابيين أكيد / ويبلع الأخبار .. بشاي الفطار / وحين تشب النار وتشوي الصعيد / ويهل شيخنا وأبونا إيد حاضنة إيد / وكل واحد له حدا التاني تار / يقول مثقفكوا السلامى الانهزامى البليد : / ده خلاف بسيط واتسوى بين جار وجار )
يستكمل حجاب تطوافه كمواطن عربى ، بكافة مشكلاتنا ، ويضع بصمته وفكرته حول كافة الأمور ، ويتحدث عن نصر الله وجيشه ، حديث المحب الموله ، لكننا سنتعجب من التبسط اللغوى النادر فى شعر حجاب ، والذى يصل به لتجميل التعبير الشعبى المضمخ بالسخرية كقوله (رغم إعترافات العدو بإنه كلها عالقفا! ............ تلاتين سنة .. وأنتو على زحلفة )
حتى يصل الحال بحجاب إلى الثورة الكامنة الكاملة ، من خلال خطابه الشجاع لكافة الحكام الخام الجاهلة يقول بوضوح (يا أجبن الحكام..
ياغرقانين في طين جهالة وعطن..
مفيش سلام بين بندقاني وحمام..
والديب مازال ديب مهما غنى ورطن..
يا أجهل الأصنام
يامهرولين بره التاريخ والزمن
الإستيطان ...عمره مايبقى وطن .
زي "ابن باز"ما أجاز له تشخيره :
ينتقل حجاب إلى موضوعه بمنتهى الوضوح والسيطرة ، كاشفا طبيعة الحكام الجهلة المسيطرين على شعوبها ، محذرا بوضوح شديد من الطوفان الجاى ، (كل اللي لابدين فوقنا ومأبدين / ياللي إنتو مش منا / ولا إنتو أصحاب فضل ولا منة / بس إنتو حاكمينا وشاكمينا وظالمينا / بالجهل والعجرفة /
وآيات كتب دموية متحرفة / فيها عشرميت إن ومآلمينا / ياعقول قديمة خالية م المعرفة / عديمة القيمة.. ماليها إلا القديمة شفا / ياعيون لئيمة في الكدر والصفا / لكن كريمة من اللي شوفها إختفى /
ياقلوب سقيمة..سئيلة مستظرفة.. / توعد وتخلف..ومجافية الوفا / ياديول خيول منفوشة متزخرفة /
حقيقتها باينة لكل مين له عينين! / ح تعملوا إزاي في الطوفان الجاي؟! / ح تهربو لفين منه ياغفلانين؟! / لا ليكو حجة..ولا الزمان نساي؟! / ولا إنتو شايفين الطوفان جاي منين!
ويمد شاعرنا ببصره إلى دور رجال الدين الذين يفرشون الحرير للحكام ، ويزرعون الشوك لغيرهم ، ضاربا مثلا بقوله الساخر البديع ( زى ابن باز ما أجاز له تشخيره ) .
إن قدر السخرية التى يمارسها الشاعر ، تؤكد قدرته على الارتقاء بالغضب ، والسمو به إلى آفاق السخرية النبيلة البديلة للانفجار ، وانظر مثلا وصفه البهى (وتفكروا ليه؟ وانتوا ماتستروش /
حبة ديول فوق كروش / وعشوش فاشوش ع العروش )
ـ من شهوة التوريث :
ومع تطور طرح الشاعر ، يستكمل حكمه الدقيق العميق ، محذرا ببصيرة شديدة الوضوح ، إننا هنا لا نؤول القصيدة مطلقا ، بل نتعجب كيف أوتى " سيد حجاب " هذه الرؤية التى كأنها إعادة رصد لما حدث ، وتصويره حرفا بحرف ولفظا بلفظ ، فلتندهش معى وأنت تقرا بكل وضوح :
يامعشر القانيين ألوف ملايين / ياخيخة ياطريين..ومقريين..ومهريين ومش قادرين!/ ياللي إنتو ناسيين / إنكم رايحين ومش جايين / يا أيها الفانيين / جاي الطوفان من فضل رب العباد / على الغلابة في زمانا الضنين / جاي يمحي من ساد بالفساد في البلاد / ويحمي أحلام أهلنا العشمانين )
تبدو القصيدة الطويلة تامة الجمال ، بموازاتها بين الواقع والفن بصياغة نبيهة وعميقة ومتوجعة ومتأنية ومتأملة ، والعجيب بها : قدرة الشاعر على الانتقال من العام إلى الخاص ، من الهم العربى للهم المصرى والعودة بالطريق الشعرى السريع ، بدون أى نتوء إبداعى ، ومع هذا التضفير الجمالى الراقى ، واصطناع خطاب عميق وذكى ، نرى وضوحا فى الرؤية لا نجده لدى مبدع سوى حجاب ومن فى سمائه ، يقول : ( جاي الطوفان والجاي بعده مهول / حيقول ويعمل حاجة فوق القول / وقوالته فعل وكلكم مفعول / به..مش لأجله...بس مش حاسين / جاي ينصف المعقول من المنقول / وينصر المظلوم على المسئول ) .
ثم يعود حجاب قبيل ختام ملحمته الشعرية العبقرية " قبل الطوفان الجاى " ليمنح القصيدة جنسيتها المصرية الحقة ، متحدثا عن " شهوة التوريث " حديثا شعريا مبهرا ، إنه سيد حجاب وكفى ، فلنتوقف ، لنقرأ :
جاي الطوفان هدار ومن دار لبيت
لقصوركم العالية..ومالكم مغيت
إكمنه جاي من غيم غباكو الغتيت
م العمى فاض...غمى الجبين والعينين
جاي من جشعكو وحرصكو المستميت
ع العمى والكرسي وحكم الفساد
لبلاد في سن الرشد..فاقدة الرشاد
...............................
جاي م الحرملك..ولا جاي من المبلاط؟!
من شهوة التوريث لواد م الولاد..
ـــــــــــــ



#إبراهيم_محمد_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبلات مميتة .. وفتنة السرد الجميل
- والأدباء إذا جاعوا
- التكفير والتفكير .. عن الردة وأحوالها
- عن الرواية الإسرائيلية المكتوبة بالعربية
- فؤاد حجازى : الكتابة لم تشف غليلى رغم هذا العمر
- هل انتهى عهد الغرام اليهودى باللغة العربية ؟
- هذا -والله - ما حدث
- إبراهيم عيسى .. حين يعلم الطبرى
- آخر ومضات الروح
- زكريا الحجاوى .. رائد علم الحياة
- التكفير والتفكير .. عداوة للأبد
- اشتهاءات
- حكاية الرجل الصالح الذى سرق بلدا - قصة قصيرة -
- السبعينيون .. هؤلاء الذين أفسدوا الشعر وضيعوه
- هل تملك الجرأة على القراءة ؟؟؟
- الشعبية فى أدب إحسان
- رجال تكتب عن النساء ونساء أشجع من الرجال
- دكتور هيكل .. وانتصار البرجوازى العفيف
- الأحزاب السياسية : ولعبة الكومبارس السياسى
- قراءة فى كتاب -الكتاب : أملى .. مذكرات رايسا جورباتشوف -


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - سيد حجاب .. المقاومة بالشعر