أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ثوابت النظام وسقف المطالب الشعبية














المزيد.....

ثوابت النظام وسقف المطالب الشعبية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 23:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظهرت لدى كثير من الأطراف بالمغرب، و في نفس الوقت تقريبا وبدون أي تنسيق مسبق، فكرة إعداد دستور "شعبي" مواز للدستور الرسمي الذي سيتم إعداده من طرف اللجنة الإستشارية، أو مذكرة وطنية تتضمن ثوابت الدستور الديمقراطي التي لا تقبل القوى الديمقراطية المغربية التنازل عنها، وذلك بهدف إبراز ما يريده الشعب حقا في الوثيقة الدستورية، والسماح لكل المواطنين بالمقارنة بين ما ستسفر عنه وثيقة السلطة، وما يتضمنه "الدستور الشعبي" أو الميثاق الوطني، ولهذا الأمر دلالات قوية يمكن إجمالها في ما يلي:
1) أن سقف المطالب الشعبية قد تجاوز كل تحفظات النظام وخطوطه الحمراء و"ثوابته"، وأنّ فكرة "التغيير في إطار الإستمرارية" أصبح شعارا متناقضا عديم المصداقية في الوقت الذي أظهرت فيه القوى الحية في البلاد تطلعا مصيريا نحو استنشاق هواء جديد، مما جعل الخطاب الملكي رغم أهميته يأتي ملتحقا بالركب ـ ركب الثورات ـ وليس قاطرة ثورية كما عبّر عن ذلك بعض حواريي السلطة في الأحزاب التقليدية ووسائل الإعلام الرسمية.
لقد أشار الخطاب الملكي إلى أن المراجعة المقبلة للدستور ستكون في إطار "ثوابت" لا يمكن المسّ بها، والمشكل هنا هو التالي: إذا كانت كل دولة قائمة على ثوابت معينة ما في ذلك شك، فإن الشرط الأساسي هو أن تكون تلك الثوابت "ديمقراطية " ذات شرعية مصدرها دستور ديمقراطي منسجم، أما التشبث بثوابت تعرقل البناء الديمقراطي واعتبارها "مقدسات" لا تراجع عنها، فذلك مما يعرقل عملية الإنتقال نحو الديمقراطية من أساسها، وحتى نكون واضحين نعطي المثال التالي: لقد تمت الإشارة في الخطاب الملكي إلى الإسلام كأحد الثوابت التي لا تقبل المراجعة، والمقصود هنا بالطبع إسلام الدولة كدين رسمي وليس إسلام الشعب المغربي، وفي نفس الوقت أشار الخطاب إلى ضرورة توسيع مجال الحريات كما هي متعارف عليها عالميا، واحترام حقوق الإنسان، ومعلوم أن اعتبار الإسلام دين الدولة هو السبب الرئيسي في "تحفظات" الدولة المغربية على العديد من الحقوق التي تقوم بخرقها، بل إن الدولة المغربية لا تجد حرجا في أن تعلن للمنتظم الدولي تبريرها لأنواع من الظلم باعتبارها "خصوصية إسلامية" للمغرب، فاعتقال مواطن بتهمة "زعزعة عقيدة مسلم"، وهي خرق سافر لحق مبدئي متعارف عليه عالميا وهو حرية الإعتقاد، مصدره إسلامية الدولة، حيث يُفسّر على أنه واجب الدولة في حماية الدين الذي هو الإسلام ، ضدّ الأديان الأخرى بالطبع، وهو ما يعني تأبيد وصاية النظام السياسي على الأفراد عبر استعمال الدين، وممارسة نوع من الرقابة البوليسية على المجتمع. فتحديد ثوابت المخزن التقليدي كسقف لمراجعة الدستور هو مؤشر سلبي لا يسمح بالتفاؤل.
2) أن الثقة في المؤسسات قد بلغ درجة كبيرة من الضعف لم تعد تسمح بالمشاركة العفوية في مبادرات النظام الإصلاحية، حيث لم تؤدّ المبادرات السابقة إلى تغيير كبير، كما أن مساوئ الماضي ظلت تعود باستمرار لأنها جزء راسخ من آليات النظام. وانطلاقا من هذا الواقع يبدو أنّ ما يُعوّل عليه النظام من خلق نوع من "الإجماع" أو التوافقات المرحلية لامتصاص غضب الشارع في هذه الظرفية، ثم العودة إلى سابق عهده هو أمر وارد، مما يجعل انخراط القوى الديمقراطية عند الإستفتاء على الدستور أمرا غير مؤكد، كما قد يفتح الباب على مصراعيه أمام كل الإحتمالات والتي أهمّها رفض الشارع لتوقيف احتجاجه أو التنازل عن حقه في التظاهر بسبب عدم الإستجابة لمطالبه الجوهرية، وسيكون السبب الرئيسي لذلك هو "ثوابت" المخزن.
3) أنّ دينامية الثورات الشعبية في البلدان المجاورة قد رسخت لدى كل الأطراف الفاعلة فكرة استحالة العودة إلى الوراء، واستحالة القبول بالأمر الواقع مهما كانت درجة قوة السلطة وحضورها وغلبتها، وهو ما يجعل التنازلات الحكيمة هي الخيار الوحيد أمام السلطات التي ما زالت في المغرب تعتقد في إمكانية خنق روح 20 فبراير بدون التنازل عن أسس الإستبداد.
4) أنّ الدينامية الشعبية التي انطلقت ينبغي أن ترسّخ في الشارع المغربي فكرة الخيار الديمقراطي البديل بالوضوح الكافي ، وهو ما يلقي على منظمي النقاش العمومي والتظاهر الجماهيري مسؤولية تبسيط الشعارات حتى تكون في متناول الجميع، وكذا توضيح القيم الديمقراطية المنشودة حتى تترسّخ في الأذهان ولا يأتي من يسعى إلى الإلتفاف عليها أو إفراغها من محتواها وتوظيفها في اتجاه مضاد للخيار الديمقراطي، كما يحاول أن يفعل الآن مشايخ الأزهر بمصر وبعض التيارات الدينية في تونس.
5) أنّ أشكال التدخل العنيف والهمجي الذي تعتمده السلطات الأمنية بالمغرب في قمع المتظاهرين يتنافى كليا مع ما تمّ الإعلان عنه من ضرورة توسيع مجال الحريات في الدستور، فإذا كانت السلطة ستقبل بأن يقر الدستور بالحريات الواسعة للمواطنين بعد ثلاثة أشهر، وكانت صادقة في ذلك، فإنه ينبغي أن يتحقق منذ الآن في سلوكها، لأن ما أصبح يهمّ الناس في السياق الراهن ليس الوعود والنصوص المكتوبة بل الأفعال والسلوكات الملموسة.
6) أن على القوى الديمقراطية المغربية أن تقوم بثلاثة أمور ضرورية في المرحلة الحالية، في إطار حراك 20 فبراير:
ـ تعميق نقاش وطني مسؤول في كل مناطق المغرب من أجل تأطير المواطنين وتحسيسهم بأهمية المرحلة ورهاناتها وإدماجهم في الوعي الديمقراطي الجديد.
ـ وضع ميثاق وطني أو صياغة "دستور شعبي" لإحراج الدستور الرسمي الذي قد لا يرقى إلى مستوى تطلعاتهم.
ـ عدم التخلي عن دينامية الشارع الضاغطة من أجل بعث رسالة هامة إلى المسؤولين مضمونها أنهم غير مستعدين للتراجع عن مطالبهم في التغيير الفعلي والحقيقي بمقوماته الدستورية والقانونية والمؤسساتية، وعدم رضاهم عن أسلوب المخزن في تدبير هذه المرحلة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تخشاه السلطات المغربية
- موانع التغيير السبعة
- إحراق النخب
- الثورة وعودة الإيديولوجيات
- -رعايا- المغرب بين البيعة والديمقراطية من أجل تعاقد سياسي جد ...
- كيف تسرق الثورات؟
- أصوات المغرب غير النافع
- حتى لا يضيع الحلم التونسي الجميل: الحرية أولا !
- الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية
- التربية وثقافة الحوار
- الأب نويل في بلاد المسلمين
- دموع الوزراء
- الإسلام القسري
- الصحراء السلطة و المجتمع
- صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!
- الفن و الدين بين الذات و المجتمع إلى الممثلة لطيفة أحرار
- عن التعدد اللغوي ووظائف اللغات بالمغرب رسالة مفتوحة إلى الدك ...


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ثوابت النظام وسقف المطالب الشعبية