أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أولاد اليهودية(رواية)4















المزيد.....

أولاد اليهودية(رواية)4


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


***
مع إطلالة الربيع،تهيأت البلدة لتستبدل رونقها المزمن،الأرض بدأت تزهو بخضرة غير متوقعة،عرفت الناس،الحياة تريد معاودة الضحك،السبب يعود للمطر،الذي هطل من وجهة نظر بعض الناس،بينما رأت عقول أن التبدل الجوهري في الموازين السياسية للشرطة،النقيب أيضاً،وراء الراحة التي عمّت حياة الناس،لم يعد هناك ـ بعد الهزيمة التاريخية للنقيب أمام يقين(الملاّ) ـ اعتقالات عشوائية،لا موت بالرصاص المتعمد،الرقص الليلي يتواصل،(الغجر)يواصلون احتفالاتهم الكونية،ناس تذهب،ليس بوسعها ضياع فرص العمر القليلة،ناس تتحسر،لا تملك مدخولات مالية تؤهلها الفوز بتلك المتع الجسدية، والمسرّات الليلية،كي تقبر الجراحات المتكاثرة في أبدانها.
***
أنتشر خبر جديد،خبر مفاده أن الرجل النحيف،يروم تعليم الشباب فن الرقصة الوطنية الشهيرة،الشباب وجدوها فرصة مثالية لتحديث أساليب حياتهم،لم يكن الخبر كما فهمه الناس،أو تناقلوه،مجرد رغبة طارئة،فالخبر أصدره ضابط البلدة النقيب(مالح)،رغب المشاركة الوطنية الكبرى في فرح الحاكم،بمناسبة يوم ولادته،تفتق ذهنه عن الفكرة،تناقشها مع(الغجر)،تشكلت خلية عمل مصغرة،بقيادة راقص(الجوبي) ،أعلن النقيب رغبته،تشكيل تجمع شبابي،للمشاركة في مهرجان البلد الكبير،أسوة بمشاركات البلدات الأخر،الشباب فسروا الخبر وفق رغبتهم،طالما حاولوا محاولات فاشلة،مع أنفسهم سراً،تعلم تلك الرقصة الوطنية الخالدة.
عبارات بدأت تظهر على الجدران لا تؤثر في السلوك السياسي..!!
(من لا يجيد رقصة ـ الجوبي ـ ليس بمواطن صالح)..!!
(ناقص شخصياً من لا يرقص الجوبي)..!!
(من لا يرقص ـ الجوبي ـ مناهض للوطن)..!!
(أكمل صفاتك الوطنية مجاناً بتعلم الرقصة الأجمل في الكون)..!!
(من لا يعرف ـ الجوبي ـ ليس منّا)..!!
(الجوبي روح المواطنة الصالحة)..!!
(لا نريد طعام..علمّونا ـ الجوبي ـ يرحمكم الخالق)..!!
(الجوبي..الجوبي..الجوبي..هلا باليرقص جوبي)..!!
(كلنا سنرقص جوبي..قولوا للسيد الرئيس كلنا سنرقص جوبي)..!!
الشاب،الشابة،الكل حاول تعليم نفسه،تقافز عشوائياً،بلا انضباط،ليلاً ونهاراً،في المنازل،في الأزقة،الكل سقط على قفاه،شبعوا ضحكاً على أنفسهم،لم يملوا من فرك عجيزاتهم،لم يخجلوا،واصلوا إصرارهم قبل أن يأتيهم الفرح من حيث لم يحتسبوا.
***
جموع شبابية تندفع،ترغب تسجيل أسمائها،تجمهروا عند نافذة غرفة خلفية تابعة لإدارة البلدة،رفعت يافطة فوق النافذة،بلون صارخ كتب كلمتان كبيرتان:
**[الرقص بالمجان]..!!
من غير تكليف أعناق الآباء أعباء مادية،وزر ثقيل لا طاقة لهم دفع النفقات المترتبة،صدور الآباء تثلجت،في خضم الفوضى،تناثر خبر محير،إدخال مادة(الرقص الشعبي)ضمن المناهج الدراسية الحديثة، تراث وطني ستقوم الحكومة الجديدة العض عليه بالنواجذ،حفاظاً من انقراضه أمام مخالب رقصات وحشية تسللت خلسة إلى صدر البلاد،هجمات لا تتوقف،تصدرها فئات مضادة للدولة،تريد تخريب النفوس،تأخير عجلة التقدم،رقصات شاذة تأتي من وراء الحدود،غربية،شرقية،فوضوية،لا تناسب المرحلة الثورية،لا تنسجم مع تفاصيل الحياة القائمة على(وحدة الصف)،رقصات تنفر وتشتت الذوق العصري لمرحلة الاشتراكية.
***
هذيان شعبي دفع(الملاّ)يخطب يوم(الجمعة)،شدد على ضرورة منع الأبناء تعلم فن الرقص،كونه من تعاليم ـ إبليس ـ الملعون،خطوة من خطواته تقود المرء إلى انحلال أخلاقي تام.
قال جملة شهيرة في خطبته النارية:
ـ من يورط نفسه بتعليم الرقص،سيجد نفسه وذويه(حصب جهنم)..!!
الأمر الذي دعا النقيب(مالح)اعتقاله،أدخله زنزانة البلدة،وجد(الملاّ)نفسه محشوراً بين نساء سجينات،رغب يكلّم النقيب،لم يعره الحرّاس أذناً صاغيّة،نسوه بسرعة البرق،أجابت سجينة:
ـ ها مولانا..سجنوك مع النسوان.
أستغفر ربّه،دعاه أن يتدخل،يوقف الحماقات الجبروتية المستفحلة،لرجل مراوغ،مخادع،ناكر نعمة.
تناقلت ألسن خبر سجن(الملاّ)مع نساء بلا أخلاق،نسوة وجدوهن في أمكنة غير صالحة للسمعة،فوق جرف النهر،داخل البساتين مع السكارى،بائعات لبن وقيمر،يؤتين من أماكن بعيدة،يستغلهن أصحاب العربات اليدوية وصيادو السمك.
تسع نساء متفاوتات في العمر،داخل غرفة مساحتها أربعة أمتار في أربعة أمتار،مختنقة،معتمة.
لم يرفع(الملاّ)رأسه،مشغولاً يبسمل ويحوقل..
باغته صوت..واحدة أخرى ندهت:
ـ يقولوووون الملاليييييي يحبووون الفرااااش الخشن.
سمع(الملاّ)صوت قرقعة مفتاح الزنزانة،نهض وتقدم من الباب،وجد شرطياً يناديه،تبعه،وصل غرفة النقيب،لم يستقبله كما أستقبله في المرة السابقة..قال له:
ـ بدأت تقود ثورة على الحكومة.
ـ أنا أقود ثورة.
ـ ماذا تسمي خطبتك الجهادية.
ـ أريد توعية الناس.
ـ ترغب بقاءهم في حوض التخلف.
ـ أنت تعتقلني بغير حق.
ـ أنت تمنع الناس من تلبية دعوة الحكومة.
ـ ما هي دعوة الحكومة.
ـ الحكومة تريد مشاركة الناس في المنهج الوحيد لسعادتهم.
سكت(الملاّ)،وجد نفسه داخل غرفة مكهربة سياسياً،بمواجهه إنسان جاء من عالم غريب،لا يمتلك من الصفات البشريّة،سوى هيئة ثعلبية،قرر وقف مجاريف لسانه،رفع رأسه،كان النقيب ينحت عينين من فولاذ فيه،لمعان مخيف يشع من أعماق غامضة،هزّ رأسه،وجد لسانه يفصح:
ـ أشعر بتعب كبير،ربما فقدت بعض توازني..!!
أدرك النقيب،غريمه تنازل كليّاً عن قيّمه الجهادية،تخاذل،لا يرغب المقاومة،فرح غمره،حقق التعادل الشخصي لذاته،وأستعاد اعتباره المسلوب منذ ذلك الصباح الذي تباهت به الألسن،يوم حقق(الملاّ)نصراً لسانياً عليه،يوم تركه مستخذياً،مهزوماً،رغم رهطه المسلّح بالبنادق،فهو صارع كوابيس كثيرة،رغب يقنع نفسه بالذي جرى له،لكن فرصة حياته لم تطل كثيراً،ها هي الفرصة تأتي مثالية،كافية لتدينه من حيث لم يحتسب.
انتهى الصمت،شبع النقيب فرحاً،(الملاّ)شعر بوهن يتنامى،رغب مغادرة الغرفة،رفع رأسه،أردف بصوت تغيّر كليّاً عن صوته الحماسي:
ـ هل انتهى كل شيء.
تشجع النقيب،تقدم منه،وقف مشيراً بعصاه إلى عمامته:
ـ لا ترمي الحجر كيفما تشاء،ربما يرتد ويفلق هامتك البليدة.
تراجع النقيب بضع خطوات إلى الوراء،دون أن ينظر إليه..صاح:
ـ أعطني ظهرك..!!
***
الأرض بدت تزهو بخضرة طفيفة،تم افتتاح قاعة للاحتفالات الشعبية،مكان عام،للندوات الجماهيرية التي تلاحقت،في تلك القاعة أحتشد جمع كبير من صبيان وشباب ومتلهفون،راغبون تعلم فن الرقص الشعبي،معظمهم بكّر الحضور،جاوزوا اعتراضات عائلاتهم السريّة،كثير من الآباء وجدوا أنفسهم ملجمين،مكممي الفم،بعدما شاع خبر ما جرى للملاّ(صالح)،راحت الناس تجهر بصوت مرتفع تفاصيل تتشظى للحكاية،تقسم من غير تردد،أنّ(الملاّ)نام مع بائعات اللبن كلّهن في ظرف(ساعة سجن) ،زادوا على كلامهم،بائعات اللبن رقصن عرايا أمامه،تناوب(الملاّ)كديك شاب على دجاجاته،كلام نقله حرّاس النقيب(مالح)لا شك فيه،كونهم خلّص،أمناء في نقل الأوامر بدقة،ميزة رجال الأمن الموثوقين،في بلدان السياسة الواحدة،في زمن الدكتاتورية التي لن تنتهي،طالما الشعوب نائمة أو مخدرة تحت بنج الرهبة والبلادة،الشرطة لا يكذبون،أمر لابد من تعميمه،ينطقون بما يردهم تعاليم سلطوية،لا يجوز إضافة أو تحريف أيّة مفردة،كونكلام الحاكم مقدس لا يجوز تحريفه ولا تأويله،(نفذ ولا تناقش)،رأوا ما قالوه،حلفوا على ذلك بجهر القسم،الملاّ(صالح)فعل فعلته في لحظة يأس،بائعات اللبن واصلن شرح ذلك،بعد خروجهن براءة من الزنزانة،أكدن صدق الحكاية كلّها،يتجولن في الأزقة،وهن يبعن لبنهن، يتلذذن بسرد القصة لكل من يشتري لبن،قيمر،مسورات بحشود بشرية تتدافع،وجدن فرصة لا تعوض،أجبرن من يريد سماع الحكاية كلها الشراء،فلسفة جديدة أنتشرت في البلدة(اللبن مقابل الحكي)..!!
***
وصل الخبر إلى(الملاّ)،لم يفه بشيء،حانت ساعة الخطبة من يوم الجمعة،صعد إلى المنبر،تناثرت صيحات داخل فناء المسجد:
ـ لا تصلّوا خلف زاني.
ـ ماذا لديك أن تقول بعد الذي عملت.
ـ يا أهل البلدة أرجموه،ألقوه إلى كلاب(وادي الرمي).
ثار لغط كبير،لم يهد من معنويات(الملاّ)..صاح:
ـ دعوني أشرح لكم حكاية الزنا يا عباد الله.
ساد الصمت،الكل توقع حكاية مسلية،فتح كل واحد عيناه،أتلع أذناه،حبس شهيقه،ألتمس(الملاّ)الفرصة النادرة..قال:
ـ سمعتم حكاية الزنا يا ناس،لقد أبتلي من قبل النبي(يوسف)بذلك.
سكت(الملاّ)للحظة،أسترد بعض توازنه،وجد الأفواه تتحرك،الهمسات تعلوا،تحركت الرؤوس،الأجساد تعدل من جلساتها..صاح:
ـ لا تحملوا أنفسكم أوزاراً ثقيلة،لا تصدقوا ما لم تروه بأعينكم،الشيطان يركبكم،أنتم تقذفون الأباطيل بحقّي،لاااااااااا..لم أزنِ..لااااااااا..والذي نفسي بيده..أنّه لقول زور مثلما اتهموا نبي الله(يوسف)،أن عذاب ربّي لقريب،هو من سيتكفل الدفاع عنّي،أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي،ولمن تاب،وأستغفر ربّه،وأصلح عمله وقوله،وسار على طريق الهداية..آمين يا رب العالمين..!!
هبط(الملاّ)،توقع المصلّون،مناهج الصلاة اجري تعديلات(حكومية)عليها،وفق مقتضيات السياسة الجديدة التي غربلت البلاد،فهم توارثوا خطبة(الجمعة)على أنها خطبتين،تردفهما الصلاة ركعتين،ها هو(الملاّ)يقلب الموازين الإستراتيجية لأهم ركن من أركان الأيمان،بعد سقوط مذل،مخزي على حد زعمهم،في أبلغ الأيّام للغفران،أيسرها لتكاتف البشر،العيون تحجرت،تراقب(الملاّ)الذي واصل مشيه بثبات مثلما كان،عدم ظهور أي انفعال على تعابير سحنته،شق الطريق لنفسه،عابراً الجموع الجالسة،وصل الباب،خرج،تاركاً المصلّين في حيرة،بعضهم خرج،بعضهم راح يصلّي لنفسه.
اختفى الملاّ(صالح)عن بلدة(جلبلاء)..!!
***
جيء بـ(ملاّ)جديد،شاب ملتحي،لم يكن من أهالي البلدة،تناثرت أقوال متفاوتة،أنّه من بلدة جنوبية،سمرته حرّكت ذلك التوقع،أقرّوه بالإجماع،شاب نحيف يمتلك صوتاً ناعماً،ولد لا يبدو عليه الحماسة في كلامه،خطب أوّل(جمعة)بالناس،أكّد،الكثير من التعاليم الدينية السابقة،ناس غير متعلمين أدخلوها العقول،فتن تقود إلى طريق الضلال،بداعي أصلاح قلوبهم،وتصحيح مساراتهم الإيمانية المتشعبة،ساقت الرعية إلى مزالق حياتية،عقوبات(آخروية)لا مناص منها،اليوم صار كل إنسان يمتلك وعياً ثقافياً يؤهله لاستقبال الأشياء النافعة،والتنحي عن مضلات الفتن،الإنسان كائن متجدد يتطور مع الزمن،لا يصلح مجابهة زمنه بما كان الأولون يجابهون به أزمنتهم السالفة،لكل زمان نوع من العيش،عيش ينسجم مع المستحدثات والضرورات البشرية.
تحدث(الملاّ)الجديد كثيراً،كلماته جديدة على المخ،تعاليمه محيرة،تضبب الرؤية،وجدت العقول أنها في صراع جديد،بين ماضي ملغي بقرار سلطوي،وحاضر مرتبك غير مفهوم،ومستقبل بدأ يتلاشى من بين اليدين.
جلسوا خاشعين،يائسين،مثل غرقى في نظراتهم الأخيرة لليابسة،شاب(يلخبط)عليهم دينهم،تركهم وسط دوامة شكوك،أنهوا صلاتهم،عادوا يهذون،جلسوا يتناقشون فيما سمعوا،تحول النقاش إلى تلاسن تطور إلى عراك أيدي وضرب سكاكين،بين فئات تتمسك بتراث الآباء،وفئات وجدت التجديد مطلب تاريخي،لابد تجديد مسارات الحياة المنفتحة،من أجل الخروج من شرنقة الفقر الدائم،بعدما تدهورت السبل وضاقت الحيل وتعذرت الحلول،قبل أن ينبري شاب متفتح الضمير ومتنور العقل ونافذ البصيرة..قال:
ـ كل واحد يأتي ومعه فتنة جديدة..!!
بعد ساعتين،صاحب ذلك الكلام الذي أنتشر كالبرق،وجد نفسه أمام النقيب(مالح)،فحصه بعيون بوليسية لا تخطأ،دار حوله دورات تفقدية..قال له:
ـ لم لا تصبح(ملاّ)البلدة.
ـ رغبتي الأكيدة يا سيدي أن أصبح(ملاّ)البلدة.
ـ حسناً أنت منذ اليوم(ملاّ)البلدة.
خرج الولد،يغمره فرح جارف،سار يرسم في خياله المشهد،مشهد وقوفه على المنبر،بمسوح مكوي، عمامة كبيرة على رأسه،يجب تثبيتها كي لا تسقط،سيتحدث ما عنده من معلومات،سيسهر الليل ليكتب على أوراق الكثير من القضايا الشرعية،سيخطب بحماسة،الناس تنظر إليه،ستحسده على مكانته الجديدة ،بعدما فشل أن يغدو مطرباً يهيج مواجع القلوب على مسرح البلدة،أيّام شارك مع مجاميع أرادت أن تطلق مواهبها الغنائية،أمنية ماتت بعدما وجد صوته لا يؤهله للتغريد،حنجرته كانت متخشبة جرّاء الجوع المتواصل وأكل الخبز اليابس،سار منتشياً لمسافة،باغتته رصاصة قنّاص من فوق البناية المركزية للبلدة،سقط وتلوى،سحلوه والقوه على عتبة بيته،لم يكن له أب ولا أم،وحيداً،يتيماً،مات أبوه غرقاً في الفيضان التاريخي الأوّل،أمّه أيضاً غرقت يوم حاولت نقل الحطب من الجهة الثانية للنهر إلى الجهة التي تسكن،كانت خبّازة تخبز خبز الناس مقابل أجور بخسة،ليس بوسع أحد تفسير سر قتل الولد اليتيم،الكل يعرف السبب،يعرف،من يقول الحقيقة يرقن قيد حياته،يغدو قرباناً للسلطة الجديدة،رصاصات لا تخطئ جاهزة لحماية راعي قطيع البلاد من عابثين،طارئين،حاقدين،مناوئين،غير مرغوبين فيهم..!!
***
بعد يومين من قتل الولد اليتيم،شاعت صرخة،ندّت من امرأة خرجت لجلب الفطور الصباحي،وجدت رأس شاب مقذوف على الرصيف،حوله كلاب تقعي،صرخت وسقطت مغمى عليها،هرعن نسوة وجدن أنفسهن يتهالكن حولها فاقدات عقل،فاقدات بصر،تجمع خلق كثير،كل واحد رفع امرأته أو أخته،حملوا النساء منطلقين،قدوم الشرطة أمر مفروغ منه،جاءت مركباتهم تزعق،هبطوا وقاموا بتفريق الناس،شاهرين بنادق عتيقة بوجه من يتلكأ في انسحابه،نقلوا الرأس في كرتون ورقي إلى النقيب(مالح)،لم يهتز له عصب،أخرجوا الرأس المقطوع،وضعوه على طاولته،سأل الشرطة عنه:
ـ رأس غريب ليس من أهل البلدة..(قال أحدهم).
أمر وضعه في كيس نايلون ونقله ليلاً،لإلقائه في النهر،قام حارسه الشخصي بما أمر به سيده،تقدم من الباب،قبل خروجه ناداه النقيب،استدار،تقدم منه..همس:
ـ ضعه بين المسجونين حتى يأتي الليل..!!
هزّ الحارس رأسه،سار،خطواته مرتبكة،تلبية لأمر سيده،الذي قام من وراء طاولته،تقدم من النافذة،ألقى نظرات حديدية،وجد الناس تتقاطع في الشارع الرئيس،دوت صرخة،تبعتها صرخات وضجيج،استدار وتهيأ لخبر مفزع،دخل حارسه المطيع،وقف ككلب يلهث،ألتقط أنفاسه..تمتم:
ـ سيدي لفظ سجين روحه..!!
***
بعد يومين،وجد النقيب(مالح)نفسه أمام رأس جديد،رأس شاب من أهالي البلدة هذه المرّة،وصلت كنيته كاملة إليه،شباب انخرط في(المعسكر الوطني)لتعليم فن الفرح والسعادة،تلك اللحظة أدخل النقيب(مالح)نفسه في نفير عام،أدخل شرطته في حالة يقظة دائمة،حذر شديد بعدما شم رائحة مؤامرة وشيكة في البلدة..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولاد اليهودية(رواية)3
- أولاد اليهودية(رواية)2 /حازت على المرتبة الثانية/في مؤسسة ال ...
- أولاد اليهودية(رواية)1
- قضية فرحان/قصة قصيرة/
- المسكين مخلوف /قصة قصيرة/
- مزبلة الرؤوس البشرية/قصة قصيرة/
- حدث في ليلة مأزومة/قصة قصيرة/
- في أزمنة ليست سحيقة//قصة قصيرة//
- ليسوا رجالاً..(قصة قصيرة)
- بعد رحيله..جائزة محي الدين زنكنة للمسرح
- مسرحية(ماما..عمو..بابا..ميت)القسم الثاني..الأخير
- ماما..عمو..بابا..ميّت(مسرحية)القسم الأوّل
- حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الثالث/الأخير
- حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الثاني
- حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الأوّل
- قصة قصيرة(الذبيحة)مهداة إلى/سعد محمد رحيم
- رواية(قفل قلبي)القسم الأخير
- قفل قلبي(رواية)16 الديوان الملحق بالرواية2
- قفل قلبي(رواية)16
- قفل قلبي(15)


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أولاد اليهودية(رواية)4