أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شينوار إبراهيم - الفراشةُ ُ في عيدِها الأخير














المزيد.....

الفراشةُ ُ في عيدِها الأخير


شينوار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


في سُفوحِ الجبالِ.. تَبتسمُ الشَّمسُ لـــ (همرين).....تحتضنُها و تُحلّقُ معها....وهي تطيرُ كالفراشاتِ.. تزيِّنُ مع النرجسِ سفوحَ الجبال...أصواتُ الأطفالِ ترسمُ معَ الوردِ وخريرِ الماء نسيمَ الربيعِ القادم.. في أحضانِ المُروج.
الأطفالُ يَمرحون..يصنعون من الطينِ أحلام َ أيام ٍ قادمة....
(جاندا)... و( شيار) ....يَتوقَّفان عن اللعبِ ...... حلّق الأطفالُ حوْلَهما....
همرين تسألُهم...لماذا تَوقَّفتم عن اللَّعب؟
سنذهبُ مع والدي الى المدينة ِ..الى المدينةِ لنشتريَ ملابسَ عيدِ نوروزٍ
تناثرَ الأطفالُ فوقَ الأزِقَّة ..
التفتت همرين حولَها..فلمْ تجدْ أحداً..الحزنُ يرسم ُعلى وجهها مَلامحَ ضاعت مع َالأَيّام.....لم ْتعرفْ كيف وصَلت إلى البيت..دفعت ِالبابَ الخشبيَّ بقوَّة...وارتمَتْ في حُضْنِ أمّها...قلقٌ..دموعٌ... تَبرقُ في عينيها الصَّغيرتينِ ، لوحةٌ ٌحزينةٌ....
شيار..وجاندا ...و كلُّ الأطفالِ سَيَشْترون ألبسةً ِجديدة...لم يبقَ سِوى أيّام .. ماما.. أينَ ألبسَتي....؟ كلماتٌ متقطِّعة تخرجُ من فَمِ أمِّها...لا تحزني حبيبتي... سأصوغ من فستاني لك أجملَ فستانٍ...كلماتُ أمِّها زادَتْها همّاً...
لالا لالا لا أريدُ....في السّنة الماضية فعلتُ ذلك أيضا..
أريدُ فستاناً جديداً..فستانَ العيدِ..يا أمّي...
احتضَنت الأمُّ ابنتَها فهي لا تملك أجوبةًً على رغباتِ الطفولة ِالتي تختلج ُ في نفسِ الصغيرة.. وهمَسَتْ في داخلِها .
...الله يخذلُ الفقرَ وأيّامهُ....
بكاءُ طفلٍ...حيرة ُأم ٍّ، يدجِّجان الحزنَ و الصَّمت داخلَ البيت....
دَخلَ الأبُ ...همرين تركضُ ...تَستنجد به..
بابا ..خذْْني الى المدينة..الآنَ.. اشتري لي فستانَ العيد..
عيونُ الأب.. تبحثُ عن حل ٍّ...
حبيبتي ..صغيرتي ..أمامنا خمسة ُأيّامٍ..............
أصواتٌ ترقصُ معَ الفرح ِو البهجة ِ يدخلُ شيار و جاندا ..همرين انظري ...ماذا اشترى والدُنا ...هل تملكين ثياباً مثل ثيابي...
كلماتُ جاندا أضحتْ تخنقُ همرين بالعَبرة...
شيار ... خُذْ أختكَ جاناد و اذهبْ الى المنزل... أنا سأذهبُ مع همرين الى المَدينة لأشتريَ لَها فستانَ العيد....
الفرحُ يكادُ أن يصنعَ لهمرين جناحين.. صارت تطيرُ في سماءِ سعادة ٍلم تعرفْها من قبل... فجأة
كرمو ..من أين جئتَ بالمال؟؟؟..وكيف َستشتري؟؟؟؟..سيأتي يوما يستولون فيه على منزلنا بدَلَ الدّيون ......
همرين ..ابنتي دَعينا نَذهبْ...
اتَّجَه الأبُ نحوَ الحَظيرةِ الصّغيرة وَ جرَّ العنزةَ الوحيدة َوراءَه ...صَرخت الأمُّ..
كرمو..هلْ جُننتَ ..هذه آخرُ ما تَبقّي لنا..من أينَ وكيفَ نعيش..دونَ بَيع حليبِها....؟؟؟؟
قضَينا أياماً كثيرة ً بلا طعامٍ...عِندما كنّا نَستيقظ ُ..كنّا نترحَّمُ على يومِنا الذي مضى....لن نَموتَ جُوعاً.. كفى صُراخا.ً....
أخذ الأبُ طريقهُ...وبينَ الفينة ِوالأُخرى كانت همرين تدفعُ بالعنزة الى الأمام ...لعلَّهم يصلوا قبل الغروب...
باعَ الأبُ العنزةَ بسعرٍ زهيدٍ ....واشترى لها لباسَ العيدِ و بعضَ الحاجياتِ...
لأولِ مرَّة سَتَلْبسُ همرين ثياباً جَديدةً...
لا تعرف كيف وصلت الى المنزل... كانت أسرعَ من خطوات الريح وأكثرَ رشاقة من شعاع الشمس.... أكثرَ انسياباً من صمتِ الليل .....
أمّي....انظري ماذا اشترى لي والدي!....فرحت الأم لهذا الفرح الطفوليّ ودفنت حزنها وراء ابتسامة ٍصغيرة...

دعني اخبيءُ ثيابك ليوم العيد.أمْي اسمحي لي بارتدائها اليومَ .. اليوم فقط....
لا...لا سننتظر العيد ....فهو قادم...
قلبُها يتراقصُ فرحاً... لعيدٍ قادم... لعيد يتجلى بثوب ٍجديدٍ....
ماما دَعيني أضعُ الثوبَ تحت مخدّتي...كي أحلم َبلِبسها....
همرين لا تعرف كيف نامت... أحلامُ العيد كانت ترافقُ عينيها ..اللتين لم ترَيا النومَ....
في الصّباح مدَّت يدَها قَبل كلِّ شيء الى الفستان كي تتأكد منْ وجودِه...
خرجتُ من المنزل ِالصَّغير..فاستقبلتْها الطبيعة بكلِّ جمالها...كلّ شيء غير الأمس..يومٌ ربيعيٌّ يهبُّ فيه نسيمٌ رقيق...تغزو الشمسُ بأشعتها الذهبية الدافئة وجوه ُ الأشياء ,,,تتساقط ُقطرات ُالنَّدى منَ الوريقات الخضْرِ الصّغيرة ...الشجر.. الشمس..النسيم..و النّرجسُ ، كلُّ هذا يندمج ُمع صيحاتِ الأطفال وفي مُتاهاتِ أحلام ِالصِّغار..أحلامِ العيد... أيام ٌقليلة..و سَيأتي العيدُ...
بين اللعب و الصيحات.. تسرَّبَ هواءٌ ثقيل..توقَّف الأطفالُ عن اللعب فجأةً...صمت ٌقاتلٌ.... وجوه.ٌ.. تبحثُ عن العيد القادم .
تتحرَّك غيمة صفراءُ فوقَ رؤوس ِالأطفال...تكتمُ رائحة َالنرجسِ ....رعدٌ...عواصفٌ ..مطرٌثقيلٌ.. ترسم السهول سوادا....سرقت من الأرض لون الشمس...لون الورد...تغاريد العصافير...و ابتسامة همرين...افترق الأطفال عن بعضهم ...صرخاتُ وردة حمراء لم تتفتح بعد...آذان وعيون وحواس الأطفال كلها تنتظرُ العيدَ...تنتظرُ ملابسَ الفرح... ..شقَّ نحيبُ البكاء صدرَ السَّماء ...اخترق أنين الأطفال جوف الأرض...من رأى ...مَنْ لم يرَ..مَن بكى.. أهو حلمٌ أم حقيقةٌ..أفعلت الأمُّ ذلك أمْ تراها في حلمِها..جاءت راكضة ًتحملُ ثيابَ العيد...
همرين...ابنتي... انهضي...ولو لمرة واحدة...
ارتدي ثيابَ العيد..ثيابَ نوروز....
انهضي...
أرجوك...أتوسل ُإليكِ...انهضي...
لتعمَى عيناي ولْيحترقْ قلبي...لو سمحتُ لها بالثوب أن ترتديه لمرَّة ٍواحدة ... .....
رياح الموت تسد أنفاس أم همرين تسكتُ صرخات بكائها...و تتساقط دمعتها الأخيرة..على وجه همرين..ثوب ُالعيد تطايرَ مع الريح الصّفراء من يديها...أجسادُهما تحضنان زهورا لم تستيقظ أبدا.. ....صمتٌ قاتلٌ في العيد ...عيدِهم الأخير



#شينوار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عامودَا ... أطياف خريطة محلّقة
- بيادر الانتظار


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شينوار إبراهيم - الفراشةُ ُ في عيدِها الأخير