أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عوده - ذاكرة الزمان والمكان في قصاصات عادل الاسطة















المزيد.....

ذاكرة الزمان والمكان في قصاصات عادل الاسطة


سامح عوده

الحوار المتمدن-العدد: 3306 - 2011 / 3 / 15 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة الزمان والمكان في قصاصات عادل الاسطة

بقلم : سامح عوده – فلسطين
ثمة أشياءٌ لم تحكَ عن آذار وسحر آذار، آذار المطر والخير، آذار المرأه، آذار الأم ..
آذار يوم الأرض، وآذار الذي يذكرني بحكايات الماضي .. ، آذار الشهر الذي ولد به محمود درويش، لقد رسم محمود درويش سحر هذا الشهر الجميل بريشته الشعرية صورة ثلاثية الأبعاد:
" في شهر آذار في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض
أسرارها الدموية، في شهر آذار مرَّت أمام
البنفسج والبندقية خمس بنات وقفن على باب
مدرسة ابتدائية واشتعلن مع الورد والزعتر
البلدي .."
لم تكن مقدمتي هذه ضرباً من ضروب الهذيان، بل هي عودة بالذاكرة إلى أجمل سنوات العمر، سنوات الدراسة الجامعية، كلية الآداب .. جامعة النجاح .. وحصار الجامعة .. ونابلس جبل النار، الله.. كيف لهذه الذاكرة الملبدة بكل هذه الأسماء، والأماكن أن تحتفظ بكل هذه التفاصيل.
كنتُ أتابعه من بعيد .. يعجبني مظهره، ويلفت انتباهي هدوؤه أكثر، وقامته الشامخة، وشعره " النيجرو " -كما كنتُ أسميه- مع بعض خصلات الشيب..!! أكثر من خمسة عشر عاماً لم أره .. فهل فعلت عوامل الزمان فعلتها به ؟ ربما غيرت في ملامحه الكثير ..
أ.د عادل الاسطة أستاذ الأدب المقارن في جامعة النجاح الوطنية، لم أكن طالباً في حلقاته الدراسية، بل كان يجذب انتباهي بسعة مداركه وثقافته الواسعة .
سمحت الظروف فالتقينا عدة مرت وتناولنا أطراف الحديث في الأدب والسياسة، كنت أصغي إليه كثيراً، وكنت أقرأ في شخصيته أمرين :
الأول : أنه يؤمن بفكر الشباب، لذا تراه يصغي لحديث الشباب ويقرأ ما يكتبون.
الثاني : ولعه بالراحل محمود درويش، وهذا ما كنت أقرؤه بين سطوره وكلماته .
لا أظن أنه يذكرني أما أنا فأذكرُ كل شيء كنت أراه فيه حتى لون هندامه المميز .
سنوات طويلة مضت، ومشاغلُ الحياة باعدت، وسنة الحياة أن نغادرَ الجامعة، لنحفر في الصخر بداية مستقبلنا الجديد، لكنني وعبرَ صحيفة الأيام الفلسطينية في صفحتها الأخيرة ، وفي عامود دفاتر الأيام تابعتُ عادل الأسطة فيما يكتب، فما يكاد يأتي يوم الأحد حتى أحجب صحيفة الأيام عن الزملاء، وأقرأ في آخر الليل المقال بإمعان، تابعته في عشرات المقالات الأدبية، أسلوبه الراقي ولغته الشفافة هي التي تجذب القارئ، بعض من مقالاته ناقدة ولكنها ذات أسلوب نقدي هادئ، وبعضها شخصت واقعاً، وبعضها حاولت قراءة الواقع الثقافي، بل وحتى الشعري، في المحصلة أنت أمام واجهة ثقافية، وكقارئ تجد أنك مرتبط بهذه المقالة دون غيرها، ربما نالت من نفسي أكثر لأنني مولع بهذا الأسلوب الرشيق من الأدب الهادف، وحتى لا أستخدم صيغ المبالغة فإن عامود دفاتر الأيام يشغل اهتمامي أكثر من غيره .
في المحصلة وبعد قراءة عشرات المقالات، قد تكون تجاوزت المئة، وجدتُ أن للزمان والمكان حيزاً كبيراً في معظم كتاباته، وهو ما يمكن أن يطلق عليه الذاكرة التوثيقة اليومية لكم المشاهدات، مستعيناً بالبعدين الزماني والمكاني في إبراز الهدف المراد للقارئ، فعندما يكتب في أحد مقالاته " في ديرستيا سأتجول في شوارع البلدة القديمة سأتذكرُ المرحوم الشاعر عبد اللطيف عقل وأعود بذاكرتي إلى ديوانه حوارية الحزن الواحد " هذه السطور كمثال من الأمثلة التي تشعل آتون الذاكرة فهي وإن بدت قصيرة إلا أنها تحدث انفجاراً في ذاكرتي، على الأقل سأكون مع وحي عبد اللطيف عقل معلمي الأول وأنا أكتب هذه السطور، وبالمناسبة فقدت التقيت الدكتور عادل في مكتب المرحوم الدكتور عبد اللطيف عقل - رحمه الله- وسأقول لعادل الأسطة و" بيان العار والرجوع " ومقدمات في دراسة المجتمع الفلسطيني، وعلم النفس الاجتماعي، وأشياء أخرى تنضب محابرنا قبل أن نفيها حقها، عبد اللطيف عقل بقدسيته ورفعته أراه ماثلاً أمامي بشموخه المعهود وأفقه الرحب .
وعندما تقول " ديرستيا " البلدة الفلسطينية الشامخة الواقعة على قمة جبل، فإنك تعود إلى سيرة الدكتور المرحوم محمود عقل، سبحان الله ما بال العظماء يرحلون أجساداً لكنهم لا يغادرون سماءنا أرواحاً، وعندما تأتي على ذكر البلدة نفسها فإنك تعود إلى الزيت والزيتون، إلى واد " قانا " الذي تطل عليه البلدة وهو في شهر آذار يتحول إلى جنة من جنان الله، ويمر بذاكرتك المستوطنون شياطين الأرض، وما فعلوه في تلك المنطقة من خراب ودمار.
هكذا هي سطور الأسطة تفتح نوافذ في الذاكرة، لنعود إلى حقول الذكريات المزروعة بشريط طويل من البشر ممن مروا على دربها فنقشوا سطوراً من رحيق الذكرى، ترى هل نستطيع أن نحذف سطراً من هذه السطور القابعة في حنايا الروح ؟ أجزم لا ، لأن الأيام الخوالي بحلوها ومرها وحنينها هي جزء من بنائك المادي، وبالتالي فإن براعة الأسطة تبدو واضحة في كل مقال يكتبه وفيه إيقاظ لما كان نائماً في اللاوعي الخاص بنا، وبالتأكيد فإن ما يكتبه هو رؤيا انطباعية في كتابة الذات، كيف رأى المشهد ؟ وكيف عايشه ؟ وكيف ربطه بعاملي الزمان والمكان.
في الكم الهائل من المقالات ذات الصبغة الأدبية التي قرأتها له وجدت أنني كقارئ لن أستطيع أن أبحر إلى عوالمه إلا عبر فهمي لمعنى الزمان والمكان كمكونين رئيسين لمقاله الأدبي، ولو كانت المساحة تسمح لعرضت نماذج كثيرة من كتاباته تبرز كيف استطاع أن يوفق بين عوامل الزمان والمكان من جانب، ومسيرة حياته اليومية، وكيف يربطها جميعا بأسلوب بارع بذهنية المتلقي – القارئ – من غير أن يحدث مللاً لديه، ويراعي التجديد في كل مرة مع اختلاف المضمون والتمسك بالنسق العام نفسه لشكل المقال دون أن تخدش جماليات عزف اللغة.
وإن كانت مقالات الدكتور الأسطة كل يوم أحد تطرحُ موضوعا يهم المثقف الفلسطيني أو العربي في بعض الأحيان فإنني أرى فيها رؤية تنويرية وتشخيصا للواقع المعاش، بأسلوب هادئ وجميل، بعيداً عن فوضى الإنشاء الذي بدأ يغزو فضاءنا الثقافي، بأسلوب مبتذل، كالاستغراق في فنون الموضة، والطهي والأبراج ..
من غير المعقول أن نستسلم وبإرادتنا لذوق بعض الهواة ممن يتقنون فنون- وجع الرأس- فيما يقدمونه من مواد باهتة تقدم في الصحف، وأرى أن المقال الأسبوعي للدكتور الأسطة مادة دسمه للقارئ تنمي وعيه، وتوسع مداركه، إذا ما حاول متابعة هذا النمط من الكتابة الراقية، في معظم ما قرأت للدكتور الأسطة جوانب حية لمثقف واعٍ يعرف ماذا يريد ، سواء أكان يكتب عن " أفاتار " صرعة العصر، أم عن المركز الثقافي الفرنسي والشعراء الشباب، أم عن حال الرواية العربية والفلسطينية، أم عن أدباء شباب أمثال وليد الشرفا صاحب القميص الأسود..!!
بهذه المواضيع المختلفة في المضمون والمتشابهة في الهدف وجدت أن الدكتور عادل الاسطة بارع .. لبق .. في التوفيق بين الزمان والمكان كملهمين للكتابة، بمعنى أنك وأنت تتابعه وبعد أن تنتهي من قراءة ما كتب ستجد نفسك سابحا في فلك النص مبحرا إلى الزمان والمكان وأنت تتخيل طوباس، والجليل، والقرى المدمرة ، ووجه محمود درويش الذي غيبه القدرُ عنا، ستجدُ نفسك أيضاً في نابلس تتخيلُ كيف تكون غريباً في بلدك " الغربة عن المكان " وتستجد نفسك تعود بالذاكرة بضع سنين في السنوات العجاف من الانتفاضة، وستتذكر بطاقة هويتك الشخصية، والحواجز،... هذه نماذج سريعة تعرض كيف استطاع عادل الأسطة أن يسحبنا وعبر فترة طويلة من الزمن من خلال مقاله الأسبوعي إلى عوالم حقيقية ذات أبعاد زمانية ومكانية تحدث في النفس شيئا من النشوة التي افتقدناها طويلاً ، نعم أنا معه في :
إن أردت مبارزة النسر / حلق معه ..
وهذه دعوة من قارئ إلى معشر القرآء كي يحلقوا مع النسور دون رهبة .



#سامح_عوده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقام من بلدي ( 2 )
- مقام من بلدي ..
- ليلة حب ..
- كل عيد وأنت الحب
- كان معنا من القدس ...(..!!..)..
- إنهم يستحقون الاهتمام .. (..!!..)..
- غَنَيتُ لَكَ ..( ..!!..)..
- من الأردن إلى فلسطين
- غزل للذاكرة بين صفحات - عرش الليمون -للمتوكل طه .
- أحلام ..( .. 1548 ..)..
- اعبر إلى الأقصى على جسدي
- كل آذار وأَنّتُنَ بألف خير
- رقصة
- روسيا بعيون جديدة ..(..!!..)..
- ثمة نور في آخر النفق ..(..!!..)..
- القدس عاصمة العشق الأبدية ..(..!!..)..
- هي فوضى ..(..!!..)..
- كأن السماء تمطرُ شعراً، وموسيقى ..(..!!..)..
- هذيان صباحي
- اعتداءات المستوطنين كوميديا مكشوفة..(..!!..)..


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عوده - ذاكرة الزمان والمكان في قصاصات عادل الاسطة