أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - وليد ياسين - توفيق طوبي الإنسان كما عرفته...














المزيد.....

توفيق طوبي الإنسان كما عرفته...


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 16:17
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


هذا الأسبوع، ترجل فارس آخر من فرسان الحركة الوطنية في بلادنا.. ليلحق بركب طويل من الفرسان الذين ترك كل واحد منهم فراغا كبيرة في مسيرة شعبنا، فراغا لن يستطيع أي فارس، مهما كان شديد المراس والتجربة، أن يعوضه، أو حتى يملأ مربعا واحدا من مربعاته. فقدنا القائد والمعلم والانسان والمناضل، والأخ والصديق والرفيق، والصوت المدوي، والهامة الشامخة، الجبل الذي ما هزته الرياح العاتية، فظل صوتا مجلجلا، حتى سلم الأمانة للأجيال التي نشأت وسارت على دربه.
هذا الأسبوع، رحل عن دنيانا توفيق طوبي... وربما يكفي ان نذكر هذا الاسم، كي يخيم الصمت وتفقد الكلمات معانيها وقوتها في التعبير.. فكيف يمكن أن نرثي راية مشينا على هديها وتفاخرنا بشموخها، ثم نجد أنفسنا نقف عاجزين امام عظمة الموت، كي نرثيها.. او نتذكر حيثيات ذلك الشريط النضالي الطويل الذي عايشناه في ظلها...
بحكم عملي في صحيفة "الاتحاد" ومن ثم في مجلة "الغد".. ومواقعي في الشبيبة والحزب، آنذاك، ومن ثم خلال عملي في لجنة الأربعين للدفاع عن القرى غير المعترف بها، زاملت الرفيق الراحل في كثير من المواقف التي يصعب سردها في كلمات، ولا أعرف إن كنت أستطيع يوما روايتها وتدوينها للتاريخ.. لكن ما لا يمكن أن أنساه هو ذلك الهرم، توفيق طوبي، الذي كان المعلم لي في كثير من محطات حياتي النضالية بل والصحفية.. وحين ابكي توفيق طوبي، ابكي كل أولئك الفرسان الذين زاملتهم في تلك الحقبة من حياتي، ماير فلنر وتوفيق زياد واميل حبيبي واميل توما وصليبا خميس واحمد سعد وشفيق طوبي وعلي عاشور ونصري المر وراجي النجمي والقس شحادة شحادة، ومن تبقى على قيد الحياة من رفاق، أمد الله في أعمارهم، فهم النبراس وهم عمالقة الحركة الشيوعية والقومية الذين اعتز بهم وأتذكرهم الآن كما لو كانوا يمرون أمام ناظري الآن، يمتطون صهوات خيول أصيلة، لا تعرف ملامحهم إلا ابتسامة النصر حتى في أحلك الظروف.
أتذكر الآن، آخر لقاء صحفي أجريته مع الراحل العملاق توفيق طوبي، بمعية رفيقنا الراحل أحمد سعد، حين كنا نحرر معا مجلة الشبيبة الشيوعية "الغد". وأتذكره لاني لا أنسى أن توفيق طوبي أجبرني في حينه، بدماثة أخلاقه، وبحرصه الشديد على كل كلمة تنشر باسمه، أجبرني على الخروج عن نمط العمل الصحفي.. حين تجاوبت معه وسمحت له بالإطلاع على نص المقابلة معه قبل نشرها. في العادة نلتقي الناس ونقتبس أقوالهم ثم ندونها وننشرها، بأمانة صحفية، فلا يقرأها المعني إلا بعد نشرها. لكن توفيق طوبي كان يرفض ويصر على عدم نشر أي تصريح باسمه إلا بعد أن يقرأ النص النهائي قبل إرساله إلى المطبعة، بل وأحيانا يطلب مراجعته لغويا بعد تنضيده، كي يتلافى وقوع أي خطأ لغوي أو تساقط كلمة أو حرف يمكن أن يفقدا النص معناه.. كان حريصا أشد الحرص على خروج اللقاء منمقا، شاملا، وكثيرا ما كان يشطب ويضيف، كي تصل رسالته إلى القارئ لا تشوبها أي شائبة. وكم كان عظيما حين كان بتواضعه اللامتناهي، يكرس من وقته وعمله البرلماني والشعبي الكبير، ما يكفي من الوقت والاحترام للصحفيين، خلافا لآخرين كانوا يتعجرفون ويتكبرون حين تطلب إجراء لقاء معهم...
أتذكر الآن رفيقنا الراحل، يوم منحنا نصف نهار من عمله، لإجراء ذلك اللقاء، وحضر إلى مكاتب الغد، فحاورناه وحاورنا.. وكان المعلم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. وأتذكره حين كان يزورنا في الاتحاد، احيانا لتزويدنا بخبر، وأحيانا لمجرد الزيارة والوقوف إلى جانبنا.. كان حين يدخل إلى قاعة التحرير نتحلق حوله، نستمع إلى كلماته، فيمدنا بمزيد من العزم ويجعلنا نتحرك كالنحل في عملنا.. غير آبهين بوضع مالي أو تأخير في دفع الراتب، أو أي مشكلة أخرى كانت تواجهنا في حينه.. بحضوره كانت تغيب الأشياء كلها، ويحضر وجهه الناصع، وتحضر كلماته لتشكل نبراسا نواصل المضي على هديه دون توقف.
تحضرني الكثير من المواقف الإنسانية والرفاقية.. تحضرني الكثير من الذكريات... ولا أعرف، هل يمكن يوما تدوين تاريخ هذا الإنسان العظيم كي يبقى طريقه وتبقى تعاليمه نبراسا لشعبنا وللأجيال التي لا تعرف توفيق طوبي وتاريخه...
رحل توفيق طوبي الجسد.. لكنه سيبقى فكرا ومعلما على صفحاتنا، مهما باعدت بيننا الأيام. فوداعا أيها المعلم.. وداعا أيها الأب الآخر لآلاف الناس الذين أحبوك وساروا على دربك...



#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوعزيزي شعلة الانتفاضة التونسية
- مشاعر مختلطة في -أسبوع الآلام-
- مجزرة أسطول الحرية ومسألة الارهاب!
- على هامش مئوية شفاعمرو برعاية بيرس: بحر الدم الهادر من كفر ق ...
- في واحة -شاباك لاند-
- ناجي فرح يروي حكاية وطن ضاع يوم -قامت لِقْيامِة-
- شفاعمريون - من يخلد هذه الأسماء؟
- وداعا أخي احمد سعد، أيها الراسخ كحجارة البروة في وجه العاصفة
- حكاية يوم الأرض 1976
- كلينتون، صمتت دهرا ونطقت عهرا
- المواطنة مقابل الولاء لاسرائيل ورموز الصهيوينة، مشروع قانون ...
- عيد العشاق... الأحمر في فلسطين لون الحب... والحقد
- أجنّة لم ترَ النور في العدوان الأخير على غزّة... أنابيب موال ...
- لماذا يجب أن نصوت في انتخابات الكنيست ولمن؟
- عندما ينتفض أطفال 1948... أمام حقيقة أنهم فلسطينيون!
- التفجيرات الانتحارية والعمالة ...وجهان لعملة البطالة الفلسطي ...
- لماذا هذا الاستغلال؟ رسالة مفتوحة الى بيت الشعر الفلسطيني
- الفلسطينيون ضحايا 11 سبتمبر أيضاً... أي كارثة ونكبتنا مستمرة ...
- قصيدتك الأخيرة
- أربعة طيور حطت على شجرة


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - وليد ياسين - توفيق طوبي الإنسان كما عرفته...