أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - شياطين في هيئة شيوخ السلاطين!















المزيد.....

شياطين في هيئة شيوخ السلاطين!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 15:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم أرَ توظيفاً للدين في خدمة المآرب السياسية للحاكم أسوأ من هذا الذي يُرينا إيَّاه الحاكم العربي عندما تُحْدِق به مخاطر ثورة المحكوم، أو الشعب، عليه؛ فهذا الحاكم، الذي نُكِبْنا به، والذي يحكمنا، ويستمر في حكمنا، بكل ما يَفْرِضه عليه اغتصابه السلطة اغتصاباً من وسائل وأساليب، يَرْفُض الزَّج بالدين في السياسة، ويَرْفُض على وجه الخصوص وجود أحزاب سياسية تتَّخِذ من الدين أساساً لها، أو تتلفَّع به؛ لكنَّه يغدو في رُبْع الساعة الأخير من عُمْرِه السياسي، أي قبيل سقوطه، "وليَّ الأمر" الذي ينبغي لـ "الرعية" طاعته، وكأنَّ طاعته من طاعة الله؛ فَمَن يشقُّ عصا الطاعة عليه إنَّما يعصي الخالق، ويتمرَّد عليه؛ ويستطيع شيوخ السلاطين الإتيان بألف دليل شرعي على أنَّ وليِّ الأمر هذا لم يأتِ بما يجعل طاعته طاعةً في معصية الله.

القذافي (أو السلطان معمر القذافي) كان له شيخه وهو يسفح دم الشعب الليبي الذي شقَّ عصا الطاعة عليه، فلم يتورَّع هذا الشيخ عن تكفير كل ليبي يعصي وليَّ الأمر المعتصم بجحره في باب العزيزية.

ولمَّا سُئِل أحد شيوخ السلاطين عن حكم خروج المسيرات (الشعبية) وما يسمَّى بالمظاهرات للمطالبة بالحقوق أجاب قائلاً: إنَّ المظاهرات نوع من الخروج عن طاعة وليِّ الأمر الذي أمرنا الله بطاعته في غير معصية؛ وهي (أي المظاهرات) طريقة من طرائق الكفَّار في الحصول على الحقوق "وقد نهينا عن التشبُّه بهم".

وقال أيضاً: "ومن تلك الدعوات الجاهلية ظهر ما يُسمَّى بالمظاهرات، وأوَّل من أسس هذه المظاهرات هم الكفرة، الذين لا يحكمهم نقل ولا عقل، ثم انتقلت هذه الفتنة إلى بعض بلاد المسلمين على أيدي تلامذة الغرب.. إنَّ المتظاهرين يعيثون في الأرض فساداً، فيقتلون وينهبون ويحرقون ويتعدون على الأنفس والممتلكات حتى قال أحد اللصوص إنَّه ليفرح إذا حصلت مظاهرات لكثرة ما يسرقه وينهبه من خلال مسيره معهم".

وتمادى في التحصين الديني للحاكم إذ شبَّه طاعته بطاعة رسول الله، مُذكِّراً بقول عبادة بن الصامت "بايعنا رسول الله على السمع والطاعة، في المعسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله".

أمَّا الثورات الشعبية الديمقراطية العربية فرأى فيها "فضيلة" الشيخ "سفكاً للدماء، وانتهاكاً للأعراض".

في بعض البلاد العربية، والتي يمكن وصف نظام الحكم فيها بأنَّه "أُوتوقراطي ثيوقراطي"، نرى مغتصبي السلطة (من أصحابها الشرعيين، أي مِمَّن يحق لهم حيازتها، وهُمْ الشعب) يُلفِّعون هذا الاغتصاب بالدين، أو بـ "شرع الله"، ويُنْكِرون، من ثمَّ، أو في الوقت نفسه، "الوجود السياسي" للشعب، فالشعب الذي يحكمونه بـ "شرع الله"، على ما يزعمون، ليس بـ "مصْدَر للسلطات جميعاً"، ولا بـ "مَصْدَر الشرعية (السياسية)" في ممارستهم الحكم.

ويكفي أنْ يَزْعُم كل حاكم مغتصِب للسلطة أنَّه يحكم بـ "شرع الله (كما يفهمه ويفسِّره ويؤوِّله هو)" حتى تصبح طاعة الشعب له واجبة شرعاً، لا يَخْرُج عنها إلاَّ كل عاصٍ لله، متمرِّد على أمره.

أمَّا البلاد العربية التي يتَّسِم نظام الحكم فيها بـ "الأوتوقراطية الخالية من الثيوقراطية" فلا تُنْكِر "الوجود السياسي" للشعب؛ لكنَّها تفهم "الشعب" على أنَّه "شريك ثانوي" للحاكم في الحكم؛ وتفهم "الإصلاح السياسي والديمقراطي" لنظام الحكم فيها على أنَّه دعوة (من الحاكم) إلى "توسيع (وزيادة) مشاركة الشعب" في "القرار"، أو في "الحكم".

إنَّهم ينظرون إلى "الدولة" على أنَّها شيء يشبه "شركة تجارية"، تعود ملكية رأسمالها إلى قلة قليلة من المواطنين، وإلى "الحاكم" في المقام الأوَّل، ويعمل فيها مئات الآلاف، والملايين، من العمَّال، أي "الشعب"؛ وإذا كان لا بدَّ من تحقيق شيء من "الإصلاح السياسي والديمقراطي" فإنَّهم يتصوَّرن هذا "الإصلاح" على أنَّه عمل يشبه السماح لهؤلاء العمَّال، أو الشعب، بامتلاك "أسهم"، على أنْ تظل نسبة ما يملكون من "رأسمال الشركة" أقل مما يَسْمَح لهم بحيازة سلطة إدارتها.

كيف أصبحوا مُلاَّكاً لهذه "الشركة (التي هي كناية عن الوطن والدولة والحكم)"، ومن ذا الذي ملَّكهم إيَّاها، قبل أنْ يَبْرزوا في ثياب المصلحين الديمقراطيين، ويتكرَّموا على الشعب بزيادة حصَّته من ملكية هذه الشركة؛ لكن بما لا يتعارض مع "حقِّهم" في الاحتفاظ بحصَّة الأسد من "رأسمالها"؟!

إنَّها "شركة" للشعب وحده حق امتلاكها كاملةً، فاغتصبوها (منه) اغتصاباً تعدَّدت وسائله وأساليبه؛ ثمَّ تخلَّقوا بشيء من أخلاق "المُصْلِح السياسي والديمقراطي"، وشرعوا يتحدَّثون، في "خطابهم الديمقراطي الجديد"، عن حقِّ الشعب في "زيادة مشاركته في تقرير أمْره ومصيره"!

أمَّا وسائلهم وأساليبهم في "إقناع" الشعب (أو الرعية، أو المحكوم) بأنَّه ليس بـ "مَصْدَر الشرعية (السياسية) في الحكم"، وبأنَّهم هُمْ "مَصْدَر الشرعية في امتلاكه حصَّة من هذا الحكم"، فهي القمع والإرهاب والسجون و"الكتائب الأمنية" وقطع الأرزاق والأعناق والفساد والإفساد والارتشاء وشراء الضمائر وإضعاف النفوس وبث الفرقة وإثارة النعرات وتأجيج العصبيات..؛ فإذا نشب الصراع، واحتدم، قاوَم الحاكم بطرائق وأساليب يحاوِل من خلالها أنْ "يُقْنِع" الشعب الثائر عليه بأنَّ سقوطه يُوْقِع الشعب حتماً في فوضى عارمة، وفي "صَوْمَلة أبدية".

ولقد أثبت الحاكم الأوتوقراطي في بلادنا العربية أنَّه يملك من قوى النفي للديمقراطية ما يمكِّنه من أنْ يَحْشِد مئات الآلاف (والملايين) من المواطنين في الميادين (من عاصمة ومدن البلاد) لإظهار وتأكيد ولاء الشعب له؛ فإنَّ المعارضين له هُمْ دائماً فئة ضئيلة ضالة مُغرَّر بها.

على أنَّ كل هذا الحب الشعبي الذي يتمتَّع به الحاكم لا يُزيِّن له أبداً تسيير المجتمع في طريق الديمقراطية الحقيقية؛ فما يراه من حشد شعبي هائل في الميادين تأييداً له لن يُتَرْجَم بمثيل له في صناديق الاقتراع الشفَّافة.

إنَّ بضعة آلاف من المواطنين يتظاهرون ضدَّ الحاكم المستبد الطاغية لأصْدَق دليلاً على وزنه الشعبي من مئات الآلاف (والملايين) من المواطنين الذين يسوقهم إلى الميادين سَوْق القطيع إلى المراعي.

أمَّا إذا أعْجَزَه تنامي ثورة الشعب عليه عن إخراج مئات الآلاف (والملايين) من "أبناء الدولة"، أي من العاملين في أجهزة ومؤسسات حكمه، إلى الميادين ليهتفوا بحياته، واضطَّره إلى خَلْع ما لبسه من لبوس الديمقراطية، فلن يتردَّد، عندئذٍ، في أنْ يقاوِم سقوطه المحتوم بوسائل وطرائق وأساليب زعيم عصابة من عصابات الإجرام؛ وكأنَّ "القذَّافية" هي طريقة الحكم التي يتَّبعها نظام الحكم الاستبدادي العربي عشية سقوطه المحتوم؛ وإنَّها لنهاية مُرْعِبة؛ لكن لا رعب بلا نهاية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين انتفاضة الفلسطينيين؟!
- والقَلَمِ وما يَسْطُرُون
- ما الذي يريده الشعب حقَّاً؟
- من وحي اعتصام -الرأي- الأردنية!
- جهاز -أمن الدولة-.. كان يجب أن يسقط فسقط!
- القذافي الخَطِر!
- الْغوا عقولكم حتى تصدِّقوهم!
- كما أصبحنا يجب أنْ يُولَّى علينا!
- الدستور!
- حصانة دولية للثورات العربية!
- مصر.. أكثر من -انتفاضة- وأقل من -ثورة-!
- الطاغية المُطْلَق!
- البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر!
- -نصف انقلاب-.. و-نصف ثورة-!
- شباب اكتشفوا الطريق.. واخترعوا الوسيلة!
- -الثورة الناقصة- هي الطريق إلى -الثورة المضادة-!
- انتصرنا!
- لِنَعُدْ إلى جريمة -كنيسة القديسين-!
- سِرُّ -الجمهورية شبه المَلَكِيَّة-!
- لولا مخافة الشرك بالله لأمَرْتُ مفتي السعودية أنْ يسجد للصبي ...


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - شياطين في هيئة شيوخ السلاطين!