أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زينب رشيد - الله..مع الطغاة أم مع الشعوب؟















المزيد.....

الله..مع الطغاة أم مع الشعوب؟


زينب رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 09:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن بيان هيئة علماء مملكة آل سعود الذي حرم التظاهر والاحتجاج بعد أن دعا سعوديون الى التظاهر والثورة على نظام بالغ الفحش والظلم والجور والطغيان والقمع، لم يكن هذا البيان أول محاولة لاستدعاء الله من عليائه كي ينزل للميادين داعما ومساندا لظله في الارض من الطغاة والقتلة والمتجبرين ومانحي صكوك غفرانه وماسكي مفاتيح جنانه. ما يميز هذا البيان فقط انه كان قمة في الصراحة والوقاحة في آن معا، صراحة تمثلت بتحريم حق يعد من أبسط حقوق الانسان وهو الشكوى من الظلم من خلال تجمعات وتظاهرات سلمية، ووقاحة تجلت بمصادرة دور الله بعد أن صادروا دور عباده، وقد جاء هذا البيان تتويجا لسياق تاريخي امتد منذ صدر الاسلام وحتى الان، لجأ خلاله كل الحكام بالتحالف مع رجال الدين لاستدعاء الله كلما احتاجوا لذلك في وجه كل الثورات التي هبت ضد ظلمهم وطغيانهم، وأحيانا كان يتم استدعاء الله بكل جبروته ضد معارض بسيط لا حول ولا قوة له ليُقتل باسم الله ودينه.

التاريخ الاسلامي يزدحم بالامثلة على استدعاء الله من قبل الحكام عند الحاجة اليه، حتى أن أحفاد رسول الاسلام تم قتلهم اناثا وذكورا والتمثيل بجثثهم باسم اله جدهم ودينه، وبعد هذا المثل لا دهشة ولا استغراب ان يتم القضاء على شعوب وحضارات باكملها باسم الله، وقطع رقاب المعارضين المفكرين والعلماء والادباء باسم الحفاظ على دينه، وباعتقادي ان العديد قد أتى على ذكر هذه الأمثلة بالتفصيل مما سمح بالاطلاع عليها في عصر لم يعد ينفع معه أساليب الرقابة والمنع والقص والملاحقة وحرق الكتب، فالكلمة وان كان لها جناحان مقيدان في عصور سابقة فانها اليوم تطير بحرية في هذا الفضاء الذي نطل من خلاله على جمهور لا حصر له كان محروما من حق المعرفة طوال تاريخ أغبر قاتم مظلم ألبسوه زورا وبهتانا كل صفات المجد والقدسية.

إلا أن المثير والمدهش والذي يدعو حقا لكل أشكال الاستغراب هو أن تقول الشعوب التي انتصرت ثوراتها أن الله هو الذي نصرها، كما وتقول الشعوب التي لم تنتصر بعد بان الله هو الذي سينصرها، وكأن الله كان عاجزا عن التخلص من الطغاة الذين جثموا على صدور شعوبنا عبر مئات السنين السابقة، كما واني لا أدري أي اله هو الذي ناصر الشعوب وأيدها وآزرها، هل هو اله المسلمين أم المسيحيين أم البهائيين؟ وماذا عن من لا اله له وقد شارك الجميع بالثورتان اللتان تكللتا بالانتصار حتى الأن.

مسيرة ألف وأربعمائة عام منذ صدر الاسلام تدلل ان المسلمين لم يتخصلوا من طاغية إلا عبر طاغية آخر، ولم يتخلصوا من احتلال واستعمار إلا بفضل معادلات القوى الدولية والظروف التي تتحكم بصراعاتها والمآلات التي تؤول اليها تلك الصراعات، والتي تسمح للبلدان المُعرفة بانها اسلامية بالاستقلال حينا، أوتستبدل استعمار باستعمار أحيانا أخرى، وبالتالي فان كثيرا من الامم الاخرى سواء كانت من أتباع "الديانات السماوية" أو من أتباع ما يسميها المسلمون "الديانات الارضية" كانوا أكثر جرأة وأكثر اقداما وتضحية واستعدادا لتقديم كل شيئ بما لا يقاس في سبيل انتزاع حقوقهم سواء من ديكتاتور طاغية، أو من مستعمر أجنبي بدون أن يكون لهم اله كإله المسلمين ينصرهم أو ينتصر لهم.

هكذا سبقتنا بلدان غرب اوروبا بقرون في الخلاص من عبوديتها لطغاة الارض والسماء، وهكذا سبقتنا بعقود بلدان شرق اوروبا في الخلاص من نظم شمولية ديكتاتورية أسوأ بكثير مما لدينا، وهكذا تحررت كل بلدان الشرق الأسيوي من طغاتها ومستعمريها وناهبي ثرواتها، باستثناء بورما "ماينمار" التي مازال شعبها وفي المقدمة منهم رهبانه الذين لا يعترف المسلمون بدينهم في النضال من أجل الخلاص من ظلام ديكتاتورية العسكر الى نور الحرية، وقد شاهد العالم كله في فترة سابقة كيف قُتل عددا من هؤلاء الرهبان وهم يتظاهرون سلما الى جانب شعبهم ضد الديكتاتورية والطغيان.

دأب الحكام من خلال رجال الدين على الاستنجاد بالله في وجه ثورات شعوبهم، وهو ما يمنحهم مبررا لاستعمال القوة والعنف فكله في خدمة الله وحفاظا على دينه وثوابته، رغم انه لا أمان أبدا لرجل دين لا من جهة الحاكم ولا المحكوم، فرجل الدين كان دائما مع الكفة الراجحة فهو يفتي للحاكم بكل ما يريد وصولا الى لعق حذاءه طالما كان الحاكم قويا، وحين تتهاوى أركان حكمه وتصبح آيلة للسقوط فان رجل الدين ذاته يصبح ثوريا أكثر من الشعب الذي كان قابعا تحت جوره وجور سيده الحاكم، ولا يتورع رجل الدين بأن يبالغ في نفاقه وصولا الى اهدار دم الحاكم كما في فتوى رجل الدين يوسف القرضاوي حين أفتى بجواز قتل الرئيس الليبي معمر القذافي على الهواء مباشرة وهو الذي كان من زوار خيمته والمتنعمين بكرمه الذي كان يغدقه على الجميع باستئناء شعبه.

الجميع مع محاسبة العقيد القذافي وتقديمه لمحاكمة عادلة لم تتوفر لضحاياه فيما لو تم القبض عليه حيا، والجميع يعلم ان القذافي مجرم تنوعت جرائمه واتسع مداها الجغرافي داخليا وخارجيا، وضد الشعب الليبي وغيره من الشعوب، ولكن ان كنا نريد أن نتجاوز عصر القذافي وأدواته وأسلوبه الاجرامي وطريقته في الاستحواذ على السلطة، فليس لنا من سبيل إلا القانون الذي يحتكم له الجميع ويوفر محاكمات عادلة لاي مدان أو مجرم، وليس باتباع ذات أساليب القذافي وغيره وبغطاء سماوي لا يتوفر لطالبه إلا حين يتهاوى عرش الديكتاتور. قد تصبح هذه الفتوى سابقة يعود اليها كل رجل دين للافتاء بقتل كل رئيس، فقط لأنه لا يوافق هواه وايمانه.

لا أعتقد بان الله كان نائما طوال كل تلك القرون، ولا أعتقد انه كان مستيقظا ولكنه كان يغض بصره عن كل تلك الفظائع التي ارتكبت، وكثيرا منها باسمه وباسم دينه. كل ما في الأمر ان شعوبنا هي التي كانت نائمة ومستكينة وخانعة وقابلة بالذل والعبودية والديكتاتورية، وقد شجعها على ذلك نصوص مقدسة تدعو الشعوب الى مبايعة السلاطين وولاة الأمر وعدم الخروج عليهم حتى وان أكلوا مالها وجلدوا ظهورها، وهي نصوص أتى جزء منها في سياق بيان هيئة علماء مملكة آل سعود.

نصوص مقدسة كثيرة تتيح للحاكم ان يستفيد منها لممارسة أبشع الجرائم، وأن يتفرد في الحكم كما يشاء، وأن ينهب ويسرق ما يشاء، ويمنح ماليس له لمن لايستحقه، بينما لا نجد في تلك النصوص إلا ما يرسخ حكم الطاغية وصولا الى تقديسه، فهل هناك تقديس أكثر من الطلب من الشعوب عدم الخروج على الحاكم الذي يأكل مالها ويجلد ظهورها.

لا أحد يستطيع أن يُحرم الشعوب من ايمانها بما تريد وكيف تريد، ولكن علينا أن نتذكر أنه كلما اشتد ايمان الحاكم وتدينه كلما كبرت جرائمه واشتد ظلمه وجوره، وزاد نهبه لخيرات الشعوب، وكلما زاد عدد رجال الدين من حوله ازداد عدد الفتاوي التي تبيح له فعل كل ذلك واكثر منه، لكن كلما اشتد ايمان الشعوب تصبح أكثر قابلية "للقدر" الذي أتى بهذا الحاكم وتاليا تصبح أكثر التزاما بطاعته وعدم الخروج عليه، واللبيب من الاشارة يفهم.

الى اللقاء



#زينب_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الشيعة..لا يحق لكم أن تثوروا على الطغاة
- الكنيسة والأزهر وجهان لعملة واحدة رديئة
- حرية الشعب المصري أغلى من القدس
- إلا سوريا
- لا أحد يراسل الديكتاتور إلا السيد عباس
- هي أكثر من ثورة خبز فلا تهينوها
- متى سيعود الاسلام الى موطنه الأول؟
- ميلاد مجيد وعيد سعيد ولو كره المسلمون
- المسيحيون وممتلكاتهم أضاحي لعيد الأضحى
- دفاعا عن الله
- أين حملة كاميرون أطلق الأمير سعود؟
- هنيئا للتمدن بجائزة الحوار المتمدن
- اوباما..لا تطلق حميدان
- الأصل في الاسلام هو العنف
- لا يحدث إلا في ديار الاسلام
- نعم أنا فلسطينية
- كاميليا زاخر..حتى لا يكون مصيرها كمصير وفاء قسطنطين
- مسجد قرطبة النيويوركي..مسجد ضرار
- تنويعات على هامش الاسلام وتخلف المسلمين
- سوريا..الطغيان ما زال في صباه


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زينب رشيد - الله..مع الطغاة أم مع الشعوب؟