أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 3302 - 2011 / 3 / 11 - 22:13
المحور:
الادب والفن
يطير قلبي إليك في كل وقت .. وأنا نائم يطير قلبي إليك ، وأنا أسير ، وأنا أصحو ، يطير قلبي إليك .. وأراه أمام عيني .. يحلق في الهواء ويحترق في الطريق إليك .. أراه .. ولا أستطيع أن أمد يدي لأطفئ الحريق ، أو أصد عنه اللهب . يطير قلبي إليك ، لا يتوب ، ولا يتعلم أبدا أن التحليق نحوك سيحرق جناحيه وعظامه .. ، وأن الطيران إليك سيسقطه محترقا مثل نجم أبيض ، لا يتعلم قلبي ، ولا يفهم ، ولا يتعظ، ويفلت دوما من صدري إليك ، أناشده أن يتمهل ، أن يقف ، أن يعقل ، لكنه يندفع بعنف ، كأنك أنفاسه ، وكأنك خفقه ، وحياته ، وكأنه ما وجد إلا من أجل أن يطير نحوك . السماء للمطر، والنهر للخضرة ، والشمس للنماء ، وقلبي لك . أعطيك ظهري ، فيجرجرني ويعطيك وجهي ، ويريك عيني ، وشفتي ، وأنا في حلقة النار . ألعنه ، فيبتسم كالطفل، ويقول : لأجل خاطري دعني أطير مرة أخرى ، مرة أخيرة . أسبه ، وأمسك به بين قبضتي ، أريد أن أسحقه ، فيتطلع إلي من بين أصابعي ، ويسألني : أتعاقبني لأني عشقت ؟ عاقبني لو تسمم دمي بكراهية ، لكن تسحقني لأنني عشقت؟ . أطلقه ، أحرره ، فيتأملني لحظة ، بعينين تطلبان المغفرة، مثل طفل أذنب ، ويستدير ، ويطير إليك ، وأراه في الهواء مندفعا بفرحة محترقا من شوقه . أسأل الله أن يخلصني من هذا القلب الطائر ، القلب الذي لا يسكن إلا المسافات التي تفصلني عنك ، أقول : يارب لاتجعل حياتي مشاهدة لقلب يحترق ، دعه ثابتا بين ضلوعي ، دعه راسخا في صدري ، فينظر إلي الرب قائلا : هذا قلبك ، لأنه يطير، هذا قلبك لأنه يحترق ، هذا قلبك لأنه يحب، هذا قلبك لأنه يعذبك، هذا قلبك لأنه يعرف ما تريده أنت، هذا قلبك، لا تنكره ، واطلب له السماح. أقول له : يا رب إنه يحترق ألف مرة ، وألف مرة أرى جناحيه مندلعتين في اللهب ، عينيه تذوبان من نار العشق ، خلصني منه ، أو خلصه مني . يبسم الرب برحمة متمتما : لم يبق إلا القليل ، فاصبر ، وعش هذا الحريق ، وتحمله ، إنه مفتاح الفردوس التي ينتفض فيها كل شعور بالحب . أحني رأسي ، وأركع على ركبتي وأضم قبضتي متوسلا : يارب تعبت من قلب يطير طول الوقت ، فاجعله قطعة مني ، وليس قطعة من المسافات اللاهبة ، يارب، أفلتني من فردوس عينيها ، وفردوس صوتها ، أفلتني ، ونجني ، وامنحني الجحيم ، ربما يختنق الخفق هناك ، وينطفيء الشوق . يارب امنحني الجحيم . ويصمت الرب متفكرا لكن لا يقول شيئا .
***
7 مارس 2011
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟