أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - نعم لتعديل/تغيير الدستور ولكن،















المزيد.....

نعم لتعديل/تغيير الدستور ولكن،


محمد باليزيد

الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


... لنتكلم خبزا.
في المغرب، لم يكن مطلب "تغيير الدستور" مطلبا جديدا. وقد نادت بهذا المعارضة، حتى الشكلية منها، منذ وقت طويل. إلى درجة أنه في بعض الأحيان كان يروج أن المعارضة، التي صارت شكلية بعد تجربة التناوب، لا تثير هذه المسألة إلا بإشارة من القصر. وكان إخراج هذا المطلب، كملتمس إلى القصر، من دون أية قوة ضاغطة ومن دون ربطه بحياة الناس وكذا مصداقية تلك المعارضة التي اهتزت لدى الجماهير، كان كل هذا إلى جانب ما يتعلق بتلك الظرفية عاملا جعل المطلب "قليل المدلول"، على الأقل لدى الجماهير.
إذا قالت الماركسية بأن تأثير البنية التحتية، على الفوقية، أكبر بكثير من التأثير العكسي، فإن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن نهمل تأثير البنية الفوقية على التحتية، كما علينا أن لا نأمل من الخطوة الملكية المعلنة، تعديل الدستور بما يقرب الملكية المغربية أكثر من ملكية دستورية، أن لا نأمل من هذه الخطوة أكثر مما في إمكانياتها. لقد أعلن في الخطاب الملكي بأن صلاحيات الوزير الأول (~ رئيس الوزراء) ستُوسع كما ستوسع صلاحيات الجهات وتقلص سلطات العمال (ممثلي الداخلية) لصالح المنتخَبين الجهويين. لكن لم يُقل شيء عن تعيين السفراء ومدراء المؤسسات الكبرى وخلق المجالس، التي تكلف من حين لحين بمسائل هامة مثل المجلس الأعلى للتعليم والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، لم يُقَل شيء عن الميزانية الهائلة للقصر التي لا تناقش. لقد دشن الملك الحالي عهده بتلميحات بأن "المظهر التقليدي" للملكية سوف يتغير ورُوجت شائعات مثل أن جل المستخدمين في القصور الملكية المنتشرة في البلاد (هؤلاء المستخدمين الذين لا يستخدمون إلا نادرا ومع ذلك هم في أماكنهم وتؤدى أجورهم) سرحوا.
نعم، إن الاقتراب، دستوريا وقانونيا، من الملكية الدستورية شيء جيد ومطلوب. شيء جيد أن نرى القرارات الهامة، في السياسة الداخلية كما الخارجية، تتخذ من طرف شخص/جهاز أعطته صناديق الاقتراع الصلاحية بأن يتخذ تلك القرارات وليس من طرف شخص بايعه المغاربة، منذ الأزل وإلى الأبد، بأن يحَل محلهم كما يحَل شخص راشد وصيا على شخص غير راشد أو معاق. لكننا نرى أن الإصلاح الدستوري سيبقى مجرد حبر على ورق ما لم تصاحبه ميكانيزمات أخرى كفيلة بأن "تنشط" محتواه وتخرجه من الأوراق إلى الواقع. ولنوضح الأمر بما يكفي يجب أن نقول بأن آلية الانتخابات في المغرب، على المستوى القانوني والتشريعي، لا ينقصها شيء أو على الأقل لا ينقصها الشيء الكثير، لكن على مستوى الواقع فإن الانتخابات المغربية لا تنتج إلا المهزلة. مهزلة جعلت الناس يتخلون عن ذلك الميكانيزم الذي بفضله سيصل الشخص المسؤول والمؤهل إلى مستوى الوزير الأول الذي يطمح ملك المغرب بأن يضع تحت مسؤوليته القرارات الهامة. والانتخابات بحد ذاتها ليست سوى جزء من "البنية الفوقية" التي لن تصلح ما لم تصلح البنية التحتية. إن عيش الناس في بلد ديمقراطي 100% (إذا كان بالإمكان 100% ) وفي نفس الوقت في بلد 20% منه تحت عتبة الفقر (1) و5% تستحوذ على 80% من ثروة البلاد و10% من شبابه القادر عن العمل يعاني البطالة و60% من تلاميذ المدرسة (من الإجمالي الملتحق بالسنة الأولى ابتدائي) لا يتجاوزون عتبة البكالوريا...و....و. إن بلدا كهذا تكون فيه الديمقراطية مجرد لعبة بين الطبقة العليا تلعبها لكي تلهي الجائعين بها وتوهمهم عند اقتراب كل مرحلة انتخابية بأن "الأوضاع ستتغير" كما تلهي هي نفسها تماما مثلما تلتهي بالكولف أو التنس. (2)
إن المغرب يحتاج، كما يحتاج فعلا إلى الديمقراطية الدستورية والقانونية أو قبلها، إلى النظر في أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية ككل. لنبدأ من مسألة واضحة وبسيطة: المغرب بلد فلاحي(3) والمفترض في البلد الفلاحي أن يؤمن غذاءه أولا. لكن سياسات كالتي قادها أمثال مبارك في الوطن العربي جعلت الشعوب العربية تعتمد على القمح الأمريكي، وبالتالي، تعاني من النقص في الغذاء. سيقول قائل بأن الدقيق في السوق المغربي معروض بما يكفي، صحيح، لكن الكثير من الناس ليست لهم القدرة الشرائية لمواجهة ثمن الدقيق. فالمسألة ليست في تكديس البضائع أمام المحلات التجارية(4) وإنما في مدى قدرة المواطن على التبضع منها. إن المسألة الزراعية ليست فقط جزء من المشكلة، إنها الواجهة التي تتضح فيها المشكلة/مشكلة التبعية بشكل واضح. إن عدم كفاية الغذاء في البلدان النامية، والتي جلها بلدان ذات إمكانات فلاحية، ليس نتيجة نقص في الإمكانات الفلاحية بقدر ما هو نتيجة سياسة البرجوازية التي لا يهمها سوى إنتاج ما يطلبه الزبون في الدول المتقدمة، المنتوجات الكفيلة بإغداق العملة الصعبة عليها، لا لبناء اقتصاد البلاد بها ولكن لاقتناء كمالياتها، ولا يهمها في شيء إن "بات الفقراء بلا عشاء". هذه السياسة، قبل صلاحيات الوزير الأول، هي ما يجب على العاهل المغربي أن يتمعن في نتائجها ويقرر استمرارها أولا. وحين نتكلم عن سياسة التبعية، فإننا سنجد أنفسنا بالطبع أمام مشاكل في مجالات عدة غير الفلاحة. والعنوان الملخص لكل ذلك هو التنمية. لكن سؤال التنمية بدوره، إذا لم يحدد، سيبقى عاما وغير ذي معنى. التحديد من أية زاوية؟ لهذا سنطرح السؤال: تنمية ماذا؟ تنمية الصناعة المغربية، الفلاحة المغربية، الاقتصاد المغربي؟ يمكن أن تحصل تنمية ينتج عنها ازدياد الناتج الداخلي الخام (PIB) ومع ذلك تبقى النسبة التي أشرنا إليها، 20% تحت عتبة الفقر، مثلا لم تتغير. إن التنمية المقصودة الآن في كل الدوائر المهتمة هي التنمية المركزة على الموارد البشرية وعلى التقليص من الفقر، لكن هذا للأسف ما لا تهتم به الدول النامية كالمغرب إلا نادرا. على المغرب إذن أن يهتم باقتصاده/مواطنيه وأن يتخلى عن طاعة المؤسسات الدولية التي "تخطط للعالم أجمع"، مؤسسات اجتمعت فيها نخبة النخبة من برجوازية العالم، هذه البرجوازية التي اغتنت على فقر مواطنيها، اجتمعت في تلك المؤسسات كي "تنظر في خير البشرية جمعاء". على المغرب أن يتخلى عن ما شابه ذلك مثل "المبادئ العالمية" للتجارة (منظمة التجارة العالمية) ويهتم بمواطنيه بدل أن يهتم بمدى حرية تاجر أمريكي في السوق الصينية أو البنغالية. على المغرب أن ينمي صناعته، التي لا نحلم حاليا ولا على المدى القريب بأن تنافس أوربا، بدل من أن "يهتم" بالصناعة التقليدية في أفق جعل المغرب "متحفا" عالميا يمتع فيه السائح الأوربي أو الأمريكي نفسه وهو يرى بأم عينيه، في القرن الواحد والعشرين، كيف كان أجداده هو يصنعون أواني الفخار أو ينسجون الزرابي.
لكن التخلف مركب. ومن أهم مقومات هذا الوباء، الفساد. الفساد الذي تصطدم به أحيانا حتى بعض السلط الحسنة النية التي تريد إصلاح الأمور قليلا أو كثيرا. الفساد الذي يشكل إلى حد ما آلية من آليات إعادة إنتاج التخلف. وإذا كانت السلط العليا، سواء المؤسسات التشريعية أو التنفيذية أو غيرها، مسؤولة في هذا المجال، فإن ذلك لا يلغي بأي حال من الأحوال مسؤولية المجتمع المدني بكل مكوناته.
يبقى هناك سؤال لا أدري في الحقيقة مدى طوباويته أو واقعيته: الشباب المغربي القادر، مثل الشباب المصري أو التونسي أو اليمني، على الاعتصام حتى تحقيق مطالب هامة، لماذا لا يقوم هذا الشباب، على الأقل، بخطوة أولى هي محاربة الفساد: يشكل هذا الشباب إطارا لتجاوز كل الإطارات الهرمة سواء من حيث ميكانيزمات عملها أو مبادئها، إطارا موحدا كذلك لتجاوز الشتات السياسي وإعلان هدف واحد: القضاء على الفساد، دون أن يمنع هذا طبعا كل شخص من ممارسة العمل السياسي في إطار الهيئات السياسية الأخرى.


1) نستخدم الأرقام هنا فقط كمثال ويمكن أن تكون بعيدة قليلا عن الواقع الإحصائي.
2) يمكن للقارئ العزيز أن يرجع إلى المقالين: "المغرب، هل هو الاستقرار" و"إلى السادة، خبراؤنا المغاربة في الاقتصاد" بنفس الموقع الفرعي في الحوار المتمدن بخصوص مسألة صندوق المقاصة.
3) يمكن أن يجادل المرء في هذا لكن ما هو أكيد أن المغرب ليس بلدا صناعيا.
4) من "الأفكار" الرائجة بين الطبقة الشعبية أن حالنا، نحن المغاربة، أفضل بكثير من حال الجار الجزائري حيث لا يستطيع المرء أن يشتري كل ما يريد ولم امتلك مالا. فمثلا إذا دخل عندك ضيف فإنك تعجز عن تأمين ما تحتاجه من الخبز.
[يجب أن نلاحظ أن مسألة إقناع الناس بأن الجار الجزائري عدو تفيد من ناحية أخرى وهي أن إشعارهم بأنهم أحسن حالا من هذا العدو يخفف من إحساسهم بالظلم أو الفقر حتى ولو كان حالهم لا يطاق ]



#محمد_باليزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استفق يا رفيق اتشافيز.
- إلى السادة:خبراءنا المغاربة في الاقتصاد.
- المغرب، هل هو الاستقرار؟
- جهازي القضاء والأمن، أية علاقة؟
- -المنھج الجديد في الاقتصاد العالمي-
- من مستويات فقدان الذاكرة
- منحى لورونز ومعامل جيني: شرح وبرهنة
- التقاعد والرأسمالية المتطورة
- مسؤولية المثقف العربي
- الأصولية والنقد الماركسي للاقتصاد السياسي(2)
- الأصولية والنقد الماركسي للاقتصاد السياسي(1)
- أخلاق الشعب الإسرائيلي من خلال الكتاب المقدس. (الجزء الثاني)
- مجرد أصفار (اقتصاد)
- الأخلاق والنفاق
- فتوى القتل اليهودية
- الإسلام ومجتمع الأشباح
- فتوى السن
- أخلاق الشعب الإسرائيلي
- الجيش الذي لا يقهر
- تقرير المصير بين الإيديولوجية والانتهازية


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - نعم لتعديل/تغيير الدستور ولكن،