أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عادل زكى - الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى















المزيد.....



الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3302 - 2011 / 3 / 11 - 14:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى
محمد عادل زكى
العِلم الفريد والملفت للنظر:
فى عباراتٍ شديدة الوضوح والتعبير، عن أزمة الماهية التى يُعانيها الإقتصاد السياسى" عند البعض" كعِلم إجتماعى، كََتبت روزا لوكسمبورج:"الإقتصاد السياسى عِلم فريد مُلفت للنظر، تبدأ الخلافات والصعوبات معه منذ الخطوة الأولى، أي منذ أن يُطرح هذا السؤال البديهى: ما هو، بالضبط، غرض هذا العِلم؟ إن العامل البسيط، الذى ليست لديه سوى فكرة مبهمة عن العِلم الذي يلقنه الإقتصاد السياسى، يعزى عدم يقينه إلى النقص الحاصل فى ثقافته الخاصة. غير أنه يشاطر، بمعنى مِن المعانى، سوء حظه كثيراًً مِن العلماء والمثقفين الذين يكتبون مجلدات ضخمة، ويلقون فى الجامعات عشرات المحاضرات أمام الشبان، حول الإقتصاد السياسى. إذ مِن واقع الأمر أن معظم أخصائيى الإقتصاد السياسى، ومهما بدا هذا أمراًً غير قابل للتصديق، ليست لديهم سوى فكرة مشوشة للغاية عن الغرض الحقيقي للإقتصاد السياسى. وأحيانًًا يُعطََى، وبكُُل بساطة، للإقتصاد السياسى، التعريف التالى: إنه "عِلم العلاقات الإقتصادية بين البشر". والواقع أن أولئك الذين يستخدمون مثل هذه المعادلة، يَعتقدون أنهم بهذا إنما يتفادون عقبات إدراج «الإقتصاد القومى» داخل الإقتصاد العالمى، وذلك عبر تعميم المشكلة بشكل مُبهم، وعبر التحدث عن إقتصاد البشر."
ما هو العِلم؟
عِلم الإقتصاد السياسى. هكذا يتردد؛ إذاًً نحن ظاهرياًًً، على أقل تقدير، أمام عِلم ، فهل هو عِلم حقاًً؟ وما هو العِلم؟ إنطلاقاًً مِن رفض التعريفات، والإعتماد على التحديدات يُمكننا القول بأن العِلم هو طريقة تفكير لتفسير ظاهرة مُعينة تُميز نفسها بمنهج وموضوع خاص، ومِن ثم الكشف عن القوانين الموضوعية الحاكمة للظاهرة. ولا يمكن الحديث عن وجود عِلم دون وجود الظاهرة؛ فالظاهرة هى السبب الرئيسى وربما الوحيد الذى يؤدى إلى ظهور الطريقة التى مِن خلالها يسعى الذهن مِن أجل تفسيرها والكشف عن قوانينها الموضوعية؛ فيمكن القول بأن عِلم الفلك، على سبيل المثال، مِن أسبق العلوم ظهورأً؛ إذ نشأ كى يُفسر ويُقيّم القوانين والشروط الموضوعية للعديد مِن الظواهر(المتكررة) التى أرقت الذِهن البشرى منذ بداياته الأولى، مِن رعد وكسوف وخسوف وأمطار إلى آخر تلك المظاهر الطبيعية (المتكررة) التى إستلزمت تبلور طريقة تفكير معينة شكلاًًً وموضوعاًً تنهض بتفسير الظاهرة وتُحدد لها الشروط والقوانين الموضوعية.
أحدد هنا العِلم ولا أعرفه، أحدده بتحديد إنعكاسه المباشر وهو التفكير العِلمى. وذلك تجاوزاًً لكون العِلم هو: مجموعة القوانين والشروط الموضوعية المستنبطة والتى تفسر ظاهرة معينة. فطالما كان تحديد العِلم مِن خلال ما يَكشف عنه أكثر إيجابية فمِن الأوفق الركون إلى تحديده فى حالته الديناميكية، ومِن ثم القول بأن العِلم هو طريقة التفكير، تعبيراًً عن العِلم والتفكير العِلمى معا، لعدم إمكانية فصل الموضوع عن المنهج إلا كحيلة منهجية لإعتبارات التبسيط ودَرس كل منهما على إستقلال. ولكن، ومنعاًً للإرتباك حينما نَنتقل إلى التعامل مع عِلمنا، فسنَعمد إلى تفصيل التحديد على النحو التالى، تاركين، مؤقتاًً، ما نفضله مِن تحديدات ديناميكية.
أولا : العِلم، وبالطبع نقصد هنا العِلم الإجتماعى: فهو مجموعة القوانين الحاكمة لظاهرة إجتماعية ما، والوصول إليها بالبحث فى، وعن، شروطها الموضوعية.
ثانيا: أما التفكير العِلمى: فهو الطريقة التى يتبعها الذهن مِن أجل البحث أو الكشف عن تلك القوانين الحاكمة للظاهرة، بحثاًً فى، وعن، الشروط الموضوعية التى تَحكُم الظاهرة.
ثالثا: لا يوجد، ولن يوجد عِلم، بدون "ظاهرة واضحة وجوهرية ومتكررة"، فالذى يُنشىء العِلم هو الظاهرة المتكررة وليس العكس، فالذى يُنشىء عِلم الإقتصَاد السياسى للنقود هو هيمنة النقود فى التعامل اليومى بين البشر، والذى يُنشىء الإقتصاد السياسى للمصارف والمؤسسات المالية، هو ظهور المصارف والمؤسسات المالية، وليس العكس، كما وأن أنشأ الخسوف والكسوف والرعد والبرق(كظواهر طبيعية متكررة تحتاج إلى تفسير) عِلم الفلك، وعلوماًًً أخرى، وليس عِلم الفلك أو عِلم الجغرافيا مثلاًً، هما مَن قاما بإنشاء الرعد أو البرق، أو السهول والأودية وممرات السيول. وهكذا حينما يتحول الإنتاج، مِن الإنتاج بغية الإشباع المباشر، ويُصبح بقصد التداول. بقصد البيع. بقصد الربح، كظاهرة منتظمة ومتكررة الحدوث، فيتعين حينئذ ظهور مجموعة مِن القوانين الموضوعية التى تَحكُم ظاهرة الإنتاج السلعى تلك، ومن ثم إقتصاد المبادلة النقدية المعممة.
الإقتصاد، والإقتصاد السياسى
مجموعتان لدينا مِن التصورات والرؤى والأفكار، يقدمان نفسهما على مائدة البحث (كعِلم) المجموعة الأولى، وتسمى نفسها "عِلم الإقتصاد"، والثانية وتنتظم تحت ما يُصطلح عليه بـ"عِلم الإقتصاد السياسى". ولا شك فى أن طُرقاًًً متعددة يمكن سلوكها لتمييزهما عن بعضهما البعض، كالإرتكان للتاريخ لمعرفة متى نشأ الإقتصاد السياسى، ومَن هو الذى أطلق عليه(كعِلم) مسماه. وهكذا بشأن "الإقتصاد".
طريقة كتلك ربما تحوى بين جنباتها ما مِن شأنه أن يُنشىء إقتصاد سياسى، وإقتصاد. كعِلمين قائمين ومنجَزين، وتُصبح المسألة محسومة(ظاهرياًً بالتأكيد)؛ إذ سينتمى الأول إلى المدرسة الفرنسية (بوردون، ولويس بلانكى، وبيير بواجيلبر، وآن جاك تورجو، وفرانسوا دوفيرجيه، . . .وغيرهم) والثانى ينتمى إلى المدرسة الإنجليزية(الإقتصاد السياسى الكلاسيكى، بعد تفريغه مِن محتواه الإجتماعى على يد النيوكلاسيك) ويتبدى الفارق بين الإثنين، بين الإقتصاد السياسى وبين الإقتصاد، فى أن الأول يُخالف الثانى بقيامه بدراسة المجتمعات فى حركتها وتطورها عبر الزمن، ومِن ثم تكون(مؤسسة الحكم) واقعة فى دائرة إهتماماته، وهو الأمر الذى تفادته المدرسة الإنجليزية، التى هيمنت فى العالم الإنجلوسكسونى؛ وجعلت الإقتصاد أقرب ما يكون إلى العلوم الطبيعية كالفيزياء، بإضافة (ics) إلى مصطلح "الإقتصاد"، الأمر الذى يَعنى، مِن ضمن ما يَعنى، تصفية مُتعمدة للإقتصاد من محتواه الإجتماعى. فهل الأمر فعلاًً كذلك؟
الظواهر والعلم
أعتقد أن هناك ثمة خللٍٍ ما، هذا الخلل هو الذى أوحى بوجود(عِلم)إقتصاد، و(عِلم) إقتصاد سياسى، ومِن ثم أََمكن وضع نظريات كُُل منهما فى دائرة النقد. وأصبح الفارق الوحيد بينهما يَكمن فى التسمية ليس إلا. . . فالإثنان، إبتداءًً من هذا الخلل، إذاًًً لهما صفة العلم!! وكُُل ما يقدمانه مِن تفسيرات أو يضعناه مِن قوانين إنما يَقع مُباشرة فى حقل النقد كعِلم!! الأمر الذى يتعين معه أن نطرح على كُُُل مِن (العِلمين!!) سؤالاًً حول ظاهرة إجتماعية معينة ونرى مَن بإمكانه الإجابة، وليس فقط الإجابة، وإنما الإجابة الصحيحة، ومِن ثم إستحقاقه لصفة العِلم، إبتداءً مِن إثباته لقدرته على تقديم التفسيرات العِلمية للظواهر الإجتماعية، ومِن ثم أمكن التعامل معه فى حقل النقد، وفى الحالة العكسية فلن نكون إلا أمام مجموعة مِن الأفكار أو التصورات المرتبة غالباًً، ولكنها لا ترتقى كى تَقع فى حقل النقد والتقييم، وتظل دوماًً فى مرحلة ما قبل النقد. ولا يُسمح لها بأكثر مِن ذلك.
كما قلنا أعلاه أن الفلك، على سبيل المثال، لم يَظهر كعِلم إلا لفهم وتفسير الكسوف والخسوف والرعد والبرق . . .إلخ، كظواهر إستدعت منظومة فكرية ما، تفسرها وتكشف عن قوانينها وشروطها الموضوعية. وسوف نفترض هنا، كحيلة منهجية، أن هناك(عِلم) إقتصاد. وعلى الجانب الآخر (عِلم) إقتصاد سياسى، ونبحث عن الظواهر التى إستدعت ظهور الإقتصاد لتفسيرها وتعديتها إلى الكُُل الذى تنتمى إليه، فكما إفترضنا ظهور الإقتصاد كعِلم، فسنفترض ظهور الإقتصاد السياسى كذلك كعِلم إستلزمته مجموعة مِن الظواهر التى إحتاجت التفسير.
ذهنية الإقتصاد، وذهنية الإقتصاد السياسى
(عِلم) الإقتصاد. مالذى يَنشغل به هذا (العِلم!!) مِن ظواهر؟ ربما يذهب البعض؛ رداًً على هذا السؤال، بأن السؤال بحاجة إلى إعادة صياغة، لأن الإجابة عليه تَستلزم "كلاماًًًً كثيرا". نقول لمن يقول ذلك: إن السؤال فى الواقع ليس فى حاجة إلى التعديل، وإنما ربما تَقصد أن تقول يحتاج إلى تبسيط. إتفقنا بغية التبسيط، ولنطرح السؤال الأبسط: ما الذى يُحدد ثمن السلعة؟ ليس معنى ذلك أن موضوع "الإقتصاد" هو نظرية الأثمان، وإنما يعنى السؤال طرح موسع "لذهنية" العِلم الذى نُحاول الكشف عن الظواهر التى يدرسها، الذهنية التى تدعى صفة العلم. الذهنية التى يتم التعامل بها، أى التى يقوم العِلم مِن خلالها وبمقتضاها بالتعامل مع جميع الإشكاليات التى تثور وتحتاج إلى تحليلات والظواهر التى تحتاج إلى تفسيرات عِلمية على الصَعيد الإجتماعى، ومِن ثم يُمكن مِن خلال تعيين تلك الذهنية الوصول إلى تَصور عام عن "الإقتصاد"كعِلم. وهل فعلاًً هو "عِلم"؟ ويُوجَه نفس السؤال إلى الإقتصاد السياسى، وسنبدأ به، أدناه:
فالسؤال المطروح إذاًً بشأن ثمن السلعة هو بمثابة المحك المباشر للتعرف على الذهنية، وليس الإجابة على السؤال نفسه؛ فعلى سبيل المثال، حينما تَطرح(فى حقل العقيدة الإسلامية)سؤالاًً على أحد الأشخاص بشأن إقتناء التماثيل، مِن جهة الحكم الشرعى، فهل فعل الإقتناء هذا يُعد حلالاًً أم حراماًً؟ أنت هنا لا تستفتيه ولا تطلب إجابة على سؤال يؤرقك، وربما كان كُل ذلك، ولكن فى المقام الأول أنت مِن خلال إجابته تتمكن مِن الكشف عن الذهنية التى يَصدُر عنها، ومِن ثم يُمكن فى الغالب وببساطة شديدة أن تعرف آرائه وتصوراته بخصوص باقى الظواهر.....مِن عمل المرأة، والحجاب، مروراًً باللحية والجلباب، وإنتهاءًً بتكفير الحاكم، بل والمحكومين (أنا وأنت) وهكذا إلى آخر الإشكاليات التى تتعامل معها ذهنية التحريم.
وحتى بالفرض الجدلى أن الأمر يحوى مِن التعميم الشىء الكثير؛ ولا يُنسَب لساكت قول، طبقاًً للقاعدة الأصولية، وليس مِن العِلمى إفتراض إجابات غير مُعلنة!! نقول وما الحال إذ ما كانت الإجابات مُعلنة؟ محفورة فى كتب مارشال، ومنجر، وفريدمان، وساملسون، وجوارتينى، وغيرهم مِن إقتصادييّى العرض والطلب، والفكر الحدى. ومُشَاهَدة فى أعين ضحايا صندوق النقد الدولى؟
ولذا سنعمد إلى السؤال الجوهرى المعنى بثمن السلعة، كى نستكشف الذهنية. أتعامل هنا مع "الإقتصاد" كمجموعة مِن الأفكار والأراء الواقعة فى مرحلة ما قبل النقد، فإلى أن نتسلم إجابات عِلمية (صحيحة) على أسئلتنا المثارة بشأن الظواهر الإقتصادية التى تطرح نفسها على الصعيد الإجتماعى، فنحن لسنا بصدد عِلم.
وفيما يلى سوف نَعمَد إلى إعادة طرح الإصطلاحين:الإقتصاد، والإقتصاد السياسى، طرحاًً موضوعياًً، بالبحث فى مدى عِلمية كُُل منهما مِن خلال مدى القدرة على التفسير العِلمى للظواهر الإجتماعية التى تطرأ على كُُل منهما، وسنفترض أن الظاهرة المراد تفسيرها هنا هى الأثمان التى تظهر فى السوق كتعبير نقدى عن سلعة ما، فما الذى يُحدد ثمن سلعة ما؟ بالقطع لا نقصد هنا، مباشرة، ثمن السلعة الذى يَظهر فى السوق والذى يرتفع وينخفض على حسب الأحوال. إنما نقصد تحديد الثمن الوسطى الذى تتأرجح حوله تلك الأثمان إرتفاعاًً وإنخفاضاًً.
فالسلع دوماًً ما تَشهد تقلبات عديدة تارة بالإرتفاع وتارة بالإنخفاض؛ بيد أن هذا الإنخفاض والإرتفاع إنما يدورا دوماًً حول محور معين، هذا المحور الذى تدور حوله تلك التقلبات هو: الثمن الوسطى، أو الثمن العادل، كما يَقول المدرسيون. فما الذى يَتحدد على أساسه الثمن العادل؟ ولأننا نريد إجابة عِلمية فتلك الإجابة إنما تستصحب طرح مدى عِلمية كُُُل من "الإقتصاد" و"الإقتصاد السياسى".
ولنبدأ بالإقتصاد السياسى. هل الإقتصاد السياسى عِلم؟ فقط نُذكِر بأننا لا نَنشغل بالإجابة على هذا السؤال إلا إبتداءًً من البحث عن العِلم الذى يسعفنا بأدواتهِ الفكرية فى سبيلنا لدراسة الصراع الإجتماعى الراهن فى فنزويلا، والسودان من بعده.
هل الإقتصاد السياسى عِلم؟
فى كتابِِهِ القيّم والأصيل"مبادىء الإقتصاد السياسى"، قام أستاذنا الدكتور/محمد دويدار، بالتصدى لهذا السؤال، وطرَح السؤال الأولى: هل الإقتصاد السياسى عِلم؟ وإنطلق بخطواته المنهجية الواثقة المعهودة نحو الإجابة، وبعد أن حدد معنى العِلم(أبستمولجياًًً، أى معرفياًً) وصولاًً إلى تحديد موضوع الإقتصاد السياسى المنشَغِل بدراسة العملية الإنتاجية بين الإنسان والطبيعة مِن جهة، وبين الإنسان والإنسان مِن جهةٍ أخرى،
يُمكن القول، مع أستاذنا العلامة الدكتور/ محمد دويدار، بأن الإقتصاد السياسى يَكُُون عِلماًً إذ ماتجمعت له العناصر المكونة للعِلم مِن جهة: (الموضوع) و(المنهج) و(الحد الأدنى مِن المعرفة اليقينية) تلك العناصر يتعين أن تكون حين توافرها موضع إختبار للتيقن مِن صحتها على أرض الواقع بسؤالها عن ثمن السلعة، فما هو، أولاًً، نصيب الإقتصاد السياسى مِن تلك العناصر؟
فبشأن الموضوع؛ فأستاذنا الدكتور/ محمد دويدار، يرى أن للإقتصاد السياسى موضوع مُحدد يتعلق بالعلاقات الإجتماعية التى تأخذ مكاناًً بوساطة الأشياء المادية والخدمات، وهو ما يُميزها عن غيرها مِن العلاقات الإجتماعية كالعلاقات فى داخل الأسرة والعلاقات السياسية، وغيرها. كما أن الظواهر الإقتصادية التى يتعلق بها موضوع الإقتصاد السياسى، تحكمها قوانين موضوعية تُُمثل خصيصة حقيقية لهذه الظواهر، يزيد على ذلك أن هذه القوانين مُستقلة عن إرادة الإنسان بمعنى آخر، هذه القوانين تَحكم الظواهر الإقتصادية دون إعتداد بإرادة الأفراد ولا بوعيهم أو عدم وعيهم بهذه القوانين؛ وذلك لسببين:
أولهما: إن الظروف الإجتماعية التى تباشر فيها جماعة معينة نشاطها الإقتصادى، ظروف محددة تاريخياًً؛ فكُُُل جيل يتلقى مِن الأجيال السابقة تراثاًً، بالمعنى العام، ومِن العلاقات الإقتصادية، ومِن قوى الإنتاج، ومِن المعرفة العلمية والفنية المتراكمة عبر الأجيال، كُُل ذلك يُمثل بالنسبة لهذا الجيل نقطة البدء فى عملية الإنتاج، يُضاف إلى ذلك أن عملية الإنتاج هى فى ذات الوقت عملية للإنتاج ولتجدد الإنتاج، بمعنى أن الإنتاج فى خلال فترة معينة، ولتكن السنة الحالية، يُحقق فى نفس الوقت شروط الإنتاج فى الفترة التالية، ولتكن السنة التالية، وهو ما يَعنى أن الإنتاج فى خلال فترة ما يَعتمد على تحقق شروطه فى الفترة السابقة.
وثانيهما: إن النتيجة الإجتماعية للنشاط الاقتصادى هى مُحصلة لتفاعل الجديد مِن النشاطات الفردية المتشابكة، الأمر الذى يُعطى لهذه النتيجة الإجتماعية تفرداًً عن كُُل عمل من الأعمال الفردية التى ساهمت فى تحقيقها فيما لو أُُخذ هذا العمل على حده، فعلى الرغم مِن أن كل مَن قام بجزء مِن النشاط قد ساهم فى تحقيق النتيجة الكلية، إلا أن هذه الأخيرة تبرز كنتاج لتفاعل النشاطات المختلفة للأفراد والمجموعات الإجتماعية، وهو ما يُعطى هذه النتيجة إستقلالاًً معيناًً عن إرادة الأفراد الذين يُمارسون النشاط الإقتصادى فى المجتمع.
ومِن جانبا، فقد سبق، فى محاولة للتطوير، وأن ذكرنا أننا نُحدد الإقتصاد السياسى، على نحو مختلف، بإعتباره:"العِلم المنشغل بدراسة النظرية الكمية والنظرية الموضوعية فى القيمة، والتناقُُضات الكامنة فيها، والتى تَتَطور على أساسِها، أى التناقُُُُضات، الظاهرةُُ الإجتماعية مَحل البحث"، موضوع الإقتصاد السياسى، لدينا، إذاً هو القيمة، فى تطورها الجدلى، وإننى أعتنق هذا التحديد لموضوع الإقتصاد السياسى، كعِلم إجتماعى مُنشغل، فى المقام الأول، بالقيمة وتطورها الديالكتيكى، بالتأسيس على الحجج الأتية:
(1) إن الظواهر الإجتماعية التى تبلورت، وتكررت، حتى صارت من القواعد العامة، والتى نشأ الإقتصاد السياسى كى يُفسرها ويَكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكمها، هى ظواهر تعتمد بالأساس على "القيمة"،كمياًً وموضوعياًً، فلولا "الإنتاج الرأسمالى، وتجدده" أى الإنتاج مِن خلال نمط الإنتاج الرأسمالى، وتجدد هذا الإنتاج، ما كان للإقتصاد السياسى الوجود المستقل عن باقى العلوم الإجتماعية.
(2) وذلك، وكما أسلفنا، بأن الظواهر التى طرحت نفسها لم تكن لتتعرف عليها المجتمعات السابقة على الرأسمالية، فلم يكن هناك "رأس مال، كعلاقة إجتماعية"، ولم يكن هناك" تضخم"، ولم يكن هناك ما يسمى بـ "التراكم" ولم يكن الإنتاج يتم بغرض البيع فى السوق، ولم يكن العمل سلعة ، ولم يكن "الربح" ليتكون فى حقل الإنتاج، بل ولم يكن هناك ما يسمى بـ "الربح " إلا فى حدود ضيقة، وتخص العمل التجارى، الذى يقوم بالأساس على الشراء مِن أجل البيع، والعكس، ولكن الشراء أو البيع إنما يكونا لسلع نهائية الصنع. شراء السلع ثم بيعها، وليس تصنيعها ثم بيعها، كان الذى يُمثل القاعدة.
(3) ولأن كُُل تلك الظواهر لم تكن إلا مع ظهور الرأسمالية كنمط إنتاج سائد، فقد كان لابد مِن ظهور عِلم يفسر ويَرُد تلك الظواهر إلى الكُُل الذى تنتمى إليه، ومِن ثم ظهر الإقتصاد السياسى، كعِلم، كى يُفسر، فى المقام الأول:" الظواهر الرأسمالية، بمعنى آخر:كى يفسر الظواهر الإجتماعية التى تتعلق بقوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج وتطورهما الجدلى فى سياق الرأسمالية كنمط للإنتاج"
وعلى وجه التحديد كى يُفسر ذلك التعديل الطفيف، والعميق جداًً فى نفس الوقت، الذى طرأ على نص الصيغة (ن - ب – Δ ن) إلى حيث نص الصيغة (ن- و أ، ق ع - س- Δ ن) وكى يُفسركذلك جميع الظواهر التى تتماس مع نص الصيغة الأخيرة، مِن أرباح، وأثمان، وفوائد، وأجور، وريع. وهكذا أفهم الإقتصاد السياسى، كعِلم مُنشغل بالإنتاج وتجدد الإنتاج والوحدة الإنتاجية(مِن الفرد حتى الدولة، مروراًً بالمؤسسات دولية النشاط) ولا يقتصر مفهوم العامل على حقل الصناعة، كما فهمت أوروبا وأفهمت العالم، وإنما ينسحب المفهوم، أياًً ما كان المسمى، على العاملين فى قطاع الزراعة والعاملين فى قطاع الخدمات. طالما نشطت الصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) إذ مع الرأسمالية تحول الطبيب والمعلم والشاعر وإمام الجامع، والكاهن، إلى شغيلة فى عداد المأجورين.
(4) فالصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) والتى بمقتضاها، كما سنرى، تتحول النقود (ن) إلى أمرين: وسائل إنتاج(و أ) تتمثل فى مواد العمل، وأدوات العمل، أما الأمر الثانى فهو: قوة العمل(ق ع)، تتحول النقود إلى قوة عمل بدفع الأجرة. وحينما يجتمع للرأسمالى، ومِن ثم لعماله الأجراء، الوسائل اللازمة للإنتاج، ينقطع التداول؛ ويبدأ الإنتاج. الإنتاج مِن أجل السوق، وبإنتهاء العملية الإنتاجية تُطرح السلعة فى السوق، وحينئذ تعود (ن) إلى الرأسمالى، ولكنها محملة بـ(Δ) الذى يسمونه الربح(سندرس مصدره فيما بعد) فيُصبح لدى الرأسمالى ليس (ن) فقط، وإنما (ن) +(Δ) ووفقاًً للصيغة العامة تلك وقانون الحركة الحاكم لأداء الرأسمالية، فسوف يقوم أحد الأشخاص بجمع شتات الحرفيين ويضعهم فى مكان واحد ويوفر لهم مواد العمل وأدواته ويدفع لهم الأجرة، وليس عليهم سوى الإنتاج، وإنما لأجل السوق(وقانون الحركة هذا، إنما يعمل فى مؤسسات فورد، وروتشيلد، كما يعمل فى أحقر "ورشة" لصنع أربطة الأحذية فى أحط أحياء القاهرة أو كاراكاس، دون فارق)
(5) والصيغة تلك والتى تُعد القانون العام للرأسمالية، لا يُمكن فهمها إلا إبتداءًً مِن فهم القيمة والكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكم عملها، كما تحكم تطورها عبر الزمن. فقانون القيمة بمفرده هو القادر على الإجابة على سؤال كيف تعمل الرأسمالية؟ وكيف تجدد نفسها؟
(6) ماذا نُنتِج؟ وكيف نُنتِج؟ وكيف نوزع المنتَج؟ تلك مِن أهم الأسئلة التى ظهر عِلم الإقتصاد السياسى كى يُجيب عليها، وجميعها لا يُمكن الإجابة عليها إلا إبتداءًً مِن الوعى بقانون القيمة الذى على أساسه تقوم العملية الإنتاجية بأسرها، وإنما إبتداءًً مِن الصيغة العامة التى تمثل قانون الحركة الحاكم لأداء الرأسمالية (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن)
(7) الإقتصاد السياسى إذاًً هو عِلم نمط الإنتاج الرأسمالى، فهو ينشغل أساساًً بملف الإنتاج، الذى يخضع للقانون العام الحاكم لأداء النظام الرأسمالى، وما القيمة، والقيمة الزائدة،كمياًً وموضوعياًً، سوى مُرتكز النظام، على صعيد كُُل مِن الإنتاج وتجدد الإنتاج.
(8) الصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) التى تُُمثل عصب نمط الإنتاج الرأسمالى، وتمثل فى نفس الوقت ركيزة رئيسية فى موضوع علم الإقتصاد السياسى، فقط التى تتمكن مِن تقديم أدوات فكرية نتمكن من خلال التسلح بها حين توجهنا صوب الظاهرة المراد تفسيرها، فالصيغة العامة الحاكمة لحركة الرأسمالية كنمط إنتاج، تمدنا بـعدة أدوات فكرية تقع مباشرة فى حقل الظواهر التى نشأ عِلم الإقتصاد السياسى كى يفسرها، فهى تمدنا على سبيل المثال بـ"القيمة، والقيمة الزائدة، والثمن، والرأسمال، الثابت منه والمتغير، والأساسى منه والدائر، وثمن الإنتاج، وثمن التكلفة، والربح، والأجر كثمن لقوة العمل،....." وهكذا أفهم موضوع وأدوات عِلم الإقتصاد السياسى.
وعن المنهج: فإن الباحث فى عِلم الإقتصاد السياسى يَستخدم المنهج العام للبحث العِلمى، مِن جهة وصف وتقسيم الظاهرة، وفرض الفروض، وإستعمال الإستقصاء، وأخيراًً التيقن مِن عدم إرتباك النظرية وتناقضها الداخلى فيما بين عناصرها؛ وذلك بمواجهتها بالواقع، إذ أن الخط المنهجى المقترَح لا يُمكن أن يُمَثل سوى فرضية منهجية تَعين إختبارها والتأكد مِن صحتها على أرض الواقع، وإذ يَجد الناظر فى عِلم الإقتصاد السياسى نفسه عاجزاًً عن إستخدام التجربة، كما فى العلوم الطبيعية، فإنه يَستعيض بالتجريد والذى يعنى العلو بالظاهرة عن كُُل ما هو ثانوى.
أما بشأن الحد الأدنى من المعرفة اليقينية: فالإقتصاد السياسى، يُعطينا بحالته الراهنة حداًً أدنى مِن المعرفة اليقينية التى تِصلح أساساًً لتفسير الظواهر الإقتصادية، والتنبؤ المعقول بحركاتها المستقبلة، والأمر هنا يَتعلق بمجموع القوانين الإقتصادية النظرية التى توجد تحت تصرفنا والخاصة بالأشكال التاريخية المختلفة للعملية الإقتصادية، والتى قد ثبت التحقق مِن صحتها على الصعيد العِلمى، وهو الأمر الذى يستتبع إستبعاد النظريات التى ثبت عدم صحتها بمواجهتها بالواقع الإقتصادى فى حركته التاريخية، والتى يُرد عدم صحتها إلى سوء تَصور أصحابها لموضوع ومنهج العِلم فى إرتباطهما العضوى.
وعليه، فنحن أمام عِلم يصل عمره إلى خمسمائة عام، وليس منذ الأزل، إذ هو العِلم الذى ينشغل بالقوانين والشروط الموضوعية لظواهر الرأسمالية غير الشفافة( الأثمان، الأسواق، القيم، الأرباح...... )
وحتى يُمكن إستدعاء هذا العِلم كى يتولى تفسير الظاهرة يتعين مِن البداية معرفة الأساس الذى يُبنى عليه، هذا الأساس هو، كما ذكرنا وسنتابع البرهنة فيما يأتى، الإنشغال بدراسة النظرية الكمية والنظرية الموضوعية فى القيمة، والتناقضات الكامنة فيها، والتى تتطور على أساس منها، أى التناقضات، الظاهرة محل البحث، إذ بدون الإنطلاق مِن القيمة لا يمكن الوصول إلى شىء سوى أن كُُل شىء متوقف على كُل شىء!! بدون الوعى بالقيمة، كمياًً وموضوعياًً، لا يُمكن الوصول إلى مفهوم السوق، كما لا يُمكن التعامل مع الأثمان، ولا يُمكن كذلك فهم علاقات التبادل، وإقتصاديات المبادلة النقدية المعممة، بل ولا يُمكن إستيعاب باقى المظاهر التى ستطرح نفسها فى لحظة تاريخية معينة وفى ظروف معينة، كالتضخم، والكساد، والركود، والفائض، والعجز، إلى آخر المظاهر الإقتصادية التى تبلورت مع المرحلة الرأسمالية وأدت بشكل رئيسى إلى تبلور الإقتصاد السياسى، كعِلم إجتماعى.
إذاًً، ما الإقتصاد السياسى؟
الإقتصاد السياسى إذاًً عِلم، وهو (عِلم) ظواهر(نمط الإنتاج) (الرأسمالى) وهذا بشأن الإقتصاد السياسى. فما هو الحال بشأن"الإقتصاد"؟للإجابة يتعين الأن إختبار مدى قدرتهما (الإقتصاد السياسى، والإقتصاد)على تفسير الظواهر؛ بإختبارهما على أرض الواقع. والمحك الذى إخترناه هو ثمن السلعة؛ فما الذى يُحدد ثمن السلعة؟ والسؤال بكلمات أكثر دقة: ما الذى يُحدد الثمن العادل للسلعة؟
ثمن السلعة
ما الذى يُحدد ثمن السلعة إذاًً هو ما سنجعله محكاًً لفهم الذهنية التى تسود"الإقتصاد" و"الإقتصاد السياسى"، ومِن ثم إمكانية الحُكم بمدى إستحقاقهما لصفة العِلم، كلاهما، أو أحدهما.
لدينا الأن "سلعة" ولدينا "ثمن" ولا يُدرَس الثمن، ولا السلعة ذاتها فى حقل الطب أو الفلك، وإن أمكن دراستهما فى عدة علوم إجتماعية أخرى، كالقانون والإدارة على سبيل المثال،"فالإقتصاد" يُقدم نفسه، وكذا الإقتصاد السياسى، ها هنا كعِلم قادر على تقديم إجابة.
حتى مرحلة ما قبل تقديم الإجابة على السؤال، كما قلنا سلفاًً، لسنا أمام عِلم، وإن كنا إزاء مجموعة مِن الأفكار أو حفنة مِن الأراء الحرة، ولا يعنى ذلك أن مُجرد إعطاء إجابة يُكسِب تلك الأفكارأوالأراء صفة العِلم، فإنه يتعين، إضافة إلى الإجابة، أن تكون قادرة على إعطاء التفسير(الصحيح) للظاهرة( دون إدعاء إمتلاك الحقيقة) مع مراعاة ان أخذ الوقائع بعين الإعتبار، لا يعنى أننا أمام نظرية عِلمية؛ إذ النظرية العِلمية هى التى تنطلق مِن الوقائع، وتنجح فى دمجها فى بنيان يُمكن فهمه والتعامل معه بوعى.
فما الذى يُحدد ثمن سلعة معينة، فى سوق ما؟ أى فى السوق الدولية للنفط؟ "مبادىء عِلم الإقتصاد" تقول لنا أن ثمن السلعة يتحدد وفقاً لإعتبارات المنافسة. أو تلاقى قوى العرض والطلب، وحين نسأل ما الذى يُحدد العرض؟ تكون الإجابة: إن الذى يُحدد العرض هو سلوك المنظِم فى السوق، وحين السؤال عن الذى يُحدد الطلب؟ تكون الإجابة ان الذى يُحدد الطلب هو إحتياجات، بل ورغبات وأهواء، المستهلك، وفى إجابة أكثر تطوراًً، فى أحسن الأحوال، يَرجع تَكون الثمن إلى نفقات إنتاج السلعة.
ولكن ما هو نصيب تلك الإجابة على السؤال المعنى بثمن السلعة مِن الصحة؟ الإجابة على السؤال غاية فى الأهمية إذ أنها قد تُكسب "الإقتصاد" صفة العِلم، وقد تخلعها عنه.
قبل البدء فى تتبع الخط المنهجى لكُل مِن" الإقتصاد"و" الإقتصاد السياسى" فى سبيلهما لتقديم إجابة حتى نتبين مدى قدرتهما على تفسير الظواهر على أرض الواقع، ومِن ثم مدى إستحقاق صفة العِلم؛ وبالتبع اللجوء إليه بغية إستخدام أدواته الفكرية التى تسعفنا فى سبيل بحث الظاهرة، قبل البدء يتعين أن نرشدهما (الإقتصاد، والإقتصاد السياسى) إلى مجموعة مِن الأفكار الرئيسية المتعيَن الإعتماد عليها لتقديم إجابة، والتى تتلخص فى:
- إن قوة العمل لم تكن دائماًً سلعة. والعمل لم يكن دائماًً عملاًً مأجوراًً. ففى الحقبة التاريخية المعتمِدة على عَمل العبيد، فالعبد لم يكن يبيع قوة عمله لمالكه ، كما أن الثور لا يبيع عمله إلى الفلاح. فالعبد يُباع، بما فيه قوة عمله، مِن مالكه، بيعاًً تاماًً. وهو سلعة يُمكن أن تنتقل مِن يد مالك الى يد مالك آخر. فهو نفسه سلعة، ولكن قوة عمله ليست سلعته هو. وحينما تطور نمط الإنتاج من نمط الإنتاج العبودى إلى نمط الإنتاج الإقطاعى، وظهر القن فلم يكن القن يبيع الا قسماًً مِن قوة عمله. وليس هو الذى يتقاضى أجراًً مِن مالك الأرض، إنما هو الذى يدفع جزية لمالك الارض. أما العامل الحر، فهو بالعكس يبيع نفسه بنفسه؛ فالعامل لا يخص مالكاًً مُحدداًً، وليس مِن لوازم الأرض، ولكن، كما يقول ماركس، 8، 10، 12، 15 ساعة مِن حياته اليومية تخص مَن يشتريها.
- إن الرأسمال ليس مبلغاًً مِن النقود، إنما هو علاقة إجتماعية، ومجموعة مِن المقادير الإحتماعية. فكُُل المنتجات التى يتألف منها هى سلع، نتاج إستخراج وضم وفََصل مواد أولية موجودة سلفاًً فى الطبيعة.
- إن نفقة إنتاج قوة العمل هى النفقات الضرورية، لجعل العامل عاملاًً، ولإبقائه عاملاًً. وإن إستهلاك العمال يؤخذ فى الحسبان المحاسبى، شأنه شأن إستهلاك الألة.
- إن الرأسمال يَفترض العمل المأجور، والعمل المأجور يَفترض الرأسمال. فكُُل منهما شرط الآخر. وبقدر ما ينمو الرأسمال المنتِج، وبقدر ما يتسع تقسيم العمل وإستخدام الألات، بقدر ما تَنتشر المزاحمة بين العمال، وبقدر ما ترتفع مؤشرات البطالة.
- مع إدخال الماكينات يبدأ العامل فى الصراع ضد وسيلة العمل ذاتها، والتى هى الشكل المادى لوجود الرأسمال؛ فما أن ظهرت وسيلة العمل بشكل الماكينة حتى أصبحت مزاحِمة للعامل نفسه.
يقول ريكاردو:" إن العمل والماكينات فى مزاحمة دائماًً" ويقول ماركس:" ومع الماكينات يظهر للمرة الأولى التمرد العفوى ضد وسيلة العمل".
يطرأ هنا سؤال إضافى، ظاهرياًً، على حين أنه فى الحقيقة يُعد أحد أوجه السؤال الرئيسى الخاص بمحددات ثمن السلعة: فهل ما يَتحصل عليه العمال يُعد تعويضاً عادلاً لقوة عملهم، والتى يُؤخذ إستهلاكها فى الحسبان المحاسبى، شأنه شأن إستهلاك الألة؟
يتعين لأجل الإجابة أن نتعرض لعدة مفاهيم بشأن الأجرة، وقوة العمل، كسلعة، إضافة إلى القيمة والثمن بالطبع. فما هى الأجرة؟
الأجرة وفقاًً لما جرى معالجته عاليه، هى قِسم مِن سلعة (س) موجودة سلفاًً، يشترى به الرأسمالى كمية معينة مِن قوة عمل مُنتِجة. فهى إذاًً ليست (حصة) العامل فى السلعة التى أنتجها!! ولكن ما هى قوة العمل؟
قوة العمل(ق ع) إذاًً هى سلعة(س) يبيعها مالكها، الأجير، إلى الرأسمالى. لماذا؟ ليعيش. فالعامل يَعمل كى (يَعيش) والعمل لديه ليس جزءً مِن حياته، إنما هو، كما قال ماركس، بالأحرى تضحية بحياته. ولذا فإن ناتج نشاطه ليس هو هدف نشاطه، خلافاًً لما كان قبل هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالى، الذى كان الإنتاج فيه يتم خارج دائرة التبادل النقدى المعمم. أى قبل التداول السلعى على نطاق متسع، الإنتاج ليس بقصد الإشباع المباشر وإنما بقصد السوق. التبادل النقدى. الربح.
وطالما كنا فى السوق، فلننظر إلى أثمان السلع. كى نتعرف على: ما الذى يُحدد ثمن سلعة ما؟ مع مراعاة أن قوة العمل سلعة.لدينا ثلاث إجابات، أولهم:وهى التى يقدمها "الإقتصاد"، والثانية يقدمها"الكلاسيك"،أدم سميث تحديداًً، والثالثة يقدمها" عِلم الإقتصاد السياسى"، ولنرى ذلك بشىء مِن التفصيل:
الإجابة الأولى (( وهى التى يتبناها " الإقتصاد" )) تقول: إن الذى يُحدد الثمن هو: المنافسة.
(أ) بين البائعين - تخفض الثمن- العرض
(ب) بين الطالبين - ترفع الثمن - الطلب
(ج) بين البائعين وبين المشترين - يحدث التوازن - التوازن
معنى ذلك، تبعاًً لهذه الإجابة، ان الأثمان تَتَحدد فى السوق. فى دائرة التداول. لا دائرة الإنتاج، بتفاعل قوى العرض مع قوى الطلب، فما الذى يُحدد قوى العرض؟ وما الذى يُحدد قوى الطلب؟ أفضل الإجابات هنا على السؤالين تلقينا مباشرة خارج العِلم، وعلى أحسن تقدير خارج حدود الإقتصاد السياسى، ويُصار إلى الحديث حول عِلم النفس، بشأن الطالبين، وفن الإدارة بشأن العارضين.
الإقتصاد إذاًً، طبقاًً لإجابته على السؤال المتعلق بثمن السلعة، يُفسِر تأرجحات الأثمان، وليس الأثمان، بذهابه إلى تحديد الثمن مِن خلال تفاعل قوى العرض، التى تتحدد إبتداءًً مِن طلب السوق، وقوى الطلب، التى تتحدد إبتداءًً مِن إحتياج المستهلك. وعلى هذا النحو نُمسى فى حاجة للمضى خطوات أبعد مِن ذلك؛ إذ لا يَتمكن" الإقتصاد" مِن تقديم إجابة على السؤال الرئيسى، بل أنه فى الواقع يُقدم إجابة على سؤال مُختلف تماماًً؛ وذلك لأنه لا يملك، بالأساس، إجابة على السؤال الرئيسى؛ إذ كُُل ما يقدمه هو من قبيل التصورات الحرة والأراء العامة حول تأرجحات الأثمان فى السوق، وليس الأثمان ذاتها. وبالتبع فلن نَتمكن معه مِن معرفة ثمن قوة العمل كسلعة مِن باب أولى.
مِن العلم الإجتماعى إلى فن التسيير
مِن الواضح أعلاه ان الإجابات المقدمة، مِن قبل"الإقتصاد" إنما تنشط فى حقل التداول ليس إلا، وليس لها أدنى علاقة بحقل الأنتاج. الأمر الذى يعنى إنتفاء قدرة"الإقتصاد"على تقديم تفسيرات عِلمية للظواهر الإقتصادية. إذ يُفسر الظواهر بالظواهر، حتى يُصبح كُُل شىء لديه مُُتوقف على كُُل شىء.
الإقتصاد إذاًً لا يتعامل مع حقل الإنتاج. الإقتصاد إذاًً ليس عِلماًً. وإن جاز إعتباره فناًً، أقصى ما قد وصل إليه هو فكرة أو رأى لا يتعداهما إلى حدود عِلم إجتماعى. وبخاصة حينما تكون الذهنية الميكانيكية والآنية هى المسيطرة، ولا تتمكن مِن الذهاب أبعد لفحص الهيكل، أو الغوص أعمق مِن أجل إستيعاب ناقد للظاهرة، فلم يُقدم " الإقتصاد" إجابة خاطئة أو صحيحة، بل لم يُقدم إجابة بالأساس!! الأمر الذى يدفعنا إلى محاولة إيجاد سنداًً لبقاء "الإقتصاد" حتى الأن مدعياًً أنه عِلم، هذا السند قال به سمير أمين، فى كتابه الفذ عن "التراكم على الصعيد العالمى"، إذ رأى أن عِلماًً "للتسيير"وليس"للإقتصاد" هو الذى يَركن إليه منظروا الرأسمالية والإمبريالية العالمية، لكنهم يغلفونه بغلاف العِلم للمزيد مِن التدليس والتضليل، فقد كتب سمير أمين:" مات "العِلم" الإقتصادى الجامعى إذاًًً كعِلم إجتماعى ميتة العجز لصرفه النظر عن النظرية الموضوعية للقيمة. لكنه خلف وراءه فناًً فى التسيير. فالملاحظة التجريبية"للإرتباطات" القائمة بين الظاهرات تتيح صياغة جعبة من تقنيات العمل تتفاوت فى مدى فعاليتها. فبمقدار ما تكون مفاهيم العِلم الحدى، التى تدعى" الأزلية" لنفسها، مستقاة مِن ملاحظة نمط الإنتاج الرأسمالى. بمقدار ما يكون بوسعها إتاحة المجال لصياغة فن فى التسيير الإقتصادى، وهو فن لا شك فى عيبه ونقصانه لأنه يقوم على الملاحظة الوضعية بلا نظرية، سواء على الصعيد الميكرو- إقتصادى(فن تسيير المؤسسة) أو على الصعيد الماكرو- إقتصادى(فن السياسة الإقتصادية الوطنية) فالتحولات البنيوية داخل نمط الإنتاج الرأسمالى نفسه، تجعل فن التسيير هذا أمراًً لازماًً. طبيعة الإشكالية فى هذا الفن تصعيد بعض المقادير الإقتصادية إلى حدها الأقصى(الربح،أو الإنتاج)تحت وطأة بعض الصعوبات المعينة (لا سيما صعوبات ندرة الموارد)فى زمن معين، وفى نظام معين(هنا نمط الإنتاج الرأسمالى، الذى غالباًً ما يُُصار إلى إهمال ذكره) تحول دون أن نرى فى هذه المجموعة مِن (التقنيات)بديلاًً للعِلم الإجتماعى:فالفن ينبثق عن عِلم،ظاهراًً كان العِلم أم ضمنياًً،والعِلم المضمر هنا هو العِلم الحدى.إن أدلجة ما هو إقتصادى وحدها، وهذه هى الإقتصادوية، هى التى تتيح إنشاء عِلم مِن ما لا يمكن أن يكون عِلما على الإطلاق"
لا جدوى إذا مِن البحث عن أدوات فكرية يملكها هذا "الإقتصاد" كى نستخدمها فى سبيلنا الباحث عن تفسير الظواهر المراد فهمها وتفسيرها وردها إلى الكُُل الذى تنتمى إليه، وبمعنى أدق: لا جدوى من البحث عن أدوات فكرية يملكها هذا الإقتصاد، لنستخدمها فى سبيلنا الباحث فى الظاهرة محل الدراسة فى فنزويلا.فالإقتصاد لا يتمكن مِن تقديم إجابة صحيحة، بل لا يُقدم إجابة أصلاًً أو فرعاًً، فهو كفن للتسيير لا يعرف مُطلقاًً حقل الإنتاج، الحقل الذى يتم فيه التفاعل ما بين قوة العمل وبين وسائل الإنتاج، وهى الفترة التى ينقطع فيها التداول بغية إنتاج السلعة."الإقتصاد" إذاًً يتربص، عن عمد، حتى إنتهاء العملية الإنتاجية كى يتنكر ويظهر بمظهر العِلم القادر على إعطاء نظريات، وإرساء قواعد عِلمية للظواهر الإقتصادية، إبتداءً مِن دائرة التداول، إبتداءً مِن الظاهر، دون الذهاب إلى أبعد مِن ذلك. ولذا سيكون مُضللاًً جداًً الإلتجاء إليه، ولأدواته، كى نتعرف على: ما الذى يُحدد ثمن النفط وقيمته، وما الذى يُحدد ثمن قوة العمل... فلن توصلنا أدوات هذا "الإقتصاد" إلى أى شىء حقيقى طالما نبت"كََفن" يبدأ مِن التداول، وليس الإنتاج. فلا هو ولا أدواته لديهما الوعى بأساس التراكم، مع إدعائهما الإنشغال بالتراكم، ولا هو ولا أدواته لديهما الوعى بأساس تجدد الإنتاج، مع إدعائهما الإنشغال بتجدد الإنتاج، ولا هو ولا أدواته لديهما الوعى بأساس الربح، والتى يتخذ على أساس منه قرار الإنتاج، مع إدعائهما الإنشغال بالربح؛ وهكذا. الإقتصاد إذاًً نسخة مزورة مِن العلم الإجتماعى الذى ينشغل، ضمن ما ينشغل، بالعلاقات الإقتصادية بين البشر.
وهكذا؛ وطالما تقف عاجزة مجموعة التصورات والأراء والتحليلات تلك أمام تفسير ظاهرة ما؛ فيتعين أن تظل كمجموعة مِن التصورات والأراء والتحليلات، خارج حقل النقد العِلمى، ولا تتعدى ذلك إلى الدخول فى نطاق العِلم. لا فائدة إذاًً ترتجى مِن وراء البحث فى مراجع "الإقتصاد" كى نتمكن مِن فهم الظاهرة الإجتماعية المراد فهمها وتحليلها. وتبقى حتى الأن المسألة مطروحة بلا إجابة مُحددة عن ثمن السلعة، فنحن بحاجة لفهم أساس تحديد الأثمان: وبصفة خاصة ثمن النفط، وثمن قوة العمل أى الأجرة التى يتحصل عليها العمال ما الذى يُُحدد كُُلاًً منهما؟
الإجابة الثانية: نفقة الإنتاج.
الإجابة الثانية تقول: إن تقلبات العرض والطلب تُعيد دائماًً مِن جديد سعر سلعة ما إلى مستوى نفقات إنتاجها. إن السعر الفعلى لسلعة ما، إنما هو حقاًً دائما أدنى أو أعلى مِن نفقات إنتاجها، ولكون الإرتفاع والهبوط يتكاملان، حتى إذ ما جمعنا حصيلة الإرتفاع والإنخفاض فى الصناعة، فى حدود فترة زمنية معينة. تبين لنا أن السلع تتم مبادلتها بعضها ببعض وفقاًً لنفقات إنتاجها، أى أن نفقات إنتاجها هى التى تحدد ثمنها.
تلك هى الإجابة الأكثر تقدماًً، لكنها أيضاًً تقف عاجزة، عن تفسير أثمان عناصر الإنتاج ذاتها. فلا تُعطى تفسيراًً لأثمان كُُل مِن: قوة العمل، ومواد العمل، وأدوات العمل. وتكتفى بعمليات حسابية تتمثل فى جمع وقسمة الأثمان وإستخراج المتوسطات الحسابية دونما تفسير لأثمان العناصر ذاتها، الأمر الذى لا يمكن قبوله، ويدفع المرء إلى التقدم خطوات أبعد كى يتعرف، تعرفاًً عِلمياًً، على: ما الذى يُحدد ثمن السلعة؟
القيمة/ العمل (( وهى التى يتبناها الإقتصاد السياسى كعِلم إجتماعى))
إن الرأس مال، وكما لاحظ ماركس، يتألف مِن (مواد أولية) و(أدوات عمل) و(وسائل معيشة مختلفة) تُستَخدم لإنتاج مواد أولية جديدة وأدوات جديدة ووسائل معيشة جديدة. وكُُل هذه الأجزاء التى تؤلف الرأس مال إنما هى(مِن صنع اليد البشرية) مِن منتجات العمل، مِن العمل المكدَس. فالعمل المكدَس الذى يُتَخذ وسيلة لإنتاج جديد، هو رأس مال.
ومِن جهة أخرى، فإن تحديد الثمن بنفقات إنتاج السلعة مُماثل لتحديد الثمن بوقت العمل الضرورى لإنتاج تلك السلعة. لماذا؟ لأن نفقات الإنتاج تتألف أولاًً: مِن المواد الأولية، ومِن أدوات الإنتاج، أى مِن مُنتجات كَلف إنتاجها قدراًً معيناًً مِن أيام العمل، وهى تتألف ثانياًً: مِن العمل المباشر الذى يُقاس بالوقت.
القيمة من الوجهة الموضوعية
الثمن موضوعياًً على هذا النحو، كما يفهمه الإقتصاد السياسى، هو المظهر النقدى لقوة العمل الضرورية المبذولة إجتماعياًً خلال وقت معين مِن أجل إنتاج سلعة معينة.
القيمة من الوجهة الكمية
وبالنظر إلى القيمة مِن الوجهة الكمية، فهى تُقدر بِعدد وحدات النقد المدفوعة مقابل إنفاق قوة عمل معينة خلال وحدات زمنية معينة(ساعة، يوم، أسبوع، شهر).
قيمة قوة العمل
الثمن إذاًً يُحدَد على أساس عَدد ساعات العمل الضرورى المنفََقة فى سبيل إنتاج تلك السلعة، ولن يكون ذلك سوى مِن طبائع الأشياء، فالإنتاج، إبتداءًً مِن مواده، وإنتهاءًً بأدواته، مِن صنع العمل البشرى، الذى هو المقياس المشترك بين مواد العمل وأدواته.
فإذ ما كان إنتاج (قميص) مثلاًً، يتطلب (5) ساعات مِن العمل الضرورى، وعلى أساس مِن أن ساعة العمل تساوى مثلاًً فى حقل تلك الصناعة (5) وحدات مِن النقد، فإن (5 × 5 = 25) أى أن الثمن العادل للقميص يبلغ (25) وحدة مِن النقد. ولكن أين قيمة باقى العناصر؟ أين ثمن مواد العمل، بإفتراض أنها تساوى 500 وحدة؟ وأين ثمن أدوات العمل، بإفتراض أنها تساوى 1000 وحدة؟ تلك الأثمان سوف تظهر (بنفس قيمتها)التى دخلت بها العملية الإنتاجية، فلن يباع القميص بثمن قدره(25) وحدة، إذ سوف يطرحه الرأسمالى فى السوق على نحو مختلف، كما يلى:
25(أجر) + 10(متوسط إستهلاك مواد العمل) + 10(متوسط إستهلاك الألة) = 45 (وحدة)
ولكن الرأسمالى طبقاًً لتلك الحسابات لم يكسب شيئاًً، إذ دخل العملية الإنتاجية بمبلغ نقدى معين، وخرج بنفس المبلغ، وهو لا يستطيع أن يولِد الربح من الألة، أو من مواد العمل. فماذا يفعل الرأسمالى؟ ليس عليه الأن سوى النظر إلى تلك السلعة العجيبة المطروحة فى السوق. قوة العمل. فيطيل (أيام) و(ساعات) العمل إلى الحدود التى تسمح له، كما سنرى، بتحقيق الربح، والتراكم الرأسمالى، حينئذ يباع القميص طبقاًً للحسابات التالية:
25 (أجر)+ 25(قيمة زائدة)+ 10( متوسط إستهلاك مواد العمل) + 10(متوسط إهلاك الألة) = 70(وحدة)
وعلى هذا النحو إنما يَتحدد ثمن البرميل الواحد من النفط على أساس عدد ساعات العمل الضرورية المنفَقة فى سبيل إنتاجه، أما الإرتفاع والإنخفاض فيُمكن بشأنهما حينئذ إستدعاء نظريات السطح والظاهر، والتى تقدمها لنا مجموعة الأفكار والتصورات الذهنية العامة، دون الوصول إلى صفة العِلم، والتى تندرج تحت مسمى "الإقتصاد". فيُمكن الكلام عن الإحتكارات أو تغير الأذواق، أو تأثير الإعلام وإلى غير ذلك مِن الأراء والتصورات التى لا تنتمى إلى حقل العِلم. وتحتفظ بوجودها فى حقل الأراء الحرة المناسِبة لحفلات التعارف!!
نحن هنا نفتح ملف الأجرة بعد أن تعرفنا على ماهيتها وعلى أهم ما يتصل بها، بيد أن الولوج إلى الإجابة عن السؤال المطروح دون الإلمام الواعى بالسلعة، والقيمة، والثمن؛ إنما نراه مفقِداًً إيانا أحد الخطوات الفكرية الهامة. ولذلك سيكون مِن الأفضل إعادة فتح الملف الموازى، بل الأساسى، المتعلق بالقيمة والثمن؛ مرجئين الإجابة لحين تكوين الوعى الهيكلى الناقد بشأن السلعة والقيمة والثمن، مع عدم إغفال أن قوة العمل إنما يطرحها أصحابها فى سوق العمل كسلعة. ولنبدأ بفهم وتحليل قيمة السلعة. والتى تنقسم إلى قيمتين: إستعمال، ومبادلة. فعلى أساس مِن الوعى بماهية الثمن يُمكن التقدم فى سبيل فحص الأجرة التى يتلقاها العمال، ومدى إعتبارها تعويضا عادلاًً عن قوة العمل المنفََقة فى سبيل الإنتاج.
قيمة الإستعمال
تبرز ثروة المجتمعات، كما ذكرنا سلفاًًً وفقاًًً لماركس، التى يَسودها نمط الإنتاج الرأسمالى بوصفها تكديساً هائلاً مِن البضائع، بينما تبرز كُُُُل بضاعة على حدة كشكل أولى لهذه الثروة.وإن السلعة هى فى بادىء الأمر مادة خارجية، شىء، يُلبى بفضل خصائصه، حاجة مِن الحاجات البشرية، وطبيعة هذه الحاجة لا تُغير مِن الأمر شيئاًً، كما أن القضية لا تنحصر فى كيف يُلبى الشىء المعنى الحاجة البشرية: بصورة مباشرة للمعيشة، أى كمادة للإستعمال، أم بصورة غير مباشرة كوسيلة للإنتاج. ويُمكن النظر، إلى كُُل شىء نافع، مثل الحديد والورق...إلخ، مِن وجهتى نظر: مِن الجانب الكيفى ومِن الجانب الكمى. فكُُل مِن هذه الأشياء هو مجموع للكثير مِن الخصائص ولذلك يُمكنه أن يكون نافعاًً بمختلف جوانبه.وإن الكشف عن هذه الجوانب المختلفة، وبالتالى عن الأساليب المتنوعة لإستخدام الأشياء هو عمل مِِن عوامل التطور التاريخى. ويصح قول الشىء ذاته فيما يتعلق بإيجاد المقاييس الإجتماعية، فالإختلاف فى مقاييس السلع إما أنها تعود إلى إختلاف طبيعة المواد موضع القياس، وإما أنها إصطلاحية.
إن منفعة الشىء تجعل منه حائزاًً لقيمة إستعمالية، ولكن هذه المنفعة، كما يقول ماركس، ليست مُعلقة فى الهواء، فهى لكونها مَشروطة بخصائص جسد السلعة، لا توجد بدون هذا الأخير؛ ولذلك فإن جسد السلعة، كالحديد والورق والذهب...إلخ هو بحد ذاته قيمة إستعمالية، ولدى النظر فى القيم الإستعمالية يقتضى الأمر دائماًً تحديدها كمياًً، مثلاًً: برميل من النفط، طن مِن حديد، متر مِن القماش، جرام مِن الذهب إلخ، وتُشكل القيم الإستعمالية للسلع موضوع عِلم خاص هو عِلم السلع، ولا تتحقق القيمة الإستعمالية إلا مِن خلال الإستعمال أو الإستهلاك. وأن القيم الإستعمالية تشكل المضمون المادى للثروة مهما كان الشكل الإجتماعى لهذه الثروة، وفى ظل شكل المجتمع الرأسمالى الذى نحياه حالياًًًً، تُعتبر القيم الإستعمالية فى الوقت نفسه حاملات مادية للقيمة التبادلية.
قيمة المبادلة
وتبدو القيمة التبادلية قبل كُُُل شىء كعلاقة كََمية، كنسبة يجرى بموجبها تبادل قيم إستعمالية مِن نوع ما بقيم إستعمالية مِن نوع آخر. فإن سلعة مُعينة، كيلو مِن القمح مثلاًً تجرى مبادلته بمقدار (س) مِن الأرز، و (ص) مِن الحرير، و (ع) مِن الفضة، وما إلى ذلك، وبإختصار: بسلع أخرى بأكثر النسب تبايناًً، وبالتالى فليس للقمح قيمة تبادلية واحدة، بل لها، كسلعة، الكثير جداًً مِن القيم التبادلية، ولكن بما أن (س) مِن الأرز، و (ص) مِن الحرير، و (ع) مِن الفضة، إنما تشكل القيمة التبادلية للكيلو مِن القمح، فإن (س) من الأرز، و (ص) من الحرير، و (ع) مِن الفضة، وما إليها، يجب أن تَكون قيماًً تبادلية قادرة على أن تحل محل بعضها البعض، أى أن تكون متساوية فيما بينها. ومِن هنا ينجم، أن القيم التبادلية المختلفة للسلعة تعبر عن شىء واحد. ولنأخذ سلعتين للتمثيل المبسط، وليكن الحرير والفضة، فمهما تكن علاقتهما التبادلية يُمكن على الدوام التعبير عنها بمعادلة تَتَعادل فيها كَمية معينة مِن الحرير مع كََمية معينة مِن الفضة، مثلاًً: مبادلة (10) أمتار مِن الحرير بـ(5) جرام مِن الفضة. فعلام تَدُل هذه المعادلة؟ إن تلك المعادلة إنما تدل على وجود أمر مشترك مقداره واحد. إن كلاًً مِن هذين الشيئين، الحرير والفضة، مساو لشىء ما ثالث، لا هو الأول ولا هو الثانى، وبالتالى لابد وأن يكون كُُل منهما بإعتباره قيمة تبادلية، قابلاًً للإرجاع إلى هذا الشىء الثالث. وهذا الشىء المشترك لا يُمكن أن يكون متمثلاًً فى خصائص هندسية أو فيزيائية أو أية خصائص طبيعية أخرى للسلع، فخصائص السلع الجسدية لا تُؤخذ فى الإعتبار على وجه العموم إلا بقدر ما تتوقف عليها منفعة السلع، أى بقدر ما تجعل مِن السلع قيماًً إستعمالية، وفى هذا الشأن يَنقل كارل ماركس، عن باربون، قوله:"إن نوعاًً من البضائع هو صالح تماماًً كأى نوع آخر إذا كانت قيمتهما التبادليتان متساوييتين، ولا فرق أو إختلاف بين الأشياء التى لها قيم تبادلية متساوية؛ فكََمية مِن الحديد أو الرصاص بمائة جنيه لها نفس القيمة التبادلية كما لكمية مِن الفضة أو الذهب بمائة جنيه".
مصدر القيمة ومقياسها
وفى مجتمعنا الراهن، المجتمع الرأسمالى، تُنتَج كُل السلع، مِن السلع بهدف البيع، ونتيجة لإنهيار الإقتصاد الطبيعى، الذى تُنتَج فيه المنتجات بهدف الإشباع المباشر للحاجات، فقد تبلور الإقتصاد السلعى، الذى تُنتَج فيه السلع مِن أجل البيع، المتزامن مع ظهور الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، أثر تفسخ الإقطاع الأوروبى وهيمنة سيادة نمط الإنتاج الرأسمالى؛ فالمؤسسة الرأسمالية تقوم بإنتاج كُُُل منتجاتها بغرض البيع، ومع نمو الرأسمالية صار صغار المنتجين مِن الفلاحين يبيعون الجزء الأكبر مِن إنتاجهم فى السوق، وفى ظل الرأسمالية تُباع وتُشترى كُُل وسائل الإنتاج ومواد الإستهلاك تقريباً؛ ومِن ثم يُصبح الإقتصاد السلعى الإقتصاد المهيمن بفضل التطور الحاصل فى التقسيم الإجتماعى للعمل، كشرط أول لتلك الهيمنة، وبفعل ظهور الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، كشرط ثان.
هكذا نجد الرأسمالية يَسود فيها إنتاج السلع، أى الإنتاج مِن أجل السوق، ومِن ثم التبادل والبيع، الأمر الذى يقودنا للتعرف على خصائص السلعة ذاتها. فلكى يكون نتاج العمل سلعة فلا بد، أولاًًً، أن يُشبع حاجة إنسانية، وثانياً، أن يَكون نتاج العمل هذا؛ مما يُمكن مبادلته بشىء آخر. وهذا التبادل إنما يتم وفقاًًًً لنسب كمية معينة، فمثلاًً يُتبَادل جوالاًًً مِن القمح بزوج مِن الأحذية، هكذا نجد أنفسنا أمام قيمة المبادلة، والتى هى قدرة السلعة على التبادل مع سلعة أخرى بنسبة كمية معينة، وتلك خصيصة جديدة يكتسبها الناتج عبر مراحل التطور التاريخى.
قيمتان لدينا إذاًً: قيمة إستعمال، وقيمة مبادلة. وعند التبادل يساوى بين أشياء ذات قيم إستعمالية، التى هى قدرة الشىء على إشباع حاجة إنسانية، مختلفة ومتنوعة؛ ولهذا السبب تحديداًً يتم التبادل، فلن يُقدِم أحدٌ على مبادلة كيلو جرام مِن السكر بكيلو جرام مِن السكر نفسه، ولن يجول بخاطر أحد، كما يقول ليونتيف، أن يقوم بييع حذاءه لكى يشترى بهذه النقود مثل ذلك الحذاء. ومِن جهة أخر، فعادة ما تتذبذب العلاقات الكمية التى تتبادل بها السلع، فبعض السلع تنخفض أثمانها وبعضها الآخر على العكس يزداد؛ بيد أن مهما كبر هذا التذبذب، فإن الكيلو جرام من النحاس، على سبيل المثال، يَظل دائماًً أغلى من الحديد، وأرخص من الفضة، وأكثر رخصاًً من الذهب. إذاًً هناك أساس ما، شئنا أم أبينا، يتميز بالثبات يتم التبادل على أساسه هذا، فكيف يتحدد هذا الأساس؟ يتعين الوعى هنا الفارق ما بين أساس التبادل وشروطه.
إن أية مقارنة عددية تتطلب وجود خاصية مشتركة للمواد المقارنة. وكثيراًً ما نقوم بالمقارنة بين أشياء متنوعة للغاية، ولكن مِن الضرورى أن يَكون فى هذه الأشياء أشياء مشتركة، ومن الضرورى كذلك أن يكون هذا الشىء المشترك قابلاًً للقياس، تلك الخاصية ليست فى الوزن، وليست فى الحجم، وليست فى الصلابة، فإن للكيلو جرام مِن النحاس وللإثنين كيلو جرام مِن الحديد، حجماًً ووزناًً وخصائص طبيعية أخرى مختلفة عن بعضها تمام الإختلاف، كما أن هذه الخاصية ليست فى مدى النفع لكلتى السلعتين، لأن نفعهما مختلف كذلك تماماًً. ومن ثم يظهر العمل البشرى هنا كى يُعبر عن نفسه كمقياس عام، فالسلع التى لها قيم إستعمالية مُختلفة لها خاصية مُشتركة واحدة فقط وهى أنها جميعاًً نتاج العمل البشرى، وهذه الخاصية يُمكن قياسها؛ فالعمل يُقاس بكمية الزمن المنفَََق على إنتاج السلعة، فكمية العمل المبذول فى إنتاج السلعة، إذاًًً، هى التى تُحدد النسب التى تَتَبادل بها بعض السلع بالبعض الآخر. بيد أن الأمر ليس سطحياًً هكذا، إذ المُعتد به فى هذا الشأن هو وقت العمل اللازم إجتماعياًً وفقاًً للفن الإنتاجى السائد فى فترة زمنية معينة طبقاًً لمتوسط مهارة المنتِج.
العمل البشرى
العمل البشرى إذاًً هو مصدر كُُل الثروات ومقياس كُُل القيم، بحيث أن شيئين تَطلب إنتاجهما نفس العمل يمتلكان نفس القيمة، ويُمكن بالتالى مبادلتهما ببعضهما ما دامت القيم متساوية بشكل عام، قابلة للتبادل.
هكذا يُنفِق العمال قوة عملهم فى سبيل الإنتاج، وإنما إبتداءً مِن أجر معلوم. الأجرة. فإذ ما كانت السلعة الرئيسية والدائر حولها الصراع إنما يتحدد ثمنها الوسطى (فى السوق الدولية) شئنا أم أبينا على أساس مِن عدد ساعات العمل المبذولة على نحو ما ذكرنا، لقاء أجر مُحدد، فما الذى يُحدد أجر العمال ؟
إن الذى يُحدد هذا الأجر هو (حد الكفاف) وقت العمل الضرورى اللازم لإنتاج وسائل العيش، يجب الوعى وكما ذكرنا أن تحديد الأجرة إنما يتوقف على ما هو ذاتى فى السلعة، وما هو موضوعى يخص المنتِج، فإن الأجرة تأخذ فى حسابها (المنتَج والمنتِج) وليس المنتِج فقط. وحينما ينظر إلى المنتَج والمنتِج فإننا نكون بصدد البحث عن تأرجحات أثمان قوة العمل فى السوق، فى حين أننا حين ننظر إلى المنتِج وتكلفة تكوينه نكون أمام الثمن الوسطى لقوة العمل.
العمل البشرى على هذا النحو يتراكم، ويُختَزن فيما يُسمى برأس المال، وبتتبع مجرى تطور رأس المال، بتتبع الفكرة القائلة بأن الرأسماليين يتحصلون على الربح عبر التبادل، فهم يشترون بأموالهم سلعاًً يبعونها فيما بعد مقابل مبلغاًً مِن المال أكثر مِن تكلفتها. فعلى سبيل المثال يَشترى الرأسمالى قطناًً بمبلغ (100 وحدة) ويبيعه مقابل (110 وحدة) ولكن المسألة تحتاج إلى المزيد من البحث، فالذى يُطلق عليه ربحاًً هو فى حقيقته قيمة زائدة. وبدون تلك القيمة الزائدة التى لا يَتمكن الرأسمالى مِن إقتطاعها مِن وسائل الإنتاج الأخرى، سيغلق الرأسمالى مصنعه؛ لأن الربح الناتج بأكمله سيكون (صفراًً)



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإقتصاد المصرى والإقتصاد الإسرائيلى، فى أرقام
- القيمة لدى ادم سميث
- التحريف تخريبا وتخريفا
- الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية، إهداء من تشافيز إلى أوب ...
- فنزويلا كما صورها جاليانو
- فنزويلا ليست إيران
- كولومبوس وفجر العالم الرأسمالى
- شبح يخيم على أوروبا/ رفائيل ألبرتى
- عالمية العلاقات الإقتصادية لدى روزا لوكسمبورج
- أدم سميث
- خواطر حول أرسطو وقانون القيمة
- الكندى
- فرنسوا كينيه
- خواطر حول إبن خلدون وقانون القيمة
- نحو طرح منهجى علمى لإشكالية تحريف الأناجيل (1)
- الإقتصاد السياسى للتخلف (5)
- الإقتصاد السياسى للتخلف (4)
- الإقتصاد السياسى للتخلف (2)
- الإقتصاد السياسى للتخلف (1)
- الإقتصاد السياسى للتخلف (3)


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عادل زكى - الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى