أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام الاعرجي - الجزء الثامن من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي / المسرح الديالكتيكي















المزيد.....

الجزء الثامن من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي / المسرح الديالكتيكي


سلام الاعرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3302 - 2011 / 3 / 11 - 01:54
المحور: الادب والفن
    


المخرج : ان قراءة خطاب برشت لابد ان تتوقف على تقاليدية ذلك النص متمثلة في بنيته الكيفية اولا , والكشف عن التقنيات ذات الاثر التغريبي المشتغلة على عموم الخطاب البرشتي كمنجز تانيا , بمعنى اننا يجب ان نتوقف عند حدود الاختلاف والتطابق بين برشت وارسطو ذلك اننا في حدود البنية الدرامية . لقد عني كل من ( ارسطو ) و( برشت ) في الحبكة وانزلاها منزلة الروح من الجسد وبقدر ما تماثلا فقد تناقضا في العديد من التقعيدات الكيفية فهو - برشت - وان جعلها تتابع حدثي ألا انه رقق واضعف الصلاة الحتمية بينها معتمدا منهجية المشهدية وهي حكايات متكاملة متجاورة لكل واحد منها بنيته الخاصة وكانه مسرحية ضمن مسرحية .
المتلقي : اعتقد اننا ازاء قراءة نقدية , ونحتاج الى امثلة ؟
المخرج : ابدا هذا ما يؤكده ( برشت في اركانونه الصغير ) والامثلة كثيرة , ففي دائرة الطباشير القوقازية نجد ان كل مشهد يمكن ان ينفصل عن الآخر ليكون مسرحية منفصلة بحد ذاتها , كذلك الموافق والمعارض ’ ومسرحية اوبرا القروش الثلاثة والانسان الطيب من سيتزوان , سلسلة من المشاهد و كل مشهد يحمل عنوانه الخاص به ويؤكد استقلال بنيته الدرامية عن المشهد الآخر
المتلقي : ماذا تعني بالاركانون الصغير في المسرح وماذا عن تنامي الحدث الدرامي ؟
المخرج : الاركانون الصغير احد اهم مؤلفات ( برخت ) النظرية , ويعني به المنطق الصغير وهو محاكاة لمنجز ( ارسطو ) المنطق الكبير في المسرح , اما تنامي الحدث , فقد غادر الخط المستقيم المتواصل وصار خطا بيانيا لايمكن ان يقود الى ذروة واحدة بل تدرك الاحداث غاياتها دونما تخارج او توالد , ثمة خطة جزئية في ذات الحدث وداخله تتصل بالخطة الحركية العامة المنجزة للفكرة وقد تبدو المشاهد المفسرة لبعضها البعض متباعدة زمانيا من حيث التعاقب ألا انها متقاربة جدا في وحدتها الفكرية مؤسسة مستوى النص الاسلوبي , كما يقول ( كوركنيان في كتابه نظرية الادب ) , مثلا في دائرة الطباشير القوقازية , لايمكن ان نفهم سبب قبول ( جروشا ) الزواج من الفلاح المتمارض في زمن الحرب الا في مشهد المحكمة وكذلك حكم ( ازدك ) القاضي الشعبي بين ( جروشا مربية الطفل وامه الحقيقية , الامبراطورة ) , او كما في مشهد الطاعون وصمود غاليلو في متابعة ابحاثه ومشهد استسلام غاليلو أثر تهديدات لجان التفتيش , والامثلة كثيرة . بمعنى آخر ان تنامي الحدث ارسطيا ينمو داخل التوالي والتعاقب الزمني لذلك عادة ما اقول ان نمو الفعل ارسطيا يكون عموديا على انتاج الفكرة فيما لايمكن ان يكون الفعل او الحدث البرشتي خاضعا لمثل هذه التقنية .
المتلقي : اريد ان اتلمس الفرق من جانب التنظير الارسطي ؟
المخرج : يرى ( ارسطو ) ان ثمة استهلالية تكشف عن نواة ازمة ويطلق على ذلك البداية التي لايمكن ان يسبقها شيء , في اوديب ملكا ( لسوفوكليس ) - اهم الكتاب المسرحيين ألأغريق - . تنطلق الاحداث من خطاب ل ( اوديب ) يتعهد فيه البحث عن الرجس المدنس للمدينة تلك بداية لايسبقها شيء الا انها حتما سيعقبها شيء وهكذا تتوالد الاحداث , نقطة انطلاق للحدث , تنامي للصراع لاعودة فيه يفرض على الشخصيات تبني مواقف متناقضة لاعودة فيها , ذلك الصراع يكشف عن جملة من العقد تقود الى ازمة ولا يمكن لتلك الازمة ان تنفرح حتى تبلغ ذروتها لياتي الحل ماساويا و يتم ذالك فيما يطلق عليه ( ارسطو ) بحد الوقت الوقت الكافي , واذا كان لدى ارسطويتم بالتوالد والتخارج عن بعضه البعض , فهو لدى ( برشت ) تراكم متناقض تكشف عنه الحكايات في سردية غايتها السيطرة على الواقع المعروض فهو يعتقد ان الاتجاهات المتناقضة في الواقع العنصر الحي فيه .
المتلقي : وماذا عن الحدث التاريخي ؟
المحرج : اذا كان الحدث المحاكى ( تاريخي ) فهو - برشت - ليس مدونا له بل يعنى بالحكم عليه من وجهة نظر حلقة اجتماعية أرقى لتاشير وجهة التغيير والتاثير في اشكال السلوك الاجتماعي وانماطاها او كما يقول برشت ( ان افضل طريقة لفهم القرود هي من وجهة نظر ما يليها في عملية الارتقاء : الانسان ) , ان القراءة المعاصرة للحدث التاريخي تعني مواجهته بتراكم خبراتي يقع على جزئيات ذلك الحدث حتى يخضع لفرضية معاصرة تتوفر على التغيير والاقناع لأمتلاكها رؤية حركية الحدث ( المستقبلية ) , فالتاريخ منجز انساني اغترب عن الانسان في ظل ظروف الانتاج ورفع اغترابه يعني تحرير وعي الانسان ومنحه قدرة التجاوز ليقابل الفهم والعقل مفهوم الشفقة الارسطي ذلك ان الشخصيات من وجهة نظره أعضاء في مجتمع طبقي وكائنات بشرية غير جديرة بالعناية ألا بمقدار تفاعلها وسلوكها واستجابتها ازاء ظرفها الموضوعي , لذلك كانت صياغة الحبكة دراسة عقلية معاصرة لأزمة الانسان في سياقها التاريخي لأعادة انتاج نواقص المرحلة التاريخية التي شهدت ولادتها والتي ليست هي سوى التعبير عنها كما يؤكد ذلك المفكر الماركسي ( فردريك آوين في كتابه برتولد برشت فكره , فنه , عصره ) وبذلك يكون برشت قد احل الوعي محل الخوف الارسطي من خلال تجريده القوة المستلبة من سماتها الخارقة والمطلقة والنهائية واحل ال( التغريب ) محل ال( تطهير ) فكان ألأبعاد - التغريب - استلاب الاستلاب أي أستلاب ايجابي .
المتلقي : هذى يعني ان ثمة تصادم في بنية زمانية الحدث الدرامي ؟
المخرج : بل ان زمن الحادث لم يعد توالي ( آنات ) آن يعقبه آن , بمعنى ان الزمن الذي يطرح رؤية البطل زمن مغترب , فثمة تناظر بين الزمن الواقعي وزمن التلقي , فهو زمن مغترب , ولرفع اغترابه - الزمن - حمله تناقضية تستقر داخل زمن الحادثة ذاتها , فهي التاريخ وهي بذلك زمن ماضي , ينعكس في الحاضر وهو زمن التلقي الا انه يتجاوزه برؤية مستقبلية جراء فعل التاويل الملازم للفعل المعروض وهذا ما سيحققه المتلقي والاخراج وادوات الممثل وكافة العناصر المادية المؤسسة لبيئة الفعل او الحدث , وبالتالي سيتم اعادة انتاج الخطاب من قبل المتلقي على وفق آليات تباعد ( اروين بسكاتور ) حتى . ولكي لايبدو الجوهر ألأنساني قيمة ثابته متاصلة في الذات المجردة فقد صور شخصياته على وفق نسبية تاريخية لاتسمح بان تكون أمتداد لشخصيات معاصرة فاسقط سمة الخلود وثبات العادات والملامح الاجتماعية عنها , الشخصية البرشتية لايمكن ان تكون بؤرة استقطاب , بل فردية في موقعها وفق ظرفها الذاتي والموضوعي المرحلي , وهي ظاهرة اجتماعية لأنها كينونة محددة بحكم عدم ثباتها ودوام تغيرها لأنها تمثل العمليات الاجتماعية . أنه يصور الفرد لا على اساس مشاعره ومبررات أفعاله بل هو حقيقة لايمكن تجاوزها عند وصف الواقع وليس لأن المجتمع تجمع افراد بل يفسر الفردية من خلال واقع الحادثة فهي كيان ذاتي عضو في طبقة وظاهرة اجتماعية , لقد تجنب تكوين شيء اشبه بالنازي بالولادة . وأمعانا في واقعيتها فقد صورها كوحدة متناقضات وياتي تحقيق تماسكها من خلال كشف سماتها الفردية التناقضية , فهي تحمل نقيضها في ذاتها ليلغي أنتمائها لمبادئها التي تحملها منذ الصيرورة حتى الحتف .
المتلقي : وكيف نستطيع التاكد من ذلك ؟
المخرج : هناك المزيد من الامثلة في المنجز الابداعي البرشتي , مثلا في مسرحية ( الام ) ترفض الام ان يعمل ولدها مع البلاشفة رفضا قاطعا بحجة انها لاتريد له ذات المصير الذي انتهى اليه والده , الاانها لاتمانع ان تعقد الاجتماعات الحزبية في بيتها , هي لا تؤمن بالعنف وترفض مشاركة ولدها في التظاهرات وحين تشاهد التظاهرة وترى ما يتعرض له المتظاهرين المسالمين من قمع تسعى هي من ذاتها لمواجهة العنف بالعنف ( الام كوراج ) ترفض الحرب وتزدريها الا انها تتواجد في قلب المعركة , الهندي في مسرحية( رجل برجل ) نظرا لعدم انسجامه مع ذاته ونظر لتناقضه الذاتي يتحول من صانع احزمة الى مقاتل شرس في جبهات القتال , غاليلو الداعية الى الثبات على المواقف يبرء من افكاره ويستسلم ويفند كل طروحاته امام محاكم التفتيش , غاليلو الذي يعلم علم اليقين ان تعليمه للطالب الفقير اشرف بكثير من تعليمه للولد الثري الا انه يختار ابن الثري . الا ان برشت لايتوقف عند تلك الحدود في انتاج الشخصية الفردية حيث خلع عليها سمتان يعدان غاية في الاهمية , الملحمية والتاريخية , فهي انعكاس لواقعها الاقتصادي والاجتماعي ولكن في سياقها التاريخي الا انه مارس بحقها قراءة نقدية معاصرة فجاء اغترابها مرحليا , في المرحلة الاولى جعل الاغتراب جزءا من كيان الذات الانسانية لايمكن تجاوزه , ذلك ان الشخصية فقدت قدرتها على التواصل مع العالم الخارجي وتلك المرحلة اطلق عليها العديد من النقاد المرحلة التعبيرية في منجز برشت الابداعي , واجدني غير منسجما مع هذا التوصيف فالاساليب والمذاهب الادبية تتداخل الى حد كبير اولا , ثانيا اني ارى ان شخصياته التي اودعها النقاد منطقة التعبيرية شخصيات غاية في الواقعية ففي ( المولاتستا ) و( اصحاب الرؤس المدببة والمستديرة ) ثمة واقعية سلوكية صرفة , يكشف برشت النقاب عنها , منطلقا من نقطة فقد تلك الشخصيات صلتها بالعالم المحيط بسب واقعها الذاتي , اما المرحلة الثانية فقد عالج اغتراب الشخصية خارج ذاتها , اي خرج بالصراع الى المجال الاجتماعي - من الانسان بوصفه فرد - فمكنها من رفع اغترابها لوعيها بواقعها اما الثالثة فكان انتقل بها من الذات الاجتماعية الى الانسانية النموذج التي ظهر معها التاريخ الانساني على الرغم من عائديته الى الانسان انتاجيا , تاريخا مغتربا في العصر الراهن ولم تعد المأساة في حظ البطل او نتيجة خطا فادح كان ارتكبه , بل تتمزق الشخصية او تتداعى او تنتهي لأنها لاتسعى الى تحدي العرف وتغيير القوانين المنتجة لغربتها .



#سلام_الاعرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح الديالكتيكي ... ج8 من الحوار الافتراضي بين المخرج وال ...
- 25 شباط فبراير ما له ؟ وما عليه ؟
- مفهوم الدراما ( ج7 ) من الحوار الافتراضي بين المخرج والمتلقي ...
- الشيوعي العراقي وانقلاب 8 شباط الاسود
- الأنشاء الصوري في المسرح العراقي ... الديالكتيك والتنوع
- عوني كرومي مسرح الديالكتيك وديالكتيك المسرح
- الجزء السادس من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي
- آليات انتاج الصورة في خطاب العرض المسرحي العراقي بين الديالك ...
- الجزء الخامس ... حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي
- الجزء الرابع من حوارية افتراضية في المسرح بين المخرج والمتلق ...
- مقر محلية النجف للحزب الشيوعي العراقي يتعرض لأعتداء غاشم
- الجزء الثالث من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي
- حوار أفتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي .... ج 2
- حواربين آليات الاخراج المسرحي والتلقي !!!!!
- الحكومة التركية وحتمية الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي دستوريا
- مسرحية الهولندي الجديد : صورة الوجود الانساني المغترب
- النقد بين جلد الذات و تهميش الاخر......ضوء على احتفالية رابط ...


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام الاعرجي - الجزء الثامن من حوار افتراضي في المسرح بين المخرج والمتلقي / المسرح الديالكتيكي