أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - بين إنتفاضة 1991 وإنتفاضة 2011 تأريخ العراق يعيد نفسه















المزيد.....

بين إنتفاضة 1991 وإنتفاضة 2011 تأريخ العراق يعيد نفسه


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 12:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين آذار1991 وشباط2011 عاش العراق حقبة زمنية قد لا نبالغ إذا قلنا أنها الأسوء عبر تأريخه الحديث. فقد بدأت بهزيمة عسكرية على يد تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية لتحرير الكويت بعد غزو العراق لها، تلاها حصار إقتصادي فرضه العالم على العراق وشعبه،لم يفرق بين الحاكم والشعب بشيوخه وأطفاله، ذهب ضحيته عشرات الآلاف من أبناء العراق وأدى لهجرة مئات الآلاف منهم، إضافة للأضرار الإجتماعية التي إنعكست على نفسية شرائح واسعة من المجتمع العراقي وزادت من تعقيدها الذي تمتاز به أصلاً، تلاه إحتلال أمريكي جاء بشخصيات وأحزاب ذات أجندات مُبهَمة كانت معارضة للنظام السابق، فشلت في قيادة البلاد وتوفير أبسط مستلزمات الحياة لمواطنيها، وفَسّخت المجتمع وأدخلته لسنوات في دوامة حرب أهلية بسبب تبنيها لأسلوب المحاصصة وممارستها للعمل السياسي على أساس تمثيلها لطوائف دينية وإثنيات قومية معينة على حساب أخرى بدلاً من تبنيها لمصالح الوطن وأبنائه ككل وتوفير سُبُل العيش الكريم لهم بغض النظر عن إنتمائاتهم الطائفية والعِرقية.
حدثان مُهمّان ومُتشابهان يُمَيّزان هذه الفترة التي دامت وأكلت 20 سنة من عمر العراق والعراقيين، فقد بدأت بإنتفاضة شعبية ضد نظام الحكم الذي كان قائماً آنذاك،وإنتهت بإنتفاضة شعبية ضد نظام الحكم القائم حالياً، والإنتفاضتان تتفقان على مسألة رفض الوضع القائم لحظة أنطلاقتهما والرغبة في تغييره بعد يأس الجماهير من حكامها وسياساتهم. فأسباب إنتفاضة 1991 الرئيسية كانت الجزع من الوضع المزري الذي وصل له العراق عام1991 نتيجة لطبيعة النظام الديكتاتورية وسياساته الطائشة ودخوله بحروب متواصلة وإستنزافه لموارد البلاد بدلاً من إستثمارها، وجائت هزيمة الجيش العراقي ومَنظر جنوده العائدين سيراً على الأقدام من جبهات القتال لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير، وتدفع بالعراقيين للإنتفاضة على ذلك النظام، وهو ما لم يمنع أندساس قوى إجرامية وتنظيمات مسلحة مدفوعة من دول أجنبية بين المنتفضين ورفعها لشعارات طائفية،هيأت إضافة لغياب قيادة واضحة للإنتفاضة مبرراً للنظام السابق لقمعها بوحشية ودموية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء العراق. أما أسباب إنتفاضة 2011 فقد كانت الرغبة في إصلاح الوضع المزري الذي يعيشه العراق حالياً بعد 8 سنوات من تغيير النظام السابق، وقيام نظام جديد تقوده شخصيات وأحزاب تدّعي الديمقراطية وتمثيل الشعب، كانت تعارض ذلك النظام وتعيب عليه ديكتاتوريته وإهماله لشعبه وإستنزافه لثروات بلاده، فإذا بها أكثر ديكتاتورية وإهمالاً لشعبها وإستنزافاً وسرقة لثرواته منه، دَمّرَت البلاد بدلاً من بنائها، ونشرت أفكارها الظلامية الهدامة بين شرائح مجتمعها، وملأت جيوبها من المال الحرام. وكما قُمِعَت إنتفاضة آذار1991 بالقسوة التي عُرفت عن النظام السابق ورموزه، فقد قُمِعَت إنتفاضة شباط2011 بالقسوة التي بدأت تُمَيّز النظام القائم حالياً ورموزه، طبعاً مع إختلاف طفيف في الطرق والأساليب، فلافرق من حيث المبدأ بين القتل السريع لمن إنتفضوا في1991 ناقمين على سوء الأوضاع بإستخدام الطائرات والدبابات، وبين القتل البطيء الذي تمارسه السلطة الحالية بحق الذين إنتفضوا في2011 ناقمين على فسادها وعجزها عبر تجويعهم وإذلالهم وحرمانهم من الخدمات أولاً، وقمع تظاهراتهم المشروعة بتشويه سمعتها عبر بث الإشاعات الكاذبة والخبيثة ومواجهتها بحظر تجوال وكتل كونكرينية وقنابل صوتية ومُسَيّلة للدموع وخراطيم مياه وهراوات ثانياً، وبقمع لا يقل سوءً عن سابقه، وبالتالي تعدّدَت الطرق والأساليب والقمع واحد، سواء كان بعثياً أو دعوجياً.
لقد كان رد الفعل الحكومي على تظاهرات شباط2011 معيباً ومخجلاً حتى قبل خروجها، فمِن شدة خوفها ورعبها، عَمَدت الحكومة لإستباقها برزمة إشاعات وأكاذيب باطلة سمعناها تتردد على ألسنة الكثير من ساستها وأزلامها نزولاً لبعض منتسبي الأجهزة الأمنية التي تعاملت مع التظاهرات وفق رؤية السلطة لها، وحاولت قمعها بأساليب ذكرتنا بتلك التي كان يستخدمها النظام السابق، وهي أساليب لا تليق بأجهزة أمن وطنية كان يفترض بها بإعتبارها راعية لحقوق مواطنيها، وحامية للدستور الذي يكفل حق التظاهر، أن تدعم هذه الحقوق وتحمي التظاهرات والمشاركين فيها، أو أن تقف على الأقل موقف الحياد بين الشعب والسلطة وذلك أضعف الإيمان، إلا أنها وكعادتها عبر تأريخ العراق الحديث راهنت على الحصان الخطأ، وكفرت بدستورها وشعبها بوقوفها الى جانب السلطة ودفاعها عنها دفاع المستميت، ولم تتّعظ وتتعلم مما حدث بتونس ومصر. لقد رأينا بعض أجهزة الأمن كتلك المسماة بأجهزة مكافحة الشغب مثلاً، والتي يبدوا بأن حكومة المالكي قد صرفت عليها أضعاف ما صرفته على توفير الخدمات لمواطنيها، وهي تلاحق المتظاهرين وتضربهم بالهرواوت. كما رأينا ضابطاً كبيراً في النظام الحالي،كان عضواً في حزب البعث، وموظفاً بالمطابع العسكرية لوزارة الدفاع حتى الساعات الأخيرة من عمر النظام السابق،يتهم المتظاهرين في الليلة التي سبقت التظاهرات على شاشات التلفاز بأنهم بعثيين ومخربين بدلاً من الجلوس مع رؤسائه للتباحث حول الإجرائات الأمنية الواجب إتخاذها لحماية التظاهرات، مُدّعياً بأن لديه معلومات إستخباراتية عن كونها مدعومة من البعث والقاعدة، ومزوراً بيانات كاذبة حول نية البعض القيام بعمليات شغب، وهو ماثبُت زيفه وبطلانه في يوم التظاهرات التي كان فيها المتظاهرون العزل أكثر رقياً ووعياً وحرصاً على الوطن من هذا الضابط والحفنة التي تأتمر بأمره، والتي شاهدها العالم وهي تستخدم أبشع أساليب القمع ضد المواطنين العزل. وقد بلغت الصلافة به الى حد المشاركة في برنامج حواري على فضائية الحكومة في ساحة التحرير مساء يوم التظاهر، وفي نفس البقعة التي تواجد فيها المتظاهرون صباحاً، وكأنه يتحدى مشاعرهم ويقول لهم.. لقد أخرجتكم وطردتكم من المكان وها أنا جالس فيه وحولي أتباعي. وبما أن هذا الضابط وأسياده تعودوا على أن يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، رأيناه في اليوم التالي للتظاهرات يزور مرصد الحريات الصحفية، مبدياً أسفه ومُبَرئاً نفسه وحكومته مما حدث للصحفيين، بعد أن قامت قواته بمطاردتهم وإعتقالهم وتعذيبهم خلال التظاهرات بأساليب همجية يندى لها جبين الإنسانية.
وفي فضيحة شاهدها الملايين على شاشة التلفاز، صورت كاميرات المتظاهرين أحد أعضاء حزب الدعوة الحاكم وهو نائب في البرلمان العراقي بمشهدين مختلفين، الأول وهو يجلس مع قادة الأجهزة الأمنية في أحد طوابق بناية المطعم التركي المطلة على ساحة التحرير متابعاً بقلق ما يحدث في الأسفل، والثاني وهو يطل برأسه مشاهداً الأجهزة الأمنية وهي تلاحق المتظاهرين وتستخدم معهم كل أساليب القمع الممكنة، في مشهد كاد يذكرنا بأحد مسؤولي نظام صدام وهو يركل المنتفضين في 1991 ويقمعهم عبر أجهزته الأمنية، طبعاً مع فارق بسيط فرضته بالتأكيد ظروف الأحداث المختلفة، وليس أخلاقيات الساسة المتشابهة التي لم تتغير بين الأمس واليوم، وقد خرج علينا هذا النائب في اليوم التالي على أحدى الفضائيات متبجحاً بالقول: " كنت هناك للتحاور مع المتظاهرين ونقل مطالبهم لقادة الأجهزة الأمنية "، وهو كذب صريح تعود عليه هذ النائب وأمثاله من وعاض السلطة وأزلامها، والتي لو كان لديها أو لدى ساستها ذرة من حياء لإستقالت بعد هذه الإنتفاضة الشعبية التي إجتاحت محافظات العراق من شماله الى جنوبه، لكنها لن تفعل، فقد باعت حيائها منذ زمن، وباعت معه ضمائرها.
يبدوا أن ثقافة القمع والإستبداد لاتريد أن تفارق العراق رغم تَغَيّر الزمان، فما أشبه اليوم بالبارحة، وهاهو التأريخ يعيد نفسه شيئاً فشيئاً، لكن بأسماء ووجوه وشخوص مختلفة باتت أكثر حذراً ودهاءً في تعاملها مع التحديات التي تواجهها أو قد تواجهها. فهل ستتكرر العقود الثلاث السابقة التي عاشها العراقيون في زمن النظام السابق بدكتاتوريتها وقمعها، وربما بصورة أشد قسوة وقتامة؟ أم إن الحاضر يسير بنا الى مستقبل مجهول مظلم أسوء من التأريخ الذي سبقه؟


مصطفى القرة داغي
[email protected]




#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية حب وإعتزاز كبيرَين لتشكيل التيار الديمقراطي في ألمانيا. ...
- لماذا العجب يا مثقفينا من قرارات مجلس محافظة بغداد ووزارة ال ...
- هل كان تشكيل التحالف الوطني إنقلاباً أبيض على العملية السياس ...
- السيد المالكي وحزب الدعوة على خطى السابقين
- لنختار مسيحياً و إيزيدياً و صابئياً لرئاسة جمهورية و وزراء و ...
- ضبابية المصطلحات بين ثورات وإنقلابات
- أما آن الأوان لمحاكمة قتلة العائلة المالكة العراقية وإعادة ا ...
- عراق الأمراء.. من أمراء القصور الى أمراء الوحدات الى أمراء ا ...
- السيد المالكي.. نعم (كدر واحد ياخذها) عبر صناديق الإقتراع فه ...
- هل ستستجيب الأقدار لإرادة الشعب العراقي في الحياة ؟
- ظاهرة المحسوبية في مراكز إنتخابات الخارج العراقية.. برلين نم ...
- إنهيار المشروع الملكي في العراق .. التضحية بكرسي العرش مقابل ...
- هيستيريا الإجتثاث.. ما ورائها ؟ وما أسبابها ودوافعها ؟
- هيئة مساءلة وعدالة أم هيئة تسقيط وتصفية حسابات ؟
- إبتلاع بئر الفكة بداية لإبتلاع ما هو أكبر
- إنتخابات العراق المصيرية
- العراق بين الإبتلاع الإيراني والإحتضان العرابي
- بدعة الطائفية والعنصرية في تأسيس الدولة العراقية الحديثة
- سفراء العراق.. أفلام هندية ومناصب أبدية
- عراق مابعد 9 نيسان 2003 بين مأساة الداخل وتنظير وهلوسة الخار ...


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - بين إنتفاضة 1991 وإنتفاضة 2011 تأريخ العراق يعيد نفسه