|
لماذا تعشقين شاعرا بسيطا مثلي .. ؟!
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 20:49
المحور:
الادب والفن
يحصلُ أن أحبكِ ، رغم أنه غير وارد في نشرة الأخبار : الطقس غائم كليا ، والانفجارات على وشك أن تنشرنا على حبال الغسيل .
يحصل أيضا ، يحصل أن تحبينني ، رغم أن ذلك معجزة فالقدر يكتبني في قائمته السوداء ، وينتقي لكِ ، من قوائم اخرى ، رجلا يصلُ مبكرا إلى البيت : رجل يأتي إليكِ بأشياء لا أملكها ، فأنا لا أعرف إلا أن أعود مجروحا من الليل ، أقفُ على السرير : القي خطبة عصماء لأشتمَ الحكومة .
لا أعرف إلا أن أتدلى من سقف الجوع بحبل الفاقة : عنقي خيطٌ مقطوع في يوم عاصف .
لا أعرف إلا أن آتي آخر الليل ، وأنتِ تجلسين القرفصاء في زاوية غرفتكِ تحدقين بالصورة ، حتى تحصل المعجزة فأخرج لكِ من الصورة : أخرجُ مكسورا من الصورة . أخرجُ لأمزق الصورة . أجلسُ إلى جواركِ في الظلام ، ثم أضع رأسي بين ذراعيكِ : لماذا تحملين عني ثقل وجودي في العالم ؟ حاولي أن تفهمي انني خارج اللعبة ، وأن مصيركِ هو أن تكوني امرأة : امرأة ، لا غير . امرأة لا حقَّ لها أن تهيمَ في حب شاعر ، فالشعر نزهة بين الكمائن : الشِعر أرضٌ مأهولة بالزلازل . الشِعرُ رحلة لا على هدى ، الشعرُ انقلابات في الروح : جنون هو ، وهو عواصف .
آه ، لماذا تحبين شاعرا مثلي ، أنا الذي لا أملك أن آتيكِ حتى على دراجة هوائية ؟! لا سفن عندي ، ولا بحر . لا أملك شبرا من الأرض ، لأن وطني في كوكب بعيد . وطني مسروق من الخرائط : وطني ليس وطني ، رغم أنني سومري أشقر القلب :
أنا بسيط كمصطبة تأنس بالقليل من خطوات العابرين : حزين دائما ، حزين .. مثل اغنية تحشرج في حنجرة ناي . مثل بلاد مقتولة . مثل قصب أكله غبارُ زقورات منسية ، مثل فانوس ملقى في قاع نهر هجره الصيادون والماء . أما أحلامي فيصعب تفسيرها : أحلمُ أن أشنقَ أحلامي ، لأنها تقودكِ إلى التظاهر ضد هذا وضد ذاك.
أحلمُ أن لا احبكِ لأنني احبكِ عن كثب ، واحترقُ بحبك عن بعد . أحلمُ أن تكرهينني لأنني مفرط بالذكاء وبالحدس .
أحلمُ أن لا أراكِ في أحلامي ، وأن لا استيقظ على طيفكِ الذي يشيعُ الصباح في منتصف الليل : حيث الملاك مع الشيطان يجلسان القرفصاء في لحظة مرورك . لكن ما يحصل هو أن احبكِ ، لأنني مجبول على أن أجلس مع المستحيل إلى مائدة واحدة : لأن ذلك مما يُربكُ الآلهة في المعبد . لأنه مما يجعل العيش ممكنا مع الموت ، لأنه مما يبعث الحياة في عروق التماثيل ، فتفرُّ الأحصنة من الساحات . لأن الأبواب تفلتُ من أسر الحيطان ، والمفاتيحُ تطلقُ سراح الحسرات من سراديب أقفالها لأن زجاج النوافذ ينفضُ الغبار عن نفسه ، ويفورُ الماءُ في تنور الجسد ، ثم يبدأ طوفانُ الدرّ ، ويهطلُ البلور من السماء .. لكن ..آه ، لا يحصل ذلك إلا لينتهي الحب إلى مجزرة .
نطيرُ بلا أجنحة ، ولا يطيرون لأن لهم أجنحة : لكننا نسقطُ لنفس السبب ، وهم دائما بانتظارنا .
هم دائما بانتظار أن نخطأ .. هم ماهرون بهذا ، ماهرون بنصب الفخاخ ، بحفر الآبار التي نشرب منها العطش .
آه يحصلُ هذا عندما أحبكِ . عندما يكون هناك ثقب في القلب : هناك ثقب في قلبكِ هناك ثقب في قلبي ، وهناك رصاصة . يحصل هذا عندما لا تُخيط الثقبين إلا الرصاصة .
لماذا تنزفين أكثر مني ، تموتين أكثر .. لماذا ؟ لا احبكِ أكثر أو أقل . لا كثرة في الحب ، لكنه يحصل أن احبكِ كثيرا وأن تموتي بغزارة .
أحدسكِ نادمة لأن هذا يحصل وأنا أنتظركِ ، لكن أنتِ لا تعرفين أن هذا قد حصل لي وأنتِ تنتظرين أيضا .
كلانا محكومان أن نُخلي المصاطب من عرق أجسادنا . أن ننسحب من معركة العالم ، فنحن الخونة : لقد اكتشفنا المجاهل ، عرفنا العناوين ، وقتلنا الظلام بقبلة .
نحن جبهة واحدة : جبهة اخرى ، ليس لها اسم ، ولهذا يحصل أن أحبكِ ماشيا نحو نهايتي المريرة ، وأن تموتي كثيرا ، وبغزارة .
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملائكة يصلّون عليكِ ، والخائبون والخائبات ..
-
لحظة جان دمو ..
-
اعجوبتكِ ..
-
شاسعة جدا ، كالبياض ..
-
قصيدة العصفور
-
كن عاشقا عالميا ، كالتراب ..
-
رأيتُكِ في البلدة التي لا اسم لها ..
-
احبكِ قبل أن يبتكروا الكتابة ..
-
كيف تولد المعجزة .. ؟!
-
كان عليَّ أن أهربَ منكِ ..
-
الشاهد .. !
-
قصيدة نثر عن الحب والزمن
-
اغنية جان دمو
-
اغنية السيدة ذات القلب الأعظم ..
-
نظفوا الورقة .. !
-
ديموزي : بورتريه شعري
-
لا ملاك ، لا شيطان ، لا أحد ..
-
لعبتُ معكِ لعبة الغرق ..
-
عشتار : بورتريه شعري ..
-
المثقف النظير ، الشاعر النظير ، الصعلوك النظير .. إلخ
المزيد.....
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
-
تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي
...
-
-حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين
...
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|