أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر قطيشات - التجربة الديمقراطية في البحرين (5)















المزيد.....


التجربة الديمقراطية في البحرين (5)


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 23:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المجتمع المدني وحقوق الإنسان :
كان عام 2001 هو المرحلة الأولى في برنامج البحرين الإصلاحي، الذي أدخل البلاد إلى ديمقراطية برلمانية ، وفيما يتصل بحقوق الإنسان والتطور الديمقراطي، حققت البحرين الكثير من الإنجازات الكبيرة الحقيقية التي أفادت الجميع في المجتمع.
وبعيدًا عن التطورات الحقيقية العملية التي حدثت في مجال حقوق الإنسان في البحرين ، فقد اتسم عام 2001 بالأهمية لأنه شهد ظهور المجتمع المدني، لان نجاح الديمقراطية يحتاج إلى تعزيز المجتمع المدني ، ولهذا السبب سعت الحكومة لتشجيع نمو الجمعيات السياسية ومنظمات الحقوق المدنية والمنظمات غير الحكومية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، لأن هذه المنظمات تخلق الإطار الذي يمكن أن يحدث التطور الديمقراطي داخله .
والأهم أن عملية الإصلاح احتفظت بقوة دفعها، وهو السبب وراء ازدحام جدول أعمال الحكومة عام 2002، بداية بأول انتخابات بلدية في البلاد، بعد صدور قانون البلديات الذي يضع إطار الهياكل المحلية الجديدة للحكومة التي تحكمها مجالس محلية منتخبة من جانب الرجال والنساء، وقد كان عام 2001 عاما مشهودا في تاريخ البحرين ، وعام 2002 يعد برؤية المزيد من التوسيع لعملية الإصلاح.
لم تسع الحكومة فقط إلى وضع احترام حقوق الإنسان في مركز برنامجها للإصلاح ، بل أكدت على تشجيع تطوير مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز واحترام هذه الحقوق . وقد شهد شهر فبراير عام 2001 تأسيس أول جماعة مستقلة لحقوق الإنسان في البحرين، وهي الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ، حيث قامت الجمعية منذ تأسيسها بالتحقيق في الشكاوي الفردية والمتعلقة بشكل رئيسي بقضايا المواطنة وحالات العائدين من المنفي، وقامت أيضًا بتنظيم ندوات بالتعاون مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ، ومنظمة العفو الدولية، وقامت بالكثير للتشجيع على تنمية وتطوير ثقافة حقوق الإنسان.
وقد استمعت الحكومة للمقترحات التي قدمتها كل من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ، ولجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى البحريني، والتي تم تأسيسها عام 2000 ، و تتألف من أعضاء المجلس ، وكانت نتيجة هذا الحوار قيام الحكومة بتعديل المقترحات وأتت بإصلاحات جديدة ، فعلى سبيل المثال ، وبعد المشاورات مع كل من جماعتي حقوق الإنسان ، دخلت وزارة التعليم في محادثات لتوفير التدريب لكل من المدرسين ومسئولي التعليم بالبحرين حول كيفية تعليم وتدريس مبادئ حقوق الإنسان في إطار المناهج الدراسية، وقد تبعت هذه الخطوة تخصيص دراسات لمادة حقوق الإنسان بمنهج القانون في جامعة البحرين عام 2000 .
وكجزء من نشر ثقافة حقوق الإنسان تم الاحتفال بمناسبات مهمة لحقوق الإنسان في البحرين ، ففي 26 يونيو عام 2001 نظمت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ، ولجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى سلسلة من الفعاليات للاحتفال بيوم الأمم المتحدة لدعم ضحايا التعذيب ، وقد ألقى الملك الكلمة الرئيسية اعترافا بأهمية الحدث، ألقى الضوء فيها على خطط تقوية وتعزيز حقوق الإنسان، ونتيجة لذلك أقرت الأمم المتحدة خطاب الملك باعتباره وثيقة دولية أساسية لحقوق الإنسان لعام 2001 ، وفي وقت لاحق من العام ذاته ، احتفلت البحرين رسمياً باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر2001 ،كما كانت تفعل كل عام منذ عام 1999.
وبعد نشوء وتطور جمعيات حقوق الإنسان , بات المسرح السياسي البحريني يتشكل تدريجياً , ورأت القوى السياسية المختلفة أن الفرصة مواتية تماماً لتدعيم المسيرة الديمقراطية ، ومن ضمن ما يقرب من 300 جمعية أهلية، اصطبغت نحو 15 جمعية بالطابع السياسي (كبديل عن الأحزاب السياسية)، تراوحت اتجاهاتها بين التيارات السياسية المختلفة ، وتضم مختلف الفلسفات السياسية ، وتشمل ( جمعية العمل الوطني الديمقراطي، وجمعية المنبر الديمقراطي وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية ، وجمعية التجمع القومي الديمقراطي , وجمعية العمل الإسلامي , وجمعية الشورى , وجمعية الأصالة , وجمعية ميثاق العمل الوطني , وجمعية الوسط العربي الإسلامي وجمعية المنبر الوطني الإسلامي ) وقد شاركت معظم هذه الجمعيات في الانتخابات البلدية والنيابية , فيما قاطعت أربع جمعيات فقط .
وتمت الموافقة على إنشاء نقابات عمالية مستقلة في سبتمبر عام 2001، وكان التشريع الذي وضع إطار النقابات نتيجة لعملية تشاور شاركت فيها اللجنة العامة لعمال البحرين، التي تمثل العمال في البحرين ، ومنظمة العمل الدولية، ونقابة المحامين البحرينية ، ولم يتم تمرير التشريع المقترح ليصبح قانونًا إلا بعد قيام هذه المنظمات الثلاث بفحصه ورضيت بمضمونه ، وكانت منظمة العفو الدولية من بين المنظمات التي أشادت بهذا الأسلوب التشاوري ، وتشهد اللجنة العامة لعمال البحرين حاليًا عملية إعادة هيكلة نفسها كنقابة عمالية مستقلة، وانعكس هذا التوجه في مؤسسات مهنية أخرى، شجعتها الحكومة في التحول إلى منظمات مستقلة مستعدة للعب دور نشط في المجتمع المدني .
وكانت حقوق المرأة مكون آخر مهم للعملية التنموية، مع إنشاء المجلس الأعلى الجديد للمرأة البحرينية ، والذي كان أبرز سلسلة خطوات تم اتخاذها عام 2001، وينعكس التزام الحكومة تجاه عمل المجلس في حقيقة أن الأمين العام الجديد له ، لولوة العوضي ، تم منحها درجة وزير، وقد ذكرت العوضي إن منصبها يعكس اهتمام القيادة ورغبتها في دمج المرأة في العملية والبرامج التنموية للبلاد ، ويرأس المجلس الأعلى للمرأة حرم الأمير الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وهو ما يعطي المجلس المزيد من النفوذ.
وقد صاحب المناخ السياسي الجديد نقاش في الصحافة والتليفزيون والإذاعة حول عملية الإصلاح ، ولأول مرة ظهرت أصوات الرأي الآخر بشكل منتظم في الصحافة لمناقشة مبادرات الحكومة، وبالمثل فتح التليفزيون والإذاعة أبوابهما لمجموعة واسعة من الآراء بهدف معالجة أكثر القضايا حساسية في المجتمع، واستضافت المحطات التليفزيونية نقاشات سياسية حية وبرامج حوارية، وأصبحت القضايا السياسية والاجتماعية تشكل في الواقع أعلى نسبة في البرامج التليفزيونية والإذاعية المنتجة محليًا.
وتدرس وزارة الإعلام حاليًا الطلبات المقدمة لإنشاء المزيد من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية ، إضافة إلى الموجودة بالفعل ، وبهدف حماية حريات الكتاب والمؤلفين، ثم إنشاء جمعية للصحفيين .
وعلى المستوى العام ، كانت المنتديات العامة حول التنمية السياسية سمة ليس فقط للاستعداد للاستفتاء الوطني، بل تم عقدها طوال العام لتغطي قضايا سياسة مختلفة ، ووفر للبعض الفرصة للرقابة ، والبعض الأخر لفحص ممارسات تنمية حقوق الإنسان، لكن كل اللقاءات وفرت منبرًا للنقاش الشعبي حول طبيعة عملية الإصلاح، وتم تنظيم الندوات عن طريق المنظمات غير الحكومية والجمعيات المحلية والمؤسسات الدينية، وأحيانًا كما سبقت الإشارة، بالتنسيق مع المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقد بلغ إجمالي الندوات السياسية التي جرت فاعلياتها عام 2001 حوالي 55 ندوة سياسية.
والتزمت الحكومة بالتجاوب مع القضايا والتساؤلات التي كان يتم إثارتها في هذه الندوات،وجعلت الأمر جليًا فيما يتصل بعزمها تشكيل عملية الإصلاح على أساس رؤى الشعب، وهو ما أعطى هذه النقاشات أهمية خاصة، فقد قامت الحكومة في بعض الحالات بتوضيح السياسات كما كان الحال مع قضايا مثل علاقة مجلسي البرلمان الجديد، وقانون العمل الجديد، وفي بعض الحالات الأخرى، قامت الحكومة بمراجعة التشريعات لتضع ردود الأفعال الشعبية في الاعتبار.
دستور 2002
في الرابع عشر من فبراير 2002م , صدر الدستور البحريني المعدل لدستور عام 1973م , حيث جاء بحلة جديدة وتضمن أسس ومعايير حكم سياسية جديدة أرست قواعد العمل الديمقراطي وحقوق المواطنين وواجباتهم , وكذا الحال بالسلطات الحكومية وفروعها .
وقد جاء الدستور في ستة أبواب , اشتملت على 125 مادة قانونية دستورية , فالباب الأول تناول أحكام عامة حول الدولة , فأشار الى أن البحرين دولة عربية إسلامية , وشعب البحرين جزء من الأمة العربية والإسلامية , وأنها دولة مستقلة وذات سيادة , وحكم البحرين ملكي دستوري وراثي , وحق المواطنين رجالاً ونساءاً في التمتع بالحقوق السياسية والمشاركة في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً , والإسلام المصدر الرئيس للتشريع , واللغة العربية لغتها الرسمية .
أما الباب الثاني فكان حول المقومات الأساسية للمجتمع , فيما تناول الباب الثالث الحقوق والواجبات العامة للمواطنين السياسية والاجتماعية , بينما تناول الباب الرابع السلطات الحكومية وأحكام تنظيم عملها وحقوقها وواجباتها , وهي الملك , , والسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الوزراء والوزراء , والسلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشورى والنواب , والسلطة القضائية .
أما الباب الخامس فنظم الشؤون المالية وآلية المراقبة عليها إداريا وسياسياً , وآلية تنظيم فرض الرسوم والضرائب بمختلف ألوانها , بينما تناول الباب السادس والأخير أحكام عامة واحكام ختامية حول إلزام العمل بالدستور وكيفية تعديل نصوصه ونشره بالجريدة الرسمية للدولة .
ويمكن إلقاء الضوء على أهمية الدستور الجديد واهم ما ورد فيه من خلال مقارنته بالدستور الأول للبلاد الصادر في عام 1973 , على النحو القادم.
مقارنة بين دستورين (1973 و 2002)
كان لبعض القانونيين البحرينيين وجهات نظر فيما يتعلق بدستور 2002 مقارنة بأول دستور للبلاد صدر عام 1973، سواء في الحق الممنوح للنواب في المساءلة والاستجواب وحجب الثقة عن الوزراء أو في مسألة الرقابة على الأموال العامة. غير أن أهم ما أثير في الجدل المصاحب للحملة الانتخابية وللجو السياسي العام الذي تعيشه البحرين هذه الأيام، هو ما يتعلق بمجلس الشورى المعين ومشاركته للمجلس الوطني المنتخب في بعض الأمور التشريعية. وفي هذا التقرير تسليط للضوء على بعض المقارنات التي لفت المثقفون والحقوقيون البحرينيون النظر إليها بين دستوري 1973 و2002 .
مجلس إضافي
أولى المقارنات اللافتة للنظر هي أن دستور 2002 أقر وجود مجلس جديد للسلطة التشريعية هو مجلس الشورى الذي يعينه الملك ويتكون من 40 عضوا يعمل جنبا إلى جنب مع مجلس النواب ,وهذان المجلسان متساويان في الاختصاص التشريعي، وعندما لا يتفقان حول مشروع معين بالإجماع ترجح الكفة التي يصوت لصالحها رئيس مجلس الشورى إذا تساوت الأصوات.
كان اختصاص التشريع في دستور 1973 ينحصر بين الأمير وبقية الأعضاء المنتخبين ، أما في دستور 2002 فإن اختصاص التشريع يتوزع بين الملك والأعضاء المعينين (مجلس الشورى) من جهة وأعضاء البرلمان المنتخبين من جهة ثانية.
ووفقا لدستور عام 1973 نجد أن نسبة المنتخبين تمثل 75% ونسبة المعينين 25% مما يعني ترجيح كفة المنتخبين، أما في دستور 2002 فترجح كفة المعينين وهذا ربما يحد من تأثير وفاعلية مجلس النواب. لكن هناك من يرى أن وجود مجلس معين هو عامل مساعد لعملية التشريع أما المجلس المنتخب فيهتم أكثر بالمخالفات في مجال الحقوق والواجبات.
مشروعات القوانين
يعتبر بعض القانونيين أن دستور 2002 وضع قيودا على المجلس المنتخب لم تكن موجودة من قبل في دستور 1973 خاصة فيما يتعلق بالاختصاص التشريعي ، ويستشهدون بالمادة الـ78 المتعلقة بالقرارات المالية والاقتصادية والتي تنص على أنه إذا "لم تتمكن السلطة التشريعية من البت في هذه القوانين خلال فترة معينة، يجوز للملك أن يصدرها بمراسيم لها قوة القانون".
وفيما يخص اقتراح القوانين يلاحظ أن دستور 1973 حصرها في المجلس الوطني المنتخب فقط في حين وزع دستور 2002 هذا الاختصاص بين المجلسين الشورى والنواب، فقد نص دستور 1973 على أن "لعضو المجلس الوطني حق اقتراح القوانين، وكل مشروع قانون اقترحه أحد الأعضاء ورفضه المجلس لا يجوز اقتراحه من جديد في ذات دورة انعقاده إلا بموافقة الحكومة". أما في دستور 2002 وفي المادة المقابلة فإنها تنص على أن "لأي من أعضاء المجلسين (وليس المنتخب فقط) حق اقتراح القوانين".
صلاحيات العضو
1- التعقيب على بيان الحكومة:
بالمقارنة بين سلطات عضو البرلمان في دستوري 1973 و2002 يتبين أن الأخير -بخلاف الأول- قرر له مساءلة الوزراء بشرط ألا يكون السؤال متعلقا بالسائل أو بأقاربه حتى الدرجة الرابعة. أما فيما يخص إبداء الرغبات في مناقشة قانون أو تشريع فإن المادة الـ73 من دستور 1973 تقرر حق المجلس في التعقيب على بيان الحكومة إذا تعذر الأخذ برغبات المجلس، في حين لا تجيز المادة الـ68 من دستور 2002 لمجلس النواب حق التعقيب على بيان الحكومة.
2- الاستجواب:
تقر المادة الـ67 من دستور 1973 لأي عضو من أعضاء المجلس الوطني -دون استثناء- حق استجواب رئيس الوزراء والوزراء، أما دستور 2002 فإنه يقر استجواب الوزراء فقط وبناء على طلب موقع من خمسة نواب على الأقل.
3- سحب الثقة:
أ- رئيس الوزراء
- سحب الثقة حق رقابي، ويتطلب دستور 1973 غالبية مطلقة (50 + 1)
لسحب الثقة من رئيس الوزراء في حين يستوجب دستور 2002 موافقة ثلثي الأعضاء في مجلس النواب . وإذا ما تعذر تعاون المجلس التشريعي مع رئيس الوزراء فيمكن بواسطة ثلثي أعضاء المجلس الوطني -طبقا للمادة الـ19 من دستور 1973- رفع الأمر إلى الأمير للبت فيه بإعفاء رئيس الوزراء وتعيين وزارة جديدة أو بحل المجلس الوطني . أما دستور 2002 فلم ينص على هذه الحالة.
ب- الوزير
يمكن في ظل دستور 2002 مساءلة الوزير وحجب الثقة عنه حسب المادة الـ66 في الفقرتين "ب وج"، إذ إن "مساءلة الوزير وحجب الثقة عنه سيكون رادعا لكثير من أمور الفساد والتجاوزات التي تناقض الدستور". وتحق المساءلة إذا كان الوزير غير متعاون مع المجلس. وبالرغم من اتفاق هذه المادة مع دستور 1973 إلا أن قضية عدم التعاون هذه لابد -وكما اشترط دستور 2002- على أن يكون محل إقرار من المجلس المعين أيضا بثلثي أعضاء المجلس الوطني وهو ما يمثل صعوبة في نظر البعض .
3- الاستيضاح والمناقشة:
هناك حقان رقابيان ألغاهما دستور 2002 هما حق الاستيضاح وحق لمناقشة، إذ يقرر دستور 1973 أنه يحق "بناء على طلب موقع من خمسة أعضاء على الأقل، طرح موضوع عام على المجلس الوطني للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه وتبادل الرأي بصدده، ولسائر الأعضاء حق الاشتراك في المناقشة". كما ينص على "حق مجلس السلطة التشريعية في تشكيل لجنة خاصة لبحث العرائض والشكاوى التي يبعث بها المواطنون إلى المجلس، وحق تلك اللجنة في استيضاح الأمر من الجهات المختصة".
الرقابة المالية
كان دستور 1973 يحصر تبعية ديوان الرقابة المالية في المجلس الوطني في حين أقر دستور 2002 تبعية هذا الديوان للملك، فالمادة 97 من دستور 1973 تنص على أنه "ينشأ بقانونٍ ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاليته ويكون ملحقا بالمجلس الوطني، ويعاون الحكومة والمجلس الوطني في رقابة تحصيل إيرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها", ولم يذكر أي شيء بعدها. أما قانون الرقابة المالية رقم 16 الذي صدر عام 2002 استنادا إلى الدستور الجديد فينص على "إنشاء جهاز مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة يسمى ديوان الرقابة المالية ويتبع الملك".
والواقع انه يمكن متابعة دور الدستور الجديد وميثاق العمل الوطني في تفعيل أولويات المجتمع المدني وحقوق المواطنين وحريتهم في محاسبة المسيء لأمن واستقرار البلاد , من خلال متابعة الانفتاح الحكومي الواسع على قضية الفساد الإداري والمالي في البحرين , وعبر متابعة الإصلاحات القضائية التي منحها الدستور استقلالية كاملة بعيدا عن السلطتين التنفيذية والتشريعية .
الإصلاح الإداري والحكومي وتفعيل قوانين الرقابة والمحاسبة المالية
صاحبت الإصلاحات الديمقراطية التي حدثت على مدار السنوات الثلاث الماضية في البحرين خطوات موازية لتحقيق انفتاح داخل الحكومة نفسها، ولذلك فقد أصبحت مؤسسات الدولة أكثر شفافية ، ولم يسمح ذلك فقط للحكومة بتقديم خدمة أفضل للشعب، بل أدى ذلك أيضًا إلى حماية المال العام بشكل أفضل.
وفي إطار السعي نحو تحقيق حكومة منفتحة، صدرت تعليمات للوزارات بالانفتاح على كل من الصحافة والشعب ، وصدرت تعليمات للمسؤولين بالاستماع إلى آراء الشعب والاستجابة للقضايا المثيرة لاهتمامهم، وقد تم تشجيع المسؤولين على النظر إلى النقد الموجه لهم باعتباره أمرًا إيجابيًا، وذلك إذا كان لابد من تحسين الخدمة العامة.
وقد تم وضع مجموعة من التشريعات الجديدة للتأكيد على أعلى مستويات الإدارة، والنزاهة المالية، ويتناول دستور عام 2002 الجديد هذه القضية، وتتضمن التشريعات الجديدة في هذا الصدد قانون العطاءات، وقانون الرقابة المالية والإدارية، وقانون هيئة سوق المال، بالإضافة إلى قانون منع الاحتكار.
وقد كان اختلاس الأموال العامة دائمًا يشكل جريمة خطيرة في البحرين، ويُعاقب أي فرد يُدان بهذه الجريمة بعقوبات صارمة، حيث تنص المادة 194 من قانون العقوبات على أن "يُعاقب بالسجن كل موظف عام أو مكلف بالخدمة العامة اختلس مالاً أو أوراقًا وُجدت في حيازته مستغلاً لسلطات منصبه، وتكون العقوبة السجن مدى الحياة إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسُلم إليه المال بهذه الصفة"، وتنص المادة 195 من قانون العقوبات أيضًا على "عقوبة السجن في مواجهة كل من يستولي بغير حق على مال عام".
ويجعل الدستور المعدل القوانين الخاصة بالوزراء أشد صرامة من القوانين الخاصة بموظفي الحكومة، وهي لا تهدف فقط إلى منع أي تداخل في المصالح بين المسؤوليات العامة للوزير، ونشاطه التجاري الخاص، بل تهدف كذلك إلى منع أي فهم أو إدراك لتداخل المصالح.
وينص دستور 2002 على ضرورة أن يمتنع الوزراء عن أي معاملات تجارية خاصة بمجرد تقلدهم مناصبهم ، وتنص الفقرة (ب) من المادة (86) من الدستور على أنه "لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يتولى أية وظيفة عامة أخرى، أو أن يزاول، ولو بطرق غير مباشرة مهنة حرة أو عملاً صناعيًا أو تجاريًا أو ماليًا، كما لا يجوز له أن يسهم في التزامات تعقدها الحكومة أو المؤسسات العامة، أو أن يجمع بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة أية شركة إلا كممثل للحكومة، ودون أن يؤول إليه أية رواتب أو مكافآت مقابل ذلك، ولا يجوز له خلال تلك المدة كذلك أن يشترى أو يستأجر مالاً من أموال الدولة ولو بطريق المزاد العلني، أو أن يؤجر أو يبيع للدولة شيئًا من أمواله أو يقضايضها عليه"، ومن خلال وضع أشد القواعد صرامة على أعضاء الحكومة، فإن ذلك يتم على أمل أن يكون ذلك نموذجًا بالنسبة لبقية أفراد المجتمع.
وقد صاحب التشريعات الجديدة تأسيس مؤسسات جديدة لمراقبة المعايير داخل الدولة، فقد تم تشكيل لجنة الرقابة والتنمية المالية والإدارية في 23 يناير 2002 من أجل وضع برامج الحكومة الخاصة بضمان الرقابة المالية والإدارية الفعالة، ومن بين أولى مهامها القيام بمراجعة للسياسات الحالية لتقييم مدى فعاليتها في محاربة الفساد، وهي مسؤولة ليس فقط عن مجرد تحديد المشكلات ولكن أيضًا عن تقديم الحلول لأي مواطن ضعف سواء من خلال تطبيق الأنظمة الحالية بشكل أفضل أو من خلال اقتراح تشريع جديد، وعلى وجه التحديد فإن دور اللجنة يتمثل في تحديد ما إذا كانت الآليات المطبقة حاليًا ذات فاعلية أم لا، وهذا يعنى تنفيذ عملية تدقيق شاملة لحسابات الدولة.
وقد ساعدت الإصلاحات الأخرى للحكومة عملية المحاسبة والشفافية خاصة الإصلاحات الخاصة بالتشجيع على المزيد من حرية الصحافة، التي أخذت بزمام المبادرة في تحديد حالات سوء السلوك، وبالفعل فقد أدت إحدى الحالات التي ألقت الصحافة الضوء عليها إلى حث الحكومة على تأسيس لجنة خاصة داخل وزارة الداخلية للإرشاد ضد سوء استخدام المسؤولين لمناصبهم، ويحظى الصحفيون هناك بالجرأة فيما يتعلق بتوضيح قضايا الفساد ليس فقط لأنهم يتمتعون الآن بالحماية من جانب نقابتهم المهنية وهي نقابة الصحفيين البحرينية، ولكن أيضًا لأنهم تم تشجيعهم من جانب الحكومة لاتخاذ توجه أكثر فاعلية في مناقشة القضايا المثيرة للجدل.
وشهدت البحرين في السنوات الأخيرة عددا من قضايا سوء الإدارة أو الفساد في الصحافة تم الكشف عنها للرأي العام بما في ذلك التحقيق الذي أجرته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عملية قام بها موظف حكومي حيث قام بتوزيع تصاريح عمل بشكل غير قانوني على العمال الأجانب، و تم بيع أكثر من 150 تصريحًا عمل في السوق السوداء، ولكن بفضل لجنة المتابعة التابعة للوزارة تم اكتشاف التلاعب، ومقاضاة الموظف.
وفي قضية أخرى تم التحقيق مع موظفين في المؤسسة العامة للشباب والرياضة بعد أن أصبحت المخالفات واضحة في حسابات المؤسسة، وتم التوصل إلى أن مجموعة من موظفي المؤسسة قد قاموا بسرقة 116 ألف دينار بحريني
(200 ألف جنيه إسترليني) من صندوق طلاب الجامعة، الذي يقدم منحًا خاصة للطلاب لمساعدتهم خلال فترة دراستهم.
وقد أدت أحد القضايا الأخرى الأكثر إثارة إلى حث الحكومة على إنشاء لجنة خاصة للتحقيق وذلك في أعقاب التغطية الصحفية لهذه القضية في الصحافة، وتضمنت تلك القضية قيام مسؤول بارز في الشرطة والذي واجه اتهامات بالاختلاس وسوء استخدام السلطة من جانب عدد من المصارف ورجال الأعمال، وأقيمت دعوى قضائية ضده بسبب ديون متراكمة عليه تبلغ 12 مليون دينار بحريني، ولكن في تحول دراماتيكي لفصول القضية هرب المتهم من البلاد ولا يزال هاربًا، وكان الأمر الذي دعا وزارة الداخلية إلى تأسيس لجنة خاصة للنظر بشأن سوء استخدام السلطات الممنوحة من قبل الموظفين الحكوميين، هو تلك الاتهامات المتكررة في الصحف من جانب رجال الأعمال بتهديد المتهم لهم باستغلال منصبه في توجيه اتهامات إليهم بارتكاب جرائم تضر بالأمن القومي إذا لم يسحبوا الدعوى القضائية ضده.
ولقي قرار وزارة الداخلية بتأسيس اللجنة ترحيبًا من قبل جمعية الشفافية البحرينية في بيان صدر عنها في التاسع من مايو عام 2002 والذي أشارت من خلاله إلى أهمية القضاء على الفساد وتناول قضية سوء استغلال السلطة، وتعد جمعية الشفافية منظمة غير حكومية جديدة تم تأسيسها من قبل الأكاديميين ورجال الأعمال البارزين بهدف تدعيم المكاشفة والنزاهة المالية والمحاسبة في مختلف قطاعات المجتمع.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الفساد وسوء الإدارة لا يمثلان مشكلات كبرى في البحرين، ولكن من خلال إقرارها لتشريعات وإنشائها لكيانات مسؤولة عن فحص أداء موظفي الدولة، أكدت الحكومة بذلك على ترحيبها بتناول تلك القضايا بأسلوب يتميز بالمكاشفة، والقضاء على البيروقراطية، ويمكننا القول إن البحرين تمضى قُدُمًا في طريقها لتحقيق ذلك.
أما فيما يخص القضاء , فقد أعلنت الحكومة في أيلول/سبتمبر 2000 عن حزمة من الإجراءات هدفها ضمان قدر أكبر من الاستقلال للقضاء. وفي مقدمة هذه الإجراءات إنشاء "المجلس الأعلى للقضاء" برئاسة رئيس محكمة التمييز. ويضم هذا المجلس في عضويته قضاة من محكمتي الاستئناف الشرعية والمدنية العليا. ويدعو الدستور الصادر في 14 شباط/فبراير 2002 أيضا إلى إنشاء محكمة دستورية تتألف من رئيس وستة أعضاء يتم تعيينهم بأمر ملكي لمدة زمنية معينة لمراقبة دستورية القوانين والتشريعات البرلمانية .



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحرية- المظلومة !!
- ديغول فرنسا يرحل وزعماء العرب باقون حتى القيامة !!
- التحديات التي تواجه بناء دبلوماسية عربية موحدة
- المشهد الأخير للقومية: أزمة الدولة العربية
- التجربة الديمقراطية في البحرين (4)
- سمات الدولة العربية وعلاقات التعاون والنزاع
- التجربة الديمقراطية في البحرين (3)
- حقيقة معمر القذافي: سيرته وشخصيته وأكاذيبه !!
- التجربة الديمقراطية في البحرين (2)
- التجربة الديمقراطية في البحرين (1)
- جماهيرية -الهلوسة- والزحف المقدس
- معمّر القذافي: جنون العظمة وكاريزما معقدة
- أسطورة القذافي -الآلهة- تدفع ليبيا نحو الهاوية !!
- -الضربة الاستباقية- كاستراتيجية جديدة في العلاقات الدولية
- المشهد السياسي الاردني: الاصلاح بين أزمات مركبة وملفات شائكة
- تسونامي الثورات الشعبية ودولة -الثقب الأسود- العربية
- المصلحة العربية بين القطرية والقومية
- ردا على المشككين: الأردن محصّن بشرعية النظام والاستقرار
- إلى أين يسير الأردن ؟!!
- لم ينتهي الدرس -يا غبي- !!


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر قطيشات - التجربة الديمقراطية في البحرين (5)