ما موقعها في حضارة الجسد؟

ولنا أن نفكر الآن جسد الحرية الذي يؤسسه العقل الشجاع بتعبير كانط على تكسير الطابوهات ابتداء باللغة الذكورية وما يكتنفها من عزل وإقصاء وقهر وبطريركية تطال الرجل أيضا وليس المرأة فقط .من خلال تحكمها كلغة اجتماعية ثقافية في الرغبة بسيف القانون المتمثل في مختلف أشكال السلطة من الأسرة إلى سائر المؤسسات المجتمعية و الجماعات القبلية والسياسية . وتحديدها للقيم والنظرة ومفهوم الذات والرؤية للآخرين والعالم .مما يجعلنا أمام جسد الاسترقاق الذي عليه أن يمعن في الستر والحجب لأنه فتان يؤدي إلى الفتنة من هنا ضرورة الحط من قيمته وقمعه أي إخراجه من دائرة الصحو واليقظة بما يوحي بنومه ( الفتنة نائمة لعن الله موقظها ) هذا هو جسد الاسترقاق المحروم(أي الممنوع بمعنى حرام) من حقه في التحكم في ذاته وما يعتمل في داخلها من حاجات ورغبات وطاقات حية وثابة تتوخى الانفتاح والعطاء كتحقيق للذات عبر الفعل الحر المنتج والمنجز كقيمة مضافة في صيرورة الوجود المجتمعي والإنساني حيث ينمو التوافق والانسجام والطمأنينة والرضا داخل عمق الإنسان وتتحقق صحة نفسية خالية من الاضطراب والانشطار

إرسال شكوى على هذا التعليق          147 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

فتتقوى الثقة بالذات في تطوير فعل الكينونة المتميزة بتحرير قنوات اللاوعي من مختلف المعوقات والمكبوتات وذلك بطريقة نقدية في البناء والنماء والالتحام بينابيع الحياة والتطلع إلى أفق تنفتح وترتقي فيه التجربة الإنسانية متجاوزة نفسها باستمرار بواسطة روعة حرية العقل الشجاع في المساءلة النقدية الدؤوبة واللانهائية وحق التفكير بطرق ومنظورات ومقاربات متعددة عوض الركون إلى الجواب الواحد الصحيح الذي علا وسما حتى طغى وتجبر فاعجز وقهر ونكل بالعقل والجسد والروح مما ورث عجزا متعلما كتشريط اجتماعي تلبس وجه البداهة والطبيعة وقوانين الحياة التي تتحكم فيها قوى عليا وفق مشيئة أو حكمة لا مجال لإرادة الإنسان فيها . فجسد الحرية لا يمكن أن يكون ويصير إلا بالنقد المزدوج لجسد العبودية والاسترقاق الذي اشرنا إلى أطره الاجتماعية والثقافية ذات البنية الدينية

إرسال شكوى على هذا التعليق          127 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

وأيضا نقد جسد التصريح بالممتلكات( من خلال بعض أنواع اللباس التي تميز الظهور فيما يخفيه ) في الشاشات أو في شوارع مجتمعاتنا حيث عشرات المقاهي تعتلي كراسيها جثث ذكورية ذات عيون تمارس المزاد السري للحوم كسلعة في السوق تعتقد أنها تقتحم عالم الحرية الذي يسيطر فيه التحكم الناعم واستلاب التشيئ لقيمة الإنسان بأدوات و آليات مرنة تتخفى وراء صناعة الاختيار الحر في السلوك والفكر والرأي والمواقف والاتجاهات فنكون بإزاء جسد مسلوب الإرادة الحقيقية وبعيدا عن الجرأة المتلازمة مع الوعي النقدي الذي يجعل من الصعب السيطرة على الوعي والتحكم في الإدراك وصناعة الاختيارات والتوجهات والقيم الثقافية والاجتماعية. والإنسان بطبيعته يتوخى الاعتراف والتقدير والاحترام ويسعى إلى الفعل و الحضور والمشاركة بمعنى تحقيق الذات وإذا استحال عليه تحقيق ذلك يلجأ إلى التعبير عن نفسه بخرق قانون الجماعة إما بالشغب كدفاع مرضي مؤقت وهش لتحقيق التوازن النفسي (إذا لم تستطيعوا أن تحبوني فانشغلوا بي )

إرسال شكوى على هذا التعليق          144 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---

أو إلى ارتكاب بعض الجنح وفي حالة الوعي السليم يسلك سبل التمرد والثورة رغبة في التغيير .وهكذا حتى الجسد في وضعية الوعي الزائف بالإضافة إلى اكراهات مادية ونفسية يرفع شعار التعري أي التصريح بالممتلكات كشعار رمزي نفسي ضد القهر و الإلغاء والإقصاء وعدم الاعتراف والتقدير والاحترام لإنسانيته. فلكي ينتزع جسد الحرية حريته عليه ان يكافح ضد الاسترقاق وضد حرية ليست أكثر من عبودية مختارة . وبذلك يتمكن من التعبير عن نفسه بنفسه وكما يشاء دون أن يضطر إلى تزوير وجوده وتجربته الحياتية.

إرسال شكوى على هذا التعليق          124 أعجبنى             المزيد-الاشراك   

---