أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل الامين - محاضرات سودانية:الشريعة والدستور















المزيد.....



محاضرات سودانية:الشريعة والدستور


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 3298 - 2011 / 3 / 7 - 11:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة لابد منها ونحن نعيش الان حالة تغيير..اي ثورة شعبية لاتصحبها ثورة فكرية جديدة مصيرها الاضمحلال...والثورة الفكرية في القرن الحادي والعشرين وعصر المعلومات ليس حكر على بلد او شخص...التغيير الذى نراه الان ليس اعراض موت النظام العربي القديم المستورد من الحقبة الماركسية والنظم الشمولية فقط بل اعراض موت كافة الايدولجيات المواكبة لتلك الحقبة...ولاية الفقيه/ايران والسلفية/السعودية والاخوان المسلمين/مصر والناصرية/مصر والبعثية/العراق والصهيونية/اسرائيل..وبما ان السودان كان مزرعة خلفية لبعض هذه الايدولجيات الوافدة..واهلكت الحرث والنسل وهي ايدولجية الاخوان المسلمين..وحتى لا يعاد تدويرها كبضاعة جديدة عبر بوق فضائية الجزيرة...كبديل للنظم الحاكمة والتي تحت التغير الان...سوف اتي في هذا الموقع بضاعتنا السودانية المغيبة..بفعل شوفينية البعض واحتكار البعض الاخر للفكر والسياسة وجعل نفسهم دول مركزية ..علما بان السودان قد سبق نصف العالم في الثورات الشعبية التي لا يحركها فكرومشروع في ثورة اكتوبر 1964 وثورة ابريل 1985 ويتم اجهاضها باستمرار....وحتى يتم ايجاد فضائيات حرة للفكر السوداني المعاصر الحقيقي..ساستمر فى البث عبر هذا الموقع تحت شعار(هزيمة الايدولجية الدينية او العرقية هو اكبر انتصار للديموقراطية في الشرق الاوسط)

هذه محاضرة للمفكر السوداني الراحل محمود محمد طه
وعنوانها
الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين



محمود محمد طه
أول طبعة - يناير 1969
عدد الصفحات 48 (في طبعة الورق)


الي الجمهوريين،
أنتم الغرباء اليوم ..
أنتم غرباء الحق .. ولكن غربتكم لن تطول .. فاستمتعوا
بها، من قبل أن تنظروا فلا تجدوا في الأرض الا داعيا
بدعوتكم ..
استمتعوا بها، فانه في وقت الغربة القرب من الله
سريع ..
استمتعوا بها، فالتصقوا بالله، واجعلوه أنيسها ..
واجعلوه عوضا عن كل فائت ..

بسم الله الرحمن الرحيم

((وانيبوا الي ربكم، واسلموا له، من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون* واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم، من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة، وأنتم لا تشعرون..))

صدق الله العظيم


مقدمة

((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) هو عنوان المحاضرة التي أثارت كثيرا من اللغط ثم تصاعدت الي مهزلة محكمة الردة .. تلك المهزلة التي ستذهب في التاريخ مثلا من أسوأ الأمثلة التي أثرت حتي عن عهود التأخر، والتخلف الفكري..
ولقد أقيمت هذه المحاضرة في ثمانية أماكن، وسجلت علي أشرطة في جميع هذه الأماكن .. أقيمت في الجامعة، لأول مرة، وذلك في يوم 7/9/1968، ثم بعد ذلك بشهرين، أقيمت في معهد المعلمين العالي .. وذلك في يوم 11/11/68، ثم في دار الحزب الجمهوري، بالموردة يوم 14/11/1968 ثم اقيمت بمعهد شمبات الزراعي، ثم بالكلية المهنية، ثم بالمعهد الفني ((الداخليات))، ثم، عندما طلب نادي السكة الحديد بالخرطوم اقامتها عنده، اعترض المحافظ بناء علي توصية كمندان بوليس السكة الحديد لسبب لا يزال مجهولا لدينا ..
ثم، في خلال أيام مهرجان الفكر السياسي، بمناسبة عيد الفطر المبارك بمدني، أقيمت بدار الحزب الجمهوري، وأقيمت بنادي موظفي الأبحاث الزراعية بمدني .. كما قلنا، فان جميع هذه المحاضرات مسجلة .. نورد في هذا السفر نص المحاضرة التي قيلت بدار الحزب الجمهوري، بأمدرمان، في يوم الخميس 14/11/1968، وذلك نقلا عن الشريط، بدون اجراء تغيير عليها ليحكم الناس بأنفسهم لأنفسهم ..
وفي ختام السفر سنورد المحاولات التي قامت بها السلطات، للحجر علي حرية رأي الحزب الجمهوري، استجابة لرغبة رجال نصبوا أنفسهم أوصياء علي الاسلام، وعلي الشعب، وهم، أنفسهم، في أشد الحاجة الي الأوصياء ..
ان الحزب الجمهوري لعلي ثقة بدعوته، وعلي يقين بربه، وهو سيمضي في سبيله غير هياب، ولا وجل .. فان أقض ذلك مضاجع أقوام فلا نامت أعين الجبناء ..

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة

حديثنا الليلة عن ((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) وأول ما يمكن أن نبدأ به هو أن بعض الناس فهموا من هذا العنوان أن الحزب الجمهوري يعتقد أن الدين لا يصلح لانسانية القرن العشرين.. ما أعتقد أن هناك موجب أو أن هناك عذر ليفهم مثل هذا الفهم من هذا العنوان والا لكان العنوان مباشرة ((لاسلام لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) .. لكن عندما يقول الانسان ((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) معناها عنده اعتماد علي الاسلام لكن عنده فهم خاص للاسلام.
مجرد الكلمات تدل علي أن الاسلام هو العمدة في هذه المحاضرة ثم أن الحزب الجمهوري منذ سنة 1945 – قبل ما تكون في كثير من الحركات اللي بتدعوا للاسلام في الوقت الحاضر وفي وقت الانجليز الحزب الجمهوري ما عنده غير الدعوة الاسلامية اطلاقا، فالناس البشوهوا مثل هذه الحقائق ببساطة وبسرعة أنا افتكر بيرتكبوا خطأ كبيرا في حق أنفسهم وفي حق وطنهم ..

الموضوع

((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) هو موضوع محاضرتنا الليلة وكما قدم السيد رئيس الجلسة، الاسلام ما محتاج لتعصب، الاسلام محتاج لفهم .. نحن اذا فهمنا الاسلام، واستطعنا أن نشرحه ونفسره ونعتنقه هو كاف بنفسه ليدفع عن نفسه وليدعو الي نفسه، والتعصب ما بيخدم الاسلام، بل الحقيقة، ما بيخدم أي قضية انسانية، لأن التعصب هو تقديم سخائم نفس المتعصب، موش فكر .. ونحن نعتقد أن بلدنا، في الوقت الحاضر، مواجه فتنة فعلا .. فتنة لأن الجهل مطلوق، والعلم مقيد .. الجهل مسلح .. الجهل رسمي عنده سلطة .. أو بيعتقد عنده السلطة .. ولذلك الحركة قائمة ضد العارفين من الجهلة .. وما أعتقد أن عبر التاريخ الا أن الأديان نكبت بأدعيائها أكثر من أعدائها .. ودة ما خلانا نقول أن محاضرة الأحد تكون مواصلة لعمل الحزب الجمهوري في التنوير في الاسلام وفي ملابسات الاسلام عبر التاريخ .. يشمل الأديان الأخري أيضا .. راح يكون في استقراء تاريخي لمواقف معينة صرفت الناس عن الدين من أدعياء الدين .. ونحن في الوقت الحاضر، أنا بفتكر أن البلد مهددة بالشيوعية أكثر منه بأي شيء ثاني .. والشيوعية أكثر من يشجعها ويدعو لها ويوجب العطف عليها الناس البدعو للدين بدون فهم ليه .. وأنا بفتكر الخطر علي البلاد ما بيندريء الا اذا كان نحن فهمنا حقيقة ديننا، وحقيقة أعداه .. لنواجه القضية بصلابة الانسان الفاهم ..

الرسالة الثانية

((الرسالة الأولي للاسلام لا تصلح لانسانية القرن العشرين)) بتعني انه في رسالة ثانية .. الكلام البيقال في الموضوع دة قد يكون غريب .. بل هو، علي التحقيق، غريب، لكن غرابته مدعاة لصحته أكثر منها مدعاة لخطأه .. ودونكم الحديث .. ((بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا، فطوبي للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها ..)) غرابة الاسلام عندما جاء برضه، القرآن يحكي لينا عنها، عندما كان النبي بدعو، والمشركون حول الكعبة وفي الكعبة – حولها وفوقها – 360 صنما .. قال: ((يا أيها الناس!! قولوا لا اله الا الله تفلحوا ..)) حكي عنهم القرآن ما قالوه قالوا ((أجعل الآلهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب!!)) أجعل الآلهة – 360 صنما – إلها واحدا؟ إن هذا لشئ عجاب– غريب يعني.

عمود التوحيد

الغرابة تجيء في التوحيد .. دائما وابدا .. لأن النفس لا تألف التوحيد .. وانما تألف التعدد .. لأن النفس وسائلها للعالم الخارجي الحواس .. والحواس دائما تعطينا التعدد .. التوحيد هو الغريب عندنا، ومن أجل ذلك كانت دعوة الانبياء الي ربنا، من لدن آدم والي محمد، ((لا اله الا الله)) وحدوا الله .. اختلفوا ما اختلفوا في شرائعهم، لكن التوحيد هو العنصر الثابت في الرسالات كلها .. والعبارة النبوية .. خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي ((لا اله الا الله)) .. قال ((بدأ الدين غريبا)) أهو غرابته شفتوها .. وسيعود غريبا كما بدأ.. يعود برضه برفع عمود التوحيد بمستوي جديد دائما .. الانبياء من لدن آدم رفعوا عمود التوحيد بحسب الطاقة البشرية لأن الله من حيث هو موحد، وما محتاج لتوحيد، لكن نحن البشر البنوحد .. وكل مرة توحيده بيرفع، ويرتفع، ويتسع ويتعمق في النفس البشرية .. كلما جربت التجارب الطويلة .. كأنما الانسان يستطيع أن يتصور أن عمود التوحيد زي ساري المولد .. يمكن أن يكون مترين، أو ثلاثة أمتار، أو أربعة، كل مرة مرتفع للسماء .. لأن الأرض تحاول أن تتصل بالسماء .. ينزل علينا الخير في الوحي والمعارف في أرضنا ليرفعنا من حيوانيتنا لنرتفع لربنا بالتوحيد باستمرار .. دي موش صورة تشبيه .. دي صورة حقيقية .. باستمرار عموده مرتفع لفوق .. وزي ساري المولد برضه يمكن أن تتصور انه كلما أرتفع عمود التوحيد .. كلما نزلت منه الحبال البتثبت الساري بصوره أبعد مما كانت .. اذا كان الساري ارتفاعه ثلاثة أمتار، الحبال البتثبته بتكون قريبة منه – متر حوله- اذا كان ارتفاعه عشرة أمتار، لعشرين متر، لستين متر، كلما تتصور ارتفاعه كلما حباله مشت بعيد ليثبت ..
حباله دي التشاريع .. عمود التوحيد دائما واحد .. ومرتفع للقمة وماشي .. التشاريع تنزل منه تثبته .. نفس العبارة القرآنية تقول .. ((اليه يصعد الكلم الطيب)) اللي هي ((لا اله الا الله)) .. ((والعمل الصالح يرفعه)) العمل الصالح تشريع العبادات، والمعاملات .. كأنه بتقول كل مرة عمود التوحيد بيرتفع لربنا. والعمل فيه، من عبادات، ومن معاملات – من شريعة – يعني، يرفعه، يثبته: ((اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه))

التوحيد وآيات الآفاق

القاعدة في أن التوحيد باستمرار ماشي لقدام هي الآية .. ربنا يقول: ((سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق، أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد))
((سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق)) انه الله هو الحق .. ((أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد))، هنا: ((سنريهم آياتنا في الآفاق)) .. آيات الآفاق يعني الشمس، والقمر، والكواكب، والنجوم، والأرض اللي نحن بنعيش فيها، وحقائق ما فيها .. وكل مرة ما نتلقاه من العلم في آيات الآفاق، ونحن بنعبد الله، ومتوجهين الي الله، يعمق فينا التوحيد، كأنما النفس البشرية عندها نسخة في الخارج، ونسخة في الداخل. النسخة اللى في الخارج هي ظاهرها، والنسخة اللى في الداخل هي باطنها، ما تعرفه انت من آيات الآفاق يعرفك بنفسك، في حقيقة نفسك، لذلك الشاعر العارف قال:-
وتزعم انك جرم صغير وفيك أنطوي العالم الأكبر
هذه القاعدة في التوحيد هي أن الموحدين بالله، كلما عرفوا من أسرار خلقه في الخارج، عرفوا أسرار فعله، فوحدوه في مستوي الفعل، ثم أرتفعوا الي مستوي الصفة، ومستوي الاسم، لغاية ما يجوا لتوحيد الذات. دي كلها ترقيات من العبادة في الظاهر، وملاحظة ((وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم، أفلا تبصرون)) باستمرار الصورة دي .. دا عمل التوحيد يمشي بالمدي دا. كلما الناس عبدوا الله، وعرفوا من آيات الآفاق أكثر، يمكنهم أن يحققوا توحيد أكبر.

ديننا دين عمل

والناس ماشين لي الله، كل الناس، ((يا أيها الانسان انك كادح الي ربك كدحا فملاقيه)) دا أمر غير مكذوب، وعد غير مكذوب. ((يا أيها الانسان ..)) من حيث هو انسان .. ((انك كادح الي ربك كدحا فملاقيه))، أردت أو لم ترد .. لأنه ربنا فرض الطاعة، والعبودية علي الناس ((ان كل من في السموات والأرض الا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)) . الناس سايرين لي الله بالتوحيد، هنا دي غرابة الدين. غرابة الدين انه يعود بالتوحيد مرة ثانية، ما يعود بدراسة الفقه، ولا بدراسة الشريعة، ما بعود بالتبحر في المسائل دي، في القراءة .. بجي بالعمل. دينا أصله دين عمل. نبينا قال: ((من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم))، وربنا قال:- ((واتقوا الله، ويعلمكم الله )) وقال ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وان الله لمع المحسنين)) دينا دين عمل. كلما الناس عملوا بما علموا، أورثهم الله علم ما لم يعلموا .. من عمل بالشريعة، أورثه الله الحقيقة .. والشريعة طريق، والحقيقة حال: الحقيقة معرفة أسرار الله، الشريعة زي الشجرة، والحقيقة زي الثمرة، الحقيقة هي معرفة أسرار الألوهية اللي بتوجب علي العبد أن يتأدب مع الألوهية بما تستحق، ليكون عبدا.
السنة والشريعة

تجي العبارة في ((سنتي)) .. ((الذين يحيون سنتي بعد اندثارها)). دا الكلام اللي قلنا ليكم فيه انه الدين ما برجع في مستوي الشريعة. هنا تجي السنة. السنة موش الشريعة، في فرق بين الشريعة والسنة. والحديث البفرق بين الشريعة والسنة قال:- ((قولي شريعة، وعملي طريقة، وحالي حقيقة)) .. دا حديث النبي. وأنا أفتكر في النقطة دي نحب نصحح فهم الناس اللي بقولوا انو السنة هي: فعل النبي، وقول النبي، واقراره. دا طبعا ما درج الناس علي أن يدرسوه ويقولوه باستمرار لكنه دا خطأ. عمل النبي هو السنة، بعدين قوله ما يحكي حالته في عمله دا سنة .. وما يعلم بيه أمته شريعة، واقراره علي الاطلاق شريعة، اقرار النبي لأصحابه علي عمل عملوه ما عارضهم فيه دا شريعة. قوله، بعضه يلحق بالسنة، وبعضه يلحق بالشريعة فكأنك – لتكون دقيق في عبارتك- ((سنة النبي)) هي حاله، بعدين مقاله وعمله ينم عن حالة قلبه، في بعض الحديث العرفاني اللي يدل علي السنة، الحديث العرفاني، مثلا نبينا لما يقول ((ان الله احتجب عن البصائر، كما أحتجب عن الأبصار. وأن الملأ الأعلي ليطلبونه كما تطلبونه)) دا حديث عرفاني في القمة. دا حديث يفهم منه أن الملائكة ما بقابلوا الله. نحن هسع بنعتقد أن جبريل بجيب القرآن من عند الله – قابل الله، وجا بالقرآن لنبينا، لكنو قال شنو:- ((ان الله أحتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلي ليطلبونه كما تطلبونه)) .. حديث ثاني يلحق بالسنة، زي مثلا ((كل المسلم علي المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، وأن يظن به ظن السوء)) .. دمه وماله، وعرضه، دا في طرف الشريعة .. لما تجي في ((يظن به ظن السوء)) تجي فوق الشريعة. كأنه ربنا بحاسب علي الضمائر المغيبة، ودي حقيقة موش شريعة، لأنو، في الشريعة، نبينا قال ((ان الله غفر لأمتي ما حدثت به نفوسها، ما لم تقل، أو تعمل)). لكن في الحقيقة .. عندما تجيء أنت في الحقيقة، تلقي أن الله يحاسب علي كل شيء، لذلك قال:- ((وأن يظن به ظن السوء)) من الأحاديث اللي تلحق بالسنة أيضا مثل قوله: ((سوء الخلق ذنب لا يغتفر، وسوء الظن خطيئة تفوح))، انا أفتكر تظهر ليكم الدقة هنا: الخطيئة بتفوح بالعفنة، لكن ما بشمها الأنف، بشمها الفكر. ((سوء الخلق ذنب لا يغتفر، وسوء الظن خطيئة تفوح)) دي من الأحاديث العرفانية الرفيعة تلحق بحال النبي .. لأنها تنم عن معرفته بربه، بعدين يجي حديث في مستوي الشريعة يقول: ((كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، الا فزوروها)). وفي حديث ثاني يقول: ((كنت قد نهيتكم عن الأضاحي الاّ فأدخروا)) هذا عندما كان الأصحاب عهدهم بالجاهلية قريب، وأنهم بيسخطوا علي مصارع آباءهم وأجدادهم، اذا كانوا ماتوا في القتال، أو ماتوا موت طبيعي. اذا زاروا المقابر، ورؤيتهم لأجداث أهلهم تثير فيهم السخط. ((الهاكم التكاثر حتي زرتم المقابر)) فيها صورة من الفهم دا وهنا لما عهدهم كان قريب درأ عنهم الاغراء دا، بان يسخطوا علي الله، قال ما تزوروا المقابر. بعد ستة شهور، بعد سنة، ((في الحديث دليل علي المدة))، لكن يجب الاّ نفهم من الحديث دا، ((ان النهي والأمر بالزيارة-)) حصل في مجلس واحد ، الحديث قيل في مجلس واحد، لكن العمل بالنهي سبقه، أول مرة كأنو الحديث ورد بالصورة دي: ((لا تزوروا المقابر)). عندما أطمأن أن الايمان تغلغل في قلوبهم، وأن زيارتهم المقابر توشك أن تثير فيهم الاستعداد للرحيل، والاعتبار بالآخرة، والرضا بمراد الله، بقت عبرة .. كانت في الأول فتنة .. قال ليهم: زوروا المقابر .. فجاء الحديث بالصورة دي ((كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، الا فزوروها.)) برضو مسألة الأضاحي كانت في وقت شدة، ما كل الأصحاب بيستطيعوا يضحوا، فكأنه عايز البضحي يشارك الما بضحي في سنة الشدة. كأنه قال ليهم ((ما تدخروا لحم الأضاحي)) النهار دة الواحد فيكم يذبح ضحيته، يفرق اللحم، بعدين لما أنتهت الشدة، في عام مقبل قال: ((كنت قد نهيتكم عن الأضاحي، الاّ فأدخروا)) لأن كل واحد أصبح مستغني من الأصحاب يمكن اللي بدخر يدخر.. مافي موجب أن يفرضوا عليه الاّ يدخر. دي أحاديث شريفة .. سنة النبي هي عمله وحاله .. هي في الحقيقة، حاله .. بعدين عمله، وقوله في مستوي ما ينم عن حاله، والحال هو حالة القلب .. في معرفة العارفين بالله كل عمل يجب أن يثمر حال .. العمل .. مثلا العبادة بالشريعة، يجب أن تثمر حال في القلب هو الايمان اذا كان العمل ما أثمر حال، دا عمل باطل .. كل عمل يجب أن يثمر حال، ودا طبعا، عندنا أنو الاسلام، يبتديء بالقول باللسان، والعمل بالجوارح .. القول باللسان والعمل بالجوارح، فيما بعد، يوكد معني في القلب، هو التصديق بالجنان .. يجي الايمان قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح..الإسلام: قول باللسان وعمل بالجوارح فقط، الإيمان: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح. تصديق بالجنان, أثمره العمل بالجوارح، والقول باللسان .. كل عمل يثمر حال. فحالة النبي من المعرفة بالله، هي سنته، وعندنا – ((افتكر دائما بتقرب المثل للناس)) أنو التعريف البناخدوا في المدارس الأولية، يقولوا لينا: النبي رجل من البشر، أوحي اليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه .. والرسول رجل من البشر، أوحي اليه بشرع، وأمر بتيليغه – والمسألة اللي أحب أن نكون فيها دقيقين هي: الاّ نعتقد أنو النبي، عندما يجعل رسول بيؤمر أن يبلغ شريعة نبوته. دا المعني البتبادر في الفهم طوالي. لأنه نحن بنعرف أنو ما من رسول الا وهو نبي، ففي رجل أوحي اليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه، يعني، أمر أن يعمل به في خاصة نفسه، فاذا أرسل، تجي العبارة ((أوحي اليه بشرع وأمر بتبليغه)). فالفهم السريع اللي بتبادر للذهن أنو النبي الرسول أمر أن يبلغ شريعة النبوة ودا خطأ يحتاج لتصحيح .. فعلا انو النبوة اعداد من الله للبشر، ليستأهل، ويستحق، ويقوي علي وظيفة الرسالة. فاذا أرسل، يبلغ شريعة، هي دون نبوته، قولا واحدا. افتكر المثل، برضو البديهي، دائما البنلقاه يوضح المسألة. زي ما نحن بنعمل في اعداد المعلم، معلمينا في مستويات المدارس المختلفة، من الأولية، أو الوسطي أو الثانوية – بنعدهم اعداد عالي في الطريقة والمادة، ليجي الواحد منهم يدرس المدارس في مستويات بسيطة. مثلا، نحن في الوقت الحاضر، بنعد مدرس المدارس الأولية، بناخدوا من المارين في نهاية المرحلة الوسطي – بنديه سنتين في معهد التربية، اذا كان في الدلنج، او شندي، أو بخت الرضا، بعدين بخرج ليدرس السنة الأولي، الأطفال العمرهم سبعة سنين .. الحاجة البديهية المعاشة اللي انت تنتظرها، انو المدرس الناجح هو البستطيع أن يبسط الحقائق للأولاد، اللي جو خامين بالصورة دي، للسنة الأولي الأولية، ليفهموا.
وفي جميع المراحل، لا يمكن أن تنتظر أنو المدرس، ما أعد به في مراحله، يجي يدرسه للطلبة.
الصورة دي، مش تشبيه .. دي حقيقة، لأنو نبينا قال: ((نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس علي قدر عقولهم))، وربنا قال ((لا يكلف الله نفسا الا وسعها)). هنا نبينا عنده حديث. الحديث، في شقه الأولاني، نبوة، وشقه الثاني، رسالة. قال ((أدبني ربي فأحسن تأديبي .. ثم قال: "خذ العفو وأمر بالعرف، واعرض عن الجاهلين")) .. فـ((أدبني ربي فأحسن تأديبي)) دي اشارة للنبوة .. ربنا أدبو وهذبو وعلمو بعدين جات الرسالة ، ((ثم قال)) – وثم للتراخي في الزمن – ((خذ العفو، وآمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين.)) خذ العفو: يعني ما تكلف الناس مشقة، وأمر بالعرف، معروفة عندكم، وأعرض عن الجاهلين: ما تقابل السفه بسفه، دي رسالة في معاملة الناس.
وعندنا في القرآن، أول ما نزل، النبوة .. أول ما نزل من القرآن، علي اطلاقه، النبوة. ثم جاءت الرسالة علي غرار الحديث. فنزل ((اقرأ)) أول ما نزل من القرآن. ((اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم.)) .. دي نبوة، ثم قال: ((يا أيها المدثر، قم فأنذر .)) .. جات الرسالة . هنا الحاجة العايزنها: أن يكون في تمييز بين الشريعة والسنة .. فلما قال: ((عملي طريقة)) – وعملوا نحن ألحقناه بسنته – لأنو هو البثمر الحال. عمل النبي أرفع من عمل الأمة. عمل الأمة شريعة .. عمل النبي أرفع منه، كثير من الناس يقولوا: دي خاصية من خاصيات النبي. لكن دا خطأ في الفهم. الخاصية دي، انت معد لأن تشارك فيها بلطف الاستعداد المودع فيك، اذا تساميت للدرحة دي، لأنو ربنا انما أرسل نبينا بشر، وأرسل الرسل كلهم بشر، لئلا يقول زول.. الكمالات العندهم دي نحن ما لنا ومالها، نحن ما بنقدرها، قال لينا ((لقد جاءكم رسول من انفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رءوف رحيم)) : ((من أنفسكم))، دي روح الآية، علشان تعرف انو ما فيك من ضعف، كان فيه، لكن ربنا اتلطف فنقاه منه، وانت بتعرضك لرحمة الله، تسير بسيره .. تمشي في طريقه .. تتبعه ((قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) هنا المسألة بتاعة سنته هي عمل مؤكد أكثر من شريعته، زي ما نحن في البديهة المعاشة بنلقاها: تلقي انو واحد متطرق، وواحد مسلم عادي، قادري، ختمي، سماني .. أي طريقة من الطرق، بتلقي انو عندو ورد. عندو حاجة راتبة بيعملها. اذا كان أنت لاحظت مثلا: الانسان المسلم العادي، يجوز أول ما صلي صلاته، عمل التسبيحة، والتحميدة والتكبيرة – الثلاثة وثلاثين، وأنصرف، لكن بتاع الطريقة، أخذ جانب من المسجد، أو من المصلي، وقعد يعمل أوراده .. فدا علي شريعة، ودا علي طريقة. الطريقة شريعة مؤكدة أكثر من الشريعة العادية. دي العبارة القال بيها ((عملي طريقة)) .. هو عنده عمل مؤكد أكثر من أمته. والحقيقة، ما بظهر عمله المؤكد في الصلاة، والصيام، وفي الحج، لأنه هذه واجبات الناس ممكن يشاركوا فيها .. شريعته شريعتهم .. اللهم الاّ صلاة الليل، لكن الخمسة أوقات، عليه وعليهم، وصيام الشهر، عليه وعليهم، والحج مرة في العمر، عليه وعليهم. لكن يجي المحك في المال. ((دائما الصدق التمسوه في المال)) شريعته غير شريعتهم. .. شريعته دي سنته.
السنة والشريعة في القرآن

النقطة دي، برضو نحن عايزين الناس يكونوا فيها دقيقين. في القرآن في مستويين من المعاني، ودي في الحقيقة مثاني القرآن ((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني)) .. مثاني: يعني معنيين. هنا عندنا معني في مستوي عمل النبي، ومعني في مستوي عمل الأمة، الآية في المال الفي مستوي عمل النبي ((يسألونك ماذا ينفقون؟ قل العفو))، والعفو كل ما زاد عن الحاجة الحاضرة. العفو ما يمكن أن تجود به من غير مشقة. في ما يخصه هو، يجود بكل ما زاد عن حاجته الحاضرة، بدون مشقة علي نفسه، ولذلك، تفسيره للآية دي، في مستوي عمله: الاّ يدخر رزق اليوم للغد ((يسألونك ماذا ينفقون؟ قل العفو)) .. تفسيره ليها أنو رزق اليوم ما يدخره لي باكر. وفي قصة مشهروة في الأمر دا: قالوا: عندما كان تقدم يؤم أصحابه، كان، رافع أيديه للتكبيرة ثم أهوي، وهرول للحجرة، ورجع – رأي بعض الاستغراب في أعين أصحابه، فقال ((لعلكم راعكم ما فعلت قالوا:- نعم يا رسول الله. قال: فاني تذكرت أن في بيت آل محمد درهما، فخشيت أن ألقي الله وأنا كانز)) دا معني العفو عندو، كل ما زاد عن الحاجة الحاضرة، كنز.
المستوي الثاني من القرآن ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وتزكيهم بها، وصل عليهم، ان صلاتك سكن لهم))، دي في حق الأمة، شريعتهم، وديك في حق النبي شريعته – أي بمعني آخر، سنته. بعدين، بعد ما أداهم المقادير في المال، قال: ((في المال حق غير الزكاة)) لكن الدقة في الموضوع، أن الزكاة ملزمة، والمال الزائد عن الزكاة ما ملزم، متروك للاختيار والتطوع والصدقة. قال: ((في المال حق غير الزكاة ..)) الزكاة الحد الأدني المدفوع من المال .. وظيفة المال في تزكية الانسان، وفي مشاركته في ماله للفقراء، هي الزكاة ذات المقادير المذكورة .. دي ملزمة .. هنا، بنعرف نحن أنو الاسلام بني علي خمس: شهادة أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة .. الزكاة اللي هي ركن تعبدي، في الحقيقة هي زكاة النبي، هي سنته. لكنو لا يمكن للأمة أن ترتفع لها، فدرءًا للمشقة عليهم، ربنا تأذن، فجعل الزكاة ذات المقادير في حق الأمة ركن تعبدي. الزكاة ذات المقادير في حق الأمة ركن تعبدي، معلول بعلة أنهم لا يطيقون أفضل منه، درءا للمشقة .. ((لا يكلف الله نفسا الا وسعها))، بعدين نبينا قال:- ((لو توكلتم علي الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير ..)) قال ((تغدو خماصا وتروح بطانا)) .. تمشي في الصباح من عشها جيعانة، وتروح في المغرب الي عشها شبعانة .. رزق اليوم باليوم، أشار ليهو بالصورة دي، لما ما كانت الأمة بتستطيع تتوكل علي الله حق توكله، وهو استطاع، بقت شريعته غير شريعتهم. بعدين بعد ما قال ((في المال حق غير الزكاة)) يجي القرآن يقول لينا، علي لسان نبيه – ((قل ان كنتم تحبون الله، فاتبعوني يحببكم الله)) دا الفرق بين السنة والشريعة ..

الشريعة والدين

في الأمر دة، برضه، في نقطة نحن نجد الحاجة للتمييز في دقتها، هي الشريعة والدين. برضوالحاجة الدرسوها الناس، ودايما يتناقلوها أنو الشريعة هي الدين، والدين هو الشريعة، ودا خطأ. الشريعة هي المدخل علي الدين .. الشريعة هي بداية الدين اللي بيه أنت بتسير لى الله. هي الحد الأدنى .. هي الدين تنزل لأرض الناس .. النقطة اللامست أرض الناس من الدين، اللي أنزل من الله، في علياه، وفي اطلاقه، دي شريعة..
قبيلك نحن ضربنا مثل بالعمود المرتفع. الحقيقة، أنو الدين كأنما هو حبل نازل من علياء الله، في صرافته، ((تعالي الله عن التشبيه)) . نزل الحبل دة لأرض الناس ليتبعوا الحبل، ليسيروا لربهم .. العروة الوثقي .. ((فقد استمسك بالعروة الوثقي))، الحبل، العقدة الفي طرفه، البستمسك بيها الناس ليسيروا لي الله .. العقدة دي هي الشريعة. والشريعة يمكنك أن تقول زي المدخل علي الدار، اذا كان دارنا دي فيها أي حاجة، واحد من الناس وقف في الباب، ما يمكن أن يعرف ما فيها. اذا كان استعمل المدخل، ليصل الي حقائق جوه، بعرف .. النقطة دي افتكر ضرورية جدا .. بتميز أنو الشريعة هي طرف من الدين، وليست الدين. طبعا ما يفهم من الكلام ده أن الشريعة غير الدين. لكن الاختلاف، اختلاف مقدار. الدين لا يتناهي .. الدين نهايته عند الله، حيث ((لا عند)). وهو لما يقول ((ان الدين عند الله الاسلام))، عند، هنا، ما بتفسر باللغة .. لأنو، في اللغة عند ظرف مكان، أو زمان. نحن بنقول ((عند الضحي))، ((جاء عند الضحي)) أو نقول ((العصا عند الباب)) .. ((عند)) هنا – في الضحي – ظرف زمان – ((وعند الباب)) ، ظرف مكان .. والله تنزه عن الزمان والمكان فعند، في الآية دي معناها: الدين بمشي لي الله، في اطلاقه، حيث تنقطع ((العندية)) و((الحيثية)). ومعني الكلام دا، أنو الدين لا يتطور، لكن البشر يتطوروا في فهمه. كلما نحن فهمنا، نتطور في فهم قرآنا. لكن لا يمكن أن نحيط به، اطلاقا، لأنه مطلق .. كلما فهمنا، نتطور في فهم الدين. لكن الشريعة متطورة .. لأنو الشريعة، الحكمة فيها، والكمال فيها، أن تنزل لمستوي الناس ..

كمال الشريعة في التطور

النقطة البتكون برضه عايزة توضيح للناس: أنو الشريعة كمالها أن تنزل وتخاطب الناس علي قدر عقولهم، وتكون عندها المقدرة لتتطور، وتواكب المجتمع باستمرار .. نحن بنسمع ((الشريعة كاملة)) .. كمال الشريعة موش أن تثبت في صورة واحدة .. كمال الشريعة أن تتطور باستمرار، لأن الجسم الحي، النامي، المتطور، هو الكامل، موش الجماد الثابت علي صورة واحدة .. بعدين، يجي بعض الوهم للناس يقولوا أنو ربنا أعلم بحاجة الناس، ولذلك، نزل ليهم الشريعة، في القرن السابع، كاملة، وفي القرن الواحد وعشرين، وعلي مدي الزمان .. الكلام دة بيوهم الانسان الما دقيق في عبارته. نعم، ربنا عالم بحاجتنا .. لكن ربنا ما بشرع لكمالاته .. ما بشرع لكمالاته هو، ولا لكمالات نبيه .. بشرع لضعفنا نحن، ليطورنا من ضعف الي قوة. فحكمة التشريع أن ينزل لأرض الناس، وأن يخاطبهم في مستواهم البشري، والمادي، والاجتماعي .. والحقيقة دي في البديهة المعاشة، برضه نلقاها، يعني نحن ما بنجلس في مجلسنا التشريعي ونقول والله بكرة قد تكون في المشكلة الفلانية، أحسن نشرع ليها، ونكون مستعدين .. أصلك ما بتسمع كلام زي دة في أي هيئة تشريعة – لأنو الشريعة تجاوب مع حيوية المجتمع في حل مشاكله .. فهنا، اذن، كمال شريعتنا، هي أن تخاطب المجتمع في القرن السابع، في بعض صورها، في مستواه ((في بعض صورها حسب الحاجة اليها، وحسب الأوضاع بتاعة الصور)) – في بعض صورها مجتمعنا الحاضر يحتاجها .. ومجتمعنا المقبل بحتاجها، كما أحتاجها المجتمع في القرن السابع .. في بعض صورها، مجتمعنا الحاضر ما بحتاجها. هنا، نحن ضربنا مثل بمسألة المال: قلنا عندنا فيها سنته وشريعته.. شريعته نزلت للأمة، لأنها ما بتطيق أفضل مما كلفت بيه، وفي الحقيقة، حتي في تكليفها في المستوي دا، كانت في مشقة ليها، انت بتذكر أنو في الردة، بعدما ألتحق النبي بالرفيق الأعلي، العرب المسلمين ارتدوا. ما أرتدوا لأنهم أنكروا أي شيء من الأركان، الاّ المال، قالوا:- ((والله أنا مسلمون، وأنا نشهد أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله، وأننا نقيم الصلاة، ونحج ونصوم، ولكن لا نؤتي أموالنا، أنها الجزية والله.))، حتي ألتبس الأمر علي بعض الأصحاب، الي أن هدي الله أبا بكر بتحقيقه، فقال: ((والله لو منعوني عقال بعير كانوا بؤدونه لرسول الله، لقاتلتهم عليه حتي يردوه – والله لأحاربن من فرق بين الصلاة والزكاة.)) فكانت الحرب المشهورة، ورجع العرب، ومات منهم من مات- العرب المسلمين – ومن رجع للاسلام مرة ثانية، بعد حرب الردة، رجع. فالمال، النفس شحيحة بيه، لاعتبارات كثيرة، موش ضروري نحن نشرحها هسع، في الاسلام موجودة، في القرآن موجودة، في السير – سير الأصحاب – موجودة، ان النفس البشرية شحيحة بالمال، ولذلك اذا كان أنت عايز محك الانسان الصادق في الدين، شوف ماله – شوفه في المال شنو ..
الزكاة ليست الكلمة الأخيرة

قد تلقاه صلاي، وصوام، وحجاج، لكن شوفه في المال، .. دا المحك الصادق، ودا الاختلاف هنا. هنا نحن شريعتنا في الزكاة ذات المقادير، ما هي الكلمة الأخيرة العايزهاالاسلام، النقطة دي، أحب أن تكون اضحة، الزكاة ذات المقادير ما هي الكلمة الأخيرة العايزها الاسلام، الاّ لأنه أضطر لتقريرها لملابسة الزمن، والمجتمع البشري في القرن السابع .. بعدين نبينا بلغ تبليغ دقيق، وجيد، في الأمر دا. قال:- ((الصدقة اوساخ الناس)). الصدقة هي الزكاة – والزكاة المعروفة بمقاديرها، قال: - ((الصدقة أوساخ الناس، وهي لاتجوز لمحمد، ولا لآل محمد .. كأنه عايز يقول أنو عندما تستطيع أنت أن تعف عن أن تحل مشكلتك بأوساخ الناس، وجب عليك أن تعف، لأنو العزة للمؤمن. فكأنما ما كانت مشروعة لتحل مشاكل المجتمع الماضي، في القرن السابع، الاّ لأنو ما كان في أفضل منها. هو قال، ما بتجوز لمحمد ولا لآل محمد. التبليغ هنا، انك عندما تستطيع أن تعف، يجب أن تعف، نحن هنا في المجتمع الحاضر، نعيش في مجتمع بشري، صارع في مدي الأربعة عشر قرن ليصل لتقرير حقيقة انسانية كبيرة، هي ما سميت بالاشتراكية .. الاشتراكية معناها أنو الفقير ليهو حق، موش صدقة. بايجاز: الاشتراكية تعني انك انت ليك حق، وأنا لي حق – موش انت ليك حق، وانا لي صدقة. دا معني تبليغه بأنو ينفر من الصدقة، ويسميها ((أوساخ الناس)) .. أوساخ الناس موش تشبيه، دي الحقيقة .. الواحد لو اتصورها فعلا، ينفر منها، يعني زي الانسان اللي جاب ليهو طش، وجاب موية في جردل أغتسل في الطش دا. ما ممكن أن تطيق نفسه أن يشرب موية بروده، خلي عن أن يشربها واحد غيره. هنا المال بيغسل النفس من الشح، زي ما غسلت الموية، الجسد من الأوضار اللي فيه. ولذلك في تقزز انساني فعلا منها، الاّ لمضطر .. فاذا كنت أنت تري أنو الدين بسوق الناس الي باحات الحرية والعزة، لا يمكن أن تفتكر أنو آخر ما عندو أن يحل مشاكل الناس بالصدقة. لكن دي شريعة مرحلية. الشريعة المرحلية هو عاوز يطورها - يعني يبلغ بيها مرحلة يكون للفقير حق، موش صدقة.

الاشتراكية والرأسمالية

اذا كانت الاشتراكية جات في مجتمع القرن العشرين، بفضل الله، ثم بفضل الصراع المستمر بين الطبقات – المستغلين ضد المستغلين – لغاية ما أصبحت هسع الاشتراكية هي ما يتكلم بيه كل الناس، حتي الما بعنيها بدعيها، لأنو لو اتكلم عن الرأسمالية يصبح رجعي – يصبح محتقر بين الناس – ولا يمكن انو أي انسان مثقف، يقف في مجتمع يقول:- ((والله النظام الرأسمالي أحسن من النظام الاشتراكي)) .. ما بقولها حتي ولو بينكرها في حقيقة نفسه، ولو انتو بتتذكروا، بعد اكتوبر، كل أحزابنا – البتعني والما بتعني – قالت انها اشتراكية ديمقراطية .. لأنو الاشتراكية في الجو .. لأنو المجتمع البشري بالمعارضة المستمرة، وصل الي أن يكون للفقير حق، بالنزاع المستمر .. فهنا مسألة الاشتراكية، والديمقراطية، موش مسألة تقدير .. برضه – أقصد الاشتراكية والراسمالية – موش مسألة تقدير، ولا مسألة نختلف فيها أنا وياك. في زي مشاكل البشرية في التراث الهسع نحن بينداوله بين أيدينا، دراسة اقتصادية دقيقة لتعريف الاشتراكية، هي شنو، والراسمالية، هي شنو، حتي الواحد يستطيع أن يقول: التعريفات دي بقت علمية، وهذبت عباراتها، حتي أصبحت زي 2+2 تساوي 4، الناس اتفقوا عليها. قالوا:- النظام الراسمالي: هو أي نظام اقتصادي، يملّك أي وسيلة، من وسايل الانتاج للفرد الواحد، أو الأفراد القليلين .. دا تعريف - بايجاز. أي نظام اقتصادي، في أي بلد، اذا فيهو وسيلة الانتاج يملكها انسان واحد، أو شركة، دا نظام رأسمالي – يكون ما يكون عنو بعد داك من السماحة – لكنو هو نظام رأسمالي ..
الاشتراكية برضو معرّفة تعريف دقيق: هي النظام اليقوم علي تمليك وسائل الانتاج للجماعة كلهم، محاولة استغلال موارد الثروة، ووسائل الثروة، لتنتج انتاجيات كبيرة، ثم النظام يعدل في التوزيع – تنمية الانتاج من موارد الانتاج وعدالة التوزيع دا نظام اشتراكي. وعدالة التوزيع معناها، أن يكون لكل انسان حق. الفقير والعاجز، والعجوز، في المجتمع الاشتراكي ليهو حق مكفول بالنظام، دا هو النظام الاشتراكي ..

فروع القرآن كانت ناسخة لأصوله

نحن هنا لما نقول انو دينا في الزكاة ذات المقادير ، الكلمة الأخيرة ما قالها، وترك المجال، لان المجتمع المطور، ليطور تشريعه .. في النقطة دي، بالذات، يستلهم أكبر قدر ممكن من حياة النبي ((قل أن كنتم تحبون الله، فأتبعوني يحببكم الله .))، دا معناه دخول في الدين أكثر .. انتقال من نص فرعي، اللي هو ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وتزكيهم بها، وصل عليهم، ان صلاتك سكن لهم)) .. إلي نص أصلي، اللي هو ((يسألونك ماذا ينفقون، قل العفو)).
أصول ، وفروع – قرآنا بالصورة دي – الحكمة في الفروع، انها قريبة، نزلت لأرض الناس، انفرجت زاويتها بالصورة دي .. زي فروع الشجرة، ساقها قايم، وفروعها تنزل لتقرب من أرض الناس.
في الماضي، الفروع نسخت الأصول، ((يسألونك ماذا ينفقون، قل العفو)) منسوخة في الماضي بآية ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وتزكيهم بها، وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم)) .. ومنسوخة، معناها، ما صاحبة الوقت في التشريع - موجودة في القراءة، وموجودة في العبادة، وموجودة في التطوع .. لكن موش في التشريع .. التشريع لا يقوم علي أساس أنو الناس يدفعوا كل ما زاد عن حاجتهم .. يقوم علي أساس أن يأخذوا من مالهم .. فالفرع، لحكمة الزمن، وملابسة الزمن، نسخ الأصل .. ودة السبب القيل بيه أنو الكلمة الأخيرة ما قيلت، لأنو اذا كان أنت بتعتقد أنو الفرع ينسخ الأصل، ثم لا يكون للأصل عودة مرة ثانية، كأنك بتقول: أرفع ما في دينا ينسخ بما هو دونه، وده لا يقول بيه عاقل.

الديمقراطية أصل الدين والشوري فرعه (تشريعه)

هنا نجي في مسألة السياسة، برضو دينا في القمة في أصوله بعدين نزلت فروعو ليكون عليها العمل في الماضي. وفي أصول دينا – زي ما هناك في الاشتراكية – (وهو أعلي من الاشتراكية في الحقيقة) - كذلك في الناحية السياسية، دينا في الديمقراطية، جاء بما هو أعلي من الديمقراطية .. والآية فيه ((فذكر، انما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر))، ده القرآن الأصل ، نزل في مكة بالصورة دى. ((فذكر، انما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر)) ، الكلام ده يقوله ربنا للنبي، علي كمالات شمايله الرفيعة، وخلقه العظيم، ينهاه عن أن يسيطر علي الناس. يؤخذ من المعني دا، أنو ربنا، يعز الحرية الشخصية – الحرية الفردية – لي الحد اللي ما يجعل عليها وصي، حتي أكمل الناس .. أنا أفتكر، دي قمة في الديمقراطية، لا يتخيلها دعاة الديمقراطية .. بعدين الأصل دا أصبح منسوخ في الماضي، ((فذكر انما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر))، منسوخ حتي بالاستثناء البعده ((الا من تولي وكفر* فيعذبه الله العذاب الأكبر))، ومنسوخ بما سميّ ((آية السيف)) عبر الدراسات الاسلامية .. بما سميّ آية السيف هنا، آيات كثيرة جدا منسوخة .. وآية السيف ((فاذا انسلخ الأشهر الحرم، فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم))، والآيات البتتبع دي، نسخت الآيات ديك .. وكان الأمر بالجهاد، بعدما كان الأمر في مكة علي الأصول ((أدع الي سبيل ربك بالحكمة .. والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن)) .. بعدما كان ((فذكر انما أنت مذكر)) .. بعدما كان ((خذ العفو، وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)). كل الآيات دي نسخت .. ونبينا قال غداة ما هاجر:- ((أمرت أن أقاتل الناس، حتي يشهدوا: أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله، فاذا فعلوا، عصموا مني أموالهم، ودماءهم، الا بحقها، وأمرهم الي الله.))، وقام الجهاد .. آية الجهاد، آية فرعية. آية الإسماح، آية أصلية. فرع من الجهاد – ((الجهاد للمشرك)) – فرع منها، للمؤمن، آية الشوري ((فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا، غليظ القلب، لأنفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر، فاذا عزمت، فتوكل علي الله))، معناها، هنا، أنو الناس خوطبوا في مستوي الحرية، ما استطاعوها .. ظهر أنهم قاصرين .. ظهر انهم محتاجين لوصي، فجعل النبي عليهم وصي. يشاورهم ليشعرهم بكرامة أنفسهم، وعزتهم، ليدرجهم، ويعلمهم، لكن شورتهم ما ملزمة، اذا كان رأى رأي غير رأيهم .. ((فاذا عزمت فتوكل علي الله))، دي آية فرع، نسخت آية الأصل .. لا يمكن لعاقل يعرف الدين، أن يقول دي هي خلاص البقوم عليها الحكم الي الأبد. لا آية الجهاد أصل، ولا آية الشوري أصل .. انما هم مرحليتان في تشريعنا، وتسوقانا للأصول ..
دينا علي مستويين

اذن الانسان البيعرف الدين، يعرف انو، في الحقيقة، في مستويين، وفي شريعتين .. الشريعة العالية، الأصلية، نسميها ((سنة النبي)) والشريعة الفرعية، هي البنسميها ((شريعتنا.)) الشريعة دي، فيها صور، بتحتاج الي تطوير، وفيها صور ثابتة .. الصور الثابتة – أو كالثابتة، ((في المجتمع البشري الأرضي هنا)) – هي القصاص، والحدود، والعبادة. ما يدخلها من التطوير يسير جدا، لكنو ما بياخد صورها ولا محتوياتها.
أنا شايف اذا كان مشيت في الموضوع بتفصيل، المقدمة بتطول، لكن أنا أقول ليكم بايجاز، أنو ما يدخلها من التطوير يسير جدا، لكن محتوياتها علي ما هي عليه. مثلا، العبادة ، محتوياتها زي ما هي، وأوقاتها، وهيئتها.. لكن، انتقالا من آية الاكراه، الي آية الاسماح، الفرد البشري الرشيد، في مستقبل حقيقة الدين، لا يحمل عليها بالاكراه، وانما يحمل عليها بالاقناع، والنموذج ..

الدعوة القدوة

انت عايز تدعو الناس للاسلام، كون انت مسلم، تغري الناس بالاسلام. أنت عايز تدعو أولادك للعبادة، كون أنت في مستوي العبادة، اللي بتخلي الاسلام محبب ليهم، ((لا اكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي)) دي برضو من الآيات المنسوخة في الماضي، يجب أن تنبعث في الوقت الحاضر ..

بين الشريعة والأخلاق

في تطويرك أنت لشريعة المال، من الزكاة ذات المقادير، لتجي تقول ((يسألونك ماذا ينفقون؟ قل العفو))، ما تظن انك رايح ترتفع للقمة دي، لكن الزاوية المنفرجة، في النزول من الأصل الي الفرع، رايح ترتفع شوية، أو تضيق شوية، وتجي أنت في مدخل علي الاشتراكية، البيها التشريع الاسلامي يحرم تمليك وسائل الانتاج للفرد الواحد، أو الافراد القلائل، ليفتح الطريق للنظام الاشتراكي ..
ثم ((يسألونك ماذا ينفقون؟ قل العفو))، علي مدي انو العفو، ما زاد عن الحاجة الحاضرة، دا راح يظل دائما حظ الأفراد، ما راح يكون شريعة الجماعة .. القمة دي رايح تظل دايما، والناس يجاهدوا ليبلغوها كأفراد، كلما عرفوا الله، وأتوكلوا علي الله، ووثقوا بالله .. كلما زادوا ايقان .. لأنو أصلو دينا عايزنا ننقل ثقتنا من المخزون في مخازنا، الي المخزون في خزائن الله. التوحيد ياهو دا ذاته .. كل التوحيد في مجال الرزق دا. التربية الدينية عايزة الانسان، بدل ما يكون ثقته في المخزون، والمختوت في البنك، تكون ثقتو عند الله .. هنا، ما يمكن الحكاية دي بيتكلفها الانسان .. بيتدرج فيها، من الشريعة الرأسمالية، في الزكاة ذات المقادير، الي شريعة الاشتراكية، في ما ندعو له في الوقت الحاضر .. رايح يكون، برضو في نظام فردي لأن يطبقه الانسان في تدريج نفسه، وتصحيح حالته من التوكل علي الله، كلما سار لقدام لغاية ما يكون في المستوي البستطيع أن يكون واثق بما عند الله، لو كان هو عايش بكره، رزق بكرة في.

التطوير من الشريعة الي السنة

اذا كان نحن شفنا، فعلا، في شريعتين .. في شريعة، وفي سنة .. وأنو المجتمع البشري كلما مشي لقدام، يستعد، بالوسايل المختلفة، لأن يتطور أكثر، أصبح أن ندعو نحن لتطوير شريعتنا الي أصل الدين. ومطلوب الدين، هو ما تطلبه البشرية في اليوم الحاضر، وحاجة الانسان المعاصر، تماما .. وأنو دينا اذا عاد – ولا بد أن يعود – يعود لأنو بيحل مشاكل المجتمع البشري الحاضر ..

إنسانية القرن العشرين

هنا، نحن قلنا، في عنوان المحاضرة، إنسانية القرن العشرين، برضو في ناس قالوا إنسانية القرن العشرين المتفسخة! إنسانية القرن العشرين الطائشة! الإنسانية الداعرة! ونحن نقول نعم إنها إنسانية القرن العشرين المتفسخة الطائشة الداعرة!! الإنسانية دي لا تزال في ما يريده ليها الله لغاية اليوم.. والله ما هجرها.. الله ما تركها، الناس خلق الله، وعباد الله.. والله بحبهم.. لكن الله بسيِِّرهم ليه برجلين. بسيرهم ليه برجل المادة، وبسيرهم برجل الروح.. وفي كل المضمار الناس ماشين لي الله .. حتى أفجر الفجور، لما تشوفه، هو بارادة الله، لكن الله ما بيرضى ارادتو دي .. دا برضه من دقائق المعرفة بالدين .. الله يريد حاجة وما يرضاها.. الله يريد الكفر، ولكن لا يرضى الا الايمان .. ربنا قال: ((ان تكفروا فان الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر، وان تشكروا يرضه لكم ..)) يعني، لما قال ربنا ((ان تكفروا فان الله غني عنكم)) الغني الما بيغلب .. ومعنى الكلام دا انو أن كفرتم ما كفرتم مغالبة لله، تعالى الله عن ذلك، وانما كفرتم بارادته .. ولكن الارادة دخلت فيها الضدية .. ((الثنائية)) الخير والشر دخلوا بالارادة .. الكفر والايمان دخلوا بالارادة .. ربنا يقول: ((وما كان لنفس أن تؤمن الا باذن الله، ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون)) ولكن ربنا أرسل الرسل لينقلونا من أرادته الى رضاه .. هنا، لما نكون نحن في حالة من حالات الفجور .. في حالة من حالات التحلل .. في حالة من حالات الجري وراء الدنيا .. في حالة من حالات التقدم المادي، زي ما نحن في حضارتنا الحاضرة، نحن سايرين لي الله في مضمار ارادته .. سايرين في هذه الحالات لي الله بالضلام – ان شئت – لأنو الله بيسوق ليهو الانسان بالنفس ((وهي ضلام)) وبالروح ((وهي نور)) بالصورة دي .. زي ما الزمان بسير بالليل والنهار، - اليوم نصو ليل ونصو نهار – كذلك البشرية ماشة لي الله بالمادة ((الضلام)) وماشة ليهو بالروح ((النور)) .. وهي، عندما تكون في حالة المادة، في السير، كأنها قدمت رجل المادة في السير، دا البنسميه نحن الضلال، والتفسخ، والطيش، والمجون، وأحسن منه أن تقدم رجل الروح .. أن تجي الهداية .. ولكن ما من شك أنها جاية .. زي ما الانسان ساير برجلين، يمين، وشمال، وأنت اذا رأيته في سيره مقدما رجله الشمال، لا تشك في أنه سيقدم رجله اليمين بعد أن يثبت رجله الشمال في الأرض .. الانسان ماشي لغايته عندما يقدم رجله الشمال كما هو ماشي عندما يقدم رجله اليمين .. وهو ماشي لي الله في جميع الحالات، لكن الاختلاف أنو لما أستعمل المادة بغرض المتعة، والترف، وحب الدنيا، واتباع الشهوات، دا ضال .. وهو لا بد سيهتدي فيستعمل المادة نفسها بوعي، واعتدال، وقصد، وبغرض القرب من الله .. وبكون بذلك مهتدي ..
الموضوع المهم أن انسانية القرن العشرين لأنها منحلة، ولأنها ضالة، ولأنها متفسخة، هي بحاجة الى الاسلام أكثر منها لو كانت مهتدية .. وكل انسان بيفهم يدرك أن الحيرة مطبقة في الأرض كلها، وأن خلق الله، حيث وجدوا، هم في التيه، هم حائرين .. هم ضالين، هم فاقدين حاجة .. كل الحركات اللي نحن بنشوفها في طلابنا، وفي طلاب العالم، في شبابنا، وفي شباب العالم، في رجالنا ونساءنا، وفي رجال العالم ونساء العالم .. انو البشرية في التيه بتبحث عن الله .. وهذه هي الحاجة الى الاسلام ..

الاسلام اليوم في المصحف

الاسلام اليوم لا وجود له الا في المصحف .. وقد نصلت حياتنا من الدين .. ما عليه الناس صور ميتة ومن أجل ذلك حياتنا متخلفة ومتأخرة .. دا عيبنا نحن موش عيب الاسلام .. كل ما تحتاجه البشرية موجود في المصحف، ولكن المصحف لا ينطق، وانما ينطق عنه الرجال .. والرجال ربنا بيهدي بيهم من شاء، ما راح يجيء نبي بعد نبينا فقد ختم الله بيهو النبوة .. قال تعالى: ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين ..)) .. والحكمة في انو ربنا ختم النبوة أنو كل ما أراد تعالى أن يقوله للبشر عن طريق الوحي من لدن آدم والى محمد قد استقر في الأرض بين دفتي المصحف .. وبعدين نبينا قال: ((انما أنا قاسم، والله يعطي)) .. أنا قاسم الشريعة، أنا رسول جيتكم بالشريعة، من يعمل بالشريعة الله يعطيه الحقيقة .. ((انما انا قاسم والله يعطي، ومن يرد به الله خيرا يفقهه في الدين)) .. وربنا قال: ((واتقوا الله ويعلمكم الله)) .. وفي القرآن دا ربنا بكلمنا .. كل وقت وكل ما نقرأ القرآن .. دا كلام الله لينا .. لكن نحن ما أتخذنا الأدوات البتخلينا نفهم عنه .. فالعلم مبذول بيننا، وموجود .. ولو رجعنا ليه كنا نتنور ..
رسول الرسالة الثانية

الرسالة الثانية ما عايزة وحي، عايزة إنسان ربنا يوفقه ليفهم عنه .. في القرآن ربنا قال عن بيان القرآن، قال لنبينا: ((لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه)) بيانه باستمرار .. ربنا يبين للنفوس المتعرضة لخيراته وهباته .. يبين لها باستمرار دينو .. وأسرار ألوهيته .. فالرسالة الثانية، بإيجاز، هي فهم أصول الدين لتطوير شريعتنا من الصور اللي نزلت في القرن السابع وفيها بعض صفة الموقوتية، لتلتصق بأصول الدين أكثر منها بالفروع .. ما خرجت من القرآن .. هي إنتقال من نص فرعي إلى نص أصلي ..
النص الأصلي، في القرن السابع، كان أكبر من المجتمع، نزل ليهم النص الفرعي، من النص الأصلي، ليسوق المجتمع لي قدام .. والنص الأصلي لا تستطيع الانسانية أن تستوعبه كله، وتبينه كله، اطلاقا .. كلما تطور المجتمع البشري والفرد البشري، في أعلي القمم، يعرف جزء، وما فاته من المعرفة أكبر مما أدرك، لأنه ساير من الجهل إلى المعرفة، ومن المحدود إلى المطلق .. إنسانية القرن العشرين هي، في الحقيقة، في مرحلتنا الحاضرة، ((ما تشوفوه منها من انحرافات)) لو قارنتها بجاهلية القرن السابع لوجدت مجتمعنا أرقي بكثير جدا.. في ناس بتورطوا في الخطأ، ويقارنوا المجتمع الحاضر بمجتمع أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، غداة أسلموا، لكن دة وهم حقيقي، لأنو نحن في الوقت الحاضر، في جاهلية، والخطأ بيجي من رضانا عن أنفسنا.. نحن بنفتكر أننا نحن مسلمين، ناقص لينا شنو؟ لكن أنا أحب أن أذكركم أنو أصلو مافي جاهلية فارقت كل ما جاء في الماضي، خصوصا في الوقت الفيهو الكلمة المكتوبة، والتاريخ المتصل.. كل جاهلية من الجاهليات فقدت اللبة، واتمسكت بالقشرة.. مثلا الحج، ربنا فرضه علي سيدنا إبراهيم، وفي الجاهلية النبي لما جاء لقاهم بحجوا البيت، لكن بطوفوا فيه عريانين.. لبة الدين مافي، قشرة الدين في.. نحن هسع، بطول الأمد، بقت اللبة مافي.. نحن متمسكين بالقشور.. والإنسان الدقيق، والفاهم، يعرف أنو نحن على جاهلية برضو.. متمسكين بالقشور بمعني شنو؟.. أننا بنقول ((لا إله إلا الله)) لكن ما عندنا يقين بالله، أخلاقنا موش أخلاق المسلم.. نصلي، ونصوم، نحج، والبزكي مننا بيزكي، لكن مافي أخلاق الإسلام، في الشارع، وفي السوق، وفي المسجد، وفي المدرسة، وفي المكتب، مافي.. لو نحن عرفنا أننا نحن علي جاهلية، وأننا يجب أن نعود للدين لنبعثه في صدورنا، من جديد، وأن تكون ((لا إله إلا الله)) خلاقة، زي ما جات في القرن السابع، بنعرف أنو جاهليتنا دي ما بتتقارن بإسلام أبوبكر، وعمر، وعثمان وعلي.. بتتقارن بجاهليتهم، في جاهليتهم كانوا بيئدوا البنت، ويعبدوا الصنم، ويقطعوا الرحم.. إذا عاينت لإنسانية القرن العشرين، علي تفسخها، تلقاها أرفع من جاهليتهم.. إذا انتظرت لبشرية القرن العشرين حتي ينبعث فيها الدين، من جديد، زي ما انبعث زمان، من المؤكد أنو بتجي قمم غريبة.. فنحن لما بنتكلم عن انسانية القرن العشرين بنعني أنو حيرتها الحاضرة في مستوى حيرة الجاهلية .. ومستقبلها في أن ينبعث فيها الدين المرة الجاية على حسب موعود نبينا.. نبينا قال ((كيف أنتم إذا نزل عليكم ابن مريم حكما مقسطا يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا)) وربنا يقول ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا)) دا وعد غير مكذوب.. أها تجي الأرض تمتلي عدلا بلا إله إلا الله ، ونورا بلا إله إلا الله – البشرية دي ترتفع من مستوى حيواني إلى مستوى إنساني ..
إنسانية القرن العشرين معناها البشرية الخلفت وراها قانون الغابة.. خلفت صفات الوحش، ودخلت في صفات الإنسانية، والرفاعة، والطيبة والخلق، والفهم ..
إذن الموضوع، على المسلمين أن يفهموا دينهم، وأن يشوفوا المستوى البتحتاجو البشرية في الوقت الحاضر، وهو موجود في المصحف، وما بيحتاج إلى نبوة جديدة، ما في وحي جديد، كل ما ربنا أراد أن يوحيه، من لدن آدم وإلى محمد، إلى البشر بواسطة جبريل، استقر في المصحف، ودي الحكمة في أنو النبوة ختمت، لكن المطلوب الفهم .. الناس بتعرضوا ليه بحسن العبادة، في تقليد المعصوم، ((طريق النبي)) وما أعرف اذا كان بعض الأخوان شافوا أن الحزب الجمهوري بيدعوا إلى طريق محمد.. طريق محمد هو عمله في خاصة نفسه.. وعمله في خاصة نفسه هو سنته.. هو شريعته الخاصة – شريعة النبوة – وأما شريعته فهي تعليمه لأمته .. سنته غير شريعته لأمته .. سنته شريعة موكدة .. وقد تحدثنا عنها. جاء الحديث: ((بدأ الاسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدا، فطوبى للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها ..)) .. لا يمكن أن يعود الدين الا ببعث السنة، وإحيائها، وممارستها .. وهذا يمكن من فهم أصول الدين، وبهذا الفهم يمكننا أن نطور بعض صور الشريعة، الأصلو في حكمة الدين أن تتطور لي قدام ..
افتكر المقدمة دي طالت .. كان يمكن أن تطول أكثر، لكن أشكركم علي حسن الإستماع، والصبر، علي ما قلت ليكم، وأنا أعتقد أنو إذا كان في أي فرصة لزيادة الشرح لي قدام أحسن تكون بالمشاركة في النقاش .. شكرا ..
خاتمة

أما بعد فهذه محاضرة ((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) .. منقولة عن الشريط الذي سجلت فيه يوم أقامتها، بدار الحزب الجمهوري .. فهي لم تكتب للطبع، وأنما نقلت عن الشريط .. وهي أول كتاب يصدر عن الحزب الجمهوري بلغة ((الكلام)) .. وهي تعالج مسألة في أصل الدين .. ونحن نحب أن نتابع أثرها علي القاريء السوداني .. أي موقع تقع من نفسه؟؟ فلقد كانت، كمحاضرة ناجحة .. ولكنها، كمحاضرة، غيرها ككتاب، لا سيما وأنها لم تكتب باللغة الدارجة لتنشر .. وانما قيلت باللغة الدارجة قولا .. وفرق بين القول والكتابة.. فالقول يعان علي الافهام بمواقف القائل .. وباشاراته، وبضغطه علي الكلمات، مما لا يتوفر للكاتب، ولقد حاولنا، بالترقيم، ان نجعل الكتابة تحمل تحديد الكلام، وقوته، ووضوحه ..

العنوان

عنوان المحاضرة – الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين – عنوان مقصود بالذات، ولا يغني غيره غناءه .. وهو لم يقصد لغرابته، ولم يقصد ليثير الاهتمام، وانما لأنه هو العنوان الدال علي المحتوي الذي قيل تحته .. ونحن نعلم أن المحتوي الذي أنبنت عليه المحاضرة غريب .. غريب علي الشريعة الاسلامية، ولكنه ليس غريبا علي الاسلام وهو إنما لم يقل من قبل لأن وقته لم يجيء .. وإنما جاء الآن .. والغرابة في الدين مدعاة صحة، أكثر مما هي مدعاة خطأ .. ليس معني هذا أن كل غريب في الدين يجب أن يكون صحيحا، ولكن معناه أن كل غريب في الدين يجب أن يثير أهتمام العلماء بالدين حتي تتبين صحته من خطئه وأنما كان ذلك كذلك لأن موعود نبينا بعودة الدين يشر بالغرابة .. فانه قد قال: ((بدأ الدين غريبا، وسيعود غريبا، كما بدا، فطوبي للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها ..)) .. والغرابة أنما تكون في التوحيد، دائما، لأن النفس البشرية لا حظ لها، في التوحيد .. فهي انما تدرك بوسائل الحواس، والحواس متعددة، وتعطي التعدد، ولا تعطي الوحدة .. وأنما كان الاستغراب في بداية الاسلام منصبا علي التوحيد .. فلقد خرج نبينا ذات يوم علي قومه وهم جلوس بفناء الكعبة، وبداخلها، وفوقها، وحولها، ثلاثمائة وستون صنما، فقال: ((يا أيها الناس، قولوا لا اله الا الله تفلحوا.)) فنفروا من قولته واستغربوها .. فجاء القرآن يحكي عن استغرابهم هذا: ((وعجبوا أن جاءهم منذر منهم، وقال الكافرون هذا ساحر كذاب* أجعل الآلهة الها واحدا؟ أن هذا لشيء عجاب.)) أي عجيب .. أي غريب .. ودعوة الحزب الجمهوري الي الاسلام اليوم غريبة .. وانما جاءت غرابتها من هذا الباب أيضا .. فالحزب الجمهوري يدعو الي رفع عمود التوحيد الي مستوي جديد، ليس له في ماضي أمتنا من قدوة غير المعصوم .. فهو يدعو الي أن يسير الناس من مرتبة الايمان، التي كانت حظ الأمة الماضية – أبي بكر فمن دونه – الي مرتبة الأمة المسلمة التي لم يمثلها من سلفنا غير المعصوم .. وهذه تتمثل في دعوة الحزب الجمهوري الي السير في مدارج الاسلام الذي يبدأ بالاسلام الأول، ثم الايمان، ثم الاحسان، ثم علم اليقين، ثم علم عين اليقين، ثم علم حق اليقين، ثم الاسلام الأخير، الاسلام من جديد .. وهي المرتبة التي عناها الله حين قال ((ان الدين عند الله الاسلام)) وهي هي المرتبة التي كان يعيشها النبي وحده حين كانت أمته – أبو بكر فمن دونه – يعيشون مرتبة الايمان، من هذا الدين العظيم ..
وتتمثل دعوة الحزب الجمهوري، في هذا الباب، في الدعوة الي تحقيق الفردية، لدي كل فرد، وذلك بفتح الطريق أمام الناس ليرتقوا بتقليد المعصوم، في عبادته، وفيما يتيسر من أسلوب عادته، حتي يفضي بهم اتقان التقليد الي سقوط التقليد – الي الاصالة – فهم يقلدون النبي في أعماله ليقلدوه في حاله .. بيد أن حاله الأصالة، وليس في الأصالة تقليد ، وأنما فيها تأس .. فهو عمدة تقليدنا بعمله، وهو عمدة أصالتنا بحاله .. وهذا هو المعني بأحياء سنته التي وردت الاشارة اليها في الحديث آنف الذكر .. ومن أجل احياء سنة المعصوم أخرج الحزب الجمهوري، منذ عدة سنين، كتيب ((طريق محمد)) وفيه يدعو الي العودة الي تقليد محمد في عمله في خاصة نفسه، ويقول ((بتقليد محمد، تتوحد الأمة ويتجدد دينها)) وهذه الدعوة الي ((سنة محمد)) مع الغرابة التي أتسمت بها آراء الحزب الجمهوري، كان من الواجب أن تدعو قومنا الي الحذر، والي الخوض في آراء هذا الحزب بالتوقير الذي تمليه المعرفة بأمر الله، والتعظيم لشأنه، حتي يتبين للناظر فيها حقها من باطلها .. ولكن قومنا لم يهتدوا الي شيء من هذا، وأنما أعجلوا أنفسهم بصورة مؤسفة، سنتعرض لبعضها في هذه الخاتمة ..
سوء فهم وسوء نية
..
ونحن لا نستغرب سوء الفهم، وسوء النية، من أي انسان بقدر ما نستغربهما ممن يحملون الأقلام، ويتصدون لتوجيه الرأي العام، ويجدون المداد، والورق، موفورا لديهم لأن ، الشعب يثق فيهم، ويقبل علي ما يكتبون – يدفع ثمنه من حر ماله، ويقبل عليه يقرأه، ويستظهره – من مثل هؤلاء يستغرب سوء الفهم، ويستغرب سوء النية .. بل من مثل هؤلاء قد لا يقبل صرف ولا عدل .. لأن في عملهم خيانة لأمانة الثقافة، وخيانة لرسالة القلم، وخيانة لأمانة الثقة .. الثقة الغالية التي أودعها الشعب في حملة الأقلام ..
من سوء الفهم ما صدر عن صحيفة ((الرأي العام)) وهي تعلق علي العنوان ، من كلمة نشرتها بعددها الصادر يوم الخميس 14/11/1968 في باب ((الرأي العام من يوم الي يوم)) تحت عنوان ((حول عنوان محاضرة محمود محمد طه – عندما تهدد الحرية بالفتنة والاضطرابات -)) ولقد جرت عبارات الكاتب علي النحو الآتي:- ((حرية البحث والتفكير والتعبير ينبغي أن تكفل في كل وقت وأن تصان بواسطة أجهزة الدولة ما دامت البلاد قد أختارت الديمقراطية منهجا وأسلوبا، في الحكم ..
ولا يملك أحد أن يعترض علي هذه الحرية الاّ اذا أراد أن يعترض علي مبدأ الديمقراطية نفسه..
ولكن الحرية ليست مطلقة ..
والكلمة لها حدود من الآداب والتقاليد والتعقل .. والمواطن حر في أن يعبر عما يريد، شريطة الاّ تصطدم هذه الحرية مع حريات الآخرين ..
وأن الحد الفاصل بين الديمقراطية والفوضي رفيع جدا .. دقيق المقاييس، يصعب تبنيه متى تجرّد الناس من الموضوعية والتعقل ..
لكل هذا أستفزنا عنوان محاضرة الأستاذ محمود محمد طه التي ألقاها، بمعهد المعلمين العالي وجعل لها واجهة ((الاسلام في رسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) ومع احترامنا للأستاذ محمود، واحترامنا لحريته في البحث والاجتهاد، الاّ أننا لا نقر أن تصل حرية الأستاذ محمود حدود استفزاز الآخرين وتعريض الأمن للخطر، وتهديد البلاد بفتنة يلعن الله من يوقظها.
وبغض النظر عن محتوي المحاضرة، وعن الاسباب التي يسوقها الأستاذ محمود، فان وضع مثل هذا العنوان المثير للفتنة، المستفز للناس، واجهة لحديثه يدفعنا الي الاحتجاج بشدة ..
وقد يقول البعض أن العنوان مسألة شكلية، وأن المهم في الأمر هو لب الحديث وموضوعه، وعلي هؤلاء أن يتدبروا في التاريخ كم فتنة أيقظتها الأمور الشكلية، وكم من الحروب أشعلتها كلمة عابرة؟
ان هذه الفترة الدقيقة من مراحل التحول الاجتماعي تلزم الباحثين والمفكرين بأن ينهجوا في تفكيرهم وفي مخاطبة الناس الأساليب التي لا تنزلق بالبلاد الي ما لا يريد لها عاقل، وأن يتدبروا في أقوالهم وتصريحاتهم، وأن يراعوا حدود الحرية ومشاعر الآخرين ..
ونود أن نقول كلمة عابرة للأستاذ محمود، في هذا المجال الذي لا يصلح للبحث العميق ..
ماهي انسانية القرن العشرين وحضارته؟
أهذا التفسخ الذي يجتاح عالم الغرب من خنافس وهيبيز حضارة أو انسانية؟
ألمثل هذا القرن المنحدر نحو الهاوية لا يصلح الاسلام وهو الذي أصلح الجاهلية الأولي؟
ان الاسلام دين كل زمان ومكان، دين الحياة والحقيقة، منجاة الانسان من الانحدار، لا يمكن الاّ أن يصلح لزماننا هذا مثلما صلح لزمان آخر..
ولكنا، للأسف، قد صدق فينا قول الأمام محمد عبده، مسلمون من غير اسلام، وقد كان في أوربا في عصرها الذهبي أسلام من غير مسلمين ..
أن جوهر الاسلام سيبقي الي الأبد الهدف الأسمي لاصلاح الانسانية وتقويم المجتمعات الضالة وتثقيف ما أعوّج من أمور الناس ..)) انتهي كلام صحيفة ((الرأي العام)) ..
ثم أن الأستاذ ذا النون جبارة الطيب رد علي هذه الكلمة بكلمة بتاريخ 16/11/1968 أرسلها للصحيفة، جاء فيها، بعد لوم الصحيفة علي التسرع، قوله: ((قل لي بربك هل تستطيع أن تحكم علي أي أنتاج أدبي، أو أي كتاب من مجرد العنوان؟ أن عدم توخيك الدقة في هذا الأمر قد جعلك تذهب بعيدا الي قولك ((ان الاسلام دين كل زمان ومكان، دين الحياة والحقيقة، منجاة الانسان من الانحدار، لا يمكن الاّ أن يصلح لزماننا هذا مثلما صلح لزمان آخر.)) ان عدم اهتمامك بمحتوي المحاضرة هو الذي وقعك في هذا الخطأ. فمنذا الذي قال بأن الاسلام لا يصلح لكل زمان ومكان؟ وحتي العنوان الذي قلت فيه ما قلت لا يعطيك هذا الذي ذهبت اليه، لأنه ان كان الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين، فالاسلام برسالته الثانية يصلح لانسانية القرن العشرين، والقرون التي تليه، والي أن يرث الله الأرض ومن عليها .. لقد أصدر الحزب الجمهوري، قبل ثلاثة أعوام كتابا بعنوان ((الرسالة الثانية من الاسلام)) نفدت طبعته الأولي، ثم أعيد طبعه قبل حين، ولقد دار حوله نقاش مستفيض علي صفحات جريدتكم الغراء بيننا وبين الشيخ محمد محمود شاهين، كنا نحسب أن فيه الغناء)) ولقد كانت كلمة ذا النون مهذبة فلم تنشرها الرأي العام، ولم تشر اليها، مجرد اشارة، وانما تركت قراءها يتوهمون أن الحزب الجمهوري لم يتعرض لكلمتها بالتفنيد ولا بالرد ..
انني ما أحب أن أتعرض، لمستوي فهم صحيفة ((الرأي العام))، ولا لمستوي أمانتها، بالتعليق، وانما أوردت كلمتها، وطرفا من كلمة ذا النون التي أبت أن تنشرها، أو أن تشير اليها، ليكون هذا العمل مسجلا عليها .. وسيجيء يوم يتمني فيه القائمون علي هذه الصحيفة أنهم لم يكونوا قد أوبقوا أنفسهم، وورطوها في الهلكة الي هذه الدرجة ..

وآخرون

وقبل صحيفة ((الرأي العام)) تورط في الخطأ، والعجلة، رجال آخرون، فحاولوا أن يوقفوا القاء هذه المحاضرة بمعهد المعلمين العالي، وذلك يوم الاثنين 11/11/1968، فقد ورد في ((الرأي العام)) عدد 13/11 أن السيد اسماعيل الأزهري ((أصدر أمرا بمنع تقديم الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري، في محاضرة بمعهد المعلمين العالي دعت لها الجبهة الاشتراكية الديمقراطية، وكان عنوانها ((الاسلام برسالته الأولي لا يصلح لانسانية القرن العشرين)) علي أساس أنها يمكن أن تستفز مشاعر بعض المواطنين ..
طلب عميد المعهد بالانابة من الجبهة الغاء الندوة، الاّ أن اللجنة التنفيذية للجبهة أصرت علي أن تقدم المحاضرة في موعدها، رغم تحذيرها بأن لدي سلطات البوليس أمرا بالتدخل لفض الندوة، قدمت المحاضرة في موعدها ووصلت بعض قوات الأمن .. الاّ أنها لم تتدخل لفض الندوة، التي لم يحدث خلالها ما يعكر صفو الأمن)) انتهي خبر ((الرأي العام)) ولقد بلغني أن أحد محرريها كان حاضرا تلك الليلة .. وأحب أن أضيف هنا أن المحاضرة أستقبلت بحماس، وباحترام، حتي من الذين يعارضون فكرة الحزب الجمهوري، وهي مسجلة برمتها – نص المحاضرة ونقاش من اشتركوا في النقاش – وانما لم يتدخل البوليس لفض الندوة، وقد حضر في عربتين مستعدا لذلك لأنه لم يجد ما يوجب التدخل ..
ثم أن ((الرأي العام)) نشرت تصحيحا في يوم 14/11/1968 تحت عنوان ((أزهري ينفي علمه بمحاضرة محمود محمد طه، والتربية والتعليم تقول بأن قاضي القضاة خاطب الأزهري بشأنها)) وقد جاء في ذلك التصحيح الآتي:
((جاءنا من القصر الجمهوري ان السيد الرئيس اسماعيل الأزهري ينفي جملة وتفصيلا انه تدخل في موضوع محاضرة الأستاذ محمود محمد طه بمعهد المعلمين العالي، ويؤكد انه ليست له علاقة لا من قريب، ولا من بعيد بهذا الأمر، وانه لم يسمع بالمحاضرة الا من الخبر الذي اوردته (الرأي العام) امس ..
و في نفس الوقت جاءنا من وزارة التربية والتعليم ان السيد رئيس مجلس السيادة لم يصدر اي تعليمات لمنع المحاضرة المذكورة وكل الذي حدث هو ان فضيلة مولانا قاضي قضاة السودان، بعث بخطاب الي السادة رئيس واعضاء مجلس السيادة، بصورة لوزارة التربية والتعليم وسلطات الأمن، ينصح فيها بعدم تقديم المحاضرة خشية ان يكون فيها ما يثير المسلمين ..
(وتقول الوزارة انها اتصلت من جانبها دون ايعاز من مجلس السيادة الموقر بالسيد عميد معهد المعلمين العالي لابلاغ الطلاب مقدمي الندوة، باحتمال اثارة الأمن.)
وتمضي (الرأي العام) فتقول بعد هذا: (( ونود ان نؤكد ان العميد بالانابة قد اجتمع بالطلاب، وابلغهم اعتراض الرئيس الازهري علي المحاضرة ، وطلب منهم الغاءها، وانهم قد اصروا علي تقديمها، وقدموها بالفعل ..)) هذا نص التصحيح الذي أوردته ((الرأي العام))، في صفحتها السابعة يوم 14/11. وفي يوم 15/11 كتبت ((الرأي العام)) تقول تحت باب ((كلمة)) الآتي:-
((حول نفي القصر لمنع محاضرة محمود محمد طه ..
((فهمت بعض الجهات نشرنا لنفي القصر الجمهوري لخبر منع محاضرة محمود محمد طه علي الصفحة السابعة فهما غير صحيح، نعيد بعده نشر النص الكامل للخطابين اللذين وصلانا من القصر، ومن وزارة الاعلام، راجين أن يحقق السيد عميد معهد المعلمين في تفاصيل خبرنا، الذي قيل لنا أن ما جاء فيه قد دار بين السيد العميد ومندوبي الطلبة قبل المحاضرة ..
((السيد رئيس جريدة ((الرأي العام)) الغراء .. تحية طيبة ..
بالاشارة الي الخبر المنشور بجريدتكم بتاريخ اليوم الأربعاء 13/11/1968، في الصفحة الأولي، تحت عنوان – أزهري يمنع محاضرة، وطلاب معهد المعلمين يصرون علي تقديمها – أرجو أن أخطركم بأن السيد الرئيس اسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة الموقر، قد كلفني بأن أنفي هذا الخبر جملة وتفصيلا، فسيادته لم يتدخل في هذا الموضوع، لا من قريب، ولا من بعيد، ولا علاقة له به البتة - بل أنه لم يسمع عن هذه المحاضرة، ولم يقرأ عنها الا من خلال الخبر الذي صاغته جريدتكم عنها. أرجو نشر هذا التوضيح في نفس المكان الذي نشرتم فيه الخبر المشار اليه وشكرا ..
حسين محمد كمال
ع/ رئيس الديوان

((السيد رئيس تحرير جريدة ((الرأي العام)) الغراء
نرجو التكرم بنشر البيان أدناه، الصادر من وزارة التربية والتعليم، في عددكم ليوم غد الخميس 14/11/1968، وشكرا
((نشرت صحيفة ((الرأي العام)) بعددها الصادر صباح اليوم 13/11/1968، خبرا بعنوان – أزهري يمنع محاضرة، وطلاب معهد المعلمين يصرون علي تقديمها –
((تؤكد وزارة التربية والتعليم أن السيد رئيس مجلس السيادة لم يصدر أية تعليمات لمنع المحاضرة كما ورد في الخبر الذي نشرته ((الرأي العام)) وكل الذي حدث، هو أن فضيلة مولانا قاضي قضاة السودان بعث بخطاب الي السادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة بصورة لوزارة التربية والتعليم وسلطات الأمن ينصح فيها بعدم تقديم المحاضرة خشية أن يكون بها ما يثير المسلمين ..
((وقد اتصلت وزارة التربية والتعليم من جانبها دون ايعاز من مجلس السيادة الموقر بالسيد عميد معهد المعلمين العالي لابلاغ الطلاب مقدمي الندوة باحتمال اثارة الأمن، نسبة لأن العنوان هو - الاسلام برسالته الأولي، لا يصلح لانسانية القرن العشرين - ومن هنا يتضح أن السيد رئيس مجلس السيادة لم يصدر أمرا، ولم يتصل بأي جهة لوقف المحاضرة))
عثمان محمد نصر
ع/ وكيل وزارة الاعلام والشئون الاجتماعية

قاضي القضاة

لقد ظهر من الأخبار التي ورد ذكرها أن قاضي القضاة كان يسعي سعيا حثيثا لاثارة السلطات ضد الحزب الجمهوري، وكان يتوكأ علي نقطة الأمن، ويظهر الحرص علي الأمن، وذلك لعلمه أن المسئولين يكونون حساسين عندما يذكر الأمن ..
ولقد أثار سلف قاضي القضاة حكومة العساكر ضد الحزب الجمهوري عام 1960، حتي حملوها علي منع محاضرات الحزب الجمهوري، وكانوا هم، كخلفهم الحاضر، لا يتكلمون باسم الدين، وانما يتكلمون باسم الأمن، والاشفاق علي الأمن، وحين منعت حكومة العساكر الحزب الجمهوري من اقامة المحاضرات في الأماكن العامة، لم تستطع أن تمنعه من اقامة الندوات المفتوحة في المنازل الخاصة، ولكنها جندت من رجال السلك السري من يراقبون هذه الندوات .. وكانت الأخبار ترفع بأن ما يقال في هذه الندوات العامرة، الكبيرة، لا يهدد الأمن، ولا يثير الشغب، بل أن الشعب، في مختلف طبقاته ومستوياته ليجد فيها المتعة، ويستقبلها بالرضا، أو الاقتناع، أو الاحترام، او الافحام .. ولكن علي التحقيق ليس بالشغب .. وعندما أقتنعت حكومة العساكر بأن دعوي اثارة الأمن دعوي لا أساس لها، أفرجت عن محاضرات الحزب الجمهوري وذلك حوالي 1963..
هل نحتاج لأن نذكر السيد قاضي القضاة أن يهتم بأمر الدين ويترك أمر الأمن لرجال فرغوا أنفسهم له؟ وهم به أعلم منه؟ فان كان السيد قاضي القضاة لا قدرة له، من المستوي العلمي، بمواجهة دعوة الحزب الجمهوري .. وهو ما عليه الأمر، فأنا ننصحه بأن يفتح ذهنه لهذه الدعوة، لأنها هي الاسلام، ولا اسلام إلاّ إياها .. فانها هي الناطقة عن المصحف اليوم .. فان لم تكن بقاضي القضاء حاجة الي الاسلام فلا يقف بين الشعب وبين المعين الصافي الذي يدعو اليه الحزب الجمهوري ..
هذا والله المسئول أن يهدينا ويهدي بنا أنه أكرم مسئول وأسرع مجيب وخير هاد ..
هذا الكتاب

هذا أول كتاب للحزب الجمهوري يخرج بلغة ((الكلام)) – باللغة العامية – وهو كتاب يعالج أصلا أصيلا من أصول الدين ..
وهذا الكتاب، بما يتحدث عن تطوير التشريع الاسلامي بانتقال العمل من الفروع – القرآن المدني – الي الأصول – القرآن المكي – ، يمهد الطريق للدستور الاسلامي .. فانه ليس هناك دستور اسلامي بغير تطوير التشريع الاسلامي .. ذلك بأن أسلوب الحكم، في مرحلة الاسلام الأولي، لم يكن ديمقراطيا، وانما كان حكم الفرد الرشيد الذي قد جعل وصيا علي القصر، وأمر بأن يشاورهم في أمورهم ليتمرسوا بمعالجتها، حتي يقووا، ويستحصدوا، ويصيروا الي الرشد، حيث يستأهلون الديمقراطية ..
في تلك المرحلة، كانت آية الشوري صاحبة الوقت، وكانت ناسخة، من ثم، لآيتي الديمقراطية: ((فذكر انما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر)) .. النسخ في الحقيقة واقع عليهما من آية السيف، وإنما ذكرنا هنا آية الشورى لأنها ظل لآية السيف .. فحين كانت آية السيف ناسختهما في حق المشرك، كانت آية الشوري في حق المؤمن ..

هذا الكتاب

هو الطريق الي الدستور الاسلامي، لأنه دعوة الي فهم الدين فهما جديدا به ينبعث الدستور الاسلامي مقعدا، وممدا، من كتاب الأجيال – من القرآن – وبغير هذا الفهم الجديد للقرآن فلن يكون هناك دستور اسلامي ..
فأحذروا دستورا جاهلا يلتحف قداسة الاسلام وما هو من الاسلام في شيء!! أحذروا !!



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحالة الليبية
- سيرة المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه
- الاخوان المسلمين والدستور
- الرجل التونسي الشجاع
- الثورة واشكاليات التغيير في مصر والسودان
- اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان 2011 ومآلاته
- مجموعة قصصية:الامام الاخضر
- تونس الحمراء
- انهم ياتون عند الفجر
- مصر والانتخابات والاخوان المسلمين
- فصل جنوب السودان ام تفكيك المركز
- سيرة مدينة: ركن الجمهوريين
- ام كوكاية
- الاصدقاء الثلاثة والطاعون
- كل الوان الظلام
- الفراشة والنار
- قطار الشمال الاخير(مجموعة قصصية)
- سيرة مدينة: مك الدار
- مقالات سودانية:المحكمة المهزلة .. وعار الأبد !! ... بقلم: د. ...
- سيرة مدينة: العمة نورا وسوق الزيارة


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل الامين - محاضرات سودانية:الشريعة والدستور