أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_















المزيد.....

نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3298 - 2011 / 3 / 7 - 11:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الــــوعي البــاطنـــي الجمعي العميــق

قد يكون غريباً مجرد أن نفترض بأننا " اثنين " يسكنان معاً في " واحد " على هدي ما يقوله المأثور الصوفي :
نحن روحين حللنا بدنا ، أنا من اهوى ومن اهوى أنا
الاول هو " الانا " ، الشخصية ببعدها الفردي المجرد ،الثاني هو " نحن " ، الكلية العميقة في الوجدان .. ، إضافة إلى بعدٍ ثالث يمثل " بين بينٍ " بينهما ، لن نناقشه اليوم وهو يمثل " اللاشعور " او الوعي الباطني القريب من مشاعرنا وغالباً ما يتمظهر في الاحلام ..
بالنسبة للاولى ( الانا ) نشعر بها بوضوح والثانية ( نحن ) خفية باطنية دفينة ..!
الاولى تمثل رغباتنا الحسية وحاجاتنا الاجتماعية الفردية ، دائمة اليقظة هي , اي نشعر بها , بل نحيا ضمنها ، ونسعى من اجلها ليل نهار ..
اما الثانية وبالرغم من إنها نائمة ، لكنها تستيقظ فجاة من سباتها حين يلعب فريق المنتخب الوطني لكرة القدم , أو حين يتعرض بلدنا لعدوان ٍ او تمر امتنا في ازمة وغالباً ما مثلت " فلسطين " مفتاح اليقظة لــ " نحن " الكلية في نفوس العرب منذ 1948 ..
رايي كباحث ، لولا فلسطين لتشظت الذات الثقافية الكلية إلى ذوات وطنية اقل اتساعاً منذ عقود .. فشكراً من الاعماق يا بلفور !
انا .. غصت بها كتابات فرويد , و " نحن " كانت تعج بها آياتُ قرآن محمد حتى إن " الله " لم يكن ليتجرأ ان يقول عن نفسه " أنا " إلا في آيات محدودة ، جل الآيات كانت تقول : إنا نحنُ , إنا انزلناه ...!
وطبعاً هذه " النحن " تشيح عن " المصدر " الاعماقي الذي صدر عنه القرآن من درجات الوعي لنفس الرسول محمد وهو قطعاً ليس الــ " انا " ولا " اللاشعور " الضحل القريب من فردية النفس الذي تحدث عنه فرويد ، بل العمق الكلي الجمعي الذي لا وجود لذات محمدٍ فيه البتة .. !
غالباً ما يكون هذا الازدواج ، بين الانا و النحن ، هلاميا متماهيا لدى العامة المنسحقة الفقيرة ثقافيا واقتصادياً ، يبدأ بالتميز والوضوح في الفرد كلما بات قريباً من واقعية افكار النخبة ، العملية اشبه بالطائفين حول الكعبة في الحج ..
فالقريبون من جدرانها اسرع دورة ، وافضل مكانة ، واقلُ عدداً ، فيما البعيدون الاكثر عدداً فيحسدون اولئك الذين دونهم قربا إليها ، وهم اطول شوطاً وابطا دورة ..
جميعنا وفي هيكل تكويننا الاعماقي النفسي نمتلك مثل هذه التدرجات من الوعي الثقافي القريب – البعيد من صميم الهوية الكلية لـ " ثقافة الامة " التي تختفي فيها الانا لتحل محلها " نحن " ..
الذي يبدو امامنا بوضوح كلما زادت ثقافتنا وسهولة استعمالنا للمفردات ، كلما عانينا انشطارا وانسلاخاً عن كلية الثقافة " نحن " الجامعة ، لان الهوية الكلية تكتسب قوتها للاسف من " الجهل " ..
حلاوتها تكمن في جهلنا اسبابها وتسليمنا المطلق بقداستها ، النشوة التي تثيرها فينا سببها عدم المعرفة بترابطات الخيوط الرمزية لدلالاتها التي درجنا على رفض تفسيرها من قبل من ربونا صغاراً لأنها مقدسة ..
المثقف , المتطلع نحو المعرفة , المدقق الفاحص , اقدر على فهم الصميم " المقدس " في الهوية ، ليس كل شيء في تكوين ثقافته الدينية يعتبر مقدساً ، قد يصل به الحال عند وغوله في صميم البحث عن الباطن المقدس إلى إنكار القداسة للنص الديني أو رموزه كما حدث مع الخليفة الثاني " عمر بن الخطاب " الذي لم يكن يعترف حتى بقدسية الحجر الاسود ، أقدس ما في الكعبة في صميم ثقافتنا ، أو تحريمه لمتعة الحج و زواج المتعة كما يقول الشيعة خلافاً للنص الديني المقدس.. !
وبالتالي ، ذوات النخبة اكثر تفلجاً وتشظياً بين الانا والنحن قياساً بالعوام البسطاء وتتفاوت اشواط فلجاتها مثل تفاوت الطائفين حول الكعبة ..
فيما العامة اقل انقساماً على ذاتها إلى درجة تصل احياناً إلى الذوبان في كلية جمعية او تكاد ، هذه الحالة تمثلها الرمزية التي تسيطر على وعي الجماهير الثقافي الذي يغص بمقدسات اكثر ، خطوط حمراء تشكل شبكة مانعة للتحديث الثقافي القادم من الخارج حتى لو حصل احدهم على شهادة جامعية عليا ، وهنا نضع اليد على تاثير منظومة الذاكرة الاجتماعية الكلية ، وقدرتها على التحكم والتطور الذاتي عبر الزمن لا تختلف عن صيرورة وتحول الذاكرة الفردية الشخصية كما ذكرناها " حيوية " متغيرة ، الذاكرة الكلية لمجتمع ما تنطبق عليها نفس الصورة ، كيف يحدث هذا وما هي الآلية التي يجري فيها هذا التحول والتغير ؟

هذا الجواب لا تطاله افكارنا بعد ، وباعتقادي ، حل لغز الذاكرة الشخصية سيحل لغز الذاكرة الكلية للمجتمع ، فالهاردوير لازلنا لا نراه في ادمغتنا كافراد ، ومن غير المعقول أن نفهم ذاكرتنا كمجتمع ما لم نفهم الاولى ..
مع ذلك ، نحن في الموضوع القادم نحاول ان نصف المبادئ الاساسية لعملياته البرمجية لو صحت المقارنة ..!



مستويات التفاعل بين العمق الباطني الكلي والشخصية الذاتية


اللاشعور ، هو كل ما يجري من عمليات عقلية لا نشعر بوجودها بصورة واعية ، واوضح هذه العمليات في حياتنا العامة هو التحدث اثناء النوم بكلمات يخبرنا عنها اهلونا دون ان نتذكر إنها يمكن ان تكون احلاما حتى ..!
ويدخل المشي اثناء النوم ضمن هذا الإطار ايضاً ، لكن حتى لو لم يحدث الكلام اثناء النوم أو المشي ، يؤكد علم النفس المعاصر وجود عمليات عقلية لا شعورية تجري في اعماق مختلفة من لا شعورنا او لاوعينا .
وفي مثال الطائفين بالبيت المعمور السابق ، فإن مستويات اللاشعور تكون مقلوبة .. !
فالشعور .. الوعي بيقظة الكيان الجسمي الحسي .. يمكننا ان نعتبره المجال الاكثر سرعة والاقل شوطاً في قربه من واقع الحواس ، العالم المادي ، وهو للخارج من المنظومة وليس للداخل كما في المثال السابق ، أما اللاشعور فهو الابعد عن عالم الحواس الذي يستسلم لعمليات اللاشعور التي يكون الوعي الكلي المذوب للانا الفردية هو السائد فيها ، وهو للداخل ، لهذا السبب ، الاعتقاد الديني اجتماعي غير ذاتي ، لانه يستمد اتقاده فينا من الباطن الكلي العميق للعقل الاجتماعي والحافظة التاريخية , أما " الشخصية " فهي شيء آخر مختلف تدرسه السيكولوجيا .. !
وهنا ، قد يظن البعض أننا نكتب في نطاق علم الانثروبولوجيا ( الإنسان ) او السيكولوجيا ( النفس ) ، والحقيقة نعيد تاكيدها مجدداً :
نحن نخوض في منطقة الفراغ الفاصلة بين الكلية الانثروبولوجية والفردية السيكولوجية ، باسلوب ٍ مبتدء يحاول التاليف بين العلمين ، هذه المنطقة المضطربة القلقة التي تلعب الدور الحاسم لدى الناجحين والمثقفين الفاعلين المؤثرين في المجتمع ، إذ يدركون فطرياً آلياتها فيتعاملون مع الناس بموجبها ، فيصبحوا انبياء وحكماء وقادة يتغنى بهم التاريخ ، منطقة الفراغ هذه تكشف عن " حبلٍ " سري يربط الجنين الفردي بالام الكلية الاجتماعية ..
الدين هــو ممارسة بمثابة تغذية اساسية للذات بالقيم ، الرؤى التوجيهية ، الوحي بما هو نصٌ اصيلٌ مقدس يناظر قيمة حنان الام بالنسبة للفرد الصغير ، وهكذا تكون الصورة امامنا اوضح الآن ، الاحلام كتيار باطني للوعي تعبير عن " صراع " أو " تفاعل " الشخصية الذاتية (الواحد) مع الوعي الجمعي الكلي (الكل) وما تتمثل به من رمزية .



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _1_
- الجاذبية الجنسية : رؤية ٌ ماركسية
- ليبيا ... عروس ُ عروبتنا الحمراء
- إسرائيل في مواجهة الطوفان العربي : رؤية استراتيجية للمستقبل
- مذبحة الساحة الحمراء في البحرين والإعلام العربي
- اخرجوا المحتلين من بابل خائبين
- الجنس والأنثى والحضارة
- هذا الجيل : من الصحوة الإسلامية إلى ما بعد الحداثة
- التخاطر وسيكولوجيا الجماهير
- إغلاق قناة السويس : المرحلة الثانية من الثورة
- هذا الجيل : زلزالُ مصر وحاكمية الشعب
- وصايا للثورة في مصر***
- ميدان التحرير : رمزُ ثورةِ هذا الجيل وميزان رؤيته الجديدة
- مبارك يحزم حقائبه
- روبرت فيسك : الغربُ لا يريد ُ ديمقراطيةً في تونس ولا ايَ بلد ...
- كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -4-
- محمد حسنين هيكل يحكم بالإعدام شنقاً على انتفاضة الخبز والكرا ...
- الانتفاضة ُ التونسية و طريقُ الثورةِ الجديد : حاكمية الامة
- صفعة ُ جماهيرَ تونس : ردها إن استطعت يا بيت اميركا الابيض
- كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -3-


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_