أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!















المزيد.....

عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


رؤية تنطق باسم الانسان والتاريخ.. وتعيد ترتيب الحضارات لزمن لم يأتي بعد!! عيون تبحث خلف كل زقاق عن السيرة والمسيرة.. وتنسج من قصة الموج حكايات لم يرويها البحر, انما تناقلتها شباك الصيادين وقواربهم.. حين جمعت بين خيوطها اسماك واصداف وفاكهة بحرية ومحار!! تنقلتُ بين الاسوار والازقة والاسواق الملقاة بين بيوت الناس.. كحبة رمل هربت بفعل الريح قبل ان يأتي مطر.. فتعرفت عليها جمعاء.. كانني ابن ماضيها وحاضرها, وبي شوق وحنين وذكريات الى الحجارة والبشر.. كانوا جميعاً هناك " فتية دان الزمان لهم".. زغب الريش لم يزل فوق مسامات اصابعهم.. في مطلع العمر والحياة, الا ان هموم الايام تراكمت على راحات كفوفهم, فثار الغبار وسقط احلام عطاءً وجداني.. على شكل معزوفات تشكيلية, تناثرت في "سوق الاتراك" تحت عنوان "اواني مستطرقة" شارك فيها عشرة من التشكيلين العرب و اثناعشر من الفنانين اليهود, ممن يعيشون في عكا وقرى الجليل.



تعريت من همومي هناك.. وهمت وجداً بما طغى من لغة الاثارة البصرية.. في لعبة الاستقراء والجدل!! وانا مسمر امام غرف فتحت ابوابها على مصراعيها.. تنادي.. تهتف.. تستغيث.. بتساؤلات صامتة لا تنتظر من احد جواب!! فالف علامة استفهام كانت هناك .. والف الف سؤال؟؟؟

لم اكن ادرك قبل وصولي انهم سبقوني الى هنا.. لكنهم جاءوا جميعاً!! بكل ما امتلكوا من ملكات وقدرات وامكانيات.. جاءوا بكل ما اوتوا من مقدرة على التحدي والعطاء.!! وادهشني هذا الصخري الواقف كبقابا بابل دون حراك.. بثياب غوص بحرية وقناع, وعيون كعيون الافعى تُخيف ولا تخاف!! "حرَيِّمه" .. يا طعم الفلفل والبهار اللاذع.. ظننتكِ للوهلة الاولى تصغيراً مستعاراً, فاذا انت لهيب المذاق والمحار.. وحين رأيتك يا ضرار البكري مسمراً وسط غرفة في اول السوق.. رأيت صرختنا وسمعت بريقها.. عبر صراعنا الممتد منذ عشرات السنين.. صراع التحدي والبقاء.. فهذه السلسل المعلقة ما بين السقف والقناع الذي اخفى ملامح وجهك.. ذلك المثبت فوق رأسك, وتمتد منه ثمانية سلاسل حديدة, هي اذرع الاخطبوط البحري في طبخة "الحرَيِّمه", المشبعة بالمذاق الحار اللاذع.!! لكنها تحولت في معصميك الى اللاذع في الفكرة لا بالمذاق!!!


كانت عيناك تقدحان كالشرار, في انعكاس الضوء المنصب عليك, فتسطعان بلمعان فيهما.. وهو الضوء الذي اعطى لظلك في الخلف بعداً, حيث ذهب لينغرس في المسامير المثبة باتجاه عكسي على الجدار.!! اي صراخ هذا المنبعث منك وفيك؟؟ واي حوار!! وهذه الفكرة التي استحوذت على كل ما كان من اشياء واعمال هناك.. حين ظليت مسمراً في الليلة الاولى, ما يربو على الاربع ساعات.. كانك كقطعة من سور او جدار.. كتمثال.. ومثال في التحدي من اجل البقاء واستمرار الحياة, تحت اي طائل من الظروف او اي حال واحتمال!! تريث قليلاً .. فما زال بعض من الكلام اهديه اليك.. لم ينتهي الحوار!! شئت ان تقول.. وقلت!! حتى وانت مكبل بهذا القيد الثماني المسمر في وسط الاتهام.. ومنفذك الوحيد الى الدنيا قد سد بالف يد وعين ولسان.. وخلفك جدار من المسامير المروسة باتجاه ظهرك العاري.. فلا مناص!! انت باق هنا رغم كل شيء.. رغم انين السلاسل والصدء والحديد.. بالسلاسل والقيود.. انت باق هنا.. وكلنا باقون.. خلف الف قناع من التحدي.. هكذا يبقى لوجودنا قوة الاتباط الازلي بالارض والمكان!! فنحن تراب الايام وعبق التاريخ.. ونحن حجارة الوادي.. فما دام شعبنا يمارس البقاء فكراً وانساناً وعطاء .. فنحن هنا باقون!!



اعود الى البحر.. هناك كما هنا.. يحملني الموج الى الضفة الاخرى من هذا الزقاق الطويل.. لالتقي هناك بقارب هو بمثابة الصوت المرتد ضوءاً.. او قل انعكاس شعاع شمس الحقيقة فوق اجيج الماء!! نداء الصوت او صوت النداء .. انا باقون الى الابد!! لم التقي بك يا ساهر ميعاري.. لكنني على متن قاربك المثبت بالمكان والكيان.. ابحرت في عباب وجدانك الفتي الراسخ ارضاً وبحرا ووطن!! لاعانق صوتأ صادقاً لا يقبل الجدل.. ان لا رحيل بعد اليوم!! فهذا هو قارب العودة, الذي جئت به من قريه المكر الي ميناء عكا القديم.. هو سفينة العودة الى هذا الوطن من كل ارجاء الوطن.!! القيت على قاربك اسم "الافق".. فخذني اليك ايها الافق البعيد .. لنعيد سوية ذكريات اطفال ولدوا هنا وماتوا هناك.. واصوات من ذكريات وحنين.. يا قارب العائدين.. يا من اودت بك يد التهجير مرة ها انت تعود مرة.. فإياك والرحيل!! يا ايها "الافق" الممتد مسطبة من الاسمنت على بساط هذا العالم الصغير, القابع في غرفة هنا.. لترسخ مقولة البقاء.. ان لا رحيل بعد اليوم.!! فلا ترحل.

فعجلات مجنزرات الهة الحرب والدمار تمر قريباً من هنا.. ففي غرفة مجاورة على بُعد بضعة ابواب على امتداد الرواق.. حملت ابنة الشمال مرفت عيسى, اثار عربات القتل والدمار لتسجيها على سجيتها, وهي تمر فوق البيوت والناس والحياة.. فإياك والرحيل!! صورة لتلك العجلات تمر على الاطفال والازهار وشبابيك البيوت .. وشعب ينزف دماً لكنه لن يرحل.. ففي كل زمان نموت.. الا اننا هنا نولد كل صباح من جديد.. كان في الديوان الذي اقتحمته اثار عربات الدمار.. بقايا اشلاء اجساد واثار بشر.. ودمع وبكاء.. وبعض حبات من المطر.. جاءت لتغسل بقع الدماء, فالى متى سنبقى على موعد مع الموت والضجر؟!!



ايمان ابو حميد.. يا عيون البحر, يا موج الكلمات.!! يا انين الايقاع والخطوات.. ترادفي معاني وبجع بحري فوق ممرات الصوت.."نكون او لا نكون" .. فلا بكاء بعد اليوم.. بل تحدي وبقاء!! وليس بعد هذا من نداء.. سوى انين الثوب النسوي الملقى على غبار غرفة اخرى هناك.. وشموع!! ونهر دموع.. على الراحلين قبل الاوان.. "تموت الاشجار واقفة" وتبقى الجذوع بالتراب.. لا رحيل ولا اغتراب.!! كلمات, كلمات, كلمات.. وابيات من الشعر وعناق روح وجسد.!! يموت الزمان ونبقى الى الابد!! خلت هذا هو مفتاح ابجديتنا من جديد.. فلا جدوى من الصمت في وجه التتار والدمار والغبار!! فالنقرع الاجراس.. ولنضرب الجدران.. كي تستفيق من سباتها الاحزان.. ساحبك يوماً كما انت.. يا زهرة البيلسان.!!

"وحياة جمدوها هناك
عبؤها بأكياس..
بارقام بجداول الذكرى
اغمضوا الحياة بعينها..
شلوا النبض بمساماتها..
مسمروا النغم واللون
الخريف يتقدم.. الربيع يتقدم..
والحياة مجمدة هناك"
ايمان ابو حميد

جمدوها!! لكنها كالشتاء والغيوم تولد من حرارة البكاء.. كل عام من جديد!! تولد كأزهار الربيع والربوع.. وترتوي الدموع.. يا وقتنا الموجوع اياك والرحيل.. فمن ابناء الصف الاخر, كتبت نوريت سيجال تقول.. "عندما يصبح النصر المثل الاعلى والحرب تصبح مقدسة.. عندها تصبح ذكرى المجد يتيمة نحن في غنى عنها" نحن في غناً عنها يا صديقتي التي لم اعرفك بعد.. لاننا لم نسفك دماء شعب آخر باسم النصر والامجاد.. فحسبنا اننا ابناء الحياة.. وحسبنا اننا ابناء الارض والتاريخ والبنيان.. انتم هنا نعم.. بيد ان عكا الاسوار والكلمات والايام لنا.!!



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيوليت رزق
- قلبي معــــكم
- اخر الكلام
- ساضحك ملء قلبي الان.. فرحاً يا مسرح الميدان!!
- كل لقاء وانت حبيبتي
- مرثاة الرمال
- د. عزمي بشاره ...انا اسف جداً !!!
- ابتعدي - احبك اكثر ؟؟
- دموعي عبير الياسمين
- رفيقين التقينا مهداة الى الرفيقة عبير خطيب
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- نص البيان الذي اصدرته الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
- البيان الذي اصدرته الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة – الح ...
- والله زمان يا عرسان بيك!! ليست هذه من علامات القيامة .. انما ...
- طريق النحل- في -فتوش-.!
- قوافل الدموع مهداة الى العراق.. ولقوافل الجوع والدموع!!
- رسالة شخصية, ليست الى محمد بكري فقط؟!!
- موجز من تاريخ الفن التشكيلي في شفاعمرو
- كاندنسكي .. ثورة لم تخمد بعد!!


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!