أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - لماذا يحكم ياسر عرفات شعب الجبارين؟















المزيد.....

لماذا يحكم ياسر عرفات شعب الجبارين؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 07:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحتاج مراقبة ومتابعة ياسر عرفات إلى كم هائل من الأطباء والمحللين النفسيين والسياسيين وكل التخصصات الممكنة وسيجد كل منهم فيه معملا غنيا من التجارب والأشياء الغريبة.
ولكن لماذا يتمسك المواطن العربي بزعيمه عندما يكون مريضا ومتهالكا وغير قادر على الحديث؟
سيقول قائل إنها ليست حالات عربية فقط لكنها لذة يستشعرها المواطن المكبوت في كل مكان فقد كان برجينيف ميتا يتحرك ويمسك بواسطة معاونيه بكل الخيوط في القوة العظمى الثانية. وكان بينوشيه مريضا وتضاعف استبداده في مرضه، والجنرال جورج بومبيدو كان أيضا ميتا في جسد حي، فلماذا ننكر على العرب ما نحلله للآخرين؟
في الواقع فإن هناك غبطة داخلية وبهجة لا يعرفها إلا صاحبها وقشعريرة لذة تسري في جسد المواطن المكبوت وهو يرى زعيمه الذي ملك الدنيا بناصيتيه يتعذب ويضعف ويقهره الألم والضعف حتى لو أصر أن يحكم وهو يرى ملك الموت يكاد يلمسه ليقبض روحه.
كان الحبيب بورقيبة يسعد وهو يسمع كلمة الرئيس مدى الحياة حتى جاء وزير داخليته يزيحه من منصبه ويجلس مكانه، ولا مانع من زيارة الرئيس مدي الحياة
وهو على فراش الموت رأفة به ولكن أيضا تأكيدا له على أن شباب زين العابدين أبقى من شيخوخة الحبيب.
الأردنيون أيضا كانوا يبكون مليكهم والسرطان يأكل جسده الرياضي الصغير، لكن ليس في الموت شماتة، إنما في داخل كل مقهور حفل عرس يبتهج به ولا يدعو إليه أحدا.
عندما سرت شائعات بأن السرطان قد تسلل إلى جسد الديكتاتور العراقي صدام حسين لم يصدق العراقيون أن المرض يمكن أن يفلت من المراقبة وعشرات الأطباء والحرس الجمهوري والطعام الذي يمر على علماء وطهاة ومحللين قبل أن يدفع به شيطان بغداد إلى فمه، لكن عشرات الآلاف من العراقيين كانوا يبتهلون إلى العلي القدير أن يكون المرض الخبيث هو قائد الانقلاب الذي يخلصهم من أكثر طغاة الشرق شرا.
في فلسطين المحتلة يواجه الفلسطينيون بشجاعة نادرة آلة الحرب الجهنمية التي تفتك بهم وتزيد في كل يوم عدد الشهداء وتضاعف أعداد المعاقين والجرحى واليتامى والأرامل، لكن هذا الشعب العظيم الذي خرجت من صلبه قوى المقاومة والبطولة، ينحاز في كل مراحل نضاله إلى جانب أكثر رجال فلسطين شبهة، ولا يقف الفلسطينيون لحظة واحدة لإعادة النظر في اختيارهم لرجل يخدم عدوهم ويحارب انتفاضتهم ويعتقل قياداتهم ويبني لهم بأموال الدعم سجونا ومعتقلات وكازينوهات للقمار والمراهنة. سحر هذا أم تنويم أم هو نفس التأثير الذي يحدثه كبار المستبدين عبر التاريخ في شعوبهم؟
عندما تسأل فلسطينيا عن رؤيته لأبي عمار فسيصب كل شتائمه ولعناته ويستعرض شكوكه ويفصل كل الشبهات التي تدور حول رئيس السلطة الفلسطينية، فإذا خلا إلى نفسه أو بين قومه أو خرجت مظاهرة تدعم أبا عمار فسيكون على رأسها وتكاد تنقطع حبال صوته وهو يهتف بالروح بالدم....
ياسر عرفات لم تعد قواه العقلية والجسدية واللغوية قادرة على أن تتماسك وتؤدي مهامها كاملة في روح زعيم، لكنه كلما اشتد المرض عليه وتلعثم وخرج عن وعيه وابتلع كرامته أمام قوى الاحتلال الصهيونية،التف الفلسطينيون حوله ورفضوا أي زعامة أخرى غيره.
يوردهم المهالك ويدفع بهم إلى تقديم مئات الشهداء ثم يقبض ثمنا بخسا قد يكون لقاء مع مسؤول صهيوني أو انسحابا من عدة كيلومترات أو موافقة على أن يلتقي بعض رجال أمنه بنظرائهم في الموساد.
معضلة غير قابلة للحل، ولغز تصغر بجانبه كل أسئلة جورج قرداحي!
ياسر عرفات يرفض رفضا قاطعا إلقاء القبض على المتعاونين الفلسطينيين مع قوات الاحتلال وفقا لاتفاقية مسبقة قبل عودته إلى فلسطين، وكان يقول بأنهم أقل من خمسة آلاف وإسرائيل تؤكد أنهم عشرة آلاف وأكثر، وهم يعملون في الجبهة الخلفية ويبعثون رسائل سرية للموساد( الطريقة التي يستخدمها كثيرون من المتعاونين هي وضع مادة خاصة على سيارة المطلوب اغتياله وبعد دقائق تحلق المروحية الاسرائيلية وتصوب صواريخها إلى المادة التي تلتصق بالسيارة ويلتقطها الرادار)، ويساهمون مساهمة فعالة في تصفية أبطال حرب تحرير فلسطين من قيادات الانتفاضة.
الغريب أن أجهزة استخبارات أبي عمار تعرفهم فردا..فردا، لكن الرئيس الفلسطيني يتعاطف معهم ويترك لهم حرية العمل شريطة أن لا يتم التبليغ عن قيادته ووزرائه وأعضاء المجلس التشريعي الذين حذفوا فقرات النضال ضد الصهيونية من ميثاقهم الوطني فأصبحوا كلهم موضع شبهات التعاون مع العدو.
الساحة الفلسطينية لا تطرح علامات استفهام تتعلق بتجنب جيش الدفاع الإسرائيلي(!!) إصابة أي وزير فلسطيني أو عضو في المجلس أو تدمير منزله الفاخر أو تفتيش فيلته الحديثة أو مصادرة أمواله، فهؤلاء العائدون من تونس والذين سيلجئون إلى العراق أو اليمن لا يعادون جيش الاحتلال وكل منهم علي استعداد لأن يبلع
كرامته في صباح اليوم التالي لأي تصريح يغضب الإسرائيليين.
عندما قال ياسر عرفات بأنه سيسير مشيا على قدميه لحضور قداس عيد الميلاد المجيد في بيت لحم لأنه واحد من شعب الجبارين كان عندئذ أسوأ داعية لأعدل قضية، فالشعوب التي تريد النصر تتقدمها أولا كتائب المدافعين عن الكرامة من المثقفين والزعماء والقيادات، ولكن أبا عمار يعرف أنه سينحني أمام المجرم آريل شارون قبل بزوغ فجر اليوم التالي، وأن كتائب تبرير ما يقوله الزعيم من هراء وخرافات قادرة على أن تعبث هي الأخرى باللغة فقال قائل منهم بأنه إذا رفض الإسرائيليون زيارة أبي عمار إلى بيت لحم، فستأتي إليه بيت لحم!
نجح شارون نجاحا ساحقا في تحويل الحملة الإعلامية العربية لصالحه فجعل الكتاب والمثقفين والشعراء والصحفيين وكل وسائل الإعلام العربية تنشغل بتحصيل الحاصل وهو إثبات أن هذا الرجل مجرم وسفاح وقاتل، وهو لم يقل في يوم من الأيام عكس ذلك بل إن العرب سيصفونه بما يسعده ويبتهج له، فالمهم أن الإعلام العربي سقط في فخ نصبه له شارون لأنه يرى صورة قاطع الطريق ومصاص الدماء القاسي والغليظ والذي لا يرحم هي الصورة الأنسب للتعامل مع العقل العربي، ومنذ وصوله إلى الحكم فشلت تماما كل المؤتمرات العربية على مختلف المستويات، فعالمنا العربي يرتعش خوفا من شارون، والزعماء العرب يختبئون في قصورهم أو يركعون أمام أمريكا لتشفع لهم عند رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وكلما ازداد شارون احتقارا لنا وازدراء لقيادتنا تراجعت مطالبنا فبعد أن كانت تحرير كامل التراب، مرت بعشرات التنازلات إلى أن أصبح النصر الوحيد الذي يقبل العرب حذاء شارون من أجله هو أن يسمح لياسر عرفات أن يحضر قداس عيد الميلاد المجيد من أجل السيد المسيح وإرضاء لقوى الغرب المسيحي التي تدعم الدولة العبرية.لكن شارون ركلهم جميعا وبصق في وجوهنا وعلمنا أن نتأدب في الحديث معه أو إليه ولو عاد السيد المسيح من جديد فسيقبضون عليه، وتحقق معه الشرطة والموساد، وربما يبعثون باسمه إلى الرئيس الأمريكي لتبحث عنه ال ( إف بي آي) في قوائم المطلوبين.
فلنعترف جميعا بأن دفاعنا عن كرامة ياسر عرفات وبطانته من المشبوهين على حساب ثورة التحرير قد زاد من ضعفنا وتفككنا وتشتتنا.
ياسر عرفات رجل تم استهلاكه واستنزافه لتحقيق مصلحة أمريكا وإسرائيل ولم يعد فيه غير بقايا محارب قديم ترجل منذ زمن بعيد. لقد حددت إسرائيل إقامة الرئيس، وطالبته بأن يقتل شعبه ويعتقل المناضلين ويغلق كل مؤسسات النضال ويوقف ثورة التحرير ويترك للمتعاونين معها حرية العمل خلف خطوط أبطال الانتفاضة.
واستجاب الرئيس الفلسطيني فهو مريض يعمل بنصف عقل ونصف لسان وحطام رجل، والغريب أن المسؤولين العرب مقتنعون بتبريراته ويرون أنها دليل حكمة ورغبة في السلام! ماذا يتبقى لكي يعرف العرب كلهم حقيقة هذا الرجل ورجاله؟ أيها العرب أليس فيكم مبصر واحد؟



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيب الصور تزييف إعلامي
- أيها الصحفيون العرب: تمردوا
- هموم المغتربين
- وستفيض دموعهم لنصف قرن قادم ... رسالة شكر من مبارك الثاني إل ...
- دموع المصريين تفيض على ضفتي النيل .. رسالة مطوية من مبارك ال ...
- المغتربون العرب والإيدز العصبي
- الموت البطيء بالأمر السامي .. مخالب أمير المؤمنين
- أمريكا .. شيكا بيكا
- صناعة العبودية .. لماذا يحتقرنا الرئيس حسني مبارك؟
- لماذا يحتقر الرئيس الأمريكي الزعماء العرب؟
- البشرة البيضاء للعنصرية
- السلطات السعودية تحارب في المكان الخطأ .. تفريخ الارهاب صناع ...
- هل الخوف والصمت والبلادة صناعة عربية؟
- من الذي يسرق البحر في مصر؟ .. بكائية على أوجاع وطن
- اعترافات جاهل بالشعر العربي الحديث
- كل الجزائريين يبكون، فمن القاتل؟
- من الأكثر ولاء للوطن .. المواطن أم مزدوج الجنسية؟
- سيدي الرئيس حسني مبارك .. استحلفك بالله أن تهرب
- صراع الأبناء بعد وفاة الشيخ زايد .. هل يحكم محمد بن راشد آل ...
- ابتسم فأنت في سلطنة عُمان


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - لماذا يحكم ياسر عرفات شعب الجبارين؟