نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 15:12
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الولد وحيد لأهله ...قتلوه في البصرة ..!
نعيم عبد مهلهل..!
في البصرة .ولد وحيد لأهله قتل برصاصة بندقية ثقيلة ( بي كي سي ) اخترقته من فمه ..
صرح والده لواحدة من وسائل الإعلام :أنه كان يعلم أن ولده سيقتل وحين رأى الشرطة تطرق باب الجيران مع الجثمان لتسأل عن عنوان الضحية .صاح عليهم :تعالوا انه ولدي ...!
قلب الأبوة وحس العشق قال له انه ولده ...
قبلهُ من جبته .وغفا عليه .وهمس :أنت الوحيد لدي .وأنا كبرت على الإنجاب من أين أجيء بولد يشبهك.!
أبعدوه عن جثة ولده ، رفع أجفانه إلى السماء يستعطفها ويعاتبها ويتمنى عليها أن تعيد نفسا لولده ولو لدقيقة ليشمه للمرة الأخيرة ، لكن ظل نخلة أمامه حجزت ظل السماء من أمامه لترنح سعفها ثملا بغزارة الدموع وسط عينيه وتقول : أنا البصرة ..قل ماتريد ...!
رجل يفقد وحيده في تظاهرة سلمية .طبعا لايعرف ماذا يريد وما ذا يقول سوى أن يندب حظه في مدينة اخذ منه صباحها ولده.!
ولو كان واعيا لثقافة ما لأنزل عتبه على كل من ترك الأمور تنحدر إلى هاوية الرصاص .
جاره أراده أن يشتم المحافظ وقائد الشرطة والمجلس المحلي والحكومة ببغداد .
همس لولده المسجى والدموع تصبغ رقبته وصدره :وما فائدة الشتم .لقد ضاع مني ضلع أردت أن استند عليه بقية حياتي .
البصرة .ممثلة بالنخلة .أحنت ظهرها بلوعة الحنان .وتحدث مثل مسكين لاحول له ولاقوه عندما رأت إنها عاجزة أن تمنح الأب شيئا من العزيمة ليقف على قدميه وكأي أب فقد من فلذات كبده واحدا يقول :إنا لله وإنا إليه راجعون .
ولكنه الوحيد وتلك الاه الإلهية قد تبقيه رهين قدر السماء ويبقى يدور في كهولة الحياة وحيدا .يبحث عن رد اعتبار لفقيده ، عن راتب تقاعدي ، عن شاهدة نليق بقبره مكتوب عليها : هذا الولد البصري وحيد أهله وقتل في التظاهرات بنيران الشرطة.!
هذا المرة لم يتيتم الابن .بل تيتم الأبوين ...تيمت البصرة والسياب والفراهيدي وتومان وطالب النقيب والتنومة ومحمد خضير ومحمود البريكان ومحمود عبد الوهاب وسعد اليابس وربيعة وحسين عبد اللطيف وكاظم الحجاج وفؤاد سالم والعشار وشارع الهنود وكل بيوتات البصرة القديمة وشناشيل ابنة الجلبي ومبنى المتصرفية وما تركه النصارى واليهود على حيطان بيوت المدينة ..!
يتم رأيته عميقا ومؤلما ومميزا في إنسانيته وعاطفته وبلواه ....
بماذا سترد البصرة .وما ذا ستمنح لهذا الرجل .سوى أن تهمس له :لقد حسبته رقما مضيئا بين أرقام طوابير شهداء المدينة ..!
ترى هل يقنع هذا الرد الأب المغدور ..
في رأي النخلة :نعم تقنعه ..فحين يفيق الرجل من صدمته سيحس بفخر عظيم حتى لو كان هذا الولد الشهيد وحيده...!
دوسلدورف في 3 آذار 2011
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟