أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - المستشارة بثينة شعبان وكرامة السوريين















المزيد.....

المستشارة بثينة شعبان وكرامة السوريين


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشرت السيدةُ بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري مقالةً في صحيفة الرأي الكويتية في 28 شباط تحت عنوان "خصائص الزمن الثقيل". تستخدمُ المقالةُ الطريقةَ ذاتها التي اعتمدتها النخبةُ الحاكمة في سورية، طريقة الحواة اللاعبين بالبيضة والحجر. فكلماتُ المقال ذات دلالات مُتناقضة ومُتكاذِبة. والأدهى تلك النغمة! نغمة ادّعاء الفَهْمَنَة والتشوّف على الناس وهزّ إصبعَ المعلّم (أكان المعلّمُ بالمعنى الأمني السوريّ أيْ رئيسُ فرعِ المخابرات أو ما شابه، أم كان بمعنى المعلّم الواعظ). تستهين السيّدةُ بردود المعلّقين العرب على مقالها بينما تكيل المدحً للمعلقين الغربيين (نشر المقال أيضا في Gulf News). ولا ترى بأساً أبداً من أن تقول إن "الردود العربيّة (اتسمتْ) بالانفعاليّة المفرطة، أو انفلات مشاعر الكراهيّة، أو الانغلاق الطائفيّ، أو المواقف المسبقة الصنع، وفي إلقاء التهم جزافاً". بينما "أثنى القرّاء الغربيّون على كشفي النقاب عن النفاق الرسميّ الغربيّ" حسب السيدة بثينة. ولم يخطر ببال السيدة شيء آخر، هو أن القراء العرب ملّوا لعبة الكلمات والشعارات التي يرفعها نظامٌ كالنظام الذي تخدمه حيث، والذي وصفه السوريون باكراً ومنذ السبعينيات بأنه "يغمزُ باليسار ويلفّ إلى اليمين" كناية عن الكذب والنفاق.
"وقد راهنتُ، كغيري من المثقفين والكتّاب العرب، قديمنا وحديثنا، في كل ما كتبناه على أصالة قيم الحريّة والكرامة والعدالة لدى شعبنا العربيّ، وعلى حيويّة هذا الشعب، وحتميّة رفضه لأساليب الذلّ والهوان التي تفرضها أجهزة قمعيّة يُنفَق على تجهيزها بأحدث معدات القمع المستوردة من الغرب، وبأكثر مما يُنفَق على التعليم والجامعات، ولذلك أرفض إيحاء البعض من كتّاب هذه الردود وكأنني لم أكتب عن أنظمة لا تمثّل تطلعات وإرادة شعوبها، وتتصرّف بمواردها ومقدراتها كأنها ملكيّة خاصّة لهؤلاء، كما نرى اليوم من تبديد الثروات العربية بالمليارات في البنوك الأجنبيّة من قِبَل الطغاة وأولادهم وزوجاتهم وأقاربهم فيما يُذلّ الشباب العربيّ بالفقر، وبالبطالة في بلادهم أو يموتون غرقاً في البحار البعيدة وهم يهاجرون طلباً للرزق!"
أي والله!
أولاً عذراً عن هذا المُقتَطف الطويل. وثانياً هذا المقطع للسيدة شعبان إياها وليس لمعارض عربي أو سوري. السيدة لم تراهن أبداً، وهو معروف وموثّق، على "أصالة قيم الحرية والعدالة والكرامة" ولم تكتب عن هذه القيم إلا مثلما يكتبُ ثعلبٌ رسالةَ حبّ إلى دجاجة. نعم كانت السيدة بثينة تكتب بصورة عامة وبلا طعم ولا نكهة ولا رائحة، ومن موقع أننا في سورية عال العال وأولئك العرب الآخرين الموالين لأمريكا ولد كلب؛ حتى عندما يدسّ رئيسها في مقابلاته للصحف الغربية كوماً من النفاق للغرب مذكراً الأمريكان بمناسبة وبغير مناسبة أنه أنقذ أرواحَ أمريكيين، وحتى عندما يتعاون الأمنُ السوري في الحرب ضد الإرهاب، وحتى عندما حارب الجيشُ السوري العراقيين إلى جانب الأمريكان. أما الكرامة والحرية والعدالة فلتسأل السيدة بُثينة فقراءَ سورية وشبابها المُهان وأكثر من نصف شعبها الذي حُقق معه أو سجن. الكرامة! هل جرؤت؟
ومن ثمّ تبهرنا السيدة بثينة بالجملة التالية: "وتتصرّف (السلطات) بمواردها ومقدراتها (البلاد) كأنها ملكيّة خاصّة لهؤلاء". عاقل يسمع مجنون يحكي! بالمناسبة تُعرّفُ السيدة بثينة والنّخبة التي تنتمي إليها تُسمّى الجمهورية العربية السورية باسم سورية الأسد. فلتفسرْ لنا السيدة معنى هذه التسمية، والتي تمارس على أرض الواقع كما لو أن سورية مزرعةٌ خاصّة. يكفي أنْ يسألَ المرءُ الناسَ خارج دائرة السلطة وسيسمع بلاغةً يعجزُ عنها قلم السيدة بثينة وهو يخطّ شتمَ الحكام العرب بينما في عُرْفها أن حكام سورية نظيفون. هه!
تذهبُ السيدة بثينة ببراءة محسودة إلى القول "لذلك لا يجوز خلط الغث بالسمين، ومساواة المجرم بالضحيّة، والسارق بالغانم، والمتمسّك بجذوره بالبائع لها". كي لا نظلم السيدة بثينة نقول أن عقلها المُمانع يرتكبُ على الدوام فضيلة نسيان السوريين البائسين وتذكر العرب الآخرين والفلسطينين. فلسطين طبعاً وبوضوحٍ تام تُستَخدمُ كعدّة شغل. فهل يُميّزُ الميكانيكي إن لم يصطحبْ حقيبةَ العدة. فلسطين هي عدّة شغل النظام السوري. هنا في هذا الكلام معجزةُ إقناع، فدلالةُ الكلام هي أن النظام السوري "عكس" الغثّ وعكس المُجرم وعكس السارق وعكس بائع الجذر. اسألوا السوريين عن مصداقية كلام كهذا! أما الأكثر مرارةً هو هذه الثنائية بين "السارق والغانم". أرادات السيدةُ أن تكحّلَها، فعمتْها. أرادت أن تنفي السرقةَ عن النظام السوري فأعطتْهُ صفة الغانم من الغنيمة، والغنيمة هي ثمرة للغزو. فمن غزا؟ لقد غزا الشعب السوري وأخذَهُ والبلادَ غنيمةً. ولذلك هي سوريةُ الأسد. هذه هي الفكرة الكامنة في لاوعي السيدة المُستشارة.
الثوراتُ الآن تتوالى والأنظمة القمعيةُ ترتجف. ثوراتٌ عنوانها فعلاً الحرية والكرامة والعيش الكريم. وهي ثورات تظهر بوضوح المُشترك العربي، وتبرز أن طعمَ القمع واحد، وأن طعم الذلّ واحدٌ وأن الانتصار عليهما ممكنٌ. ولأن السيدة بثينة تعلم البِير السوري وغطاه، فإنها تشفقُ من المصير القادم. ولذلك تستخدم استراتيجية الخطاب ذاتها، والتي ظل النظام السوري يعضّ عليها بالنواجذ ويهتفُ بها حتى في النوم. نحن لسنا كغيرنا. نحن نخطب بالعروبة ونخطب بتحرير فلسطين ونخطب بالممانعة. وتنسى السيدة أن الكلام غير الفعل، فالخطابة والكلام غير الممارس على الأرض، فلا الحلف الاستراتيجي مع إيران تدعيمٌ للعروبة، ولا رفع راية فلسطين في الاحتفالات حرر فلسطين، ولا حتى الجولان الأرض المَنسية أو المُنساة. السيدة تتعمد نسيان أنّ الناس في تونس ومصر وليبيا نهضتْ من أجل حقوقها في الحرية والكرامة والعيش الكريم، ولم تنهض لتساندَ خطاب الغشّ الذي يرفع الشعارات الكبيرة تدليساً وكذباً بهدف الحفاظ على الكراسي.
الغريبُ أن السيدة المُستشارة تمعنُ في إهانة الثورتين التونسية والمصرية، فترسمُ لهما خطّةَ طريق، وما أظن أن هذه الخطّة إلا تساقطُ أفكار مذعورة من رأس السيدة. تأتي خطّة الطريق الشعبانية على الوجه التالي "لذلك نرى أنّ من يكمل عن الجماهير التونسيّة والمصريّة طريق التغيير هي الكوادر الوطنية التي تعمل في مؤسسات الدولة العسكريّة والمدنيّة فهم أيضاً لهم المصلحة، والإرادة، والرؤى نفسها على استكمال التغير المطلوب تلبية لمصلحة بلدهم وشعبهم". تريد أن تفوض الثورتان كوادر تعمل في المؤسسات العسكرية والمدنية وتنفلت راجعة إلى البيت. أيشبه تمنّي السيدة شيئاً في سورية؟ بلى وتريده تفويضاً من أجل "استكمال التغيير المطلوب!". ألا يشبه نغم الربابة هذا عزف معلمها الرئيس بشار؟ منذ عشرة سنوات والنغمة تحز على أعصاب السوريين: إصلاح. استقرار واستمرار. ثم تطوير ثم... وكله مكانك راوحْ.
"علينا جميعاً الإقرار أنّ أساليب تبادل التخوين، والمزايدات، والانغلاق داخل أقبيّة الفتنة، النقمة، والانتقام" تنشئُ السيدةُ بثينة وتقول. من خوّن من؟ هل تقرأ السيدة المُستشارة لائحة الاتهام التي توجّهُ لناشطين سياسيين وحقوقين ومثقفين أمام محكمة أمن الدولة؟... شيءٌ مُضحِك.
مسكُ الختام هو المقطع التالي الذي يشبه متاهة لغوية ليس لها من المتاهة إلا اسمُها، فالسوريون يعرفون دلالات الكلمات، و يعرفون منابعَ الذعر، ويدركون محاولاتِ التبرير واللّعب بالكلمات. والأهم أنّ السوريين لا تفوتُهم الفايتة ولا الشوربة البايتة، فهم يحفظون عن ظهر قلب خطاب النظام ويمكنهم أن يديروا ظهورهم ويصدحوا بقاموس النظام من أوّله إلى آخره كما في فحص العيون في مسرحية "غربة" :
"الحديث في القضايا الكبرى يتناولها الكتّاب في مقالاتهم وفق الأولويات التي يرونها في لحظة الكتابة، وهو لا يمكن أن يكون تهمة، فكل قضايا العرب هامّة وملحّة لا يستقيم الحقّ من دونها. إن الذين يساوون بين مقاومة للهيمنة الإسرائيليّة مع من عمل على الإجهاز على المقاومة عليهم أن يتوقفوا ويتساءلوا إلى أين هم ماضون قبل أن يستسهلّوا توزيع التهم يميناً وشمالاً بما لا علم لهم به. وإذا كانوا يعتبرون أنفسهم من دعاة الزمن المقبل، والمستقبل الحرّ، فعليهم أن يغيّروا ما بأنفسهم أولاً، وأن ينظروا إلى ما يحدث ويعوا ما يرون وينظرون، وأن يسمعوا صوت الجماهير ويدركوا ما يسمعون، والا يستسهلوا إعطاء أنفسهم الحقّ بالطغيان على الآخر، أو الاستبداد بالرأي، أو بإطلاق الأحكام المسبقة الصنع على من يدافع عن أيّ من قضايا أمته، فالزمن المقبل هو زمن ديموقراطي ترفرف عليه رايات الحريّة والكرامة للجميع، ولكننا سوف لن ننسى أن لنا شعباً يرزح تحت الاحتلال الأجنبيّ في فلسطين، وأنّ داعمي الاحتلال والاستيطان والقمع الإسرائيليّ هم أنظمة ديموقراطيّة غربيّة ستظلّ متوجسّة من الديموقراطيّة العربيّة، وستحاول بكل جهودها حرفها عن دعم الكفاح الفلسطينيّ من أجل الحريّة والديموقراطيّة والاستقلال"
الآن فهمنا من أين للرئيس بشار كلّ هذه الفصاحة!
ما دام المستشارون بهذه "الإحاطة" فلا عجب أن يمدحَ أو يذمّ الرئيسُ الشعبَ المُنغلقَ المنفتحَ بآن.
لا أحد من السوريين أخو كَيْفِ السيدة بثينة في أن تقول ما تقول. ولا أحد من السوريين على الأخصّ أخو كيف الرئيس بشار في أن يرى أن الديمقراطية يلزمها ثقافة ديمقراطية، وما يلزمه أيضاً أن يتغييّر المنغلقون إلى منفتحين وهو ما سيستغرقُ جيلاً، أي ثلاثاً وثلاثين سنة، وبعدها يمكن أن تجيء الديمقراطية أو لا تجيء لأن الديمقراطية ليستْ أعزّ من مؤتمر حزب البعث على أي حال. والمؤتمر يؤجل ببساطة أليس كذلك؟

محمد الحاج صالح



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يدخلُ العربُ التاريخَ مرّة أخرى؟
- في مُقابلة الرئيسِ بشار للوول ستريت جورنال
- بيان. الشبابُ السوريُّ قادمٌ
- خطاب الحرب الأهلية في -المنار-
- البوسطة
- أشعريّةُ الشيخ البوطي ومأزقُ الإصلاح الديني
- استعادة يسار الطوائف والأقلّيات
- سلامٌ فراس سعد
- فصيلُ المُهارفة
- إعلانُ دمشقَ في المهجر خطوةٌ إلى الأمام ولكن!
- عملية اختطاف موصوفة
- قانون -يانتا- الاسكندنافي
- حزب الله والقوة ال
- -ما ملكت أيمانكم- وجامعات إسرائيل
- من اغتال الحريري إسرائيل أم حزب الله؟
- تلك الابتسامة
- قناة العالم: انقلاب الصورة والفتنة المبتغاة
- الطليعة المقاتلة وابن لادن وخدمة العمر
- جنبلاط نجاة أم وفاة سياسي
- -أحسنت- مكافأة الخامئني لضيوفه اراديكاليين


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - المستشارة بثينة شعبان وكرامة السوريين