أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - واقع التغيير السياسي العربي















المزيد.....

واقع التغيير السياسي العربي


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 19:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" من رحم السلطة إلى ثورة الفيس بوك "
يشترك الواقع السياسي العربي بمشتركات كثيرة تكاد تكون واحدة في جميع الدول العربية بنموذج قلّ مثيله في عالم اليوم، فغالبية هذه الدول تحكمها منظومة أحزاب شمولية وحيدة وفئوية قامت في أعقاب ما يسمى بثورات ضد الإستعمار،أو ضد واقع سياسي ساد في منتصف القرن المنصرم. وربما يكون المشترك الأكبر في هذه السلطات هو شخصنة النظام في شخص الرئيس، القائد، المعلم، الأمين العام، القائد العام للجيش، وإلى ما هنالك من المناصب التي تتيح لهؤلاء الرؤساء السلطة المطلقة في القرار في كل ما يتعلق بسياسات الدولة ومقدراتها. تحكم هذه السلطات جميعها قانون طوارىء، أحكام عرفية، غياب التعددية السياسية، حريات التعبير، غياب الدستور، شلّ المؤسسات والمنظمات وتحييدها تحييداً مطلقاً لجهة آليات عمل هذه الأحزاب الشمولية واستبدادها على السلطة والمجتمع، وجميع هذه الأحزاب تمارس الحقوق الانتخابية بطريقة الأفلام الكرتونية ولعب الأطفال، حين يرغب هؤلاء الأطفال بلعب العسكر والحرامية، حيث يستعملون عصي خشبية كبنادق! وعندما نوصّف الإستبداد هنا، فإننا لانطلق حكم قيمة، أو إدانة وجاهية، بقدر ما هو توصيف سياسي منهجي لعمل هذه الأحزاب الكلّية المطلقة. أي أن التوصيف هو مصطلح فكري فلسفي بحت، ويقابله في اللغات اللاتينية كلمة؛ dictatorship أو كلمة totalitarianism أوautocracy .
شكّلت هذه السياسات العربية على مرّ العقود الفائتة قطعاً خطيراً بين الشعوب وهؤلاء الزعماء السياسيين المتشبثين بمناصبهم وغييهم، ناسين أو متناسين دور التاريخ في صناعة نفسه من جديد كلما شعر هذا الأخير بأنه لا يتحرك إلى الأمام، أو أنه مجمّد في بلد هنا، أو مجتمع هناك، فإذا ما نضج الشرط الموضوعي لهذا التغيير، بدأ التاريخ لعبته في قلب الطاولة على رؤوس الذين جمدوه. لقد صادرت هذه الفئات السياسية الفكر التنويري، والنتاج الثقافي وقلصته إلى مستوى متدني وممنهج بحيث يخدم توجه هذه السلطات، محاولين بذلك مصادرة الوعي المتشكل بالضرورة عبر أي حراك ثقافي فكري يؤدي إلى التنوير العقلي والذهني عند الناس، فقد أثبت التجربة التاريخية عبر قرون بأن هذا النتاج الفكري هو أحد أهم وسائل وشروط انضاج الوعي الجماهيري الجمعي عند الناس باتجاه قراءة معاناتهم، وترجمتها إلى حالة من الثورة على الظروف القاسية والقهرية . حصل ذلك في الثورة الفرنسية عام 1789، حيث كان للنتاج الأدبي والفكر الفرنسيين دوراً هاماً في انضاج الوعي الجمعي. وفي الثورة البلشفية عام 1917، فالفضل فيها يعود إلى منظرين وأدباء ومفكرين، ساهموا بالتزامن مع القهروالجوع المسيطرين على تلك المجتمعات في رسم خارطة طريق تغييرية شاملة في تلك المجتمعات . وهناك في التاريخ الكثير من الأمثلة، في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وآسيا وغيرها !
قرأ الحكام العرب هذه المعادلة بطريقة صحيحة ومن هنا جاء احتكارهم وسيطرتهم المطلقة على النتاج الثقافي والفكري في مجتمعاتهم، ظناً منهم بأنهم يغيّبون بذلك دور العقل الواعي، المفكر، الجدلي، والذي يحلل الظواهر المجتمعية وأسبابها ويعمل على تغييرها. لذلك تم تحييد الفكر النقدي لجهة دفع هذه الشعوب باتجاه اللهاث وراء لقمة العيش شبه المعدومة أو المتواضعة جداً، مع اعطاء حصة كبيرة من الثروة لأزلام النظام وأتباعه، والمصفقطين له، في هذا البلد أو ذاك! عامل آخر ساهم في تكريس غياب ثقافة الوعي الجماهيري والذي يتمثل بالغياب شبه الكامل لثقافة القراءة والكتاب، وضعف القدرة الشرائية لدى الشريحة الأكبر من المجتمع لإقتناء كتاب حتى من الحجم المتوسط، ثم يأتي الشح في النتاج الثقافي الجاد، والبنّاء والنقدي، وهذا مرتبط بسياسات هذه السلطة كما سلف ذكره آنفاً !
لم تع ِ، أو لم تتوقع تلك السلطات أن يصل الأمر ببعض مواقع التواصل الاجتماعي الألكترونية إلى خلق أدوات كانت بديلاً جوهرياً عن الفعاليات الاجتماعية الأخرى، كالمنتديات، والهيئات، والمؤسسات المدنية و النوادي وغيرها، والتي حققت شرطاً أساسياً من شروط تكاتف العمل الجمعي وانصهاره ومن ثم تحويله إلى فعل انقلابي ثوري بالمعنى المجازي للكلمة، لأن الثورة المصرية، أو التونسية لم تكن قد هيأت نفسها لمعادلة الثورة، ولم تكن قد أسست نفسها كمفهوم للثورة بالمعنى السياسي، فالثورة لها أدواتها المهمة في التغيير، ولديها خارطة طبوغرافيا سياسية تكون واضحة في الكثير من الحالات، تسير عليها، وتؤسس لمرحلة ما بعد الثورة. الأزمة الحقيقية تأتي بعد مرحلة التغيير، فهذه الكتل من الجماهير التي خرجت بلوائح مطلبية معيشية واقتصادية وسياسية، تحولت بعد أيام إلى نهج تغييري ثابت لا عودة عنه، وتبقى الحلقة المفقودة هي في افتقاد الناس التي خرجت إلى الخبرة السياسية في الفعل ورد الفعل، في الحفاظ على الثورة، وتثبيت مكتسباتها، ولذلك نجد في مصر محاولات حثيثة من بعض قيادات الشباب التي قادت التظاهرات إلى خلق ائتلافات سياسية، وهيئات تنظيمية، وأحزاب وغيرها لسد الفراغ السياسي الذي خلقته الثورة بسبب غياب خبراء العمل السياسي المعارض، وتغييب الأحزاب وشرذمتها، وتفتتيها من قبل السلطات، وبالتالي غياب اللوحة العامة للدلالة على طريق ما بعد قيام الثورة. وقد يشكل هذا الفراغ مشكلات كبيرة، وخسائر فادحة، أو عودة بعض أنصار الأنظمة السابقة، أو وصول بعض الانتهازيين إلى اغتنام المكاسب من وراء هذه الانتفاضات الجماهيرة المطلبية، التي تحولت إلى ثورات ..؟!
إن عملية الاصلاح في الوطن العربي، يحتاج إلى وقت ومنهج منظم، كما أنه بحاجة إلى أدوات، وهذه الأدوات لها شروطها. ويمكن أن نصنع تغيير دون هذه العوامل، ولكنه سيكون تغييراً على شاكلة العراق التي تتخبط في مستنقع سياسي منذ أكثر من ثماني سنوات، أو تغييراً على شاكلة مصر حيث مازال الشباب يتظاهر مطالباً باستقالة الحكومة التي يشكل غالبيتها أعضاء في الحزب الوطني . ومع ذلك هذا التغيير ضروري، وفي مصر تبقى المأساة أقل قسوة من بلد مثل ليبيا مثلاً، ولو أن معمر القذافي لم يكن نخبة سياسية، وهو أشبه ما يكون بزعيم عصابة كاوبوي أو مافيا، لذلك نجد أن المجتمع الليبي يفتقد إلى النخب السياسية الحداثوية، التي تعمل على بناء دولة مدنية معاصرة، بقوانين وأنظمة حداثوية تماثل دول المنظومة الآسيوية ودول أوروبا الشرقية السابقة .
ما سلف ليس دفاعاً عن أنظمة أو ديكتاتوريات عاتية، لم تجلب سوى الخراب والدمّار لأمة عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام، مقارنة بأوروبا التي لا يتجاوز عمرها الثلاثمئة عام. ولكن ما نصبو إليه هو دعوة من قلب ٍ محروق ومنكوب، وجروح لمصير هذه الأمة وتضحياتها التي نخشى أن تذهب مجانية. ما نصبو إليه هو دعوة كل حاكم عربي للبدء بعملية تغيير فورية، أقلّها البدء في اطلاق طاقات المجتمع، وخلق نظام تعددي سياسي منهجي، واعتاق المجتمع من حالة التبعية المطلقة لهذه السلطات والأنظمة، وأهم من ذلك حصر دور الأجهزة الأمنية بقضايا الدفاع عن الوطن وحماية الوطن، وليس حماية الأنظمة وتعبيراتها المختلفة. إن الاصلاح المنشود في العالم العربي يحتاج إلى قرار، وهذا القرار هو بيد السلطة، ويحتاج إلى القوة وهذه القوة تمتلكها الأنظمة، ويحتاج إلى الوقت، وهذه الحكومات تملك من ما يفيض من الوقت عن كل أعمالها، ويحتاج إلى تشجيع ودعم، وأولئك الزعماء قادرون على الدعم والتشجيع، ويحتاج إلى حماية هذا الاصلاح ومراقبته لعدم استغلاله من الانتهازيين والوصوليين، وهذا لا يستطيع أحد أن يفعله إلاّ سلطة تملك أجهزة رقابة أمنية. ثم تعديل القوانين لتصبح قوانين عصرية مدنية تحمي الناس، والدولة وزعيمها في الشدائد، كما حصل مع الرئيس المصري، إن كان يستحق الحماية. وهناك شروطاً أخرى وأدوات أخرى لهذا التغيير المنشود ولا أحد يمتلك هذه الأدوات والشروط كما تمتلكها السلطات الحاكمة في الوطن العربي، فإن لم يكن ذلك فإن البديل هو حمامات الدم كما حصل ويحصل في ليبيا واليمن وغيرها ولا نعلم من يليها، فهل هناك من حاكم يرضى بما آلت إليه الأمور في ليبيا وغيرها؟! على أية حال، لقد انتفض التاريخ وسيبقى شاهداً على أعمالنا جميعاً، فمن أراد دخل التاريخ من بوابته البيضاء العريضة، وآخرون قد يفضلون عبوره ببدلة المحكومين بالإعدام، وبالنهاية هذا خيارهم الذي ستدرسه الأجيال القادمة في المدارس ..؟!



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط مفهوم النخب السياسية العربية
- دعاء إلى الفيس بوك والتويتر
- العمل الحزبي العربي وآفاقه النضالية
- مفهوم الاستلاب العقلي، الفكري والثقافي رؤيا في نهج الاستلاب
- الرفاق الطيبيين أسرة الحوار المتمدن
- ما بعد شافيز وموراليس وأورتيغا ؟؟
- حرب أكتوبر والحرب السادسة - العرب بين الحربين -
- اليسار العالمي يولد من جديد ...؟!
- هل يمكن التعايش مع إسرائيل حقاً ؟!
- بعيداً عن ما يسمى بالإنتماء الوطني والقومي...!
- آن الأوان لإزاحة الأقنعة عن الوجوه..
- الإخوان المسلمين والشرط المجتمعي السوري
- العالم يتجه إلى الدمار تحت راية الأصولية الدينية
- عندما تخطىء السياسة الأمريكية في قراءة الشرق الأوسط
- عندما تقوم بعض أطراف المعارضة السورية بتعرية ذاتها
- تحرير الأرض أم تحرير العقل - قطاع غزة بين الصحوة والحلم ..!
- صراع أمريكا وسوريا في الشرق الأوسط - من يحارب من - ؟
- هكذا تموت الإبتسامة في وطني - إلى منتدى جمال الأتاسي -
- إلى محمد الحاج ابراهيم- ما هكذا تورد’ الإبل يا سعد’
- النزعة الإقصائية عند الليبراليين السوريين الجدد ..؟


المزيد.....




- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...
- قانون جديد يسمح للألمان بتغيير جنسهم كل عام!
- تغييرات جديدة وعاجلة في الحكومة المصرية
- وسائل إعلام: شي يطرح أمام شولتس 4 مبادئ على طريق حل الأزمة ا ...
- مصر.. قرار بشأن ابنة أهم رجال عصر مبارك
- مصر.. أول ظهور لقاتل حبيبة الشماع بعد الحكم عليه بالسجن 15 ع ...
- فيديو مرعب يكشف كيف تدمر السجائر الرئتين
- إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني وطهران تحذرها


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - واقع التغيير السياسي العربي