أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد بودواهي - القدافي - الثائر - والقدافي المتسلط














المزيد.....

القدافي - الثائر - والقدافي المتسلط


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3290 - 2011 / 2 / 27 - 16:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


.
بعد نجاح ثورتي تونس ومصر في الإطاحة بنظامي بن علي ومبارك الفاشيين هاهو الشعب الليبي يصنع ملحمته التاريخية البطولية في مواجهة ماكينة التقتيل والتصفية التي تنهجها مؤسساته البوليسية والعسكرية العدوانية والتي فاقت في همجيتها وبربريتها كل تصورات العقل
فالقدافي المريض بجنون العظمة لم يكن يتصور أن علاقته بالشعب يمكن أن تخرج عن إطار التفخيم والتقديس ، فهو في نظر نفسه رمز وطني تاريخي ومقدس لا يمكن أن يطاله النقد أو المساءلة أو التغيير ، وهو الشيئ الذي رسخته في ذهنه وذهن الجماهير حاشية متسلطة و إعلام مأجور ونخبة مثقفة انتفاعية عن طريق الدعاية لنظريتة السياسوية والشعبوية التي اتي بها في كتابه الاخضروالمليئة بكل أنواع الدجل والسفسطة
فبعد انقلابه علي النطام الملكي في ليبيا سنة 1969 استطاع القدافي أن يصنع من نفسه بطلا أسطوريا في مخيلة الشعب وذلك نظرا لتلك المميزات التي استطاع أن يطبع بها نظام حكمه . فالرجل خرج عن المألوف في تناول اسلوب الحكم بطرحه للعديد من التصورات التي اختلطت فيها الديماغوجية بالشعبوية والثوربة الزائفة بالحماسة المفرطة فابتدع لذلك نظرية متكاملة انطلقت منها بتسمية الانقلاب بثورة الفاتح ، ونعت دولته الجديدة بالجماهيرية الشعبية الديموقراطية حتى يصفها بدولة الجماهير التي لا مكان فيها للرئيس أو الحاكم أو القائد ، وعمل على تكوين ما سماه باللجان الثورية ومجموعة من الأجهزة الأخرى ذات الصبغة المحلية والوطنية حتى تمارس الدعاية لإيديولوجية شعبوية تضليلية مغلوطة ما فتئت تصور نظام الحكم على أنه من الشعب وإلى الشعب وأن وضع القدافي فيه لا يعدو أن يكون رمزيا وشرفيا وأن عموم الجماهير لها كامل الحرية في تدبير شؤونها بنفسها ، ووزع بعد ذلك كتائب الشرطة على أولاده ليترأسوها حتى تكون درعه الواقي من أية مفاجآت محتملة وسمى كل واحدة باسمها ، كما عمل على تقسيم الجيش إلى وحدات متفرقة لا تجمعها أية صلة و لا تخضع لجهاز رئاسي واحد حتى لا تستطيع اتخاد أي قرار موحد، وقام باغتيال معارضيه السياسيين كالمناضل الأمازيغي سعيد سيفاو وآخرين كثيرين ، وانتهج سياسة خارجية اندفاعية وعدوانية اتجاه العديد من الدول والأنظمة العربية وغير العربية وقام بتسليح معارضيها لزعزعة الاستقرار فيها ، وناصر العديد من الحركات الانفصالية ذات التوجهات السياسية المختلفة ، كما عمل على تأسيس أجهزة خاصة لتكوين وتدريب الانتحاريين للقيام باعمال ذات صبغة ارهابية كاختطاف الطائرات وتفجيرها ، وعمل على خلق بؤر للتمرد والعصيان في بلدان إفريقية عدة ذات الأوضاع السياسية الهشة ، وهو الأمر الذي جعل أمريكا والدول الغربية تصنف ليبيا ضمن الدول المارقة التي يجب معاقبتها
غير أن المستجدات التي عرفتها الساحة الليبية على إثر خروج المتظاهرين إلى الشارع بعد أن ألهمتهم ثورتا تونس ومصر الشعبيتين لم تكن أبدا في حسبان القدافي . فهو كان يعتقد بكل نرجسية أن ليبيا بعيدة كل البعد عما يدور في محيطها الإقليمي وأنها مصونة من أي مد ثوري لأن ليبيا هي أصلا ثورية وبالتالي فهي لا تحتاج لأي ثورة . هذه الأحلام التي كانت تراود القدافي هي التي جعلته يسقط في حالة هستيرية قاتلة عندما خرج المتظاهرون في مدينة بنغازي والبيضاء وغيرها من المدن الشرقية للاحتجاج بشكل سلمي وحضاري فواجههم بإطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي وجنوني مما أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى في صفوف النساء والرجال والشباب والأطفال على حد سواء ، وهو الأمر الذي استهجنه واستنكره كل العالم وأدى إلى استقالة مجموعة من الوزراء والسفراء ومندوب ليبيا في الأمم المتحدة وقياديي الجيش وانضمام الكثير من الكتائب العسكرية إلى صفوف المتظاهرين وهروب العديد من الطيارين ورفضهم القصف بالطائرات
لقد ظهر القدافي على حقيقته الاجرامية والعدائية امام شعبه وأمام الرأي العام الدولي بعد أول امتحان حقيقي صادفه . فالرجل الذي كان يدعي التقدمية والوطنية وكان يملأ الدنيا بشعارات ثورية رنانة واصفا نفسه بابن الشعب وخادم الشعب سرعان ما انقلب إلى هتلر شعبه . هتلر اشتهر بالإبادة والقتل الجماعي لكن ليس لأبناء جلدته بل لأقوام أخرى ، أما القدافي فقد مارس الإبادة الجماعية في حق أبناء وطنه مما يجعل الثاني أكثر إجرامية من الأول وبكل المقاييس
إن الصورة التي ظهر فيها القدافي في خطابه الأخير ليعبر حقيقة على ما هو عليه الرجل من حالة نفسية وعقلية مهزوزة . فهو لا يتصور أن ليبيا يمكن أن تعيش بدونه ، كما لا يتصور أن ليبيا يمكن أن يحكمها رجل آخر غيره . غير أن ما لا يمكن فهمه على الإطلاق هو ان يقوم بجلب المرتزقة من بلدان إفريقية مجاورة كتشاد ومالي والنيجر ويمدهم بالسلاح ويأمرهم بقتل أبناء وطنه وشعبه مقابل 2000 دينارليبي في اليوم ، وأن يأمر الطيارين بقصف المواطنين بالطائرات في طرابلس والمدن المجاورة ويبث الرعب في نفوسهم بتوظيف ما يسمى باللجان الثورية الإجرامية لممارسة الدبح والتقتيل لمجرد أنهم خرجوا في تظاهرات سلمية للمطالبة بحياة كريمة ويأتي بعد ذلك ليسمي الشعب بشعبي والوطن بوطني ؟؟
إنه إنسان مهووس إلى حد كبير بجنون العظمة ، ولعل ما جعله على هذا الحال السيئ هو إحساسه الخاطئ بأن الشعب الليبي الذي قبل به لمدة تفوق 40 سنة لا بد من أن يجعل منه رمزا تاريخيا ينصب له التذكار في كل المدن الليبية
إنه نيرون ليبيا بامتياز



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملخص للأجواء التي تمت فيها تظاهرة 20 فبراير في مدينة خنيفرة
- القيادة العسكرية وتخوفات الشعب المشروعة من إجهاض أهداف الثور ...
- الثورة المصرية وبوادر الجمهورية الثانية
- المغرب الكبير : الدولة الفيدرالية الديموقراطية الموحدة ( مشر ...
- سيرورة الثورة وضرورة الحزب الثوري
- مصر على درب الثورة
- ثورة الياسمين التونسية : إنجازات وآفاق
- الثورة التونسية ، تداعيات ، نتائج وطموحات
- حتى لا يتم الالتفاف على الثورة التونسية المجيدة
- الأصًوليون الإسلامويون ( تكتيك ومشروع حكم)
- حول التوصيات الختامية للجنة الأممية ... حالة المغرب
- منتدى اليسار بإفريقيا
- الدولة المدنية و الرهان الصعب
- الحلم الاشتراكي
- رد على مقال السيد طلعت : تاريخ العلمانية
- رد على مقال السيد مدبولي : هاجم وانتقد....
- الحركات الاجتماعية واليسار أية علاقة ؟
- النظام الفدرالي وبناء صرح الديموقراطية
- الفشل المنتظر
- الإسلام السياسي مصائب ومآسي


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد بودواهي - القدافي - الثائر - والقدافي المتسلط