أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين المهدى سليم - مصر والخروج من حذاء صيني صدئ (1-3) 1- السقوط















المزيد.....



مصر والخروج من حذاء صيني صدئ (1-3) 1- السقوط


امين المهدى سليم

الحوار المتمدن-العدد: 3288 - 2011 / 2 / 25 - 00:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإسكندرية 20 فبراير 2011

مصر والخروج من حذاء صيني صدئ (1-3)

1- السقوط

أمين المهدي

أكتب لكي لا تتحقق النبوءة الشعرية للصديق الراحل أمل دنقل :
"خلف كل قيصر يموت.. قيصر جديد .. وخلف كل شهيد .. أحزان بلا جدوى ودمعة سدى"
( من قصيدة كلمات سبارتاكوس الأخيرة )

المشاهد الأخيرة فى القصص الكبرى للشعوب مثلما في الدراما، عادة ما تقود إلى التطهر من خلال الكشف عن الغاز الأحداث السابقة عليها، وعبر إضاءة حقيقة شخصيات أبطالها، مابين تعقيداتها ومراوغاتها وشرورها وسفليتها وبين أشواقها وخيرها ومثلها العليا.
هذا بالضبط ما حاط بسقوط الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك –وان لم يكتمل سقوط نظامه بعد- ذلك السقوط المجلل بالعار والجريمة، بعد ان أصبح العدو الأول لشعبه، وفى المقابل شعب اكتشف طاقته وجسارته في التحرك الاخلاقى المدني السلمي فى اتجاه الحرية والكرامة والعدالة، على نحو متدفق مذهل وجميل، فرض دينامكيته الهائلة على كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، واحل عيدا حقيقيا للحرية محل عيد لأجهزة القهر والبلطجة اتكا زورا على التاريخ الوطني، وكتب به المصريون سفر تكوين جديد لهم وللشرق الأوسط خلال ثمانية عشر يوما، أصابت التاريخ بالشلل، وبعثت الحياة في الأمكنة المنسية التي التمعت بالدم الباحث عن الكبرياء، وحركت الجغرافيا العتيقة حتى ان بلدة سيدى بوزيد الريفية التونسية انتقلت الى فضاء مصر، وتجول المنتحر العظيم محمد البوعزيزى في طرقات مصر يقدم درس فناء الجسد من اجل ارتقاء الحياة، مدللا على ان الثقافة العربية يمكن أن تقدم انتحارا نبيلا بديلا عن خسة الانتحار الاجرامى "المبارك" لقتل الآخرين –لا تغادر ذاكرتي صورة الشاب السكندري الذي كشف صدره وتقدم في لحظة اقرب إلى إرادة الخلق منها إلى الفناء في مواجهة جماعات مبارك الإجرامية فأطلقوا عليه الرصاص- ، وأصبحت قصيدة "ارادة الحياة" للشابى قوس قزح في سماء الثورة، وهكذا اثبت المصريون جدارتهم بحمل رسالة الثورة وتسفيرها لكل الدنيا، وإنهم جزء حي نضر في الجماعة الإنسانية منها واليها يعودون.
لكن المشاهد الأخيرة كشفت أيضا وبالضرورة كم هو حجم الخرافة والجريمة والظلم الجاثم على صدر المجتمع المصري، كما كشفت عن تجذر وعمق ثقافة الدولة المركزية العاتية فى تسلطها السياسي والاقتصادي والاعتقادى والثقافي مخصوما من قوة المجتمع وحرياته وحقوقه الى درجة مرعبة تشكك فى ان الخلاص قريب وأكدت أن استراحة الثائر لم تحن بعد.
لكل ما سبق اعتقد ان كل عناصر الكشف تتبلور عند استعراض التاريخ السياسي(أو اللاسياسى) للرئيس المخلوع الذى يشير بقوة الى البيئة التى يتوالد فيها الطغاة، والى الثقافة التى تضفى الشرعية على الجرائم وعلى تهديد السلم المدني وتبرر الاستباحة للكرامة الإنسانية وللأعراض ولثروات المجتمع وللمجهود الانسانى، ولما كانت المشاهد الأخيرة تتضمن أيضا وعلى نحو كلاسيكي ومتكرر، قيام وكلاء الطاغية وخدامه وببغاواته بتغيير الريش والجلود، وإشاعة الشك والضبابية فى كل الأحداث والمعلومات، وإجراء النيولوك المناسب لعصر أخر، ناهيك عن حرب الدعاية السوداء التى تشعل نيرانها الايدى الخفية القذرة، لذا أجد من المناسب البدء من لحظة سابقة على تلك اللحظة الثورية، وهى اللحظة التي تشمل الأحداث الطائفية الدموية في ضاحية العمرانية فى محافظة الجيزة، متداخلا معها التزوير الفاجر لما سمى الانتخابات التشريعية في الثلث الأخير من شهر نوفمبر الماضي، ثم مجزرة كنيسة القديسين في الإسكندرية في الساعة الأولى من العام الحالي. ولما كنت من شهود مقدمات هذه المجزرة في اليوم السابق اى اليوم الأخير من العام السابق، حيث قام بعض خدام ووعاظ المساجد بالصراخ ضد الأعياد المسيحية ولعن من يشارك فيها بل وتكفيره، وتظاهرت جماعات سلفية / بوليسية أمام مسجد القائد إبراهيم لإحياء "مريب" فى توقيته للقصة الركيكة عن سيدة مسيحية قيل أنها أسلمت. بعدها كنت من شهود موقع المجزرة، وكانت الدماء وبعض أشلاء الضحايا ماتزال على الجدران والأشجار، وكانت كل الشواهد تقود إلى احتمالا متزايدا بان الحادث كان من تدبير نظام مبارك، وإذا وضع في السياق العام يصبح الاحتمال اقرب إلى التأكيد، وهو ما قلته بعد الحادث بأيام قليلة في برنامج على قناة الآرامية الفضائية، وان نظام مبارك قصد من هذه المجزرة ومن أحداث العمرانية إشعال اضطرابات طائفية واسعة تفرق المجتمع لامتصاص الغضب الاجتماعي، وتغطى على التزوير وتزييف إرادة المجتمع، والاهم إن تمهد للسطو البيولوجي على السلطة في هيئة توريث، وتأكدت هذه الإدانة فيما بعد نتيجة اعترافات قدمها اثنان من الجناة هربا من مبنى امن الدولة خلال الأحداث إلى السفارة البريطانية خوفا من عملية "التنظيف" بعد الجريمة، واعترفا أنهما كانا احد المجموعات التي تشكلت فى جهاز امن الدولة من الضباط وأعضاء جماعات متطرفة جندوا ودربوا في السجون.
غير أن الأهداف كلها فشلت لان الغضب الاجتماعي والوطني كان قد تجاوز حده الحرج فابتلع كل اختلاف في المجتمع.
كتبت في سبتمبر الماضي مقالاً بعنوان "العرب وعولمة القسوة:مصر كمثال"، أوردت فيه إن هزيمة مبارك تساوى هزيمة نصف أنشطة الأصولية والإرهاب الاسلامى على مستوى العالم، ولذلك لم يكن مثيرا لاستغرابي خروج الرئيس مبارك بعد يوم واحد من المجزرة ليصرح أن ايادى خارجية وراء الحادث، في ذات الوقت كان ميدان الأدلة الجنائية مفتوحا على مصراعيه لكل من هب ودب، ليدلل على انه ليست هناك نية حقيقية لإجراء تحقيق جاد، وهو ما فضحته الفوضى التى ضربت اطنابها فى كل عمليات التحرى والتحقيق والتحنيط الاعلامى بعد الجريمة.
إن تكرار هذه الفوضى وهذا التخبط الذي ينتهي قضائيا وعلى الدوام إلى لاشيء في كل أحداث الفتن الطائفية التي بلغت 130 حادث جسيم تقريبا خلال ثلاثة عقود، والتى تقارب ثلاثة امثال كل ما حدث خلال 180 سنة سابقة على الرئيس مبارك، يؤكد إننا أمام قانون وسياسة مستقرة لنظام مبارك ، وعلى وجه أدق أمام جرائم منظمة ضد الإنسانية.
كان التطرف اذا هو احد وسائل هذا اللانظام، وذلك يضع علامات استفهام كبرى امام تصريحات د.سليم العوا وكتابات د.محمد عمارة وأقوال الأنبا يشوى وجميعهم من المقربين إلى النظام، غير إن هذا الاستعمال للتطرف لم ينحصر عند حدود الجرائم الوطنية الطائفية، ولكنه امتد الى اغتيال انصار السلام مثل د.فرج فوده والروائي نجيب محفوظ، والذي تولت قيادات الإخوان وشيوخهم وشظاياهم تقديم التغطية الدينية لهذا الإرهاب، بالإضافة إلى من قدموا التغطية العروبية له، في حين أنها كانت لحساب ما سمى بقائمة المقاطعة العربية"البعثية" التي شملت الفنان محمد عبد الوهاب ود.عبدالعظيم رمضان و د.احمد زويل وكانت هذه السطور ومئات من المثقفين المستقلين في أنحاء العالم العربي. وقد يذكر البعض تهجم الكاتب فهمي هويدى على د.احمد زويل وعلى كاتب هذه السطور على صفحات جريدة الأهرام الحكومية.
واقرب إلى الذاكرة من النسيان حصول "الفزاعة" اى الإخوان المسلمين على نسبة 20% من مقاعد برلمان مبارك في 2005 ضمن خطة الفزاعة في الداخل والخارج، وقال المرشد العام مهدي عاكف أن ذلك كان اتفاقا مع الأمن ( المصري اليوم 24-10-2009)، وللدقة شملت تلك الاتفاقات كل دكاكين المعارضة.
إذا كان الرئيس المخلوع لم يدخر جهدا في الداخل للعمل ضد أنصار السلام والديموقراطية وضد وحدة المجتمع، فانه عندما اختار –تحت ضغط الثورة- أول نائب له بعد ثلاثة عقود تقريبا، كان هو ساعده الأيمن مدير جهاز المخابرات الاجرامى اللواء عمر سليمان الذي لقبه الصحفي البريطاني ستيفن جراى بالجلاد الدولي في كتابه "الطائرة الشبح – The Ghost plane" وتبين بعد ذلك طبقا لوثائق ويكيلكس إن ذلك الجلاد كان يرتبط بخط ساخن سرى مع وزارة الدفاع الإسرائيلية يستعمل بصفة يومية، وان ضابط الملف يدعى ديفيد هاشام، وكان سليمان هو مرشح إسرائيل الأول لخلافة مبارك.
كما كان اهم المدافعين "المباشرين" عن مبارك فى اللحظات الاخيرة لدى الولايات المتحدة هم العائلات الحاكمة السعودية والخليجية وحكومة اليمين الصهيوني، تدليلا على أن الرئيس المخلوع كان بمثابة برج بابل للتحالف الرجعى العربي مع قوى التوسع والحرب العنصرية فى اسرائيل ضد الديموقراطية والسلام.
وإذا أضفنا إلى ماسبق تمتعه بالدعم غير المسبوق من الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة طوال فترة حكمه المملة، ورواج الأكاذيب التي أحب الجميع أن يصدقونها عن ان مبارك هو السد المنيع ضد وصول الإسلام السياسي إلى السلطة، وانه الضامن لمعاهدات السلام، والوسيط الفعال من اجل المصالحة الفلسطينية، والحليف القوى في الحرب ضد الإرهاب، وكان تعليق امير قطر له مغزى في هذا السياق إذ قال طبقا لوثائق ويكيلكس: "ان مبارك لا يشغله اى شيء لا السلام ولا المصالحة ويشغله شىء واحد هو أن يضع ابنه في كرسي السلطة".
ماسبق هو مجرد إشارات إلى السياسات الداخلية والخارجية للطاغية، ولكنها تكفى لطرح السؤال المفتاح وهو: كيف حول مبارك كل هذه التناقضات الى ضمانات إقليمية ودولية لاستمراره في الحكم؟، وبالرغم ان مصر في ظل حكمه تحولت إلى اكبر مصدر للأصولية والإرهاب والهجرة الغير شرعية ناهيك عن اعداد متزايدة من الفائضين عن الحاجة ومن لا يصلحون للاستخدام الاجتماعي نتيجة انهيار الأداء في كل أنشطة الدولة.
جاء مبارك من فئة الكادحين الريفيين ومن محافظة المنوفية الأكثر تكدسا بالسكان والاقل موارد على مستوى مصر كلها، حيث ثقافة بطريركية تتصف بالركود والانفلاق والمحافظة وتستعصى على التغيير، ثم التحق بالحياة العسكرية المحافظة والمتحفظة أيضا، والتي كانت تحكمها التقاليد العثمانية والأداء السوفيتي، وفى ظل شمولية الحكم الشعبوى منذ تأسيس الجمهورية العسكرية الريفية فى 1952، كان الوصول الى القيادة فى كل المؤسسات يحكمه الولاء والعلاقة مع الأجهزة السرية وليس الكفاءة، وعرف عنه الميل الى العنف البدني واللفظي في التعامل مع مرؤوسيه. خلال حرب أكتوبر وعندما كان مبارك قائدا للسلاح الجوى، كانت المشاهد الاولى للحرب اقرب الى المعجزة من حيث البسالة والبراعة في الأداء أثناء عبور القناة، وما سبق الحرب من تحضير سياسي فعال على المستوى الداخلي والاقليمى والدولي، إلا أنها كانت حرب "تحريك" ، كما قال قائد الحرب الرئيس السادات، اى أنها كانت محدودة والمدة بما يتناسب وحدود القدرات، وفى حدود كونها مجرد حلقة في خطة سياسية واسعة اتسمت بالبراعة، ولذا دارت الحرب على الاراضى المحتلة في مصر وسوريا دون أن تمتد باى درجة إلى المجال الجوى والبرى والبحري لإسرائيل، ونتيجة لذلك وللعديد من العوامل والمحددات الأخرى انتهت الحرب بعبور واختراق وتطويق إسرائيل غرب قناة السويس بواسطة خمسة فرق مدرعة ومشاة ميكانيكي، وسيطرة جوية ساحقة أنهت الحرب على الجبهتين المصرية والسورية بهزيمة عربية عسكرية، وأنا اعتمد هنا على مصادر متعددة ومن بينها الكتاب المصادر في مصر "الفرص الضائعة" للواء أمين هويدى مدير المخابرات ووزير الحربية السابق.
خلال العبور والاختراق الاسرائيلى ظهرت أول قسمات شخصية مبارك التي تدور حول نفسها دون أن تعبا بالواقع وحقائقه، ذلك أن الاستطلاع الجوى نصح ثلاثة مرات بضرورة تركيب "عجلات الصواريخ" في المقاتلات للتعامل مع مدرعات رأس الجسر الاسرائيلى، لكن مبارك وفى عناد صخري أصر على تركيب قنابل زنة 250 رطل التي لا تتصف بالدقة، وربما كان السبب خلفيته كقائد للقاذفات الثقيلة، التي لم تستعمل في الحرب مع إسرائيل بقدر ما استعملت في اليمن والسودان، وربما كان ذلك احد أسباب استفحال هذا الاختراق، وسبب احتفاظ الرئيس مبارك بملف أسرار الاختراق في مكتبه طبقا لرواية اللواء فؤاد نصار رئيس جهاز المخابرات السابق، وبعد أن رفض جميع القادة تحمل مسئولية الشهادة والبحث فيها !! (المصري اليوم 19-7-2007)، وبالتأكيد هذا هو سبب التهوين من ذلك الاختناق وتسميته "ثغرة" جريا على العادة مثلما أطلق اسم "النكسة" على كارثة حرب يونيو 1967.

قال الأمير نور دوم سيهانوك ردا على سؤال حسنين هيكل عن الجنرال لون نول الذي قاد انقلابا عسكريا ضده: "جئت به إلى القيادة لأنه ضعيف يمكن التحكم به، ولكنه كان ضعيفا أمام اعدائى أيضا"

اختار الرئيس السادات نائبه حسنى مبارك في ظل نظام اوتوقراطى وخلال تحولات إستراتيجية حادة صرفت انتباه الرئيس إلى إدارة العلاقات الخارجية المعقدة، بعد أن أوصلت خطته السياسية إلى أن سار أسرع وابعد عن البيئة السياسية والثقافية الراكدة في الشرق الأوسط، ولكنه كان صاحب مشروع سياسي، ومستبصرا بالمستقبل بأكثر من قدرة هذه البيئة على الاستيعاب، وخاصة إمكانية الحل السلمي.
انخرط الرئيس السادات في حرب الخليج الأولى ضد إيران ليس حبا في صدام ولكن كراهية لنظام الملالى، ومرتبطا بالتوجهات الأمريكية والغربية واتفاقا مع مصالح دول الخليج.
وهكذا فتحت في ظل المقاطعة العربية قنوات عسكرية وأمنية ومالية بين بعض الدول العربية وفى مقدمتها نظام صدام حسين وبين السلطة في مصر، وبالتالي كان من السهولة بمكان إقامة شبكة موازية سرية من وراء ظهر السادات لحساب صدام، وشملت العشرات من المثقفين الرسميين وخلايا مخابراتيه سرية وبعض القيادات الطموحة،ومع الوقت عزل السادات داخليا كما عزله البعث إقليميا، وتعكرت علاقته بدول الغرب بسبب الحرب الدينية الإسلامية على الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، والتي كان السادات رافضا لها على غير ما يقال في سيرة السادات التي كتبها أعداءه من البعثيين.
أتذكر حينئذ كيف أن القاهرة أصبحت مرتعا للمخابرات العراقية حتى إن دبلوماسي عراقي عرض على الصديق الكاتب سليمان فياض حقيبة بها 180 ألف جنيه مصري ولكنه رفضها في كبرياء وحدة، وكان مبرر العرض إنفاق الأموال على من يرفضون اتفاق السلام، وكانت هذه الحقيبة الوحيدة التي ذاع سرها.
لم يحل عام 1981 إلا وكان مبارك قد أصبح المسئول الحقيقي عن الشئون الداخلية وإفريقيا وأعمال المخابرات وامن الرئاسة، وفى 3مارس من نفس العام اغتيل وزير الدفاع احمد بدوى ومعه عدد كبير من قادة الجيش، وكان التفسير المعلن آنذاك غير منطقي وبالتالي غير مقنع، ذلك إن اصطدام طائرة هيلوكبتر يقودها طيارون محترفون وتحمل قيادات من هذا المستوى لا يقبل بحال أن تصطدم بسلك.
في 17 يونيو انفجرت فجأة وعلى نحو غامض أحداث طائفية عنيفة فى منطقة الزاوية الحمراء وظلت الاسباب غامضة بالطبع بعد التحقيقات الصورية، وهكذا لم يحل شهر سبتمبر إلا وكان الجو العام فى مصر يغوص فى الضباب والغموض والمواجهة الحادة بين السادات وبين كل القوى السياسية وخاصة القوى الدينية بما فيها الكنيسة القبطية وكل من يدور فى فلك الدولة وبالطبع ما يسمى بالقوى القومية ذات الولاء البعثى، وهكذا اغتيل السادات فى ظل ظروف مناسبة داخليا وإقليميا ودولياً ولكنها بالتأكيد غير طبيعية في ذات الوقت، وكان السيناريو المقدم مفككا كالعادة وكأن العقل المدبر يتقن تنفيذ العمليات ولكنه لا يتقن التبرير، وهنا اعتقد انه من المفيد تقديم عدة ملاحظات:

اولاً: بعد اسابيع قليلة من الاغتيال قابلت بالصدفة ضابطا برتبة رفيعة فى القضاء العسكري، قال لي في دهشة وانزعاج انه وزملاؤه تلقوا امرا بالتوقف عن التحقيق بعد 12 يوم من بدء التحقيق.

ثانيا: شاهدت في تلك الفترة فيلما مصورا من زاوية مرتفعة يجرى فيه نائب الرئيس بعيدا يحيطه حوالي ثمانية من افراد الحراسة يشهرون أسلحتهم، في الوقت الذي كانت تدوي فيه رصاصات القتلة دون ان يرد عليهم احد بطلقة واحدة.

ثالثا: صدر الحكم على القتلة وجاءت حيثياته ناقصة مملوءة بالثغرات ومنها تجاهل المحكمة لشهادة العقيد مهندس/ممدوح ابوجبل الذي صرح أمام المحكمة انه هو من قدم الطلقات وابر ضرب النار إلى القتلة، وكان هو المسئول عن الإمداد في قيادة اللواء الذي يتبعه القتلة، وقالت الحيثيات انه لم يستدل على عنوان الشاهد !!؛ فى حين كنت اعرف بشكل شخصي انه كان يعمل وقت صدور الحكم فى شركة لتجارة السلاح تابعة لجهاز المخابرات في حي الزمالك.

رابعا: صرحت السيدة/جيهان السادات فى مقابلة مع جريدة المصرى اليوم فى العام الماضى ان الرئيس السادات اغتيل نتيجة مؤامرة وان هناك طرف غائب.

خامسا: خلال العام 1981 صدرت مجلة الوطن العربى ذات العلاقة الوثيقة بالمخابرات العراقية وعلى غلافها رسم لذراعين يتصارعان وفوق احدهما صورة السادات والاخر صورة مبارك، وعنوان عريض : هل بدا صراع السلطة فى مصر؟
اصبح مبارك رئيسا وبعد ايام قال المعلق الشهير والترليمان فى النيويورك تايمز ان مبارك وابو غزالة من عملاء المخابرات المركزية الامريكية. بعدها رد الرئيس مبارك على سؤال مذيعة تلفزيون المكسيك عن هذا الموضوع:"ولماذا لم يقل ذلك الا بعد ان اصبحت رئيسا؟" وهكذا وكلعادة جاء الرد ضعيفا. من يومها تعودنا على صدور عبارات مثل:"انا ماحدش بيلوى دراعى"،"انا مش بتاع سياسة"،"انا اتعلمت الديموقراطية فى الجيش"،"كبر دماغك"،"ارمى ورا ضهرك"،"خليهم يتسلوا"، انها عقلية استخفافية غرائزية غير مسؤولة وبدون خيال دافعها الهوس وحب التسلط.ومن يومها وضع العقل المصرى فى حذاء صينى حديدى اعتراه الصدا مع طول الزمن.
تحت شعار "عودة مصر إلى الصف العربى"خرج مبارك من ساحة عربية قادما من اللاسياسة واللاثقافة، وكان خير خامة لتعلم خبرات البعث فى طبعته الصدامية ثم فى طبعته الدمشقية بعد تحجيم صدام فى 1991، إذ أن ما يحكم هذه الخبرات هو البيوسياسية Biopolitique (التعبير للفيلسوف الايطالى جورجيو اجامبين) التي تسعى الى توحيد الشعب باقصاء وتصفية المختلفين وتهميشهم وبالحرب الاهلية اذا لزم الامر من اجل التوصل إلى جماعة نقية واهداف مثالية واستعادة زمن ذهبي في الماضي بالضرورة أنها وصفة فاشية بامتياز، ومناسبة للتركيب العقلي والنفسي للرئيس مبارك، كما أنها تحمل في طياتها مكافأة حيث تقدم مبررا مقبولا لحكم الطوارئ والتوريث وإنشاء جيش أخر خاص تحت مسمى الحرس الجمهوري من المحاسيب، وحيث تختصر موارد المجتمع و الدولة وكل الأنشطة والمؤسسات في شخص الرئيس وتستثمر بواسطة أجهزة سرية"سيادية" منحرفة بالضرورة، وكان الشرط الوحيد هو عودة القضية الفلسطينية إلى مركزيتها وأولويتها، وهكذا ظهر تعبير السلام البارد. غير إن شيئا اخطر حدث وهو وضع مصر ولأول مرة في تاريخها الحديث في تبعية مباشرة لعواصم عربية.
ذهب الرجل على طريق سبقه إليه عبد الناصر ولكن كمنافس وليس كتابع، ولكنه عاد بالخيبة والخراب،ولم يكن غريبا إن يزداد نفوذ صدام في القاهرة وان تنهال الهدايا والسيارات والأموال على المئات من النخب المصرية في كل المجالات،في نفس الوقت الذي كان فيه المثقفون العراقيين إلى بيع مكتباتهم كي يبقوا على قيد الحياة،وبلغ المهاجرون العراقيون إلى المنافي إلى حوالي 4 ملايين، وعادت لصدام الثمار من مصر على هيئة أفلام مثل "القادسية"و"صدام" وكتب مثل "حراس البوابة الشرقية" والمئات من المقالات والدراسات التي تحاول أن تلبس مصر رداء البعث وخلال ذلك جسر جوى يحمل ألاف الجثث لمصريين شاركوا في حروب صدام العبثية، وعلى نفس المنوال جرت عملية قياس ثقة للرئيس مبارك في سنة 1985 عندما اختطفت السفينة الايطالية اكيلى لاورو في المياه الإقليمية المصرية وقتل عليها مواطن امريكى يهودي مسن ومقعد هو "كلينج هوفر" وكان الإرهابيون من تنظيم جبهة التحرير العربية التابع لصدام والذي لم يكن له وزن على الساحة الفلسطينية وكانت مكاتبه في بيروت عبارة عن شقة واحدة وأفراده يعدون على أصابع اليدين، ونجح مبارك في الاختبار بتصديه شخصيا لعملية تهريب الإرهابيين، وتلقى في مقابل ذلك اهانة ثقيلة من الرئيس ريجان الذي وصفه بالكذاب، وهكذا تلاعب مبارك بعقيدة وهيبة الدولة على نحو غير مسبوق، وزاد الأمر سوءا عندما تشكل في مصر تنظيم ارهابى تحت اسم ثورة مصر من أفراد كان لهم ماض مخابراتي كان هدفه اغتيال للدبلوماسيين الأمريكيين والاسرائليين في شوارع القاهرة،وأوقعت بهم السفارة الامركية، وربما كان ذلك للانتقام من الاهانة، وهكذا تحولت مصر إلى جمهورية موز.
شارك مبارك فيما سمى يومها التجمع العربي الرباعي مع اليمن والأردن تحت قيادة صدام وبهدف موازنة نفوذه أمام مجلس التعاون الخليجي، بعدها حل تنظيم المرتزق الصدامى ابو نضال في القاهرة لمدة 11 سنة وحتى 1999 ضيفا على باشاوات أجهزة الإرهاب "السيادية" والذين ابتلعوا أمواله بعدها وكانت نفوق عشرة ملايين دولار.
طال الداخلل المصري حظه الوافر من الإرهاب إذ توفى فجأة رئيس الوزراء د.فؤاد محي الدين بعد أن شرب فنجان قهوة في مكتبه، وقتل د.رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، وفشل الاتهام المفبرك للجماعات المتطرفة، ومازال الملف مفتوحا، ناهيك عن الإرهاب الاسلامى المنظم الذي ضرب كل أنحاء مصر دون أن يطال مسئول واحد من أركان النظام، بالإضافة الى اغتيال أنصار السلام والديمقراطية.
كما جرى تسليم اللاجئين السياسيين والمعارضين إلى نظام الطاغية المخبول معمر القذافى مثل حسين المقريف وجاب الله حامد مطر ومنصور الكخيا، علاوة على الاختفاء القسرى للصحفى رضا هلال ودخول المدرس فى المعهد البريطاني محمد فرحات إلى السجن، وذهب الاثنان ضحية تنظيف السيرة الشخصية الوريث.
وإذا كانت موجات سونامى الشر قد تعاقبت وتضمنت الخلاص من كل رجال الدولة تقريبا خلال عملية تسوية حساب البعث مع مصر، فان الملفات التي فتحت لتسوية حساب الوهابيين مع مصر لم تكن اقل خطورة، إذ سلم المجتمع المصري بكامله لقمة سائغة لرابطة العالم الاسلامى الوهابية المتطرفة ومعها أموال التبرعات البترودولارية بهدف الإنفاق على هلاوس إحياء الإمبراطورية الإسلامية، وهكذا انتشر التدين السطحي العبادى التخديري وأخلاق الجسد البدائية التمييزية ومعها فقه اللباس وفقه القتل، وأصبحت مصر كلها ميدانا لحرب الميكروفونات الدينية الملوثة للبيئة وللعقول، كل ذلك بالطبع على حساب الاخلاق المدنية والضمير الحر و النقد العقلاني والمعارف العلمية والمهارات الاجتماعية، وهى ثروات المجتمع الحقيقية، بعد إن أصبح التدين السطحي العبادى قوة اجتماعية مجانية للغوغاء والرعاع، وكل الفائضين عن الحاجة ومن لا يصلحون للاستخدام الاجتماعي.ولان الجسد أصبح بؤرة محاصرة اجتماعيا ودينيا وليس أداة للحياة وللتعبير وللتعرف وللاتصال وللعمل الاجتماعي ، كان من الطبيعي أن تصبح مصر اكبر سوق للتحرش الجنسي والاغتصاب وغياب الضمير الاجتماعي والمهني.
في عام 1991 شاركت مصر وسوريا في معركة تحرير الكويت في ظل شرط عربي انصاع له الرئيس بوش الأب وهو عدم إسقاط صدام حسين.
كان من المنطقي في كل هذا السياق أن يقول الجنرال تومى فرانكس قائد غزو العراق في 2003 على صفحات كتاب مذكراته "جندي امريكى" أنهم ضللوا صدام حسين عن طريق الرئيس مبارك (يقصد انه اسر للرئيس مبارك بمعلومات مخادعة تخدم الغزو على أنها أسرار بين أصدقاء، كي يبلغها هو لصدام كحقائق) وقال إن الرئيس مبارك هو من همس لهم بوجود أسلحة دمار شامل لدى صدام وانه سيستعملها كي يحملهم على التراجع، وجاءت مذكرات الرئيس بوش الابن كي تؤكد قصة أسلحة الدمار.
قدم لنا حكم الرئيس مبارك حالة تجريبية لنمط من أنماط الاستبداد الشرقي، عندما تتحقق السلطة قبل السياسة، أو في غياب السياسة، إذ نواجه هنا العملي دون المعرفي، ثم سرعان ما يتخلص العملي من الاخلاقى، وهكذا تصبح السلطة مرادفة للجريمة، وكان ان حل التناقضات الهائلة التي تسبب فيها بوسيلة من نفس النوعية وهى ترحيل كل التناقضات إلى الانفراد التام بالاتصالات والمباحثات، واستلزم ذلك استحواذه على كل منابر الكلام في الداخل وجند لذلك 90% تقريبا من محترفي الكتابة والإعلام، وفى الخارج اعتمد على الرشاوى والإفساد وأيضا الترهيب بواسطة الفيزا والحرمان من العمل في مصر والدول العربية عبر القوائم السوداء ووصل هذا الأسلوب إلى الصحف والصحفيين وقنوات التلفزيون الإسرائيلية، وامتد ذلك إلى الدبلوماسيين والقادة الغربيين بواسطة العطلات والفساد مثلما حدث مع "فرنسوا فيوم"-رئيس وزراء فرنسا- و"تونى بلير" و"ريتشارد دونى" و"فرانك ويزنار" سفيرا في امريكا في القاهرة، بالاضافة إلى بيع الغاز بسعر منخفض إلى 15 دولة
ثم حاصر كل فرص الفعل السياسي والدبلوماسي عن طريق الجلسات المنفردة المطولة وغير المسجلة، حتى انه استقبل "نتنياهو" زعيم اليمين الصهيونى و"اسياس افورقى"-رئيس اريتريا الشريك فى التآمر على دول حوض النيل ثلاثة مرات لكل منهما خلال عام واحد. وكلما كان طرف من أطراف التناقضات يكشف سرا من أسرار التنازلات لطرف مضاد كان يستخدمها "على انفراد" كي يحصل على تنازلات اكبر، وهنا جاء المخرج اللاسياسى من ظلام السرية أيضا ومن الخبرات العربية وهو تجارة السلاح وتشجيع الأصولية الدموية وتنظيمات ما دون الدولة مثل حماس وحزب الله وعصابات الإرهاب في العراق والجماعات المسلحة في كل دول حوض النيل، وارتد كل ذلك خسارات فادحة، ذهب فائضها بالطبع خصما من المصالح المصرية، وهكذا وصلت مصر في بداية العام 2011 إلى شلل اقليمى في الساحة الإفريقية والعربية والشرق والأوسط والمستوى الدولي،مع انحدار داخلي مفزع، وكان العلاج في كل المراحل مزيدا من التسلط وتضخم هائل في إخطبوط الأمن السياسي والمدني وانتهاك يومي متزايد لكرامة الجسد والنفس للمواطن المصري وجهاز دعاية ليس له مثيل في كل العالم من حيث الضخامة ومستوى التفاهة، وجهاز دولة ضخم مترهل وفاسد من سبعة ملايين موظف تقريبا، وهكذا أصبحت تكلفة حكم اجرامى فاشل وغبي اكبر بكثير من اى قدرة على الإنتاج أو المعونات أو الاستدانة، وفوق كل ذلك انهيار كل قيم التعامل الاجتماعي والرسمي وفى القلب منه القانون والقضاء، وقد تعرضت شخصيا إلى لمحاولة ادخالى السجن على يدي قضاة الأمن الملوثين في القضية المودعة محكمة النقض برقم 2337 لسنة 73 قضائية في 7-4-2003، اى منذ ثمان سنوات تقريبا ولم يفصل فيها، ذلك لان قضاة الأمن يتمتعون بكامل الحماية بنص قوانين مطاطة عن توصيف الخطأ الجسيم. كما حصلت على عدة إحكام تعويض عن سب وقذف ضمن عمليات الإعدام المدني ضد رئيس تحرير جريدة الأسبوع مصطفى بكرى منها حكم نهائي برقم 21160 لسنة 122 قضائية في 28-11-2006 منع جهاز امن الدولة الاجرامى تنفيذه تحت بند مختلق يسمى الدراسة الأمنية إلى ألان. وهكذا يستعمل القضاء وتنفيذ أحكامه "حين يؤدى الحظ الى الوقوف امام قاض شريف" للتخلص من الخصوم وفى نفس الوقت لحماية أزلام النظام وعملاؤه وصحف الاعدام المدنى التى تمهد للاعدام البوليسي الدموي، ناهيك عن تعرضي لمحاولة اغتيال بالرصاص، ورفضت المؤسسات الامنية تحرير اى محضر.
كان المزاج العسكرى الريفى له وعدم تمتعه بالحد الادنى من الخبرة السياسية، ومن الثقافة الانسانية مع نفوره الواضح من المدنيين يتناسب تماما مع هلاوس الامبراطورية العربية وتصورها الدموى العسكرى بالضرورة فى طبعتها القومية او الاصولية لا فرق ، حيث حيث تبدد مقدرات الشعوب مقابل اوهام التفوق ووالنقاء والازمنة الذهبية الماضوية المزيفة، ولم تعد هناك موانىء لتجارة العبيد، وولى ايضا زمن البطولات الدموية، وانتهت الايدولوجيات العظمى، وكل ما يعتمد على الانساق والثقافات المغلقة القومية والدينية والتى رُحلت الى مدونة الحريات العقلية والاجتماعية بجوار الرياضة والمغامرة والاكتشاف والعلوم المقارنة ولابحوث وعلوم الإنسانيات والفن والمبادرات الفردية وحريات الاعتقاد، ببساطة انتقل الرجل من بيئة راكدة خارج الزمن الى ارض الخرافات الدموية، وحذف بالتالي ما هو زمنى وكل ما هو عقلانى وواقعى هكذا صنع أسطورته البطولية من حرب وطنية لها مالها وما عليها، ولكنه اختصرها فى ما سمى " الضربة الجوية"، وبعد ان انتزعها من سياقها العسكرى ثم السياسى الذى كان الهدف الموصل اليه سلمى تفاوضي محولا الحرب الى تابو للانتصار، ومع الوقت اندمج فى أسطورته منكرا سياقها، ثم منكرا عمره الحقيقى وهو 86 سنة فى مايو القادم اذ انه ولد فى 1925 كما قال هو نفسه فى بداية حكمه وما كان مسجلا فى المتحف الحربي، ثم انكر مظهره الجسدى باستعماله المفرط للماكياج، واسقط اسطورته على العلاقات البروتوكولية مع الاخرين عن طريق تزوير الصور التي أوصلته الى المهزلة، وانكر تاريخ الاخرين عبر تزوير الصور والوثائق، عندما رفع صورة سعد الدين الشاذلى فى غرفة العمليات ووضع نفسه مكانه، ثم انكر مرضه بسرطان البنكرياس، وذكر تاريخه الشخصي عدة مرات دون تطابق، وبالتأكيد انكر لنفسه جرائمه وفشله وحملها للآخرين، ثم انسحبت الأسطورة في على ذاته البيولوجية فى محاولته لتوريث السلطة لنجله جمال، انها الأسطورة في حالة تناسل فيما تحافظ على استمرار حكم اللصوص.

ملاحظات عاجلة :

لم تكن مكاسب مصر من كل هذه الفوضى والشذوذ سوى انتقال إذاعة صوت العرب المسماة بالجامعة العربية إلى القاهرة، وظهور المذيع الطاووسى عمرو موسى فى المشهد المصري بعد ان كان وزيرا للخارجية في نظام مبارك، وها هى الايدى الخفية "السيادية" تمهد له مقدمة المشهد السياسي باعتباره مرشحا رئاسيا أخر من ارض الأساطير العربية –بصرف النظر عن تسليمي بحقه فى الترشيح-، وهذه الايدى هى نفسها التى دفعت بموظف السماء المعمم يوسف القرضاوى، الذي جاء الى ميدان الحرية مستغلا العبادة ليحاصر الحرية، وتقسيم الثوار الى مسلمين ومسيحيين، ثم انزل العبادة الى مستوى البيواصولية عندما حضر الى القبلة والصلاة بصحبة العشرات من البودى جارد اعضاء الفزاعة البناوية -التعبير للكاتب محمد طعيمة- الذين منعوا وائل غنيم بالقوة والبلطجة من الصعود إلى منبر صنع فضائه هو وجيله بالعرق والدم والأفكار، إنهم الإرهابيون القدامى ذاتهم، انه الشو (Show) المقصود به الإيحاء بقيادة مزيفة لخومينى السنة واخوان مبارك وسرقته من الثورة ، الرسالة الخطأ في الزمن الصحيح، اى زمن وائل غنيم وجيله الفتى المعاصر العقلاني،أنهم الناس في عبقريتهم الحقيقية وبطولاتهم الحياتية اى الناس كما هم وليسوا ما يجب ان يكونوا في أحذية الايدولوجيات الدموية الصدئة وليسوا في أحذية الايدولوجيات الدموية الصدئة؛ كان هذا الطاغية المعمم قد ترك بصماته الدموية من قبل فى الجزائر.
بالتاكيد ايضا كانت هذه الايدى الخفية"السيادية" المسيطرة على الحكومة وراء تشكيل تلك اللجنة المثيرة للشبهة تحت اسم "لجنة تعديل الدستور" في محاولة لان يستمر التحالف المخابراتى الاخوانى الوهابى فى سرقة مستقبل المصريين، بعد أن كادت الفزاعة تتلاشى فى ظل اللحظة الثورية الجارفة؛ ان هذا التحالف هو اخطر أفخاخ نظام مبارك على الدولة المدنية الديموقراطية، وما خفي هو أعظم بالفعل.



#امين_المهدى_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين المهدى سليم - مصر والخروج من حذاء صيني صدئ (1-3) 1- السقوط